confirmed
١٬٦٣٠
تعديل
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''استعمال اللفظ في المعنی:''' بمعنى إطلاق اللفظ لإفادة المعنى وتفهيمه؛ والغرض أنّ الأصوليين م...') |
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٨: | سطر ٨: | ||
قد يتحقق الوضع بتصريح من الواضع، وقد يتحقق بالاستعمال ويراد به إنشاء الوضع وإيجاده باستعمال واحد، بأن يستعمل اللفظ في معنى لم يكن موضوعا بإزائه ولا مستعملاً فيه بعلاقة المجاز بقصد تعيينه له. <ref> البحر المحيط 2 : 7، مقالات الأصول 1 : 67.</ref> | قد يتحقق الوضع بتصريح من الواضع، وقد يتحقق بالاستعمال ويراد به إنشاء الوضع وإيجاده باستعمال واحد، بأن يستعمل اللفظ في معنى لم يكن موضوعا بإزائه ولا مستعملاً فيه بعلاقة المجاز بقصد تعيينه له. <ref> البحر المحيط 2 : 7، مقالات الأصول 1 : 67.</ref> | ||
وقد يشكل تصويره ـ حسب بعض المباني في [[حقيقة الوضع]] ـ من أنّ المجعول ـ الاعتبار أو التعهّد ـ أمر نفساني ويستحيل انطباقه على نفس الاستعمال أو إيجاده به، بل لابدّ من افتراض عناية زائدة على مجرد الاستعمال، مع أنّه يلزم فيه اجتماع [[اللحاظ الآلي والاستقلالي]]<ref> بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 97، 100، 144.</ref>، وغير ذلك من الإشكالات، فيرجع ذلك إلى اختلال بعض شروط الاستعمال، ولذا ذهب بعض إلى أنّ الاستعمال لايورث الوضع. <ref> أجود التقريرات 1 : 49.</ref> | وقد يشكل تصويره ـ حسب بعض المباني في [[حقيقة الوضع]] ـ من أنّ المجعول ـ الاعتبار أو التعهّد ـ أمر نفساني ويستحيل انطباقه على نفس الاستعمال أو إيجاده به، بل لابدّ من افتراض عناية زائدة على مجرد الاستعمال، مع أنّه يلزم فيه اجتماع [[اللحاظ الآلي والاستقلالي]]<ref> بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 97، 100، 144.</ref>، وغير ذلك من الإشكالات، فيرجع ذلك إلى اختلال بعض شروط الاستعمال، ولذا ذهب بعض إلى أنّ الاستعمال لايورث الوضع. <ref> أجود التقريرات 1 : 49.</ref> | ||
وكذا ذهب الأصوليون إلى أنّ الاستعمال قد يحقّق الوضع أيضا، ولكن بشرط كثرة الاستعمال<ref> مفاتيح الأصول : 70.</ref>، ويعبّر عنه بالوضع التعيّني. | <br>وكذا ذهب الأصوليون إلى أنّ الاستعمال قد يحقّق الوضع أيضا، ولكن بشرط كثرة الاستعمال<ref> مفاتيح الأصول : 70.</ref>، ويعبّر عنه بالوضع التعيّني. | ||
==2 ـ الاستعمال الحقيقي والمجازي== | ==2 ـ الاستعمال الحقيقي والمجازي== | ||
استعمال اللفظ فيما وضع له حقيقة وفي غيره مجاز، ولا إشكال في حسن استعمال اللفظ في غير معناه الموضوع له ووقوعه في اللغة<ref>الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 26 ـ 27، التحبير شرح التحرير 1 : 382.</ref>؛ للمناسبة والعلاقة بين المعاني الحقيقية والمجازية، ويعبّر عنه بالاستعمال المجازي. | استعمال اللفظ فيما وضع له حقيقة وفي غيره مجاز، ولا إشكال في حسن استعمال اللفظ في غير معناه الموضوع له ووقوعه في اللغة<ref>الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 26 ـ 27، التحبير شرح التحرير 1 : 382.</ref>؛ للمناسبة والعلاقة بين المعاني الحقيقية والمجازية، ويعبّر عنه بالاستعمال المجازي. | ||
ولا يخفى أنّ الحقيقة والمجاز وصفان لاستعمال اللفظ، وأنّهما يتحقّقان بعد استعماله، بمعنى أنّه بعد الوضع وقبل الاستعمال لا حقيقة هنا ولا مجاز. <ref> التحبير شرح التحرير 1 : 385، مفاتيح الأصول : 31، الفصول الغروية : 29، فوائد الأصول 2 : 517.</ref> | ولا يخفى أنّ الحقيقة والمجاز وصفان لاستعمال اللفظ، وأنّهما يتحقّقان بعد استعماله، بمعنى أنّه بعد الوضع وقبل الاستعمال لا حقيقة هنا ولا مجاز. <ref> التحبير شرح التحرير 1 : 385، مفاتيح الأصول : 31، الفصول الغروية : 29، فوائد الأصول 2 : 517.</ref> | ||
قد اختلف الأصوليون ـ بناءً على ما تقدم من الشرط الخامس من شرائط الاستعمال ـ في أنّ ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وما يناسب الموضوع له هل هو حسنه طبعا أو بالوضع النوعي؟ نسب إلى المشهور الثاني<ref> ميزان الأصول 1 : 541 ـ 542، المحصول الرازي 1 : 112، محاضرات في أصول الفقه 1 : 92.</ref>، ولكن ذهب جمع من الأصوليين إلى الأول<ref> ميزان الأصول 1 : 542 ـ 543، هداية المسترشدين 1 : 198 ـ 199، الفصول الغروية : 25، درر الفوائد الحائري 1 ـ 2 : 40، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 65، 66.</ref>، منهم الخراساني<ref> كفاية الأصول : 13.</ref> وفي قبالهم ذهب بعض<ref> مفتاح العلوم : 156، مناهج الوصول 1 : 105، محاضرات في أصول الفقه 1 : 92 ـ 93.</ref> إلى أنّه لا مجال لهذه المسألة؛ لعدم استعمال لفظ المجاز في غير ما وضع له، بل استعمل في معناه الموضوع له ادّعاءً على اختلاف بينهم في تقريبه. | <br>قد اختلف الأصوليون ـ بناءً على ما تقدم من الشرط الخامس من شرائط الاستعمال ـ في أنّ ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وما يناسب الموضوع له هل هو حسنه طبعا أو بالوضع النوعي؟ نسب إلى المشهور الثاني<ref> ميزان الأصول 1 : 541 ـ 542، المحصول الرازي 1 : 112، محاضرات في أصول الفقه 1 : 92.</ref>، ولكن ذهب جمع من الأصوليين إلى الأول<ref> ميزان الأصول 1 : 542 ـ 543، هداية المسترشدين 1 : 198 ـ 199، الفصول الغروية : 25، درر الفوائد الحائري 1 ـ 2 : 40، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 65، 66.</ref>، منهم الخراساني<ref> كفاية الأصول : 13.</ref> وفي قبالهم ذهب بعض<ref> مفتاح العلوم : 156، مناهج الوصول 1 : 105، محاضرات في أصول الفقه 1 : 92 ـ 93.</ref> إلى أنّه لا مجال لهذه المسألة؛ لعدم استعمال لفظ المجاز في غير ما وضع له، بل استعمل في معناه الموضوع له ادّعاءً على اختلاف بينهم في تقريبه. | ||
وكذا صرّح غير واحد من الأصوليين بأنّ الاستعمال أعمّ من الوضع والحقيقة. <ref> معارج الأصول: 62، مفاتيح الأصول : 78، مطارح الأنظار 1: 90.</ref> | <br>وكذا صرّح غير واحد من الأصوليين بأنّ الاستعمال أعمّ من الوضع والحقيقة. <ref> معارج الأصول: 62، مفاتيح الأصول : 78، مطارح الأنظار 1: 90.</ref> | ||
==3 ـ الاطّراد بالاستعمال== | ==3 ـ الاطّراد بالاستعمال== | ||
إن استعمال لفظ خاص في معنى مخصوص في موارد مختلفة بمحمولات عديدة، مع إلغاء جميع ما يحتمل أن يكون قرينة على إرادة المجاز، كاشف عن الحقيقة. <ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 145 ـ 146، وفيه : «استدلوا بالاستعمال على الحقيقة»، وكذا ص148 ـ 149.</ref> | إن استعمال لفظ خاص في معنى مخصوص في موارد مختلفة بمحمولات عديدة، مع إلغاء جميع ما يحتمل أن يكون قرينة على إرادة المجاز، كاشف عن الحقيقة. <ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 145 ـ 146، وفيه : «استدلوا بالاستعمال على الحقيقة»، وكذا ص148 ـ 149.</ref> | ||
وهذا ما قد يعبّر عنه في علامات الحقيقة والمجاز بالاطّراد، وقد ذهب بعض<ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 124، وانظر : تحريرات في الأصول 1 : 175.</ref> إلى أنّ هذا هو السبب الوحيد لمعرفة الحقيقة غالبا، في قبال جماعة حيث انكروا علامية ذلك المعنى الحقيقي. <ref> انظر : الذريعة 1 : 10، المحصول الرازي 1 : 149، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 30، الفصول الغروية : 38، القوانين المحكمة : 10 ـ 11، كفاية الأصول : 20، مناهج الوصول 1 : 130، التحبير شرح التحرير 1 : 428.</ref> | <br>وهذا ما قد يعبّر عنه في علامات الحقيقة والمجاز بالاطّراد، وقد ذهب بعض<ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 124، وانظر : تحريرات في الأصول 1 : 175.</ref> إلى أنّ هذا هو السبب الوحيد لمعرفة الحقيقة غالبا، في قبال جماعة حيث انكروا علامية ذلك المعنى الحقيقي. <ref> انظر : الذريعة 1 : 10، المحصول الرازي 1 : 149، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 30، الفصول الغروية : 38، القوانين المحكمة : 10 ـ 11، كفاية الأصول : 20، مناهج الوصول 1 : 130، التحبير شرح التحرير 1 : 428.</ref> | ||
وقد يقرّر الاطّراد بتقاريب مختلفة من قبيل: أنّه تكرار الاستعمال في المعنى وغير ذلك. | <br>وقد يقرّر الاطّراد بتقاريب مختلفة من قبيل: أنّه تكرار الاستعمال في المعنى وغير ذلك. | ||
==4 ـ استعمال اللفظ في لسان الشارع== | ==4 ـ استعمال اللفظ في لسان الشارع== | ||
إنّ ما يبحث في الأصول عن الحقيقة الشرعية يرجع في الحقيقة إلى كيفية استعمال تلك الألفاظ في لسان الشارع، بمعنى أنّ الالفاظ المستعملة في الكتاب والسنّة ـ سواء أكانت في العبادات أو المعاملات ـ هل هي مستعملة في معانيها اللغوية ولم يحدث الشارع فيها أيّ تغيير، أو هي مستعملة في المعاني المستحدثة بالوضع الثانوي الصريح، أو الحاصل بنفس الاستعمال؟<ref> ذهب المعتزلة وبعض آخر إلى الثاني، والقاضي أبو بكر وابن الحاجب إلى الأول. انظر : المحصول الرازي 1 : 119 ـ 120، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 33 ـ 34، البحر المحيط 1 : 158 ـ 160، التحبير شرح التحرير 2 : 492 ـ 493.</ref> | إنّ ما يبحث في الأصول عن الحقيقة الشرعية يرجع في الحقيقة إلى كيفية استعمال تلك الألفاظ في لسان الشارع، بمعنى أنّ الالفاظ المستعملة في الكتاب والسنّة ـ سواء أكانت في العبادات أو المعاملات ـ هل هي مستعملة في معانيها اللغوية ولم يحدث الشارع فيها أيّ تغيير، أو هي مستعملة في المعاني المستحدثة بالوضع الثانوي الصريح، أو الحاصل بنفس الاستعمال؟<ref> ذهب المعتزلة وبعض آخر إلى الثاني، والقاضي أبو بكر وابن الحاجب إلى الأول. انظر : المحصول الرازي 1 : 119 ـ 120، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 33 ـ 34، البحر المحيط 1 : 158 ـ 160، التحبير شرح التحرير 2 : 492 ـ 493.</ref> | ||
فيحمل الألفاظ المستعملة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها الشرعية على القول الثاني إن علم بتأخر الاستعمال عنه، وإلاّ فعلى معانيها اللغوية. <ref> معالم الدين : 34 ـ 35، كفاية الأصول : 21 ـ 22، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 185.</ref> | <br>فيحمل الألفاظ المستعملة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها الشرعية على القول الثاني إن علم بتأخر الاستعمال عنه، وإلاّ فعلى معانيها اللغوية. <ref> معالم الدين : 34 ـ 35، كفاية الأصول : 21 ـ 22، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 185.</ref> | ||
إلاّ أنّ عدة من الأصوليين<ref> أجود التقريرات 1 : 48، مناهج الوصول 1 : 138، محاضرات في أصول الفقه 1 : 126.</ref> أنكروا الثمرة، فذهبوا إلى أنّ الاستعمالات الواردة في مصادرنا الفقهيّة هي هذه المعاني المتداولة لدينا. | إلاّ أنّ عدة من الأصوليين<ref> أجود التقريرات 1 : 48، مناهج الوصول 1 : 138، محاضرات في أصول الفقه 1 : 126.</ref> أنكروا الثمرة، فذهبوا إلى أنّ الاستعمالات الواردة في مصادرنا الفقهيّة هي هذه المعاني المتداولة لدينا. | ||
كذلك ما وقع من البحث بين الأصوليين في أنّ الألفاظ المستعملة في لسان الشارع هل هي أسامٍ للمعاني الصحيحة، أو للأعمّ من الصحيح والفاسد؟ يرجع إلى كيفية استعمالها في لسان الشارع. | كذلك ما وقع من البحث بين الأصوليين في أنّ الألفاظ المستعملة في لسان الشارع هل هي أسامٍ للمعاني الصحيحة، أو للأعمّ من الصحيح والفاسد؟ يرجع إلى كيفية استعمالها في لسان الشارع. | ||
فذهب عدّة إلى الصحيح<ref> هداية المسترشدين 1 : 101 ـ 105، الفصول الغروية : 46، كفاية الأصول : 23 ـ 29.</ref> وآخرون إلى الأعمّ. <ref> القوانين المحكمة : 16، درر الفوائد الحائري 1 ـ 2 : 51 ـ 52.</ref> | <br>فذهب عدّة إلى الصحيح<ref> هداية المسترشدين 1 : 101 ـ 105، الفصول الغروية : 46، كفاية الأصول : 23 ـ 29.</ref> وآخرون إلى الأعمّ. <ref> القوانين المحكمة : 16، درر الفوائد الحائري 1 ـ 2 : 51 ـ 52.</ref> | ||
==5 ـ استعمال اللفظ المشترك في القرآن== | ==5 ـ استعمال اللفظ المشترك في القرآن== | ||
سطر ٣٤: | سطر ٣٤: | ||
==6 ـ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد== | ==6 ـ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد== | ||
وقع البحث بين الأصوليين في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد في عرض واحد دفعة واحدة ، بأن يكون المستعمل فيه والمعنى الملقى إلى السامع متعدّدا ، ويكون الاستعمال الواحد بمنزلة الاستعمالين أو الاستعمالات، وعليه يخرج عن محلّ البحث ما إذا استعمل اللفظ الواحد في معنى واحد ذي أجزاء أو ذي أفراد<ref> مناهج الوصول 1 : 180.</ref> نظير العام المجموعي، وكذا يخرج ما إذا كان على نحو البدل. <ref> البحر المحيط 2 : 136.</ref> | وقع البحث بين الأصوليين في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد في عرض واحد دفعة واحدة ، بأن يكون المستعمل فيه والمعنى الملقى إلى السامع متعدّدا ، ويكون الاستعمال الواحد بمنزلة الاستعمالين أو الاستعمالات، وعليه يخرج عن محلّ البحث ما إذا استعمل اللفظ الواحد في معنى واحد ذي أجزاء أو ذي أفراد<ref> مناهج الوصول 1 : 180.</ref> نظير العام المجموعي، وكذا يخرج ما إذا كان على نحو البدل. <ref> البحر المحيط 2 : 136.</ref> | ||
ثمّ إنّه تارةً يقع البحث في استعمال المفرد، وأخرى في استعمال التثنية والجمع. | <br>ثمّ إنّه تارةً يقع البحث في استعمال المفرد، وأخرى في استعمال التثنية والجمع. | ||
===ألف ـ استعمال اللفظ المفرد في أكثر من معنى واحد=== | ===ألف ـ استعمال اللفظ المفرد في أكثر من معنى واحد=== | ||
سطر ٤١: | سطر ٤١: | ||
====القول الأول: الامتناع==== | ====القول الأول: الامتناع==== | ||
ذهب كثير من علماء الإمامية إلى امتناعه عقلاً كالأصفهاني (الحائري) <ref> الفصول الغروية : 54.</ref>، والمحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref>، وتبعهما المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76.</ref>، والأصفهاني (الكمباني) <ref> نهاية الدراية 1 : 152 ـ 153.</ref>، والعراقي<ref> نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108 ـ 109.</ref>، وغيرهم<ref> منتقى الأصول 1 : 314.</ref>، واختاره أيضا عدّة من أصوليى الجمهور، كالجصّاص<ref> الفصول في الأصول 1 : 46.</ref>، والسرخسي<ref> أصول السرخسي 1 : 126، 173.</ref>، وجماعة من الشافعية، والمعتزلة وغيرهم كأبي هاشم، وأبي عبداللّه البصري<ref> انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 452.</ref>، والكرخي<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 102.</ref>، و [[الفخر الرازي]]<ref> المحصول 1 : 103.</ref>، وابن القيم<ref> انظر : التحبير شرح التحرير 1 : 355.</ref>، بل نسبه بعضهم إلى جمهور الأصوليين. <ref> أصول الفقه الخضري بك : 146.</ref> | ذهب كثير من علماء الإمامية إلى امتناعه عقلاً كالأصفهاني (الحائري) <ref> الفصول الغروية : 54.</ref>، والمحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref>، وتبعهما المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76.</ref>، والأصفهاني (الكمباني) <ref> نهاية الدراية 1 : 152 ـ 153.</ref>، والعراقي<ref> نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108 ـ 109.</ref>، وغيرهم<ref> منتقى الأصول 1 : 314.</ref>، واختاره أيضا عدّة من أصوليى الجمهور، كالجصّاص<ref> الفصول في الأصول 1 : 46.</ref>، والسرخسي<ref> أصول السرخسي 1 : 126، 173.</ref>، وجماعة من الشافعية، والمعتزلة وغيرهم كأبي هاشم، وأبي عبداللّه البصري<ref> انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 452.</ref>، والكرخي<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 102.</ref>، و [[الفخر الرازي]]<ref> المحصول 1 : 103.</ref>، وابن القيم<ref> انظر : التحبير شرح التحرير 1 : 355.</ref>، بل نسبه بعضهم إلى جمهور الأصوليين. <ref> أصول الفقه الخضري بك : 146.</ref> | ||
ويرى المحقّق القمي<ref> القوانين المحكمة : 28.</ref> امتناعه حسب القواعد الأدبية. | <br>ويرى المحقّق القمي<ref> القوانين المحكمة : 28.</ref> امتناعه حسب القواعد الأدبية. | ||
واستدلّ المانعون بوجوه: يرجع بعضها إلى القصد واللحاظ، ويرجع بعضها الآخر إلى الوضع والاستعمال. | واستدلّ المانعون بوجوه: يرجع بعضها إلى القصد واللحاظ، ويرجع بعضها الآخر إلى الوضع والاستعمال. | ||
=====الأول: ما يرجع إلى القصد والامتناع عقلاً===== | =====الأول: ما يرجع إلى القصد والامتناع عقلاً===== | ||
استدلّ المانعون في امتناعه عقلاً بما تقدم منهم في حقيقة الاستعمال<ref> انظر : كفاية الأصول : 36، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108.</ref>، بناءً على فناء اللفظ في المعنى، وإن اختلف بيانهم وتقريبهم لذلك. | استدلّ المانعون في امتناعه عقلاً بما تقدم منهم في حقيقة الاستعمال<ref> انظر : كفاية الأصول : 36، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 108.</ref>، بناءً على فناء اللفظ في المعنى، وإن اختلف بيانهم وتقريبهم لذلك. | ||
1 ـ إنّ حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة على إرادة المعنى ليصحّ جعل اللفظ الواحد علامة لشيئين، بل هي جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى، بحيث يفنى اللفظ في المعنى، ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ، فمع فناء اللفظ في أحد المعنيين فأي وجود يبقى له لكي يفرض فناؤه في المعنى الآخر؟! فيمتنع حينئذٍ استعمال اللفظ الواحد في المعنيين عقلاً، كما أفاده المحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref> وغيره<ref> مقالات الأصول 1 : 162، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 151 ـ 152.</ref>، كما أشير إليه في بعض تصانيف الأصوليين من علماء الجمهور<ref> أصول السرخسي 1 : 173، لكنه استدلّ به في الجمع بين الحقيقة والمجاز. وانظر : أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 398.</ref>، فقد ذكر في وجه المنع التمثيل بالكسوة، فكما أنّ الكسوة الواحدة لايكتسيها شخصان في زمان واحد، فكذلك استعمال المشترك اللفظي في المعنيين. | <br>1 ـ إنّ حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة على إرادة المعنى ليصحّ جعل اللفظ الواحد علامة لشيئين، بل هي جعل اللفظ وجها وعنوانا للمعنى، بحيث يفنى اللفظ في المعنى، ولذا يسري حسن المعنى وقبحه إلى اللفظ، فمع فناء اللفظ في أحد المعنيين فأي وجود يبقى له لكي يفرض فناؤه في المعنى الآخر؟! فيمتنع حينئذٍ استعمال اللفظ الواحد في المعنيين عقلاً، كما أفاده المحقّق الخراساني<ref> كفاية الأصول : 36.</ref> وغيره<ref> مقالات الأصول 1 : 162، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 151 ـ 152.</ref>، كما أشير إليه في بعض تصانيف الأصوليين من علماء الجمهور<ref> أصول السرخسي 1 : 173، لكنه استدلّ به في الجمع بين الحقيقة والمجاز. وانظر : أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد : 398.</ref>، فقد ذكر في وجه المنع التمثيل بالكسوة، فكما أنّ الكسوة الواحدة لايكتسيها شخصان في زمان واحد، فكذلك استعمال المشترك اللفظي في المعنيين. | ||
ونوقش فيه، بأنّه إن أريد من فناء اللفظ في المعنى فناؤه بحسب وجوده الواقعي، بحيث لايبقى واقعا إلاّ شيئية المعنى فتزول فعلية اللفظ، وهو أمر غير معقول؛ لأنّ للفظ فعلية، وما كان كذلك لايمكن فناؤه في شيء؛ وإن أريد منه أنّ اللفظ قالب للمعنى وفانٍ فيه وأنّه مرآة وعنوان للمعنى إلى غير ذلك، بحيث يكون الغرض الذاتي هو المعنى، فلا دليل على امتناع كون شيء واحد قالبا للشيئين، بحيث يتعلق الغرض الذاتي بمعنيين. <ref> مناهج الوصول الخميني 1 : 184، تهذيب الأصول 1 : 96، وكذا نوقش فيه في درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 55 ـ 56، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 141 ـ 142 و151 ـ 152.</ref>. وهذا هو المراد من العلامية في حقيقة الاستعمال. | ونوقش فيه، بأنّه إن أريد من فناء اللفظ في المعنى فناؤه بحسب وجوده الواقعي، بحيث لايبقى واقعا إلاّ شيئية المعنى فتزول فعلية اللفظ، وهو أمر غير معقول؛ لأنّ للفظ فعلية، وما كان كذلك لايمكن فناؤه في شيء؛ وإن أريد منه أنّ اللفظ قالب للمعنى وفانٍ فيه وأنّه مرآة وعنوان للمعنى إلى غير ذلك، بحيث يكون الغرض الذاتي هو المعنى، فلا دليل على امتناع كون شيء واحد قالبا للشيئين، بحيث يتعلق الغرض الذاتي بمعنيين. <ref> مناهج الوصول الخميني 1 : 184، تهذيب الأصول 1 : 96، وكذا نوقش فيه في درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 55 ـ 56، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 141 ـ 142 و151 ـ 152.</ref>. وهذا هو المراد من العلامية في حقيقة الاستعمال. | ||
2 ـ إنّ الاستعمال هو إيجاد المعنى البسيط العقلائي في الخارج<ref> أجود التقريرات 1 : 44.</ref>؛ فانّ الملحوظ أولاً وبالذات هو المعنى، واللفظ ملحوظ بتبعه، ولازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين؛ إذ بدونه يفقد الاستعمال أهمّ مقدماته وهو اللحاظ والاستعمال في أكثر من معنى يستدعي الجمع بين لحاظين في آنٍ واحد، وهو ممتنع عقلاً، كما أفاده المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76، وانظر : بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 150.</ref>، ويومي إليه ما في بعض كتب الأصوليين من علماء الجمهور. <ref> انظر : فواتح الرحموت 1 : 201، حيث قال : يلزم حين الاستعمال اللفظ في المعنيين توجّه الذهن في آنٍ واحدٍ إلى النسبتين الملحوظتين تفصيلاً، إذ المقتضى هو الوضع والاستعمال موجود فيهما ولا مرجّح لأحدهما على الآخر، فيفهمان معا، وتوجّه الذهن في آنٍ واحدٍ محال.</ref> | <br>2 ـ إنّ الاستعمال هو إيجاد المعنى البسيط العقلائي في الخارج<ref> أجود التقريرات 1 : 44.</ref>؛ فانّ الملحوظ أولاً وبالذات هو المعنى، واللفظ ملحوظ بتبعه، ولازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين؛ إذ بدونه يفقد الاستعمال أهمّ مقدماته وهو اللحاظ والاستعمال في أكثر من معنى يستدعي الجمع بين لحاظين في آنٍ واحد، وهو ممتنع عقلاً، كما أفاده المحقّق النائيني<ref> أجود التقريرات 1 : 76، وانظر : بحوث في علم الأصول الهاشمي 1 : 150.</ref>، ويومي إليه ما في بعض كتب الأصوليين من علماء الجمهور. <ref> انظر : فواتح الرحموت 1 : 201، حيث قال : يلزم حين الاستعمال اللفظ في المعنيين توجّه الذهن في آنٍ واحدٍ إلى النسبتين الملحوظتين تفصيلاً، إذ المقتضى هو الوضع والاستعمال موجود فيهما ولا مرجّح لأحدهما على الآخر، فيفهمان معا، وتوجّه الذهن في آنٍ واحدٍ محال.</ref> | ||
ويشكل عليه: بأنّ النفس بما أنّها جوهر بسيط ولها صفحة واسعة قادرة على الجمع بين اللحاظين المستقلين في صفحتها في آنٍ واحد<ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 206 ، وانظر : مناهج الوصول 1 : 182.</ref>، ولهذا كانت النفس تتوجه إلى الموضوع والمحمول استقلالاً في مقام عقد القضية في وقتٍ واحد. <ref> نهاية الدراية 1: 148، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 140.</ref> | ويشكل عليه: بأنّ النفس بما أنّها جوهر بسيط ولها صفحة واسعة قادرة على الجمع بين اللحاظين المستقلين في صفحتها في آنٍ واحد<ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 206 ، وانظر : مناهج الوصول 1 : 182.</ref>، ولهذا كانت النفس تتوجه إلى الموضوع والمحمول استقلالاً في مقام عقد القضية في وقتٍ واحد. <ref> نهاية الدراية 1: 148، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 140.</ref> | ||
3 ـ الاستعمال هو إيجاد المعنى خارجا باللفظ، حيث إنّ وجود اللفظ في الخارج وجود لطبيعي اللفظ بالذات، ووجود لطبيعي المعنى بالجعل والمواضعة والتنزيل، فالاستعمال إيجاد المعنى بنحو وجوده اللفظي خارجا، وحيث إنّ الموجود الخارجي بالذات واحد فلا مجال لأن يقال: بأنّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا، ووجود آخر لمعنى آخر، حيث لا وجود آخر كي ينسب إلى الآخر بالتنزيل، فإذا كان الوجود واحدا فكذلك الإيجاد. <ref> نهاية الدراية 1 : 152 ـ 153.</ref> | <br>3 ـ الاستعمال هو إيجاد المعنى خارجا باللفظ، حيث إنّ وجود اللفظ في الخارج وجود لطبيعي اللفظ بالذات، ووجود لطبيعي المعنى بالجعل والمواضعة والتنزيل، فالاستعمال إيجاد المعنى بنحو وجوده اللفظي خارجا، وحيث إنّ الموجود الخارجي بالذات واحد فلا مجال لأن يقال: بأنّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا، ووجود آخر لمعنى آخر، حيث لا وجود آخر كي ينسب إلى الآخر بالتنزيل، فإذا كان الوجود واحدا فكذلك الإيجاد. <ref> نهاية الدراية 1 : 152 ـ 153.</ref> | ||
ونوقش فيه: بأنّ هذا لعله مبتنٍ على ما قيل من: أنّ الوجود اللفظي من مراتب وجود الشيء وهو ـ بناءً على صحته ـ ليس المراد منه إلاّ كون اللفظ موضوعا ومرآةً له بالمواضعة الاعتبارية، وعليه فلو كان الموضوع له متعدّدا أو المستعمل فيه كذلك، لايلزم منه كونه ذا وجودين، أو كونهما موجودين؛ إذ المفروض أنّه وجود تنزيلي واعتباري، وهو لايوجب التكثّر في الوجود الواقعي، فكون الشيء وجودا تنزيليا لشيء لايستنبط منه سوى كونه بالاعتبار كذلك، لا بالذات والحقيقة. <ref> تهذيب الأصول الخميني 1 : 96. وكذا نوقش فيه في بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 153.</ref> | ونوقش فيه: بأنّ هذا لعله مبتنٍ على ما قيل من: أنّ الوجود اللفظي من مراتب وجود الشيء وهو ـ بناءً على صحته ـ ليس المراد منه إلاّ كون اللفظ موضوعا ومرآةً له بالمواضعة الاعتبارية، وعليه فلو كان الموضوع له متعدّدا أو المستعمل فيه كذلك، لايلزم منه كونه ذا وجودين، أو كونهما موجودين؛ إذ المفروض أنّه وجود تنزيلي واعتباري، وهو لايوجب التكثّر في الوجود الواقعي، فكون الشيء وجودا تنزيليا لشيء لايستنبط منه سوى كونه بالاعتبار كذلك، لا بالذات والحقيقة. <ref> تهذيب الأصول الخميني 1 : 96. وكذا نوقش فيه في بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1 : 153.</ref> | ||
هذا مضافا إلى أنّ كلّ هذه الوجوه ترجع إلى فناء اللفظ في المعنى، ولذا ناقش فيه المجوّزون للإشكال في أصل مبنى الفناء والذهاب إلى العلامية، التي أقرّ المانعون بأنّه لا إشكال في الجواز على هذا المسلك. | <br>هذا مضافا إلى أنّ كلّ هذه الوجوه ترجع إلى فناء اللفظ في المعنى، ولذا ناقش فيه المجوّزون للإشكال في أصل مبنى الفناء والذهاب إلى العلامية، التي أقرّ المانعون بأنّه لا إشكال في الجواز على هذا المسلك. | ||
=====الثاني: ما يرجع إلى الوضع والاستعمال===== | =====الثاني: ما يرجع إلى الوضع والاستعمال===== | ||
سطر ٧٧: | سطر ٧٧: | ||
=====الثاني: وقوع الاستعمال في القرآن الكريم وكلام العرب===== | =====الثاني: وقوع الاستعمال في القرآن الكريم وكلام العرب===== | ||
فهو على وجوه أيضا: | فهو على وجوه أيضا: | ||
1 ـ الاستشهاد بوقوعه في موارد متعدّدة<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 103، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 453. وكذا ذهب الإمام الخميني إلى إمكانه بوقوعه في كلمات الشعراء والأدباء. انظر : مناهج الوصول 1 : 186.</ref>، كلفظ الصلاة الواقع في قوله تعالى: '''«إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ»'''<ref> الأحزاب : 56.</ref>، فإنّ الصلاة من اللّه رحمة، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، وهما معنيان مختلفان قد استعملا بلفظ واحد. | <br>1 ـ الاستشهاد بوقوعه في موارد متعدّدة<ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 103، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 453. وكذا ذهب الإمام الخميني إلى إمكانه بوقوعه في كلمات الشعراء والأدباء. انظر : مناهج الوصول 1 : 186.</ref>، كلفظ الصلاة الواقع في قوله تعالى: '''«إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ»'''<ref> الأحزاب : 56.</ref>، فإنّ الصلاة من اللّه رحمة، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، وهما معنيان مختلفان قد استعملا بلفظ واحد. | ||
وكذا لفظ السجود في قوله تعالى: '''«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ»'''<ref> الحج : 18.</ref>، فإنّ المراد من سجود الدواب: الخضوع، ومن سجود الإنسان: وضع الجبهة على الأرض، فقد أريد هنا كلا المعنيين من لفظ واحد. | <br>وكذا لفظ السجود في قوله تعالى: '''«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ»'''<ref> الحج : 18.</ref>، فإنّ المراد من سجود الدواب: الخضوع، ومن سجود الإنسان: وضع الجبهة على الأرض، فقد أريد هنا كلا المعنيين من لفظ واحد. | ||
وكذا قوله تعالى: '''«وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ»'''<ref> البقرة : 228.</ref>، حيث أراد به الحيض والطهر. | <br>وكذا قوله تعالى: '''«وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ»'''<ref> البقرة : 228.</ref>، حيث أراد به الحيض والطهر. | ||
وأجيب عنه: بأنّ ما ذكروه لو صحّ لدلّ على أنّ هذه الألفاظ كما هي موضوعة للآحاد فهي موضوعة للجمع، وإلاّ لكان اللّه تعالى استعمل اللفظ في غير مفهومه، وهو غير جائز. | وأجيب عنه: بأنّ ما ذكروه لو صحّ لدلّ على أنّ هذه الألفاظ كما هي موضوعة للآحاد فهي موضوعة للجمع، وإلاّ لكان اللّه تعالى استعمل اللفظ في غير مفهومه، وهو غير جائز. | ||
وعلى هذا التقدير يكون استعماله لإفادة الجمع، استعمالاً له في إفادة أحد موضوعاته لا في إفادة الكلّ على ما بيّناه. <ref> المحصول الرازي 1 : 104.</ref> | <br>وعلى هذا التقدير يكون استعماله لإفادة الجمع، استعمالاً له في إفادة أحد موضوعاته لا في إفادة الكلّ على ما بيّناه. <ref> المحصول الرازي 1 : 104.</ref> | ||
هذا مضافا إلى أنّ المراد من إطلاق الصلاة على صلاة اللّه تعالى والملائكة إنّما هو باعتبار اشتراكهما في معنى العناية بأمر الرسول صلىاللهعليهوآله؛ إظهارا لشرفه وحرمته، فهو لفظ متواطئ، لا مشترك. | <br>هذا مضافا إلى أنّ المراد من إطلاق الصلاة على صلاة اللّه تعالى والملائكة إنّما هو باعتبار اشتراكهما في معنى العناية بأمر الرسول صلىاللهعليهوآله؛ إظهارا لشرفه وحرمته، فهو لفظ متواطئ، لا مشترك. | ||
وكذلك لفظ السجود في الآية الأخرى، فإنّ مسمّاه هو القدر المشترك من معنى الخضوع للّه تعالى والدخول تحت تسخيره وإرادته. | وكذلك لفظ السجود في الآية الأخرى، فإنّ مسمّاه هو القدر المشترك من معنى الخضوع للّه تعالى والدخول تحت تسخيره وإرادته. | ||
وهكذا الجواب عن سائر ما يستشهد به للاستعمال في الأكثر من معنى. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454 ـ 455. انظر : معالم الدين : 39.</ref> | وهكذا الجواب عن سائر ما يستشهد به للاستعمال في الأكثر من معنى. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454 ـ 455. انظر : معالم الدين : 39.</ref> | ||
2 ـ وكذا يستشهد بوقوعه في القرآن بما نطق به غير واحد من الأخبار<ref> انظر : عوالي اللآلئ 4 : 107.</ref>، بأنّ للقرآن بطونا سبعة. <ref> انظر : كفاية الأصول : 38.</ref> | <br>2 ـ وكذا يستشهد بوقوعه في القرآن بما نطق به غير واحد من الأخبار<ref> انظر : عوالي اللآلئ 4 : 107.</ref>، بأنّ للقرآن بطونا سبعة. <ref> انظر : كفاية الأصول : 38.</ref> | ||
وأجيب عنه: بأنّ تلك الأخبار لاتدلّ على أنّ إرادتها كان من باب الاستعمال وإرادة المعنى من اللفظ، فلعلّها كانت بإرادتها في نفسها حال الاستعمال في المعنى، لا من اللفظ كما إذا استعمل فيها. | وأجيب عنه: بأنّ تلك الأخبار لاتدلّ على أنّ إرادتها كان من باب الاستعمال وإرادة المعنى من اللفظ، فلعلّها كانت بإرادتها في نفسها حال الاستعمال في المعنى، لا من اللفظ كما إذا استعمل فيها. | ||
وكذا يمكن أن يكون المراد من بطون القرآن لوازم معناها المستعمل فيه اللفظ<ref> كفاية الأصول : 38.</ref>، وملازماته من دون استعمال اللفظ فيها على ما نطقت به الأخبار وإن قصرت أفهامنا عن إدراكها. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 213 ـ 214.</ref> | وكذا يمكن أن يكون المراد من بطون القرآن لوازم معناها المستعمل فيه اللفظ<ref> كفاية الأصول : 38.</ref>، وملازماته من دون استعمال اللفظ فيها على ما نطقت به الأخبار وإن قصرت أفهامنا عن إدراكها. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 213 ـ 214.</ref> | ||
ويمكن أن يكون المراد منه تعدّد المصاديق للمعنى الواحد التي يعرفها الإمام عليهالسلام، فهذا لاينافي الاستعمال في معنى واحد يجمع شتاتها ويحوي متفرقاتها. <ref> نهاية الدراية 1 : 162.</ref> | ويمكن أن يكون المراد منه تعدّد المصاديق للمعنى الواحد التي يعرفها الإمام عليهالسلام، فهذا لاينافي الاستعمال في معنى واحد يجمع شتاتها ويحوي متفرقاتها. <ref> نهاية الدراية 1 : 162.</ref> | ||
3 ـ إنّ عدم جواز الاستعمال في المعنيين ـ لأنّه استعمال لغير ما وضع له الوضع، كما تقدم عن الفخر الرازي ـ مبني على أنّ الاسم المشترك موضوع لأحد مسمّياته على سبيل البدل حقيقةً، وليس كذلك عند الشافعي والقاضي أبي بكر، بل هو حقيقة في المجموع كسائر الألفاظ العامة؛ ولذا فإنّه لو تجرد عن القرينة وجب حمله على الجميع، وإنّما فارق باقي الألفاظ العامة من جهة تناوله الأشياء التي لاتشترك في معنى واحد يصلح أن يكون مدلولاً للفظ، بخلاف سائر العمومات، فإنّ نسبة اللفظ المشترك في دلالته إلى جملة مدلولاتها وإلى أفرادها كنسبة غيره من الألفاظ العامة إلى مدلولاتها جملةً وأفرادا، فلا يكون استعمال اللفظ في المعنيين استعمالاً في غير ما وضع له. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 455.</ref> | <br>3 ـ إنّ عدم جواز الاستعمال في المعنيين ـ لأنّه استعمال لغير ما وضع له الوضع، كما تقدم عن الفخر الرازي ـ مبني على أنّ الاسم المشترك موضوع لأحد مسمّياته على سبيل البدل حقيقةً، وليس كذلك عند الشافعي والقاضي أبي بكر، بل هو حقيقة في المجموع كسائر الألفاظ العامة؛ ولذا فإنّه لو تجرد عن القرينة وجب حمله على الجميع، وإنّما فارق باقي الألفاظ العامة من جهة تناوله الأشياء التي لاتشترك في معنى واحد يصلح أن يكون مدلولاً للفظ، بخلاف سائر العمومات، فإنّ نسبة اللفظ المشترك في دلالته إلى جملة مدلولاتها وإلى أفرادها كنسبة غيره من الألفاظ العامة إلى مدلولاتها جملةً وأفرادا، فلا يكون استعمال اللفظ في المعنيين استعمالاً في غير ما وضع له. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 455.</ref> | ||
4 ـ إنّ طريق الاسم المشترك هو وضع اللفظ من قبيلة لمسمّى، ووضع قبيلة أخرى لمسمّى آخر، ثمّ اشتهر ذلك فرضيت كلّ قبيلة بوضع القبيلة الأخرى، فيصير بمنزلة ما لو وضعوا كلّهم من الابتداء الاسم لمسمّيين مختلفين، فكما لو وضع الواضع الاسم لمعنيين مختلفين من الابتداء لكان عاما، فكذلك لو وجد الرضا من الواضع بذلك في الانتهاء. <ref> ميزان الأصول 1 : 498 ـ 499.</ref> | <br>4 ـ إنّ طريق الاسم المشترك هو وضع اللفظ من قبيلة لمسمّى، ووضع قبيلة أخرى لمسمّى آخر، ثمّ اشتهر ذلك فرضيت كلّ قبيلة بوضع القبيلة الأخرى، فيصير بمنزلة ما لو وضعوا كلّهم من الابتداء الاسم لمسمّيين مختلفين، فكما لو وضع الواضع الاسم لمعنيين مختلفين من الابتداء لكان عاما، فكذلك لو وجد الرضا من الواضع بذلك في الانتهاء. <ref> ميزان الأصول 1 : 498 ـ 499.</ref> | ||
لكن قد يشكل عليه بما صرّح به غير واحد من الأصوليين: بأنّ محلّ النزاع هو إرادة المعنيين على أن يكون كلٌّ منهما مرادا على حدة لا جمعا ومجموعا نظير العام المجموعي، فيكون بذلك خارجا عن محلّ النزاع. | لكن قد يشكل عليه بما صرّح به غير واحد من الأصوليين: بأنّ محلّ النزاع هو إرادة المعنيين على أن يكون كلٌّ منهما مرادا على حدة لا جمعا ومجموعا نظير العام المجموعي، فيكون بذلك خارجا عن محلّ النزاع. | ||
====القول الثالث: التفصيل بين النفي والإثبات==== | ====القول الثالث: التفصيل بين النفي والإثبات==== | ||
لايفرّق أكثر من ذهب إلى الامتناع أو الإمكان بين النفي والإثبات<ref> معالم الدين : 39، القوانين المحكمة : 28.</ref>؛ لأنّه يجري في كلٍّ منهما ما تقدم من الأدلة خصوصا الوجوه العقلية، بلا فرق في ذلك بين النفي والإثبات. | لايفرّق أكثر من ذهب إلى الامتناع أو الإمكان بين النفي والإثبات<ref> معالم الدين : 39، القوانين المحكمة : 28.</ref>؛ لأنّه يجري في كلٍّ منهما ما تقدم من الأدلة خصوصا الوجوه العقلية، بلا فرق في ذلك بين النفي والإثبات. | ||
ولكن فرّق بعضهم بين النفي والاثبات، فجوّزه في الأول دون الثاني، حيث إنّ النكرة في سياق النفي تعمّ، فيجوز إرادة مدلولاته المختلفة، وهذا ما حكاه ابن الحاجب، وإنّما هو احتمال أبداه صاحب المعتمد، وتبعه الرازي، وهو ظاهر كلام الحنفية. <ref> انظر : البحر المحيط 2: 131، أصول الفقه الخضري بك: 146.</ref> | <br>ولكن فرّق بعضهم بين النفي والاثبات، فجوّزه في الأول دون الثاني، حيث إنّ النكرة في سياق النفي تعمّ، فيجوز إرادة مدلولاته المختلفة، وهذا ما حكاه ابن الحاجب، وإنّما هو احتمال أبداه صاحب المعتمد، وتبعه الرازي، وهو ظاهر كلام الحنفية. <ref> انظر : البحر المحيط 2: 131، أصول الفقه الخضري بك: 146.</ref> | ||
ونوقش فيه مضافا إلى ما تقدم، أنّ النفي لايرفع ما يتقضي الإثبات<ref> البحر المحيط 2 : 131.</ref>، فإذا لم يفد في جانب الإثبات إلاّ أمرا واحدا لم يرتفع عند حرف النفي إلاّ المعنى الواحد. <ref> المحصول الرازي 1 : 104 ـ 105.</ref>. هذا كلّه في الجمع بين المعاني الحقيقية في استعمال واحد. | <br>ونوقش فيه مضافا إلى ما تقدم، أنّ النفي لايرفع ما يتقضي الإثبات<ref> البحر المحيط 2 : 131.</ref>، فإذا لم يفد في جانب الإثبات إلاّ أمرا واحدا لم يرتفع عند حرف النفي إلاّ المعنى الواحد. <ref> المحصول الرازي 1 : 104 ـ 105.</ref>. هذا كلّه في الجمع بين المعاني الحقيقية في استعمال واحد. | ||
===الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي معا=== | ===الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي معا=== | ||
ذهب بعض إلى عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، إذا كان أحدهما من المعاني الحقيقية والآخر من المعاني المجازية<ref> انظر : معالم الدين : 39.</ref> وإن قلنا بجوازه في المعنيين الحقيقيين. واستدلّ لذلك بأمور: | ذهب بعض إلى عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، إذا كان أحدهما من المعاني الحقيقية والآخر من المعاني المجازية<ref> انظر : معالم الدين : 39.</ref> وإن قلنا بجوازه في المعنيين الحقيقيين. واستدلّ لذلك بأمور: | ||
أولاً: إنّ الحقيقة والمجاز وصفان متقابلان، والاستعمال الواحد لايتصف بوصفين متقابلين؛ لاستحالة الجمع بين المتقابلين. | <br>أولاً: إنّ الحقيقة والمجاز وصفان متقابلان، والاستعمال الواحد لايتصف بوصفين متقابلين؛ لاستحالة الجمع بين المتقابلين. | ||
ولكن أجيب عنه: بإمكان الاجتماع باختلاف الجهة والحيثية، فإنّ اللفظ من حيث إفادته المعنى الموضوع له مطابق للوضع يصير حقيقة، ومن حيث إفادته المعنى غير الموضوع له يصير مجازا. <ref> نهاية الدراية 1 : 161.</ref> | ولكن أجيب عنه: بإمكان الاجتماع باختلاف الجهة والحيثية، فإنّ اللفظ من حيث إفادته المعنى الموضوع له مطابق للوضع يصير حقيقة، ومن حيث إفادته المعنى غير الموضوع له يصير مجازا. <ref> نهاية الدراية 1 : 161.</ref> | ||
وثانيا: إنّ المعنى المجازي يحتاج إلى القرينة الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي، وهي مانعة عن إرادته ولاتجتمع معها. | <br>وثانيا: إنّ المعنى المجازي يحتاج إلى القرينة الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي، وهي مانعة عن إرادته ولاتجتمع معها. | ||
وأجيب عنه: بأنّ هذا إنما يتمّ فيما إذ أراد المتكلم خصوص المعنى المجازي، وأمّا إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معا على نحو المجموع أو الجميع، فذلك بحاجة إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي، لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدلّ على ذلك. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 210.</ref> | وأجيب عنه: بأنّ هذا إنما يتمّ فيما إذ أراد المتكلم خصوص المعنى المجازي، وأمّا إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معا على نحو المجموع أو الجميع، فذلك بحاجة إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي، لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدلّ على ذلك. <ref> محاضرات في أصول الفقه 1 : 210.</ref> | ||
ولذا ذهب أكثر الأصوليين إلى عدم الفرق بين المعنيين الحقيقيين وبين المعنى الحقيقي والمجازي إمكانا وامتناعا، ومنعا وجوازا. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454، القوانين المحكمة : 29، الفصول الغروية : 54، نهاية الدراية 1 : 161، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>. فيجري فيه ما تقدم من الأقوال في الجمع بين المعنيين الحقيقيين. | <br>ولذا ذهب أكثر الأصوليين إلى عدم الفرق بين المعنيين الحقيقيين وبين المعنى الحقيقي والمجازي إمكانا وامتناعا، ومنعا وجوازا. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 454، القوانين المحكمة : 29، الفصول الغروية : 54، نهاية الدراية 1 : 161، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>. فيجري فيه ما تقدم من الأقوال في الجمع بين المعنيين الحقيقيين. | ||
هذا كلّه في استعمال المفرد في أكثر من معنى واحد. | هذا كلّه في استعمال المفرد في أكثر من معنى واحد. | ||
===ب ـ استعمال التثنية والجمع في أكثر من معنى واحد=== | ===ب ـ استعمال التثنية والجمع في أكثر من معنى واحد=== | ||
إنّ من سلك مسلك قيد الوحدة، سواء ذهب إلى إبطال استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى، أو إلى كونه على سبيل المجاز، قد استثنى من ذلك المثنى والجمع، والتزم بأنّه لابأس بأن يراد بـ (عينين) عين جارحة وأخرى باكية؛ نظرا إلى أنّ التثنية في قوة تكرار المفرد مرّتين، كما يجوز أن يراد من الأول معنى ومن اللفظ الثاني معنى آخر على نحو الحقيقة، فكذلك يجوز أن يراد المعنيين من التثنية أيضا، وكذلك في الجمع. <ref> انظر : معالم الدين : 39 ـ 40.</ref> | إنّ من سلك مسلك قيد الوحدة، سواء ذهب إلى إبطال استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى، أو إلى كونه على سبيل المجاز، قد استثنى من ذلك المثنى والجمع، والتزم بأنّه لابأس بأن يراد بـ (عينين) عين جارحة وأخرى باكية؛ نظرا إلى أنّ التثنية في قوة تكرار المفرد مرّتين، كما يجوز أن يراد من الأول معنى ومن اللفظ الثاني معنى آخر على نحو الحقيقة، فكذلك يجوز أن يراد المعنيين من التثنية أيضا، وكذلك في الجمع. <ref> انظر : معالم الدين : 39 ـ 40.</ref> | ||
ولكن لايرى أكثر المانعين من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فرقا بين المفرد وبين المثنى والجمع، بل لايجوز ذلك على نحو الحقيقة في المفرد وغيره<ref> المحصول الرازي 1 : 102، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>؛ لأنّ محلّ النزاع هو استعمال اللفظ في كلّ واحد من المعنيين مستقلاً لا في مجموع المعنيين على نحو التركيب، وعليه يكون اللفظ مستعملاً في نفس ما وضع له، وأنّ علامة التثنية والجمع موضوعة لتعدّد ما أريد من المفرد، فلفظة (عينان) لاتدل إلاّ على تثنية (عين). وتدلّ علامة التثنية على تعدد ما دلت عليه لفظ (عين) <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 453 ـ 454، القوانين المحكمة : 28، الفصول الغروية : 54، كفاية الأصول : 37، درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 57 ـ 58، محاضرات في أصول الفقه 1 : 210 ـ 212.</ref>، فيستفاد التعدّد من مدلول الهيئة والعلامة، حيث إنّها بمقتضى الوضع وضعت لتقيد مدخولها بالتعدّد، وعليه يخرج رأسا من باب استعمال اللفظ في المتعدد حتى يقال بجوازه في التثنية والجمع. <ref> نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 114 ـ 115.</ref> | <br>ولكن لايرى أكثر المانعين من استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فرقا بين المفرد وبين المثنى والجمع، بل لايجوز ذلك على نحو الحقيقة في المفرد وغيره<ref> المحصول الرازي 1 : 102، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 109.</ref>؛ لأنّ محلّ النزاع هو استعمال اللفظ في كلّ واحد من المعنيين مستقلاً لا في مجموع المعنيين على نحو التركيب، وعليه يكون اللفظ مستعملاً في نفس ما وضع له، وأنّ علامة التثنية والجمع موضوعة لتعدّد ما أريد من المفرد، فلفظة (عينان) لاتدل إلاّ على تثنية (عين). وتدلّ علامة التثنية على تعدد ما دلت عليه لفظ (عين) <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 453 ـ 454، القوانين المحكمة : 28، الفصول الغروية : 54، كفاية الأصول : 37، درر الفوائد (الحائري) 1 ـ 2 : 57 ـ 58، محاضرات في أصول الفقه 1 : 210 ـ 212.</ref>، فيستفاد التعدّد من مدلول الهيئة والعلامة، حيث إنّها بمقتضى الوضع وضعت لتقيد مدخولها بالتعدّد، وعليه يخرج رأسا من باب استعمال اللفظ في المتعدد حتى يقال بجوازه في التثنية والجمع. <ref> نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 114 ـ 115.</ref> | ||
=المصادر= | =المصادر= | ||
[[تصنيف: حقيقية الاستعمال]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] | [[تصنيف: حقيقية الاستعمال]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] |