الفرق بين المراجعتين لصفحة: «استعمال اللفظ في المعنی»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢٢: سطر ٢٢:


==4 ـ استعمال اللفظ في لسان الشارع==
==4 ـ استعمال اللفظ في لسان الشارع==
إنّ ما يبحث في الأصول عن الحقيقة الشرعية يرجع في الحقيقة إلى كيفية استعمال تلك الألفاظ في لسان الشارع، بمعنى أنّ الالفاظ المستعملة في الكتاب والسنّة ـ سواء أكانت في العبادات أو المعاملات ـ هل هي مستعملة في معانيها اللغوية ولم يحدث الشارع فيها أيّ تغيير، أو هي مستعملة في المعاني المستحدثة بالوضع الثانوي الصريح، أو الحاصل بنفس الاستعمال؟<ref> ذهب المعتزلة وبعض آخر إلى الثاني، والقاضي أبو بكر وابن الحاجب إلى الأول. انظر : المحصول الرازي 1 : 119 ـ 120، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 33 ـ 34، البحر المحيط 1 : 158 ـ 160، التحبير شرح التحرير 2 : 492 ـ 493.</ref>
إنّ ما يبحث في الأصول عن الحقيقة الشرعية يرجع في الحقيقة إلى كيفية استعمال تلك الألفاظ في لسان الشارع، بمعنى أنّ الالفاظ المستعملة في [[الكتاب والسنّة]] ـ سواء أكانت في العبادات أو المعاملات ـ هل هي مستعملة في معانيها اللغوية ولم يحدث الشارع فيها أيّ تغيير، أو هي مستعملة في المعاني المستحدثة بالوضع الثانوي الصريح، أو الحاصل بنفس الاستعمال؟<ref> ذهب المعتزلة وبعض آخر إلى الثاني، والقاضي أبو بكر وابن الحاجب إلى الأول. انظر : المحصول الرازي 1 : 119 ـ 120، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 33 ـ 34، البحر المحيط 1 : 158 ـ 160، التحبير شرح التحرير 2 : 492 ـ 493.</ref>
<br>فيحمل الألفاظ المستعملة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها الشرعية على القول الثاني إن علم بتأخر الاستعمال عنه، وإلاّ فعلى معانيها اللغوية. <ref> معالم الدين : 34 ـ 35، كفاية الأصول : 21 ـ 22، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 185.</ref>
<br>فيحمل الألفاظ المستعملة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها الشرعية على القول الثاني إن علم بتأخر الاستعمال عنه، وإلاّ فعلى معانيها اللغوية. <ref> معالم الدين : 34 ـ 35، كفاية الأصول : 21 ـ 22، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 185.</ref>
إلاّ أنّ عدة من الأصوليين<ref> أجود التقريرات 1 : 48، مناهج الوصول 1 : 138، محاضرات في أصول الفقه 1 : 126.</ref> أنكروا الثمرة، فذهبوا إلى أنّ الاستعمالات الواردة في مصادرنا الفقهيّة هي هذه المعاني المتداولة لدينا.
إلاّ أنّ عدة من الأصوليين<ref> أجود التقريرات 1 : 48، مناهج الوصول 1 : 138، محاضرات في أصول الفقه 1 : 126.</ref> أنكروا الثمرة، فذهبوا إلى أنّ الاستعمالات الواردة في مصادرنا الفقهيّة هي هذه المعاني المتداولة لدينا.
سطر ٢٩: سطر ٢٩:


==5 ـ استعمال اللفظ المشترك في القرآن==
==5 ـ استعمال اللفظ المشترك في القرآن==
ذهب جماعة من الأصوليين<ref> البحر المحيط 2 : 122 ـ 123، معالم الدين : 38، كفاية الأصول : 35، أجود التقريرات 1 : 76، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 102، مناهج الوصول 1 : 177، أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 399.</ref> إلى إمكان الاشتراك اللفطي ووقوعه في الجملة في لغة العرب وغيرها، ولكن قد يتوهم<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 110 ـ 111، الفصول الغروية : 31.</ref> عدم إمكان استعماله في القرآن الكريم؛ نظرا إلى أنّ اللّه‏ تعالى إمّا يعتمد في بيان المراد منه على القرائن الدالة عليه، فيلزم التطويل بلا طائل، وإمّا أن لايعتمد على شيء في ذلك، فيلزم الإهمال والإجمال، وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى.
ذهب جماعة من الأصوليين<ref> البحر المحيط 2 : 122 ـ 123، معالم الدين : 38، كفاية الأصول : 35، أجود التقريرات 1 : 76، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 102، مناهج الوصول 1 : 177، أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 399.</ref> إلى إمكان الاشتراك اللفطي ووقوعه في الجملة في لغة العرب وغيرها، ولكن قد يتوهم<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 110 ـ 111، الفصول الغروية : 31.</ref> عدم إمكان استعماله في القرآن الكريم؛ نظرا إلى أنّ اللّه‏ تعالى إمّا يعتمد في بيان المراد منه على القرائن الدالة عليه، فيلزم التطويل بلا طائل، وإمّا أن لايعتمد على شيء في ذلك، فيلزم الإهمال و [[الإجمال]]، وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى.
وأجاب غير واحد من الأصوليين عنه قائلاً بجواز ذلك. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 22، الفصول الغروية : 31، كفاية الأصول : 35، محاضرات في أصول الفقه 1 : 203 ـ 204، أصول الفقه (أبو زهرة) : 156.</ref>
وأجاب غير واحد من الأصوليين عنه قائلاً بجواز ذلك. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 22، الفصول الغروية : 31، كفاية الأصول : 35، محاضرات في أصول الفقه 1 : 203 ـ 204، أصول الفقه (أبو زهرة) : 156.</ref>


سطر ٤٥: سطر ٤٥:


=====الأول: ما يرجع إلى القصد والامتناع عقلاً=====
=====الأول: ما يرجع إلى القصد والامتناع عقلاً=====
استدلّ المانعون في امتناعه عقلاً بما تقدم منهم في حقيقة الاستعمال<ref> انظر : كفاية الأصول : 36، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108.</ref>، بناءً على فناء اللفظ في المعنى، وإن اختلف بيانهم وتقريبهم لذلك.
استدلّ المانعون في امتناعه عقلاً بما تقدم منهم في [[حقيقة الاستعمال]]<ref> انظر : كفاية الأصول : 36، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108.</ref>، بناءً على فناء اللفظ في المعنى، وإن اختلف بيانهم وتقريبهم لذلك.
<br>1 ـ إنّ حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة على إرادة المعنى ليصحّ جعل اللفظ الواحد علامة لشيئين، بل هي جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى، بحيث يفنى اللفظ في المعنى، ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ، فمع فناء اللفظ في أحد المعنيين فأي وجود يبقى له لكي يفرض فناؤه في المعنى الآخر؟! فيمتنع حينئذٍ استعمال اللفظ الواحد في المعنيين عقلاً، كما أفاده المحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref> وغيره<ref> مقالات الأصول 1 : 162، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 151 ـ 152.</ref>، كما أشير إليه في بعض تصانيف الأصوليين من علماء الجمهور<ref> أصول السرخسي 1 : 173، لكنه استدلّ به في الجمع بين الحقيقة والمجاز. وانظر : أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 398.</ref>، فقد ذكر في وجه المنع التمثيل بالكسوة، فكما أنّ الكسوة الواحدة لايكتسيها شخصان في زمان واحد، فكذلك استعمال المشترك اللفظي في المعنيين.
<br>1 ـ إنّ حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة على إرادة المعنى ليصحّ جعل اللفظ الواحد علامة لشيئين، بل هي جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى، بحيث يفنى اللفظ في المعنى، ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ، فمع فناء اللفظ في أحد المعنيين فأي وجود يبقى له لكي يفرض فناؤه في المعنى الآخر؟! فيمتنع حينئذٍ [[استعمال اللفظ الواحد في المعنيين]] عقلاً، كما أفاده المحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref> وغيره<ref> مقالات الأصول 1 : 162، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 151 ـ 152.</ref>، كما أشير إليه في بعض تصانيف الأصوليين من علماء الجمهور<ref> أصول السرخسي 1 : 173، لكنه استدلّ به في الجمع بين الحقيقة والمجاز. وانظر : أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 398.</ref>، فقد ذكر في وجه المنع التمثيل بالكسوة، فكما أنّ الكسوة الواحدة لايكتسيها شخصان في زمان واحد، فكذلك استعمال المشترك اللفظي في المعنيين.
ونوقش فيه، بأنّه إن أريد من فناء اللفظ في المعنى فناؤه بحسب وجوده الواقعي، بحيث لايبقى واقعا إلاّ شيئية المعنى فتزول فعلية اللفظ، وهو أمر غير معقول؛ لأنّ للفظ فعلية، وما كان كذلك لايمكن فناؤه في شيء؛ وإن أريد منه أنّ اللفظ قالب للمعنى وفانٍ فيه وأنّه مرآة وعنوان للمعنى إلى غير ذلك، بحيث يكون الغرض الذاتي هو المعنى، فلا دليل على امتناع كون شيء واحد قالبا للشيئين، بحيث يتعلق الغرض الذاتي بمعنيين. <ref> مناهج الوصول الخميني 1 : 184، تهذيب الأصول 1 : 96، وكذا نوقش فيه في درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 55 ـ 56، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 141 ـ 142 و151 ـ 152.</ref>. وهذا هو المراد من العلامية في حقيقة الاستعمال.
ونوقش فيه، بأنّه إن أريد من فناء اللفظ في المعنى فناؤه بحسب وجوده الواقعي، بحيث لايبقى واقعا إلاّ شيئية المعنى فتزول فعلية اللفظ، وهو أمر غير معقول؛ لأنّ للفظ فعلية، وما كان كذلك لايمكن فناؤه في شيء؛ وإن أريد منه أنّ اللفظ قالب للمعنى وفانٍ فيه وأنّه مرآة وعنوان للمعنى إلى غير ذلك، بحيث يكون الغرض الذاتي هو المعنى، فلا دليل على امتناع كون شيء واحد قالبا للشيئين، بحيث يتعلق الغرض الذاتي بمعنيين. <ref> مناهج الوصول الخميني 1 : 184، تهذيب الأصول 1 : 96، وكذا نوقش فيه في درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 55 ـ 56، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 141 ـ 142 و151 ـ 152.</ref>. وهذا هو المراد من العلامية في حقيقة الاستعمال.
<br>2 ـ إنّ الاستعمال هو إيجاد المعنى البسيط العقلائي في الخارج<ref> أجود التقريرات 1 : 44.</ref>؛ فانّ الملحوظ أولاً وبالذات هو المعنى، واللفظ ملحوظ بتبعه، ولازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين؛ إذ بدونه يفقد الاستعمال أهمّ مقدماته وهو اللحاظ والاستعمال في أكثر من معنى يستدعي الجمع بين لحاظين في آنٍ واحد، وهو ممتنع عقلاً، كما أفاده المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76، وانظر : بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 150.</ref>، ويومي إليه ما في بعض كتب الأصوليين من علماء الجمهور. <ref> انظر : فواتح الرحموت 1 : 201، حيث قال : يلزم حين الاستعمال اللفظ في المعنيين توجّه الذهن في آنٍ واحدٍ إلى النسبتين الملحوظتين تفصيلاً، إذ المقتضى هو الوضع والاستعمال موجود فيهما ولا مرجّح لأحدهما على الآخر، فيفهمان معا، وتوجّه الذهن في آنٍ واحدٍ محال.</ref>
<br>2 ـ إنّ الاستعمال هو إيجاد المعنى البسيط العقلائي في الخارج<ref> أجود التقريرات 1 : 44.</ref>؛ فانّ الملحوظ أولاً وبالذات هو المعنى، واللفظ ملحوظ بتبعه، ولازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين؛ إذ بدونه يفقد الاستعمال أهمّ مقدماته وهو اللحاظ والاستعمال في أكثر من معنى يستدعي الجمع بين لحاظين في آنٍ واحد، وهو ممتنع عقلاً، كما أفاده المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76، وانظر : بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 150.</ref>، ويومي إليه ما في بعض كتب الأصوليين من علماء الجمهور. <ref> انظر : فواتح الرحموت 1 : 201، حيث قال : يلزم حين الاستعمال اللفظ في المعنيين توجّه الذهن في آنٍ واحدٍ إلى النسبتين الملحوظتين تفصيلاً، إذ المقتضى هو الوضع والاستعمال موجود فيهما ولا مرجّح لأحدهما على الآخر، فيفهمان معا، وتوجّه الذهن في آنٍ واحدٍ محال.</ref>
سطر ٥٥: سطر ٥٥:


=====الثاني: ما يرجع إلى الوضع والاستعمال=====
=====الثاني: ما يرجع إلى الوضع والاستعمال=====
إنّ اللفظ المشترك إنّما وضع من قِبل أهل اللغة لأحد المعاني على انفراد، فكلّ معنى له وضع غير ما وضع له الآخر، فلا يجوز إرادة جميع المعاني<ref> ميزان الأصول 1 : 498.</ref>؛ لمخالفته لأصل الوضع من اعتبار الوحدة في الموضوع له، ولو أطلق على المجموع يكون إطلاقا جديدا غير الوضع الأصلي. <ref> المحصول الرازي 1 : 102، أصول الفقه (أبو زهرة) : 157.</ref>
إنّ اللفظ المشترك إنّما وضع من قِبل [[أهل اللغة]] لأحد المعاني على انفراد، فكلّ معنى له وضع غير ما وضع له الآخر، فلا يجوز إرادة جميع المعاني<ref> ميزان الأصول 1 : 498.</ref>؛ لمخالفته لأصل الوضع من اعتبار الوحدة في الموضوع له، ولو أطلق على المجموع يكون إطلاقا جديدا غير الوضع الأصلي. <ref> المحصول الرازي 1 : 102، أصول الفقه (أبو زهرة) : 157.</ref>
وأمّا لو قلنا بوضع اللفظ المشترك على المجموع بعد وضعه للمعنيين على نحو البدل، فإن استعمل اللفظ لإفادة المجموع وحده لم يكن اللفظ مفيدا إلاّ لأحد مفاهيمه، لا جميع المعاني التي هي محلّ النزاع، حيث إنّ الواضع إن كان قد وضعه بإزاء المجموع ولكن المعاني على البدل، فاستعمال اللفظ في المجموع وحده لايكون استعمالاً للفظ في جميع مفاهيمه ليكون محلاًّ للنزاع.
وأمّا لو قلنا بوضع اللفظ المشترك على المجموع بعد وضعه للمعنيين على نحو البدل، فإن استعمل اللفظ لإفادة المجموع وحده لم يكن اللفظ مفيدا إلاّ لأحد مفاهيمه، لا جميع المعاني التي هي محلّ النزاع، حيث إنّ الواضع إن كان قد وضعه بإزاء المجموع ولكن المعاني على البدل، فاستعمال اللفظ في المجموع وحده لايكون استعمالاً للفظ في جميع مفاهيمه ليكون محلاًّ للنزاع.
وأمّا لو استعمل في إفادة المجموع والأفراد معا، فهو محال؛ لأنّ إفادة المجموع معناها أنّ الاكتفاء لايحصل إلاّ به، وإفادته للمفرد معناها إنّه يحصل الاكتفاء بكلّ واحد منها، وهو جمع بين النقيضين، وهو محال، فلا يكون اللفظ المشترك من حيث هو مشترك ممكن الاستعمال في إفادة مفاهيمه في الجملة. <ref> المحصول الرازي 1 : 102 ـ 103. وانظر : الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 454.</ref>
وأمّا لو استعمل في إفادة المجموع والأفراد معا، فهو محال؛ لأنّ إفادة المجموع معناها أنّ الاكتفاء لايحصل إلاّ به، وإفادته للمفرد معناها إنّه يحصل الاكتفاء بكلّ واحد منها، وهو جمع بين النقيضين، وهو محال، فلا يكون اللفظ المشترك من حيث هو مشترك ممكن الاستعمال في إفادة مفاهيمه في الجملة. <ref> المحصول الرازي 1 : 102 ـ 103. وانظر : الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 454.</ref>
سطر ٦٨: سطر ٦٨:


=====الأول: ما يرجع إلى رفع استحالته عقلاً=====
=====الأول: ما يرجع إلى رفع استحالته عقلاً=====
ظهر ممّا تقدم أنّ الوجوه الدالة على استحالته عقلاً مبنية على مسلك الفناء في حقيقة الاستعمال، ومن البديهي أنّ من أنكر هذا المسلك وقال بمسلك العلامية، لايرى مانعا من استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد، على ما صرّح به القائلون بمسلك الفناء كالمحقّق الخراساني وغيره.
ظهر ممّا تقدم أنّ الوجوه الدالة على استحالته عقلاً مبنية على مسلك الفناء في [[حقيقة الاستعمال]]، ومن البديهي أنّ من أنكر هذا المسلك وقال بمسلك العلامية، لايرى مانعا من استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد، على ما صرّح به القائلون بمسلك الفناء كالمحقّق الخراساني وغيره.
فعمدة استناد المجوّزين رفع استحالته عقلاً، تمسّكا بمسلك العلامية، حيث لا مانع من كون شيء علامة للمعنيين<ref> مناهج الوصول 1 : 184. لكنه التزم به وإن كان المسلك في حقيقة الوضع هو مسلك الجعل.</ref>، كما صرّح بذلك السيد الخوئي، وذهب إلى جوازه بناءً على مسلك التعهّد في حقيقة الوضع؛ لأنّ الاستعمال ليس إلاّ فعلية ذلك التعهّد وجعل علامة لإبراز ما قصد المتكلم تفهيمه، ولا مانع حينئذٍ من جعله علامة لإرادة المعنيين المستقلين، فاللفظ على هذا المسلك ليس إلاّ علامة لإبراز ما في أفق النفس، حيث قد يكون معنىً واحدا، فاللفظ علامة لإبرازه.
فعمدة استناد المجوّزين رفع استحالته عقلاً، تمسّكا بمسلك العلامية، حيث لا مانع من كون شيء علامة للمعنيين<ref> مناهج الوصول 1 : 184. لكنه التزم به وإن كان المسلك في حقيقة الوضع هو مسلك الجعل.</ref>، كما صرّح بذلك السيد الخوئي، وذهب إلى جوازه بناءً على مسلك التعهّد في حقيقة الوضع؛ لأنّ الاستعمال ليس إلاّ فعلية ذلك التعهّد وجعل علامة لإبراز ما قصد المتكلم تفهيمه، ولا مانع حينئذٍ من جعله علامة لإرادة المعنيين المستقلين، فاللفظ على هذا المسلك ليس إلاّ علامة لإبراز ما في أفق النفس، حيث قد يكون معنىً واحدا، فاللفظ علامة لإبرازه.
وقد يكون المعنيان على النحو المجموعي أو على نحو البدل، وقد يكونان مستقلين، فلا مانع من جعل اللفظ علامة على الجميع، وحينئذٍ فالوضع لايقتضي إلاّ التكلم بلفظ خاص عند قصد المتكلم تفهيم معنى مخصوص في أفق النفس وجعله علامة لإبرازه خارجا.
وقد يكون المعنيان على النحو المجموعي أو على نحو البدل، وقد يكونان مستقلين، فلا مانع من جعل اللفظ علامة على الجميع، وحينئذٍ فالوضع لايقتضي إلاّ التكلم بلفظ خاص عند قصد المتكلم تفهيم معنى مخصوص في أفق النفس وجعله علامة لإبرازه خارجا.
سطر ١٠٢: سطر ١٠٢:
<br>أولاً: إنّ الحقيقة والمجاز وصفان متقابلان، والاستعمال الواحد لايتصف بوصفين متقابلين؛ لاستحالة الجمع بين المتقابلين.
<br>أولاً: إنّ الحقيقة والمجاز وصفان متقابلان، والاستعمال الواحد لايتصف بوصفين متقابلين؛ لاستحالة الجمع بين المتقابلين.
ولكن أجيب عنه: بإمكان الاجتماع باختلاف الجهة والحيثية، فإنّ اللفظ من حيث إفادته المعنى الموضوع له مطابق للوضع يصير حقيقة، ومن حيث إفادته المعنى غير الموضوع له يصير مجازا. <ref> نهاية الدراية 1 : 161.</ref>
ولكن أجيب عنه: بإمكان الاجتماع باختلاف الجهة والحيثية، فإنّ اللفظ من حيث إفادته المعنى الموضوع له مطابق للوضع يصير حقيقة، ومن حيث إفادته المعنى غير الموضوع له يصير مجازا. <ref> نهاية الدراية 1 : 161.</ref>
<br>وثانيا: إنّ المعنى المجازي يحتاج إلى القرينة الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي، وهي مانعة عن إرادته ولاتجتمع معها.
<br>وثانيا: إنّ المعنى المجازي يحتاج إلى [[القرينة الصارفة]] عن إرادة المعنى الحقيقي، وهي مانعة عن إرادته ولاتجتمع معها.
وأجيب عنه: بأنّ هذا إنما يتمّ فيما إذ أراد المتكلم خصوص المعنى المجازي، وأمّا إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معا على نحو المجموع أو الجميع، فذلك بحاجة إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي، لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدلّ على ذلك. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 210.</ref>
وأجيب عنه: بأنّ هذا إنما يتمّ فيما إذ أراد المتكلم خصوص المعنى المجازي، وأمّا إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معا على نحو المجموع أو الجميع، فذلك بحاجة إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي، لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدلّ على ذلك. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 210.</ref>
<br>ولذا ذهب أكثر الأصوليين إلى عدم الفرق بين المعنيين الحقيقيين وبين المعنى الحقيقي والمجازي إمكانا وامتناعا، ومنعا وجوازا. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454، القوانين المحكمة : 29، الفصول الغروية : 54، نهاية الدراية 1 : 161، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>. فيجري فيه ما تقدم من الأقوال في الجمع بين المعنيين الحقيقيين.
<br>ولذا ذهب أكثر الأصوليين إلى عدم الفرق بين المعنيين الحقيقيين وبين [[المعنى الحقيقي والمجازي]] إمكانا وامتناعا، ومنعا وجوازا. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454، القوانين المحكمة : 29، الفصول الغروية : 54، نهاية الدراية 1 : 161، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>. فيجري فيه ما تقدم من الأقوال في الجمع بين المعنيين الحقيقيين.
هذا كلّه في استعمال المفرد في أكثر من معنى  واحد.
هذا كلّه في استعمال المفرد في أكثر من معنى  واحد.


confirmed
١٬٦٣٠

تعديل