التقرير

مراجعة ٠٣:٣٥، ٢٩ يونيو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''التقرير:''' وهو فعل الشخص بحضور النبي(ص) أو الأئمة ولم ينکر، فعدم إنکاره(ص) يدل علی مشروعية...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

التقرير: وهو فعل الشخص بحضور النبي(ص) أو الأئمة ولم ينکر، فعدم إنکاره(ص) يدل علی مشروعية فعله وبهذا يدخل التقرير في أقسام السنة التي هي القول والفعل والتقرير. وبعبارة اخری التقرير کاشف عن رضی النبي(ص) و حجيتُه من حيث انتسابه إلی المعصوم(ع).

تعريف التقرير لغةً

القرار: المستقرّ من الأرض. والإقرار: فعْلُكَ به إذا أقررتَه في مقرٍّ ليستقرَّ، وفلان قارٌّ: ساكن[١]. والإقرار: الاعتراف بالشيء[٢].
وفي البصائر: الإقرار: إثبات الشيء إمّا باللّسان وإمّا بالقلب أو بهما جميعا[٣].

تعريف التقرير اصطلاحاً

جلّ التعاريف عرّفت التقرير بعدم الردع والإنكار أو السكوت. وهي من قبيل:
أن يفعل بحضوره (أي المعصوم) فعل أو اطّلع على فعل في عصره ولم ينكر[٤].
أن يفعل شخص بمشهد المعصوم وحضوره فعلاً، فيسكت المعصوم عنه، مع توجّهه إليه وعلمه بفعله. وكان المعصوم بحالة يسعه تنبيه الفاعل لو كان مخطئا[٥]. لكن قد يشكل على تعريفه بالسكوت؛ لأنَّ الإنكار قد يكون باليد لا باللّسان فحسب[٦].

صورة التقرير

المهمّ في التقرير ليس تعريفه، بل صورته، وهي إمّا أن يرى المعصوم الفعل أو يُخبَر عنه، ولا يصدر ردع منه[٧].

التقرير من السنّة

التقرير من أقسام السنّة، وكثيرا ما تعرَّف السنة بقول المعصوم وفعله وتقريره[٨]. وبهذا الاعتبار يدرج تحت ثاني مصدر للتشريع بعد القرآن، وينال ما للسنّة من أحكام وقابليات، من قبيل الحجّية وإمكان التخصيص والنسخ به[٩]. ولا يبدو وجود خلاف في هذا المجال.

هل التقرير فعل؟

يبدو وجود خلاف بين الأصوليين في عدّ التقرير فعلاً من الأفعال، فبعضٌ عدّه من الأفعال، مثل السيد المرتضى[١٠] والآمدي[١١]، وهكذا فعل صاحب (الإبهاج) معلّلاً ذلك بكون التقرير كفّا عن الإنكار، والكفّ فعل على ما يختاره السبكي[١٢]. بينما أفرد آخرون، مثل: أبو إسحاق الشيرازي[١٣] والغزالي[١٤] و الزركشي[١٥]، عنوانا مستقلاً له ولم يدرجه تحت عنوان الأفعال، ما يعني تفريقه بين الفعل والتقرير على ما يبدو. (أفعال الرسول)

شروط حجية التقرير

ذكرت عدّة شروط لحجّية التقرير:
منها: أن يكون المعصوم مطّلعا على الفعل أو الترك الصادر من المقرّ له.
منها: ألاّ تكون الظروف ظروف تقيّة أو خوف.
منها: أن يكون المعصوم في حالة يسعه تنبيه الفاعل إذا أخطأ أو قادرا على الإنكار.
منها: عدم يأس المعصوم من تأثير الإرشاد على الفاعل.
منها: كون المقرّ على الفعل منقادا للشرع ومطيعا له، فلا دلالة لتقرير عمل الكافر على الإباحة[١٦].
وقد نقل الخلاف في تقرير فعل المنافق[١٧].

أقسام التقرير

يمكن تقسيم التقرير إلى عدّة أقسام:
منها: تقسيمه إلى تقرير على الأقوال وعلى الأفعال وعلى الترك، والأوّل من قبيل: إقرار الرسول لبعض الأشعار الغزليّة. الثاني من قبيل: إقرار الرسول لكثير من المعاملات التجارية التي كانت تجرى عهده، والثالث من قبيل: إقرار الرسول ترك أهل البوادي إقامة الجمعات والأعياد، ما يعني عدم وجوبها عليهم[١٨].
منها: تقسيمه باعتبار الفعل المقرّ، فقد يكون صادراً من شخص واحد، وقد يكون صادرا من مجموعة أو مجاميع، وهو ما يدعى بالسيرة العملية. فالتقرير قد يكون لعمل فردي، وقد يكون لعمل جماعي. وهذا ممّا يمكن استفادته من بحوث الأصوليين وكلماتهم في هذا المجال.

أحکام التقرير

يناقش حكم التقرير من الجوانب الآتية:

الجانب الأول: المستفاد من التقرير

فيما يخصُّ امكانية استفادة الحكم من التقرير فإنَّ للقرينة دوراً مهمّا في هذا المضمار، فقد يفيد تقرير المعصوم وجوبا أو استحبابا أو إباحة. وهذا لا نقاش فيه، والنقاش فيما إذا خلى التقرير عن أيّ قرينة دالّة على حكم بالخصوص، فناقش الأصوليون هذا الأمر، وهو لايخلو عن كونه نظريا بحتا؛ لأنَّ جلَّ تقارير المعصومين لاتخلو عن القرائن التي تحدّد حكمه. رغم ذلك ورد رأيان في هذا المجال:

الرأي الأوّل: الإباحة

أي الإباحة فيما إذا كان العمل عبادة، والجواز فيما إذا كان العمل معاملة. وهذا هو رأي الأكثر[١٩]، ونسب إلى المشهور[٢٠].
وقد علّق السيّد الحكيم على هذا الرأي بأنّ المراد منه هو الإباحة بالمعنى الأعم، أمّا بمعنى متساوي الطرفين فغير مراد؛ إذ لا معين لهذا المعنى من بين معاني الجواز[٢١].
وقد استدلَّ عليه باُمور:
منها: إنَّ المعصوم لو لم يردع عن ذلك للزم عدم وفائه بوظيفته.
منها: من المفروض كونه معصوما، ولا يجوز للمعصوم ترك إنكار المنكر.
منها: إنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، ومن المفروض أن يردع المعصوم لبيان ما هو المطلوب شرعا دون تأخير.
منها: احتجاج الصحابة بتقرير الرسول، كما في الرواية التالية: إنَّ أنس بن مالك سئل وهو غاد إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول اللّه‏(ص)؟ فقال: كان يهلّ منها المهل، فلاينكر عليه، ويكبّر منّا المكبِّر فلاينكر عليه[٢٢].
منها: إنَّ الظاهر من سكوت المعصوم رضاه، والظاهر حجّة[٢٣].

الرأي الثاني: التوقُّف

ذهب إليه القاضي[٢٤].
قال البخاري شارح أصول البزدوي: «ذهبت طائفة إلى أنَّ تقريره(ص) لايدلُّ على الجواز والنسخ»[٢٥].
واستدلَّ عليه باُمور:
منها: في السكوت احتمال أنَّ الفاعل لم يبلغه التحريم، فلم يكن محرّما عليه.
منها: من المحتمل كون سكوته لأجل كونه مسبوقا بالإنكار، فلاينفع تكرار الإنكار معه[٢٦].

الجانب الثاني: تعميم التقرير لسائر المكلَّفين

ناقش بعض الأصوليين ما إذا اختصّت دلالة التقرير على انتفاء الحرج بمن قرِّر له أو عمِّمت الدلالة لسائر المكلَّفين، فهنا رأيان:

الرأي الأوّل: اختصاص التقرير بمن قرِّر له

ذهب إليه القاضي؛ باعتبار عدم وجود صيغة للتقرير لتعمَّ[٢٧].

الرأي الثاني: تعميم التقرير لسائر المكلَّفين

وذلك لاُمور:
منها: الإجماع على أنَّ التحريم إذا ارتفع في حقّ واحد ارتفع في حقِّ الكلّ.
منها: إنَّ التقرير بمثابة الخطاب لواحد، والخطاب لواحد بمثابة الخطاب للاُمّة جميعا.
صرّح بهذا الرأي الجويني[٢٨] والزركشي[٢٩] والشوكاني[٣٠] والمولى محمّد مهدي النراقي[٣١]، بل نسب إلى جمهور الأصوليين[٣٢].

المصادر

  1. . جمهرة اللغة 1: 125، مادّة «قرر».
  2. . العين 5: 22.
  3. . تاج العروس 7: 381.
  4. . القوانين المحكمة 1: 248.
  5. . أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 70.
  6. . أفعال الرسول 2: 90.
  7. . البحر المحيط 4: 207.
  8. . نهاية الأفكار 3: 143، وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول: 24، فوائد الأصول 3: 212، الأصول العامّة للفقه المقارن: 221.
  9. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 332، البحر المحيط 4: 202، إرشاد الفحول 1: 182.
  10. . الذريعة 2: 587 ـ 588.
  11. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 148 ـ 150.
  12. . الإبهاج في شرح المنهاج 2: 263.
  13. . اللمع: 147 ـ 150.
  14. . المنخول: 229.
  15. . البحر المحيط 4: 201 ـ 210.
  16. . البحر المحيط 4: 204، الفوائد الحائرية: 317، أنيس المجتهدين 1: 334، القوانين المحكمة 1: 248، أصول الفقه المظفر 3: 70، أفعال الرسول 2: 104.
  17. . المنخول: 230، البحر المحيط 4: 204.
  18. . أفعال الرسول 2: 113 ـ 122.
  19. . اللمع: 147 ـ 150، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 162، أصول الفقه (المظفر) 3 ـ 4: 70
  20. . البحر المحيط 4: 222.
  21. . الأصول العامّة للفقه المقارن: 228.
  22. . صحيح البخاري 2: 597، ح 1576.
  23. . كشف الأسرار البخاري 3: 287، الفوائد الحائرية: 317، قوانين الأصول 1: 248.
  24. . البحر المحيط 4: 202.
  25. . كشف الأسرار 3: 287.
  26. . أفعال الرسول 2: 99 ـ 100.
  27. . البحر المحيط 4: 201، إرشاد الفحول 1: 182.
  28. . البرهان 1: 187.
  29. . البحر المحيط 4: 201.
  30. . إرشاد الفحول 1: 182.
  31. . أنيس المجتهدين 1: 333.
  32. . أفعال الرسول 2: 123.