الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التعارض»

أُضيف ٥٠ بايت ،  ٥ أبريل ٢٠٢٣
ط
استبدال النص - '====' ب'====='
ط (استبدال النص - '=====' ب'======')
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ١٨٢: سطر ١٨٢:
والحكم الكلّي لحالة [[التعارض غير المستقر]] هو [[الجمع العرفي]]، وله موارد عديدة بحسب نوعية التعارض الحاصل بين الدليلين.
والحكم الكلّي لحالة [[التعارض غير المستقر]] هو [[الجمع العرفي]]، وله موارد عديدة بحسب نوعية التعارض الحاصل بين الدليلين.


====الجمع بين الدليلين====
=====الجمع بين الدليلين=====
تطرح معالجة الجمع عند حصول [[التعارض غير المستقر]]، حيث لا يوجد تنافٍ في اقتضاءات دليل الحجّية، إمّا لعدم المحذور في فعلية اقتضاءات الحجّية للشمول لكلا الدليلين وإمّا لعدم وجود اقتضاء في الدليل لتخصيصه بأحدهما برغم الشمول لكلا الدليلين<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 45.</ref>.
تطرح معالجة الجمع عند حصول [[التعارض غير المستقر]]، حيث لا يوجد تنافٍ في اقتضاءات دليل الحجّية، إمّا لعدم المحذور في فعلية اقتضاءات الحجّية للشمول لكلا الدليلين وإمّا لعدم وجود اقتضاء في الدليل لتخصيصه بأحدهما برغم الشمول لكلا الدليلين<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 45.</ref>.
<br>لم يرد تعريف محدّد للجمع بين الدليلين، لكن من الواضح ومن خلال تتبّع كلمات الأصوليين، نجد أنّ المراد منه هو التوفيق بين الدليلين، أي حمل الدليلين أو أحدهما على معنى غير ما يبدو في الوهلة الاُولى، من قبيل: حمل العام على الخاصّ والمطلق على المقيّد، والأمر على [[الاستحباب]]، والنهي على الكراهة، أي تأويله أو تأويلهما بما يجعل الوفاق بين مضمونيهما ويرفع التنافي بينهما.
<br>لم يرد تعريف محدّد للجمع بين الدليلين، لكن من الواضح ومن خلال تتبّع كلمات الأصوليين، نجد أنّ المراد منه هو التوفيق بين الدليلين، أي حمل الدليلين أو أحدهما على معنى غير ما يبدو في الوهلة الاُولى، من قبيل: حمل العام على الخاصّ والمطلق على المقيّد، والأمر على [[الاستحباب]]، والنهي على الكراهة، أي تأويله أو تأويلهما بما يجعل الوفاق بين مضمونيهما ويرفع التنافي بينهما.
سطر ١٩٠: سطر ١٩٠:
<br>كما أنّ للجمع أنحاء مختلفة، وفقا للقرائن التي قد تفرض إقرار [[الحكومة]] أو [[الورود]] أو التخصيص أو التقييد أو الأظهرية أو ما شابه ذلك.
<br>كما أنّ للجمع أنحاء مختلفة، وفقا للقرائن التي قد تفرض إقرار [[الحكومة]] أو [[الورود]] أو التخصيص أو التقييد أو الأظهرية أو ما شابه ذلك.


====شرائط الجمع====
=====شرائط الجمع=====
شرائط الجمع بين الدليلين هي ذاتها التي وردت في [[التعارض غير المستقر]]، فإنّ ما ذكر من شرط أو شروط للتعارض غير المستقرّ هي شروط للجمع كذلك، لأنّ [[التعارض غير المستقر]] لا يتأتّى مع إمكان حصول الجمع.
شرائط الجمع بين الدليلين هي ذاتها التي وردت في [[التعارض غير المستقر]]، فإنّ ما ذكر من شرط أو شروط للتعارض غير المستقرّ هي شروط للجمع كذلك، لأنّ [[التعارض غير المستقر]] لا يتأتّى مع إمكان حصول الجمع.
<br>برغم ذلك ورد عن البعض سردهم لمجموعة من الاُمور عنونوها شروطا للجمع، من قبيل:
<br>برغم ذلك ورد عن البعض سردهم لمجموعة من الاُمور عنونوها شروطا للجمع، من قبيل:
سطر ٢٠٦: سطر ٢٠٦:
<br>وكما هو واضح فإنّ جلّها صالحة لئن تكون شروطا لـ [[التعارض غير المستقر]]، برغم أنّ بعضها تناولت جزئيات الجمع وكيفياته، من قبيل ألاّ يكون الجمع بالتأويل البعيد، أو تناولت شرط مَن يقوم بالجمع، وهو أن يكون أهلاً لهذا العمل.
<br>وكما هو واضح فإنّ جلّها صالحة لئن تكون شروطا لـ [[التعارض غير المستقر]]، برغم أنّ بعضها تناولت جزئيات الجمع وكيفياته، من قبيل ألاّ يكون الجمع بالتأويل البعيد، أو تناولت شرط مَن يقوم بالجمع، وهو أن يكون أهلاً لهذا العمل.


====أقسام الجمع====
=====أقسام الجمع=====
وردت في كلمات الأصوليين الأقسام التالية للجمع:
وردت في كلمات الأصوليين الأقسام التالية للجمع:


======1 ـ الجمع العرفي======
=======1 ـ الجمع العرفي=======
[[الجمع العرفي]] هو الجمع الذي تتمّ من خلاله معالجة التعارض عبر التصرّف في دلالة أحد الدليلين أو كلاهما، بأن يخصَّص أحدهما أو يقيَّد، وبذلك يشمل كلّ ملائمة وتوافق يمكن إيجاده بين دليلين، على أن يكون عنصر الإطلاقات والاستخدامات العرفية حاصلاً فيه، ويدخل ضمن نطاق قواعد المحاورات العرفية، فيشمل مثل [[الورود]] و[[الحكومة]]<ref>. فوائد الأصول 3: 255 و 264، منتهى الأصول 2: 564 ـ 565، نهاية الأفكار 5: 125، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 234.</ref>.
[[الجمع العرفي]] هو الجمع الذي تتمّ من خلاله معالجة التعارض عبر التصرّف في دلالة أحد الدليلين أو كلاهما، بأن يخصَّص أحدهما أو يقيَّد، وبذلك يشمل كلّ ملائمة وتوافق يمكن إيجاده بين دليلين، على أن يكون عنصر الإطلاقات والاستخدامات العرفية حاصلاً فيه، ويدخل ضمن نطاق قواعد المحاورات العرفية، فيشمل مثل [[الورود]] و[[الحكومة]]<ref>. فوائد الأصول 3: 255 و 264، منتهى الأصول 2: 564 ـ 565، نهاية الأفكار 5: 125، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 234.</ref>.
<br>وقد سمّاه البعض أو وصفه بالمقبول<ref>. فرائد الأصول 4: 73 و 119 و 136، نهاية الدراية 5 ـ 6: 298، إفاضة العوائد 2: 354.</ref> والدلالي<ref>. نهاية الأفكار العراقي ج4، ق2: 131 و 139 و 159، منتهى الأصول 2: 565، محاضرات في أصول الفقه 2: 339.</ref> والدلالتي<ref>. بلغة الفقيه 3: 59، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 231 و3 ـ 4: 234.</ref> والعقلائي<ref>. تحريرات في الأصول 2: 98 و 3: 362، تهذيب الأصول 1: 389.</ref>.
<br>وقد سمّاه البعض أو وصفه بالمقبول<ref>. فرائد الأصول 4: 73 و 119 و 136، نهاية الدراية 5 ـ 6: 298، إفاضة العوائد 2: 354.</ref> والدلالي<ref>. نهاية الأفكار العراقي ج4، ق2: 131 و 139 و 159، منتهى الأصول 2: 565، محاضرات في أصول الفقه 2: 339.</ref> والدلالتي<ref>. بلغة الفقيه 3: 59، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 231 و3 ـ 4: 234.</ref> والعقلائي<ref>. تحريرات في الأصول 2: 98 و 3: 362، تهذيب الأصول 1: 389.</ref>.
<br>ويذكر البعض: إنّ المعيار في [[الجمع العرفي]] هو أقوائية أحد الظهورين، وباعتبار اختلاف القرائن الدالّة على هذا فتختلف الأقوائية حسب اختلاف رؤية الفقيه<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 78 ـ 79 و 89، عناية الأصول 6: 11، كتاب الصلاة الآملي: 335، نهاية النهاية 2: 243.</ref>. ولذلك ورد عن البعض قوله: بأنّ أصول الفقه لا يبحث عن القرائن الخاصّة الجزئية للجمع الدلالي، فهي لا تدخل تحت ضابطة كلية، بل يبحث عن القرائن الكلّية التي تشكّل قاعدة عامّة وقانونا كليا للجمع الدلالي<ref>. أنوار الأصول 3: 455.</ref>.
<br>ويذكر البعض: إنّ المعيار في [[الجمع العرفي]] هو أقوائية أحد الظهورين، وباعتبار اختلاف القرائن الدالّة على هذا فتختلف الأقوائية حسب اختلاف رؤية الفقيه<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 78 ـ 79 و 89، عناية الأصول 6: 11، كتاب الصلاة الآملي: 335، نهاية النهاية 2: 243.</ref>. ولذلك ورد عن البعض قوله: بأنّ أصول الفقه لا يبحث عن القرائن الخاصّة الجزئية للجمع الدلالي، فهي لا تدخل تحت ضابطة كلية، بل يبحث عن القرائن الكلّية التي تشكّل قاعدة عامّة وقانونا كليا للجمع الدلالي<ref>. أنوار الأصول 3: 455.</ref>.


======2 ـ الجمع التبرّعي======
=======2 ـ الجمع التبرّعي=======
[[الجمع التبرّعي]] هو الجمع الذي يخرج عن نطاق قواعد المحاورات العرفية، أو يعود إلى تأويل الكلام بنحو لا يساعد عليه العرف من أهل المحاورة، ولا شاهد عليه ولا دليل يثبته، من قبيل: حمل أحد الدليلين على مورد نادر جدّا، ولذلك يعتبره [[الأصوليون]] غير حجّة ولا عبرة به<ref>. منتهى الأصول 2: 565، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 230، أجود التقريرات 4: 290، زبدة الأصول (الروحاني) 4: 330.</ref>، ويُدعى الجمع العقلي كذلك<ref>. تهذيب الأصول 1: 539، مناهج الوصول إلى علم الأصول 2: 335، منتهى الدراية 9: 499.</ref>.
[[الجمع التبرّعي]] هو الجمع الذي يخرج عن نطاق قواعد المحاورات العرفية، أو يعود إلى تأويل الكلام بنحو لا يساعد عليه العرف من أهل المحاورة، ولا شاهد عليه ولا دليل يثبته، من قبيل: حمل أحد الدليلين على مورد نادر جدّا، ولذلك يعتبره [[الأصوليون]] غير حجّة ولا عبرة به<ref>. منتهى الأصول 2: 565، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 230، أجود التقريرات 4: 290، زبدة الأصول (الروحاني) 4: 330.</ref>، ويُدعى الجمع العقلي كذلك<ref>. تهذيب الأصول 1: 539، مناهج الوصول إلى علم الأصول 2: 335، منتهى الدراية 9: 499.</ref>.


======3 ـ الجمع الموضوعي والجمع الحكمي======
=======3 ـ الجمع الموضوعي والجمع الحكمي=======
وهو تقسيم ناظر إلى محلّ الجمع بين الدليلين، فإذا كان التصرّف عند الجمع في الموضوع سمّي موضوعيا، وذلك من قبيل: القول بكون موضوع أحد الدليلين أخصّ من الآخر، وإذا كان التصرّف في حكم الدليل سمّي حكميا، وذلك من قبيل: القول بكون حكم أحدهما أخصّ من الآخر.
وهو تقسيم ناظر إلى محلّ الجمع بين الدليلين، فإذا كان التصرّف عند الجمع في الموضوع سمّي موضوعيا، وذلك من قبيل: القول بكون موضوع أحد الدليلين أخصّ من الآخر، وإذا كان التصرّف في حكم الدليل سمّي حكميا، وذلك من قبيل: القول بكون حكم أحدهما أخصّ من الآخر.
<br>لقد ورد هذا التقسيم عن بعض الأصوليين وذكرت له فوائد من قبيل كون الجمع الموضوعي مقدَّما على الجمع الحكمي<ref>. فقه الصادق 8: 92 و199 ـ 200 و10: 453 و11: 60 و69، منتهى الدراية 6: 383 و9: 569.</ref>.
<br>لقد ورد هذا التقسيم عن بعض الأصوليين وذكرت له فوائد من قبيل كون الجمع الموضوعي مقدَّما على الجمع الحكمي<ref>. فقه الصادق 8: 92 و199 ـ 200 و10: 453 و11: 60 و69، منتهى الدراية 6: 383 و9: 569.</ref>.


====نماذج من [[الجمع العرفي]]====
=====نماذج من [[الجمع العرفي]]=====
ويمكن ذكر الاُمور التالية كنماذج تبحث في محالها للجمع العرفي:
ويمكن ذكر الاُمور التالية كنماذج تبحث في محالها للجمع العرفي:
<br>1 ـ تقديم الخاصّ على العام. ( تخصيص، تخصُّص)
<br>1 ـ تقديم الخاصّ على العام. ( تخصيص، تخصُّص)
سطر ٢٣٧: سطر ٢٣٧:
<br>12 ـ التصرّف في مضمون أحد الدليلين وحمله على ما يجعله غير متنافٍ مع الدليل الآخر، من قبيل حمله على العناوين الثانوية كـ [[التقية]].
<br>12 ـ التصرّف في مضمون أحد الدليلين وحمله على ما يجعله غير متنافٍ مع الدليل الآخر، من قبيل حمله على العناوين الثانوية كـ [[التقية]].


====نماذج مختلف فيها====
=====نماذج مختلف فيها=====
برغم أنّ الموارد المتقدّمة لا تخلو من نقاشات وردت في محالها إلاّ أنّ هناك الكثير من الموارد التي اختلف في التقديم والتأخير فيها<ref>. تقريرات المجدد الشيرازي 1: 175 ـ 209، هداية المسترشدين 1: 290 ـ 333، تعليقة على معالم الأصول 2: 204 ـ 228، التعارض والترجيح بين الأدلّة 2: 113 ـ 771.</ref>، نورد الموارد التالية التي قد تكون أهمّها أو وقعت موضع نقاش أكثر من غيرها :
برغم أنّ الموارد المتقدّمة لا تخلو من نقاشات وردت في محالها إلاّ أنّ هناك الكثير من الموارد التي اختلف في التقديم والتأخير فيها<ref>. تقريرات المجدد الشيرازي 1: 175 ـ 209، هداية المسترشدين 1: 290 ـ 333، تعليقة على معالم الأصول 2: 204 ـ 228، التعارض والترجيح بين الأدلّة 2: 113 ـ 771.</ref>، نورد الموارد التالية التي قد تكون أهمّها أو وقعت موضع نقاش أكثر من غيرها :


======النموذج الأول: تعارض الفعل والقول======
=======النموذج الأول: تعارض الفعل والقول=======
مثَّلوا للتعارض بين الفعل والقول بقوله(ص) بعد نزول آية الحج: «من قرن الحجّ إلى العمرة فليطف لهما طوافا واحدا»<ref>. سنن الترمذي 3: 283 كتاب الحج باب 102 ح947، سنن النسائي 5: 226 كتاب مناسك الحجّ باب طواف القارن.</ref> وروي عنه إنَّه قرن فطاف لهما طوافين وسعى سعيين.<ref>. سنن الدارقطني 2: 258 كتاب الحجّ باب المواقيت ح99 و130 و263، كنز العمال 5: 160 كتاب الحجّ باب [[القرآن]] ح12461.</ref>
مثَّلوا للتعارض بين الفعل والقول بقوله(ص) بعد نزول آية الحج: «من قرن الحجّ إلى العمرة فليطف لهما طوافا واحدا»<ref>. سنن الترمذي 3: 283 كتاب الحج باب 102 ح947، سنن النسائي 5: 226 كتاب مناسك الحجّ باب طواف القارن.</ref> وروي عنه إنَّه قرن فطاف لهما طوافين وسعى سعيين.<ref>. سنن الدارقطني 2: 258 كتاب الحجّ باب المواقيت ح99 و130 و263، كنز العمال 5: 160 كتاب الحجّ باب [[القرآن]] ح12461.</ref>
<br>وقد ذكرت في هذا المجال حالات عديدة وأقوال مختلفة، عدّها البعض إلى ستّين حالة.<ref>. العدَّة في أصول الفقه الطوسي 2: 589، الذريعة 2: 595، معارج الأُصول: 121، الأحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 163 ـ 167، البحر المحيط 4: 196، إرشاد الفحول 1: 177، التعارض والترجيح بين الأدلّة 2: 312 ـ 321، المختصر الوافي في أصول الفقه: 246 ـ 247.</ref>
<br>وقد ذكرت في هذا المجال حالات عديدة وأقوال مختلفة، عدّها البعض إلى ستّين حالة.<ref>. العدَّة في أصول الفقه الطوسي 2: 589، الذريعة 2: 595، معارج الأُصول: 121، الأحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 163 ـ 167، البحر المحيط 4: 196، إرشاد الفحول 1: 177، التعارض والترجيح بين الأدلّة 2: 312 ـ 321، المختصر الوافي في أصول الفقه: 246 ـ 247.</ref>
([[أفعال الرسول)
([[أفعال الرسول)


======النموذج الثاني: تعارض الفعلين======
=======النموذج الثاني: تعارض الفعلين=======
تعارض الفعلين، بمعنى إتيانهما في زمان واحد وبنفس الظروف، أمر غير ممكن، لكنّه ممكن على فرض وجودهما في زمانين، وعندئذٍ لابدّ من معالجتهما بالنحو الذي تعالج به النصوص بعد التأكُّد من صحّة نقل الفعل وعدم الوضع والتزوير، وذلك بحمل الثاني على كونه ناسخا للأوَّل أو كونه ذا شروط خاصّة تختلف عن الآخر.<ref>. المعتمد 1: 359، معارج الأُصول: 121.</ref>
تعارض الفعلين، بمعنى إتيانهما في زمان واحد وبنفس الظروف، أمر غير ممكن، لكنّه ممكن على فرض وجودهما في زمانين، وعندئذٍ لابدّ من معالجتهما بالنحو الذي تعالج به النصوص بعد التأكُّد من صحّة نقل الفعل وعدم الوضع والتزوير، وذلك بحمل الثاني على كونه ناسخا للأوَّل أو كونه ذا شروط خاصّة تختلف عن الآخر.<ref>. المعتمد 1: 359، معارج الأُصول: 121.</ref>
<br>رغم ذلك نقل خلاف وأقوال في هذا الموضوع<ref>. الذريعة 2: 593 ـ 594، المحصول ابن العربي: 111، المنخول: 227، البحر المحيط 4: 192، المختصر الوافي في أصول الفقه: 245 ـ 246.</ref>.
<br>رغم ذلك نقل خلاف وأقوال في هذا الموضوع<ref>. الذريعة 2: 593 ـ 594، المحصول ابن العربي: 111، المنخول: 227، البحر المحيط 4: 192، المختصر الوافي في أصول الفقه: 245 ـ 246.</ref>.
([[أفعال الرسول]])
([[أفعال الرسول]])


======النموذج الثالث: دخول التعارض في انقلاب النسبة======
=======النموذج الثالث: دخول التعارض في انقلاب النسبة=======
انقلاب النسبة اصطلاح يطلق عند تعارض أكثر من دليلين في وقت واحد، حيث تكون نسبة خاصّة بين دليلين تنقلب عندما تتعارض مع دليل ثالث. وهناك نقاش في كيفية علاج هذه الحالة واختلاف في وجهات النظر، وردت عن متأخّري أصوليي [[الشيعة]]<ref>. أنظر: عوائد الأيّام: 349 ـ 353، فرائد الأصول 4: 111، أجود التقريرات 4: 300 وما بعدها، مصباح الأصول 3: 386، كفاية الأصول: 452، دُرر الفوائد 1 ـ 2: 681 ـ 683، بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 288.</ref>.
انقلاب النسبة اصطلاح يطلق عند تعارض أكثر من دليلين في وقت واحد، حيث تكون نسبة خاصّة بين دليلين تنقلب عندما تتعارض مع دليل ثالث. وهناك نقاش في كيفية علاج هذه الحالة واختلاف في وجهات النظر، وردت عن متأخّري أصوليي [[الشيعة]]<ref>. أنظر: عوائد الأيّام: 349 ـ 353، فرائد الأصول 4: 111، أجود التقريرات 4: 300 وما بعدها، مصباح الأصول 3: 386، كفاية الأصول: 452، دُرر الفوائد 1 ـ 2: 681 ـ 683، بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 288.</ref>.


======النموذج الرابع: التقديم وفق [[ترتيب الأدلّة]]======
=======النموذج الرابع: التقديم وفق [[ترتيب الأدلّة]]=======
اختلفت المذاهب في تقديم الأدلّة الأساسية بعضها على الآخر، فقد يقدَّم أقوال [[الصحابة]] مثلاً على [[الإجماع]] والعقل، وقد يقدَّم [[الاستحسان]] على [[الاستصحاب]] والعقل، وهكذا باقي الأدلّة.
اختلفت المذاهب في تقديم الأدلّة الأساسية بعضها على الآخر، فقد يقدَّم أقوال [[الصحابة]] مثلاً على [[الإجماع]] والعقل، وقد يقدَّم [[الاستحسان]] على [[الاستصحاب]] والعقل، وهكذا باقي الأدلّة.
<br>ومن جانب آخر، فإنّ أصوليي [[الشيعة]] بتفصيلات بحوثهم المتأخّرة قدّموا الطرق و [[الأمارات]] على الأصول الشرعية الإحرازية، كما قدّموا الأصول الشرعية العملية غير الإحرازية (سواء كانت تعبّدية أو غير تعبّدية) على الأصول العقلية العملية، وهو ما يتناوله الفقهاء غالبا في بحوثهم الفقهية عن بعض المسائل الجزئية.
<br>ومن جانب آخر، فإنّ أصوليي [[الشيعة]] بتفصيلات بحوثهم المتأخّرة قدّموا الطرق و [[الأمارات]] على الأصول الشرعية الإحرازية، كما قدّموا الأصول الشرعية العملية غير الإحرازية (سواء كانت تعبّدية أو غير تعبّدية) على الأصول العقلية العملية، وهو ما يتناوله الفقهاء غالبا في بحوثهم الفقهية عن بعض المسائل الجزئية.
<br>([[أصول المذهب]]، [[ترتيب الأدلّة]])
<br>([[أصول المذهب]]، [[ترتيب الأدلّة]])


======النموذج الخامس: تبرير تقدّم الأمارات والطرق على الأصول الشرعية العملية======
=======النموذج الخامس: تبرير تقدّم الأمارات والطرق على الأصول الشرعية العملية=======
يبدو اتّفاق الأصوليين على تقديم [[الأمارات]] والطرق على [[الأصول العقلية]] من باب [[الورود]]؛ لأنّها بمثابة [[البيان]] الذي يرفع موضوع الأصول العقلية<ref>. فرائد الأصول 4: 12 ـ 13، كتاب التعارض: 77.</ref>، لكنّهم اختلفوا في تبرير تقدُّم [[الأمارات]] والطرق على الأصول الشرعية، وتوجد مبرّرات في هذا المجال :
يبدو اتّفاق الأصوليين على تقديم [[الأمارات]] والطرق على [[الأصول العقلية]] من باب [[الورود]]؛ لأنّها بمثابة [[البيان]] الذي يرفع موضوع الأصول العقلية<ref>. فرائد الأصول 4: 12 ـ 13، كتاب التعارض: 77.</ref>، لكنّهم اختلفوا في تبرير تقدُّم [[الأمارات]] والطرق على الأصول الشرعية، وتوجد مبرّرات في هذا المجال :
<br>الأوّل: كون أدلّة الطرق والأمارات واردة على أدلّة الأصول باعتبارين:
<br>الأوّل: كون أدلّة الطرق والأمارات واردة على أدلّة الأصول باعتبارين:
سطر ٢٧١: سطر ٢٧١:
<br>لكن أشكل على التبرير الثالث والرابع بأنّ المراد من [[الجمع العرفي]] إمّا كون [[الأمارات]] خاصّة بالنسبة إلى الأصول مطلقا، والحال أنّ الواقع ليس كذلك، إذ بينهما عموم وخصوص من وجه أو أنّ المراد كون أدلّتها أظهر من أدلّة الأصول، وهذا لا دليل عليه<ref>. أنوار الأصول 3: 450.</ref>.
<br>لكن أشكل على التبرير الثالث والرابع بأنّ المراد من [[الجمع العرفي]] إمّا كون [[الأمارات]] خاصّة بالنسبة إلى الأصول مطلقا، والحال أنّ الواقع ليس كذلك، إذ بينهما عموم وخصوص من وجه أو أنّ المراد كون أدلّتها أظهر من أدلّة الأصول، وهذا لا دليل عليه<ref>. أنوار الأصول 3: 450.</ref>.


======النموذج السادس: إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص======
=======النموذج السادس: إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص=======
ناقش الكثير من الأصوليين موضوع دوران الأمر بين [[التخصيص]] و [[النسخ]]، ونوقش هذا الموضوع في بحث [[التخصيص]] تارة وفي بحث التعارض تارة اُخرى، وفي بعض المصادر نوقش في كلا الموضعين<ref>. نهاية الدراية في شرح الكفاية 5 ـ 6: 345 و5 ـ 6: 345، تسديد الأصول 1: 533 و2: 500، زبدة الأصول الروحاني 4: 389.</ref>.
ناقش الكثير من الأصوليين موضوع دوران الأمر بين [[التخصيص]] و [[النسخ]]، ونوقش هذا الموضوع في بحث [[التخصيص]] تارة وفي بحث التعارض تارة اُخرى، وفي بعض المصادر نوقش في كلا الموضعين<ref>. نهاية الدراية في شرح الكفاية 5 ـ 6: 345 و5 ـ 6: 345، تسديد الأصول 1: 533 و2: 500، زبدة الأصول الروحاني 4: 389.</ref>.
<br>ذكر البعض صوراً لهذه المسألة:
<br>ذكر البعض صوراً لهذه المسألة:
سطر ٣٠١: سطر ٣٠١:
<br>وهناك تفصيلات وصور غير قليلة متصوّرة في المسألة ناقشها بعض الأصوليين<ref>. منتهى الأصول 2: 570 ـ 577.</ref>، كما أنّه قد تكون آراء مفصّلة بين الصور المزبورة<ref>. نهاية الأفكار البروجردي 5: 151 ـ 155، مصباح الأصول 3: 381 ـ 386، المحكم في أصول الفقه 6: 83 ـ 86.</ref>.
<br>وهناك تفصيلات وصور غير قليلة متصوّرة في المسألة ناقشها بعض الأصوليين<ref>. منتهى الأصول 2: 570 ـ 577.</ref>، كما أنّه قد تكون آراء مفصّلة بين الصور المزبورة<ref>. نهاية الأفكار البروجردي 5: 151 ـ 155، مصباح الأصول 3: 381 ـ 386، المحكم في أصول الفقه 6: 83 ـ 86.</ref>.


======النموذج السابع: تعارض الإطلاق الشمولي مع الإطلاق البدلي======
=======النموذج السابع: تعارض الإطلاق الشمولي مع الإطلاق البدلي=======
وهذا التعارض من قبيل قوله: أكرم عالما. وقوله: لا تكرم الفاسق. فإنّ النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه، يتلاقيان في (العالم الفاسق).
وهذا التعارض من قبيل قوله: أكرم عالما. وقوله: لا تكرم الفاسق. فإنّ النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه، يتلاقيان في (العالم الفاسق).
<br>وفي هذا الموضوع رأيان:
<br>وفي هذا الموضوع رأيان:
سطر ٣١٣: سطر ٣١٣:
<br>من أنّ إعطاء ضابط عام في هذا الباب لا يخلو عن تكلّف، فاللازم التأمُّل في خصوصيات الموارد واستظهار القرائن الواردة في كلّ مورد على حدّة<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 92 ـ 96.</ref>.
<br>من أنّ إعطاء ضابط عام في هذا الباب لا يخلو عن تكلّف، فاللازم التأمُّل في خصوصيات الموارد واستظهار القرائن الواردة في كلّ مورد على حدّة<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 92 ـ 96.</ref>.


======النموذج الثامن: دوران الأمر بين التخصيص والمجاز======
=======النموذج الثامن: دوران الأمر بين التخصيص والمجاز=======
هذا الدروان يحصل في مثل قوله: لا تكرم الفسّاق، مع قوله: لا بأس بإكرام زيد الفاسق. فكما يمكن رفع اليد عن عموم عدم الإكرام بالتخصيص، كذلك يمكن رفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة وحمله على الكراهة، لكي تجتمع مع عدم البأس.
هذا الدروان يحصل في مثل قوله: لا تكرم الفسّاق، مع قوله: لا بأس بإكرام زيد الفاسق. فكما يمكن رفع اليد عن عموم عدم الإكرام بالتخصيص، كذلك يمكن رفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة وحمله على الكراهة، لكي تجتمع مع عدم البأس.
<br>يبدو ذهاب المشهور إلى تقديم التخصيص على المجاز مطلقا؛ لكثرة وشيوع التخصيص وقلّة الحمل على المجاز، مضافا إلى أنّ ظهور الكلام في التخصيص أشدّ ظهورا منه في المجاز.
<br>يبدو ذهاب المشهور إلى تقديم التخصيص على المجاز مطلقا؛ لكثرة وشيوع التخصيص وقلّة الحمل على المجاز، مضافا إلى أنّ ظهور الكلام في التخصيص أشدّ ظهورا منه في المجاز.
سطر ٣٣٠: سطر ٣٣٠:
<br>منها: أن يكون المجاز نادرا والتخصيص اللازم كذلك، فقد يُرجّح التخصيص لغلبة نوعه، لكن الأظهر الرجوع إلى ما هو الظاهر في المقام بلحاظ ما لدينا من قرائن، ومع التكافؤ يتوقّف في المقام<ref>. هداية المسترشدين 1: 311 ـ 312.</ref>.
<br>منها: أن يكون المجاز نادرا والتخصيص اللازم كذلك، فقد يُرجّح التخصيص لغلبة نوعه، لكن الأظهر الرجوع إلى ما هو الظاهر في المقام بلحاظ ما لدينا من قرائن، ومع التكافؤ يتوقّف في المقام<ref>. هداية المسترشدين 1: 311 ـ 312.</ref>.


======النموذج التاسع: تعارض العموم الوضعي مع العموم الإطلاقي======
=======النموذج التاسع: تعارض العموم الوضعي مع العموم الإطلاقي=======
قد يتعارض العموم الوضعي مع الإطلاق، بحيث تكون النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه، فيدور الأمر عندئذٍ بين تقييد المطلق وتخصيص العموم، وقد يعبَّر عن هذا التعارض بدوران الأمر بين التخصيص والتقييد، وهو من قبيل قوله: أكرم عالما، ثُمّ قوله: لا تكرم الفسّاق. فيقع التعارض في العالم الفاسق؛ باعتبار أنّ العالم مطلق وشامل للعادل والفاسق، والفساق جمع محلّى باللام يدلّ على عموم الحكم لجميع أفراد الفاسق.
قد يتعارض العموم الوضعي مع الإطلاق، بحيث تكون النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه، فيدور الأمر عندئذٍ بين تقييد المطلق وتخصيص العموم، وقد يعبَّر عن هذا التعارض بدوران الأمر بين التخصيص والتقييد، وهو من قبيل قوله: أكرم عالما، ثُمّ قوله: لا تكرم الفسّاق. فيقع التعارض في العالم الفاسق؛ باعتبار أنّ العالم مطلق وشامل للعادل والفاسق، والفساق جمع محلّى باللام يدلّ على عموم الحكم لجميع أفراد الفاسق.
<br>ورد في هذا التعارض قولان:
<br>ورد في هذا التعارض قولان:
سطر ٣٤٣: سطر ٣٤٣:
<br>والخصوصيات والقرائن التي تحفُّ بالمورد ويقدّم أحدهما على الآخر وفق تلك القرائن، ولا يمكن تقديم ضابطة كلّية هنا، وإذا لم تقتضِ القرائن شيئا من التقديم يصل الدور إلى المرجّحات الاُخرى<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 89، أنوار الأصول 3: 456.</ref>.
<br>والخصوصيات والقرائن التي تحفُّ بالمورد ويقدّم أحدهما على الآخر وفق تلك القرائن، ولا يمكن تقديم ضابطة كلّية هنا، وإذا لم تقتضِ القرائن شيئا من التقديم يصل الدور إلى المرجّحات الاُخرى<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 89، أنوار الأصول 3: 456.</ref>.


======النموذج العاشر: دوران الأمر بين التصرّف في منطوق أحد الخبرين ومفهوم الآخر======
=======النموذج العاشر: دوران الأمر بين التصرّف في منطوق أحد الخبرين ومفهوم الآخر=======
وهذا الصنف من التعارض يحصل في مورد من قبيل قوله: «إذا خفي الأذان فقصّر» وقوله: «إذا خفيت الجدران فقصّر» فعلى فرض قبول مفهوم الشرط يقع تعارض بين مفهوم كلٍّ منهما ومنطوق الآخر.
وهذا الصنف من التعارض يحصل في مورد من قبيل قوله: «إذا خفي الأذان فقصّر» وقوله: «إذا خفيت الجدران فقصّر» فعلى فرض قبول مفهوم الشرط يقع تعارض بين مفهوم كلٍّ منهما ومنطوق الآخر.
<br>لقد ذكرت عدّة طرق لحلّ هذا التعارض:
<br>لقد ذكرت عدّة طرق لحلّ هذا التعارض:
سطر ٣٥٨: سطر ٣٥٨:
هناك أصلان يحكمان [[التعارض المستقر]]، هما: الأصل الأوّلي والأصل الثانوي، وفي كلٍّ منهما نقاشات وبحوث.
هناك أصلان يحكمان [[التعارض المستقر]]، هما: الأصل الأوّلي والأصل الثانوي، وفي كلٍّ منهما نقاشات وبحوث.


====الأصل الأوّلي في [[التعارض المستقر]]====
=====الأصل الأوّلي في [[التعارض المستقر]]=====
النقاش المطروح هنا هو ماهية الأصل الأوّلي، أي علاج التعارض مع غضّ النظر عمّا ورد من أدلّة كالروايات الواردة في هذا المجال.
النقاش المطروح هنا هو ماهية الأصل الأوّلي، أي علاج التعارض مع غضّ النظر عمّا ورد من أدلّة كالروايات الواردة في هذا المجال.
<br>وقد طرحت شبهة هنا، وهي الثمرة المتوخاة من هكذا أصل مع وجود أدلّة عالجت التعارض، إلاّ أنّ البعض ذكر لهذا الأصل ثمرة تظهر في تعارض غير الأخبار، كالتعارض بين آيتين من حيث الدلالة أو بين الخبرين المتواترين من حيث الدلالة كذلك، وكذا تعارض [[الأمارات]] في الشبهات الموضوعية، كالتعارض بين بيّنتين أو فردين من قاعدة اليد، كالمال الواقع تحت استيلاء مدعيين<ref>. مصباح الأصول 3: 365.</ref>.
<br>وقد طرحت شبهة هنا، وهي الثمرة المتوخاة من هكذا أصل مع وجود أدلّة عالجت التعارض، إلاّ أنّ البعض ذكر لهذا الأصل ثمرة تظهر في تعارض غير الأخبار، كالتعارض بين آيتين من حيث الدلالة أو بين الخبرين المتواترين من حيث الدلالة كذلك، وكذا تعارض [[الأمارات]] في الشبهات الموضوعية، كالتعارض بين بيّنتين أو فردين من قاعدة اليد، كالمال الواقع تحت استيلاء مدعيين<ref>. مصباح الأصول 3: 365.</ref>.
سطر ٣٨٣: سطر ٣٨٣:
<br>لكن عمليا يذهب في مجال الأدلّة الظنّية، مثل الخبرين، إلى أنّ دليل حجّيتهما العام ليس لفظيا تعبّديا، بل لبيّا مثل السيرة العقلائية، فالأصل الأوّلي في التعارض عندئذٍ هو التساقط دون شيء آخر؛ لأنّ هذا مقتضاهما عند التعارض، ولم تنعقد الحجّية ولم تبنَ على ارتكاز يقتضي الحجّية في حالة التعارض<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 255 ـ 256.</ref>.
<br>لكن عمليا يذهب في مجال الأدلّة الظنّية، مثل الخبرين، إلى أنّ دليل حجّيتهما العام ليس لفظيا تعبّديا، بل لبيّا مثل السيرة العقلائية، فالأصل الأوّلي في التعارض عندئذٍ هو التساقط دون شيء آخر؛ لأنّ هذا مقتضاهما عند التعارض، ولم تنعقد الحجّية ولم تبنَ على ارتكاز يقتضي الحجّية في حالة التعارض<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 255 ـ 256.</ref>.


====الأصل الثانوي في [[التعارض المستقر]]====
=====الأصل الثانوي في [[التعارض المستقر]]=====
يتأتّى الأصل الثانوي بعد حالة حصول علم خارجي لدينا بعدم تساقط الدليلين أو بحجّية أحدهما.
يتأتّى الأصل الثانوي بعد حالة حصول علم خارجي لدينا بعدم تساقط الدليلين أو بحجّية أحدهما.
<br>وأهمّ الآراء في هذا المجال هي:
<br>وأهمّ الآراء في هذا المجال هي:
سطر ٤٦٥: سطر ٤٦٥:
وهي كلّ مزيّة غير مستقلّة في نفسها، بل متقوّمة بما في الخبر<ref>. فرائد الأصول 4: 79، مقالات الأصول 2: 475، عناية الأصول 6: 130، المحكم في أصول الفقه 6: 216.</ref>، وقد قسّمها [[الشيخ الأنصاري]] إلى دلالية وسندية ومتنية وجهتية.
وهي كلّ مزيّة غير مستقلّة في نفسها، بل متقوّمة بما في الخبر<ref>. فرائد الأصول 4: 79، مقالات الأصول 2: 475، عناية الأصول 6: 130، المحكم في أصول الفقه 6: 216.</ref>، وقد قسّمها [[الشيخ الأنصاري]] إلى دلالية وسندية ومتنية وجهتية.


====المرجّحات الدلالية====
=====المرجّحات الدلالية=====
وهي المرجّحات التي تعنى بدلالات المتن، وتعود إلى مبدأ ترجيح الأظهر على الظاهر، كما أنّها تعود عمدة إلى [[الجمع العرفي]]، من قبيل: تقديم التخصيص على [[النسخ]]. ولذلك يقال: بتقديم المرجّحات الدلالية على باقي المرجّحات<ref>. أجود التقريرات 4: 291 ـ 294، بداية الوصول في شرح كفاية الأصول 3: 179، أصول الفقه الإسلامي شلبي: 529 ـ 533.</ref>. وتطرح تحت عنوان الجمع بين الدليلين.
وهي المرجّحات التي تعنى بدلالات المتن، وتعود إلى مبدأ ترجيح الأظهر على الظاهر، كما أنّها تعود عمدة إلى [[الجمع العرفي]]، من قبيل: تقديم التخصيص على [[النسخ]]. ولذلك يقال: بتقديم المرجّحات الدلالية على باقي المرجّحات<ref>. أجود التقريرات 4: 291 ـ 294، بداية الوصول في شرح كفاية الأصول 3: 179، أصول الفقه الإسلامي شلبي: 529 ـ 533.</ref>. وتطرح تحت عنوان الجمع بين الدليلين.


====المرجّحات السندية====
=====المرجّحات السندية=====
وهي المرجّحات التي تُعنى بسند الدليل، ولذلك تخصُّ الدليلين الظنّيين صدورا، ولا تشمل القطعيين صدورا؛ لعدم وجود إشكال في سندهما، وقد عدّها البعض بأربعين وجها<ref>. بحوث في التعارض والترجيح: 38.</ref>. وتدعى المرجّحات الصدورية كذلك<ref>. فرائد الأصول 4: 119 ـ 127، فوائد الأصول 4: 778 ـ 779، مصباح الأصول 3: 413، المحكم في أصول الفقه 6: 213 ـ 214.</ref>.
وهي المرجّحات التي تُعنى بسند الدليل، ولذلك تخصُّ الدليلين الظنّيين صدورا، ولا تشمل القطعيين صدورا؛ لعدم وجود إشكال في سندهما، وقد عدّها البعض بأربعين وجها<ref>. بحوث في التعارض والترجيح: 38.</ref>. وتدعى المرجّحات الصدورية كذلك<ref>. فرائد الأصول 4: 119 ـ 127، فوائد الأصول 4: 778 ـ 779، مصباح الأصول 3: 413، المحكم في أصول الفقه 6: 213 ـ 214.</ref>.
<br>وهي عبارة عن اُمور:
<br>وهي عبارة عن اُمور:
سطر ٤٨٦: سطر ٤٨٦:
<br>وهناك نقاشات وردود أكثر وردت في هذا المجال<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 372 ـ 374.</ref>.
<br>وهناك نقاشات وردود أكثر وردت في هذا المجال<ref>. بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 372 ـ 374.</ref>.


====المرجّحات المتنية====
=====المرجّحات المتنية=====
وهي التي تعود إلى المتن والنصّ الوارد عن [[الشارع]]. وهي في عدّة اُمور:
وهي التي تعود إلى المتن والنصّ الوارد عن [[الشارع]]. وهي في عدّة اُمور:
<br>منها: الفصاحة، فيقدّم الفصيح على غيره؛ لأنّ الركيك بعيد عن كلام المعصوم، إلاّ أن يكون منقولاً بالمعنى.
<br>منها: الفصاحة، فيقدّم الفصيح على غيره؛ لأنّ الركيك بعيد عن كلام المعصوم، إلاّ أن يكون منقولاً بالمعنى.
سطر ٤٩٩: سطر ٤٩٩:
<br>وغيرها من المرجّحات<ref>. اللمع: 174 ـ 178، المستصفى 2: 246 ـ 249، كتاب التحبير والتقرير 3: 36 ـ 46، نهاية الوصول الحلّي 5: 307 ـ 318، المختصر الوافي: 257 ـ 260، بحوث في التعارض والترجيح: 75 ـ 93.</ref>.
<br>وغيرها من المرجّحات<ref>. اللمع: 174 ـ 178، المستصفى 2: 246 ـ 249، كتاب التحبير والتقرير 3: 36 ـ 46، نهاية الوصول الحلّي 5: 307 ـ 318، المختصر الوافي: 257 ـ 260، بحوث في التعارض والترجيح: 75 ـ 93.</ref>.


====المرجّحات الجهتية====
=====المرجّحات الجهتية=====
وهي المرجّحات ذات الصلة بوجه الصدور، من [[التقية]] وغيرها، فقد يكون الخبر صادرا لمصلحة مقتضية لبيان خلاف حكم اللّه الواقعي، بأن كانت هناك ظروف تدعو إلى [[التقية]] أو قد تكون هناك مصالح تدعو إلى هذا الأمر، وهي غير محصورة.
وهي المرجّحات ذات الصلة بوجه الصدور، من [[التقية]] وغيرها، فقد يكون الخبر صادرا لمصلحة مقتضية لبيان خلاف حكم اللّه الواقعي، بأن كانت هناك ظروف تدعو إلى [[التقية]] أو قد تكون هناك مصالح تدعو إلى هذا الأمر، وهي غير محصورة.
<br>وهذا الأمر مشهود في الروايات المنقولة عن أئمة [[أهل البيت]]  عليهم‏السلام الذين كانوا يعانون من ظروف تستدعي [[التقية]]، فقد يحكمون بما يوافق المذهب السائد والمؤيّد من قبل السلطة لتجنّب ما قد يحصل لأتباعهم من مضايقات<ref>. فرائد الأصول 4: 119 ـ 127، فوائد الأصول 4: 778 ـ 779، مصباح الأصول 3 : 417 ـ 418 ، المحكم في أصول الفقه 6 : 213 ـ  214.</ref>.
<br>وهذا الأمر مشهود في الروايات المنقولة عن أئمة [[أهل البيت]]  عليهم‏السلام الذين كانوا يعانون من ظروف تستدعي [[التقية]]، فقد يحكمون بما يوافق المذهب السائد والمؤيّد من قبل السلطة لتجنّب ما قد يحصل لأتباعهم من مضايقات<ref>. فرائد الأصول 4: 119 ـ 127، فوائد الأصول 4: 778 ـ 779، مصباح الأصول 3 : 417 ـ 418 ، المحكم في أصول الفقه 6 : 213 ـ  214.</ref>.
سطر ٥٣٤: سطر ٥٣٤:
<br>كما أنّ هناك نقاشات اُخرى في هذا المجال<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 178 ـ 180.</ref>.
<br>كما أنّ هناك نقاشات اُخرى في هذا المجال<ref>. المحكم في أصول الفقه 6: 178 ـ 180.</ref>.


====المرجّحات المنصوصة وغير المنصوصة====
=====المرجّحات المنصوصة وغير المنصوصة=====
المرجّحات التي وردت في كتب الأصوليين، وبخاصّة المتقدّمين منهم، خليط من المرجّحات التي ورد نصٌّ فيها والتي تدعى المنصوصة، والتي لم يرد نصٍّ فيها والتي تدعى غير المنصوصة. وقد اختلف [[الأصوليون]] في المرجّحات التي ينبغي إعمالها ما إذا كانت مقتصرة على المنصوصة منها أو تشمل غيرها كذلك، وفي المجال آراء:
المرجّحات التي وردت في كتب الأصوليين، وبخاصّة المتقدّمين منهم، خليط من المرجّحات التي ورد نصٌّ فيها والتي تدعى المنصوصة، والتي لم يرد نصٍّ فيها والتي تدعى غير المنصوصة. وقد اختلف [[الأصوليون]] في المرجّحات التي ينبغي إعمالها ما إذا كانت مقتصرة على المنصوصة منها أو تشمل غيرها كذلك، وفي المجال آراء:
<br>الأوّل: الاقتصار على المنصوصة منها، وهو ظاهر كلام الكليني<ref>. الكافي 1: 8.</ref>، كما أنّه رأي الأخباريين<ref>. الحدائق الناضرة 1: 90، الدرر النجفية 1: 313 ـ 314.</ref>، وهو مبني على مبدئهم في الاعتماد على ظاهر النصوص والجمود عليها<ref>. أنظر: أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 261.</ref>، مضافا إلى اعتبارهم أخبار مثل (الكافي) كلّها صحيحة، ممّا دعاهم إلى إهمال النظر في المرجّحات غير المنصوصة<ref>. الحدائق الناضرة 1: 97.</ref>.
<br>الأوّل: الاقتصار على المنصوصة منها، وهو ظاهر كلام الكليني<ref>. الكافي 1: 8.</ref>، كما أنّه رأي الأخباريين<ref>. الحدائق الناضرة 1: 90، الدرر النجفية 1: 313 ـ 314.</ref>، وهو مبني على مبدئهم في الاعتماد على ظاهر النصوص والجمود عليها<ref>. أنظر: أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 261.</ref>، مضافا إلى اعتبارهم أخبار مثل (الكافي) كلّها صحيحة، ممّا دعاهم إلى إهمال النظر في المرجّحات غير المنصوصة<ref>. الحدائق الناضرة 1: 97.</ref>.