الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستثناء»

أُضيف ٢٬٦٩٥ بايت ،  ٥ أبريل ٢٠٢٣
ط
استبدال النص - '====' ب'====='
لا ملخص تعديل
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ٩٢: سطر ٩٢:
و [[السيد الخوئي]] يفصِّل بنحو آخر؛ إذ يقول: «عموم المستثنى منه: '''تارةً''' يكون من قبيل القضايا الخارجية، والملحوظ في الحكم هو الأفراد الخارجيين، فلا شكّ في قبح هكذا استثناء، كما لو قيل: «قتل جميع العسكر إلاّ بني تميم» وكان في العسكر من غير بني تميم رجل أو رجلان، أي أنّ المقتول رجل أو رجلان، فهذا مستهجن. و'''تارةً أخرى''' يكون العموم الوارد في المستثنى منه على نحو القضايا الحقيقة، والحكم ناظر فيه إلى الموضوع المقدّر لا الأفراد الخارجيين، فالتخصيص عندئذٍ غير مستهجن مهما بلغ المستثنى؛ لعدم لحاظ الخارج»، واعتبرَ هذا قاعدة كلية في تخصيص الأكثر. <ref> مصباح الأصول 2 : 537 ـ 538.</ref>
و [[السيد الخوئي]] يفصِّل بنحو آخر؛ إذ يقول: «عموم المستثنى منه: '''تارةً''' يكون من قبيل القضايا الخارجية، والملحوظ في الحكم هو الأفراد الخارجيين، فلا شكّ في قبح هكذا استثناء، كما لو قيل: «قتل جميع العسكر إلاّ بني تميم» وكان في العسكر من غير بني تميم رجل أو رجلان، أي أنّ المقتول رجل أو رجلان، فهذا مستهجن. و'''تارةً أخرى''' يكون العموم الوارد في المستثنى منه على نحو القضايا الحقيقة، والحكم ناظر فيه إلى الموضوع المقدّر لا الأفراد الخارجيين، فالتخصيص عندئذٍ غير مستهجن مهما بلغ المستثنى؛ لعدم لحاظ الخارج»، واعتبرَ هذا قاعدة كلية في تخصيص الأكثر. <ref> مصباح الأصول 2 : 537 ـ 538.</ref>


====أدلّة المجوّزين====
=====أدلّة المجوّزين=====
'''الأوَّل: ''' أنَّ استثناء الأكثر في المعنى المقصود كاستثناء الأقلّ، فيجب جوازُه.
'''الأوَّل: ''' أنَّ استثناء الأكثر في المعنى المقصود كاستثناء الأقلّ، فيجب جوازُه.
'''الثاني: ''' أنَّ الاستثناء كالتخصيص في المعنى، فإذا جاز أن يُخصَّص الأكثر جاز أن يستثنيه. <ref> الذريعة 1 : 247، وانظر : اللمع : 98.</ref>
'''الثاني: ''' أنَّ الاستثناء كالتخصيص في المعنى، فإذا جاز أن يُخصَّص الأكثر جاز أن يستثنيه. <ref> الذريعة 1 : 247، وانظر : اللمع : 98.</ref>
'''الثالث: ''' لا فرق بين قول القائل: (ألف غير تسعمئة وتسعة وتسعين)، وبين قوله: (واحد)، ولا فرق بين قول القائل: (سبع مئة وثلاثمئة)، وبين قوله: (ألف). وهذا كلّه من المتلائمات، وهي ألفاظ مختلفة معناها واحد. وإذا كان ذلك فلا فرق بين استثناء ثلاثمئة من ألف؛ لأنَّها بعض الألف، وبين استثناء تسعمئة وتسعة وتسعين من الألف أيضا؛ لأنَّها بعض الألف، ولا فرق. <ref> الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 428.</ref>
'''الثالث: ''' لا فرق بين قول القائل: (ألف غير تسعمئة وتسعة وتسعين)، وبين قوله: (واحد)، ولا فرق بين قول القائل: (سبع مئة وثلاثمئة)، وبين قوله: (ألف). وهذا كلّه من المتلائمات، وهي ألفاظ مختلفة معناها واحد. وإذا كان ذلك فلا فرق بين استثناء ثلاثمئة من ألف؛ لأنَّها بعض الألف، وبين استثناء تسعمئة وتسعة وتسعين من الألف أيضا؛ لأنَّها بعض الألف، ولا فرق. <ref> الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 428.</ref>


====أدلّة المانعين====
=====أدلّة المانعين=====
يمكن أن يستدلَّ المانعون بالأمور التالية:
يمكن أن يستدلَّ المانعون بالأمور التالية:
'''الأوّل: ''' أن يمنعوا منه؛ لأنَّه لايفهم منه المراد.
'''الأوّل: ''' أن يمنعوا منه؛ لأنَّه لايفهم منه المراد.
سطر ١١٥: سطر ١١٥:
وقال بعضهم: إنَّ العاطف هو خصوص الواو، فإذا كان غيرها كالفاء أو ثُمَّ اختصَّ الاستثناء بالأخيرة، وإلى ذلك ذهب الأسنوي وجماعة. <ref> انظر : الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 154، شرح الجلال المحلّي 2 : 27، القواعد والفوائد الأصولية : 338، أصول الفقه محمد أبوالنور 1  ـ 2 : 465.</ref>
وقال بعضهم: إنَّ العاطف هو خصوص الواو، فإذا كان غيرها كالفاء أو ثُمَّ اختصَّ الاستثناء بالأخيرة، وإلى ذلك ذهب الأسنوي وجماعة. <ref> انظر : الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 154، شرح الجلال المحلّي 2 : 27، القواعد والفوائد الأصولية : 338، أصول الفقه محمد أبوالنور 1  ـ 2 : 465.</ref>


====الأقوال في حکم تعقيب الاستثناء لجمل متعاقبة====
=====الأقوال في حکم تعقيب الاستثناء لجمل متعاقبة=====
في هذا النوع من الاستثناء وردت الأقوال التالية:
في هذا النوع من الاستثناء وردت الأقوال التالية:


=====القول الأوّل: الرجوع إلى جميع الجمل=====
=======القول الأوّل: الرجوع إلى جميع الجمل=======
وهو رأي أصحاب الشافعي<ref> انظر : المعتمد 1 : 245، التبصرة : 172، اللمع : 98، المستصفى 2 : 78، المنخول : 160، المحصول 1 : 413، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.</ref>، والمالكية<ref> انظر : إحكام الفصول : 277، شرح تنقيح الفصول : 249.</ref>، وأكثر الحنبلية<ref> المسوّدة : 140، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 920، القواعد والفوائد الأصولية : 336.</ref>، والشيخ الطوسي<ref> العُدّة في أصول الفقه 1 : 321.</ref>، والشهيد الثاني<ref> تمهيد القواعد : 205.</ref> من الإمامية.
وهو رأي أصحاب الشافعي<ref> انظر : المعتمد 1 : 245، التبصرة : 172، اللمع : 98، المستصفى 2 : 78، المنخول : 160، المحصول 1 : 413، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.</ref>، والمالكية<ref> انظر : إحكام الفصول : 277، شرح تنقيح الفصول : 249.</ref>، وأكثر الحنبلية<ref> المسوّدة : 140، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 920، القواعد والفوائد الأصولية : 336.</ref>، والشيخ الطوسي<ref> العُدّة في أصول الفقه 1 : 321.</ref>، والشهيد الثاني<ref> تمهيد القواعد : 205.</ref> من الإمامية.
واستدلّ له بعدّة أدلة:
واستدلّ له بعدّة أدلة:
سطر ١٣٨: سطر ١٣٨:
وأجيب عن القياس على الشرط بالفرق بينهما، وذلك بأنَّ الشرط قد يتقدَّم كما يتأخَّر. <ref> إرشاد الفحول 1 : 497 وانظر : شرح تنقيح الفصول : 250.</ref>
وأجيب عن القياس على الشرط بالفرق بينهما، وذلك بأنَّ الشرط قد يتقدَّم كما يتأخَّر. <ref> إرشاد الفحول 1 : 497 وانظر : شرح تنقيح الفصول : 250.</ref>


=====القول الثاني: الرجوع إلى الجملة الأخيرة=====
=======القول الثاني: الرجوع إلى الجملة الأخيرة=======
وهو مذهب أصحاب [[أبي حنيفة]] <ref> نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، والواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 488، والإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.</ref>، إلاَّ في استثناء المشيئة، فقد أرجعوه إلى الكلّ<ref> نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، 248 والمنخول : 160 ـ 161، والمسوّدة : 140.</ref>، وكذا [[العلاّمة الحلّي]] في مبادئ الوصول<ref> مبادئ الوصول : 136.</ref>، لكنَّه ذهب إلى التفصيل في تهذيب الوصول. <ref> تهذيب الوصول : 141.</ref>
وهو مذهب أصحاب [[أبي حنيفة]] <ref> نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، والواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 488، والإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.</ref>، إلاَّ في استثناء المشيئة، فقد أرجعوه إلى الكلّ<ref> نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، 248 والمنخول : 160 ـ 161، والمسوّدة : 140.</ref>، وكذا [[العلاّمة الحلّي]] في مبادئ الوصول<ref> مبادئ الوصول : 136.</ref>، لكنَّه ذهب إلى التفصيل في تهذيب الوصول. <ref> تهذيب الوصول : 141.</ref>
واستدلّ له بعدّة أدلة:
واستدلّ له بعدّة أدلة:
سطر ١٤٨: سطر ١٤٨:
ورُدَّ الدليل الثالث بأنَّ العطف بالواو يوجب نوعا من الاتّحاد بين المعطوف والمعطوف عليه، فتصير الجمل كالجملة الواحدة التي لا فصل بين أجزائها. <ref> انظر : روضة الناظر : 135، البلبل في أصول الفقه : 68، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 258.</ref>
ورُدَّ الدليل الثالث بأنَّ العطف بالواو يوجب نوعا من الاتّحاد بين المعطوف والمعطوف عليه، فتصير الجمل كالجملة الواحدة التي لا فصل بين أجزائها. <ref> انظر : روضة الناظر : 135، البلبل في أصول الفقه : 68، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 258.</ref>


=====القول الثالث: الاشتراك=====
=======القول الثالث: الاشتراك=======
أي أنَّ الاستثناء إذا تعقَّب جملاً، وصحَّ رجوعه إلى كلِّ واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل، كما قال الشافعي، وتجويز رجوعه إلى ما يليه، على ما قال أبو حنيفة، وألاَّ يقطع على ذلك إلاَّ بدليل منفصل أو عادة أو أمارة، وهو للسيّد المرتضى<ref> الذريعة 1 : 249.</ref>، وقد فُسِّرَ رأيه بالقول: إنَّه يرجع إلى ما يليه قطعا، ويجوز مع ذلك رجوعه إلى ما تقدَّمها من الجمل، ويقف ذلك على البيان. <ref> العُدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 321، وانظر: معارج الأصول: 94.</ref>
أي أنَّ الاستثناء إذا تعقَّب جملاً، وصحَّ رجوعه إلى كلِّ واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل، كما قال الشافعي، وتجويز رجوعه إلى ما يليه، على ما قال أبو حنيفة، وألاَّ يقطع على ذلك إلاَّ بدليل منفصل أو عادة أو أمارة، وهو للسيّد المرتضى<ref> الذريعة 1 : 249.</ref>، وقد فُسِّرَ رأيه بالقول: إنَّه يرجع إلى ما يليه قطعا، ويجوز مع ذلك رجوعه إلى ما تقدَّمها من الجمل، ويقف ذلك على البيان. <ref> العُدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 321، وانظر: معارج الأصول: 94.</ref>
ويقرب من هذا المعنى ما ذهب إليه الشيخ جمال الدين، إذ قال: «إنَّ اللفظ محتمل لكلٍّ من الأمرين، لايتعيَّن لأحدهما إلاَّ بالقرينة. وليس ذلك لعدم العلم بما هو حقيقة فيه، كمذهب الوقف<ref> عُدَّ التوقّف وعدم إبداء الرأي في هذا الموضوع مذهبا ورأيا، وذهب إليه الغزالي في المنخول : 161، وكذلك القاضي أبي بكر وجماعة من الشافعية، انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 506.</ref>، ولا لكونه مشتركا بينهما مطلقا، كما يقوله المرتضى وإن كنّا في المعنى موافقين له».<ref> معالم الدين : 122.</ref>
ويقرب من هذا المعنى ما ذهب إليه الشيخ جمال الدين، إذ قال: «إنَّ اللفظ محتمل لكلٍّ من الأمرين، لايتعيَّن لأحدهما إلاَّ بالقرينة. وليس ذلك لعدم العلم بما هو حقيقة فيه، كمذهب الوقف<ref> عُدَّ التوقّف وعدم إبداء الرأي في هذا الموضوع مذهبا ورأيا، وذهب إليه الغزالي في المنخول : 161، وكذلك القاضي أبي بكر وجماعة من الشافعية، انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 506.</ref>، ولا لكونه مشتركا بينهما مطلقا، كما يقوله المرتضى وإن كنّا في المعنى موافقين له».<ref> معالم الدين : 122.</ref>
سطر ١٦٢: سطر ١٦٢:
وأجيب عن الدليل الرابع بأنَّا لا نسلّم صحّة ما ذكره في الحال والظرف، بل هو عائد إلى الكلّ أو ما يليه على اختلاف المذهبين، وإن سُلِّم ذلك، غير أنَّه آئل إلى القياس في اللغة، وهو باطل. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 512.</ref>
وأجيب عن الدليل الرابع بأنَّا لا نسلّم صحّة ما ذكره في الحال والظرف، بل هو عائد إلى الكلّ أو ما يليه على اختلاف المذهبين، وإن سُلِّم ذلك، غير أنَّه آئل إلى القياس في اللغة، وهو باطل. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 512.</ref>


=====القول الرابع: التفصيل=====
=======القول الرابع: التفصيل=======
وقد تعدّدت المذاهب في التفصيل، فبعض قال: إن كان الشروع في الجملة الثانية إضرابا عن الأولى، ولايضمر فيها شيء ما في الأولى، فالاستثناء مختصّ بالجملة الأخيرة، وإن لم تكن الجملة الأخيرة مضربة عن الأولى بل لها نوع تعلّق، فالاستثناء راجع إلى الكلّ. وهو رأي القاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري وجماعة من المعتزلة. <ref> انظر : المعتمد 1 : 264، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504 ـ 505، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 261.</ref>
وقد تعدّدت المذاهب في التفصيل، فبعض قال: إن كان الشروع في الجملة الثانية إضرابا عن الأولى، ولايضمر فيها شيء ما في الأولى، فالاستثناء مختصّ بالجملة الأخيرة، وإن لم تكن الجملة الأخيرة مضربة عن الأولى بل لها نوع تعلّق، فالاستثناء راجع إلى الكلّ. وهو رأي القاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري وجماعة من المعتزلة. <ref> انظر : المعتمد 1 : 264، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504 ـ 505، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 261.</ref>
كما فصَّل العلاّمة الحلّي، وذهب إلى اعتماد القرينة على الأمرين<ref> تهذيب الوصول : 141.</ref>: «وهو ليس بجيد؛ لأنَّ فرض وجود القرينة يخرج عن محلّ النزاع؛ إذ هو فيما عرا عنها».<ref> معالم الدين : 122.</ref>
كما فصَّل العلاّمة الحلّي، وذهب إلى اعتماد القرينة على الأمرين<ref> تهذيب الوصول : 141.</ref>: «وهو ليس بجيد؛ لأنَّ فرض وجود القرينة يخرج عن محلّ النزاع؛ إذ هو فيما عرا عنها».<ref> معالم الدين : 122.</ref>
سطر ١٦٩: سطر ١٦٩:
وإن كان من قبيل الثاني، فهو ظاهر في الرجوع إلى الأخيرة؛ باعتبار استقلال الموضوعات، ويحتاج تخصيص الجمل السابقة إلى دليل آخر مفقود في الفرض، فيتمسَّك بأصالة عمومها. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، الكاشف عن المحصول 4 : 458 ـ 459.</ref>
وإن كان من قبيل الثاني، فهو ظاهر في الرجوع إلى الأخيرة؛ باعتبار استقلال الموضوعات، ويحتاج تخصيص الجمل السابقة إلى دليل آخر مفقود في الفرض، فيتمسَّك بأصالة عمومها. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، الكاشف عن المحصول 4 : 458 ـ 459.</ref>


====ثمرة الخلاف====
=====ثمرة الخلاف=====
تظهر ثمرة الخلاف في رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل أو الأخيرة في مثل قوله تعالى: '''«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا»'''<ref> النور : 4ـ5.</ref>، فإنَّه يحتمل أن يكون هذا الاستثناء من الحكم الأخير فقط، وهو فسق هؤلاء، وتبقى الجمل الأخرى على عمومها وتجري فيها أصالة العموم.
تظهر ثمرة الخلاف في رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل أو الأخيرة في مثل قوله تعالى: '''«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا»'''<ref> النور : 4ـ5.</ref>، فإنَّه يحتمل أن يكون هذا الاستثناء من الحكم الأخير فقط، وهو فسق هؤلاء، وتبقى الجمل الأخرى على عمومها وتجري فيها أصالة العموم.
ويحتمل أن يكون استثناء منه ومن الحكم بعدم قبول شهادتهم والحكم بجلدهم الثمانين. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، وانظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 141، أصول الفقه (الخضري بك) : 180، أصول الفقه (محمد أبو النور) 1 ـ 2 : 468 ـ 469.</ref>
ويحتمل أن يكون استثناء منه ومن الحكم بعدم قبول شهادتهم والحكم بجلدهم الثمانين. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، وانظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 141، أصول الفقه (الخضري بك) : 180، أصول الفقه (محمد أبو النور) 1 ـ 2 : 468 ـ 469.</ref>
سطر ١٨٥: سطر ١٨٥:
ورُدَّ كذلك بأنَّه إن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع الشرعي، فلا بدَّ من اعتبار تمام ما اشترط الشرع في النكاح والصلاة.
ورُدَّ كذلك بأنَّه إن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع الشرعي، فلا بدَّ من اعتبار تمام ما اشترط الشرع في النكاح والصلاة.
وإن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع اللغوي، فدخول الباء في المستثنى قد أفاد معنى غير المعنى الذي مع عدمها، فإنَّ دخولها ليس بمخرج ممَّا قبله؛ لأنَّا لم نقل: لا نكاح إلاَّ الولي، ولا صلاة إلاَّ الطهور، بل قلنا: (إلاَّ بولي) و(إلاَّ بطهور)، فلابدَّ من تقدير متعلّق هو المستثنى منه، فيكون التقدير: لا نكاح يثبت بوجه الاَّ مقترنا بولي، أو نحو ذلك من التقديرات. <ref> إرشاد الفحول 1 : 494.</ref>
وإن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع اللغوي، فدخول الباء في المستثنى قد أفاد معنى غير المعنى الذي مع عدمها، فإنَّ دخولها ليس بمخرج ممَّا قبله؛ لأنَّا لم نقل: لا نكاح إلاَّ الولي، ولا صلاة إلاَّ الطهور، بل قلنا: (إلاَّ بولي) و(إلاَّ بطهور)، فلابدَّ من تقدير متعلّق هو المستثنى منه، فيكون التقدير: لا نكاح يثبت بوجه الاَّ مقترنا بولي، أو نحو ذلك من التقديرات. <ref> إرشاد الفحول 1 : 494.</ref>
===5 ـ تعدّد الاستثناءات===
يصحُّ تعدُّد الاستثناء أو الاستثناء من الاستثناء بدليل قوله تعالى: '''«إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ»'''<ref> الحجر : 59ـ60.</ref> وإن حكي عن بعض أهل العربية منعه. <ref> انظر : البحر المحيط 3 : 304.</ref>
فإذا تعدَّد الاستثناء، وكان التعدّد بحرف عطف، كان الجميع راجعا إلى المستثنى منه. وإن كان بغيره فكذلك إن كان الثاني أكثر من الأوَّل أو مساويا له ، وإلاَّ عاد إلى الأوَّل ؛ لقربه. <ref> مبادئ الوصول : 134 ـ 135 وانظر : الحاصل من المحصول 2 : 343، شرح تنقيح الفصول : 254، الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 152 ـ 153.</ref>
مثال الأوَّل: «عليَّ عشرة إلاَّ أربعة وإلاَّ ثلاثة وإلاَّ اثنين»، ويلزمه هنا واحد فقط.
ومثال الثاني: «عليَّ عشرة إلاَّ ثلاثة إلاَّ أربعة» فيلزمه ثلاثة، أو «عليَّ عشرة إلاَّ ثلاثة إلاَّ ثلاثة»، فيلزمه أربعة<ref> شرح تنقيح الفصول : 254.</ref>، وقيل في الأخير: سبعة، باعتبار أنَّ الثاني مؤكّد للأوّل. <ref> انظر: تمهيد القواعد: 204، أصول الفقه محمد أبوالنور 1 ـ 2: 463.</ref>
ومثال الثالث: وهو كون الاستثناء الثاني أقل: «عليَّ عشرة إلاَّ خمسة إلاَّ أربعة إلاَّ ثلاثة»؛ فإنَّ كلَّ استثناء يعود إلى سابقه، ويلزمه في هذه الحالة ستة فقط؛ لأنَّ الثلاثة تخرج من الأربعة، فيبقى واحد يخرج من الخمسة، فيبقى أربعة تخرج من العشرة، فيبقى ستة. <ref> انظر : شرح الجلال المحلّي 2 : 25، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 185.</ref>
===6 ـ مفهوم الاستثناء===
من أهمّ النقاشات التي تطرح في بحث الاستثناء هو ما إذا كان للجملة التي تتضمّنه مفهوم، أم لا؟ وقد اختلف فيها الأصوليون كأكثر موارد المفاهيم. <ref> فوائد الأصول 1 ـ 2 : 505، تحريرات في الأصول 5 : 165 ـ 166، زبدة الأصول الروحاني 2 : 283 ـ 284.</ref>


==المصادر==
==المصادر==


[[تصنيف: دلالة الاستثناء]][[تصنيف: المصطلحات الأصولية]]
[[تصنيف: دلالة الاستثناء]][[تصنيف: المصطلحات الأصولية]]
[[تصنيف: علم الأصول]]
[[تصنيف: علم الأصول]]