الفرق بين المراجعتين لصفحة: «اجتماع الأمر والنهي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١٠: سطر ١٠:
===1 ـ اقتضاء النهي للفساد===
===1 ـ اقتضاء النهي للفساد===
اختلف الأصوليون في وجه الاختلاف بين مسألة «اجتماع الأمر والنهي»، وبين مسألة «اقتضاء النهي للفساد» إلى عدّة وجوه:
اختلف الأصوليون في وجه الاختلاف بين مسألة «اجتماع الأمر والنهي»، وبين مسألة «اقتضاء النهي للفساد» إلى عدّة وجوه:
'''الأول:''' أنّ الفرق بينهما في الموضوع، حيث إنّه في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» متعدّد؛ لكون متعلّق الأمر شيء ومتعلق النهي شيء آخر، كخطاب «صلِّ» وخطاب «لاتغصب» وهما متغايران، بخلاف موضوع مسألة «اقتضاء النهي للفساد»، فإنّه متّحد حقيقةً، والتغاير إنّما هو في الإطلاق والتقييد فقط، مثل (صم) و (لا تصم أيّام العيد). <ref></ref> .
'''الأول:''' أنّ الفرق بينهما في الموضوع، حيث إنّه في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» متعدّد؛ لكون متعلّق الأمر شيء ومتعلق النهي شيء آخر، كخطاب «صلِّ» وخطاب «لاتغصب» وهما متغايران، بخلاف موضوع مسألة «اقتضاء النهي للفساد»، فإنّه متّحد حقيقةً، والتغاير إنّما هو في الإطلاق والتقييد فقط، مثل (صم) و (لا تصم أيّام العيد). <ref> الفصول الغروية : 141.</ref>
'''الثانى:''' أنّ الفرق بينهما هو في اختلاف جهة البحث فقط، حيث يبحث في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» عن أنّ تعدّد الوجه والعنوان هل يوجب تعدّد المعنون، بحيث لا يلزم اجتماع الأمر والنهي، أو أنّ ذلك لا يوجب التعدّد فيلزم الاجتماع؟ أمّا في مسألة «اقتضاء النهي للفساد»، فالبحث يدور عن أنّ تعلّق النهي بالعبادة أو المعاملة هل يوجب فسادها، أم لا؟<ref></ref> .
'''الثانى:''' أنّ الفرق بينهما هو في اختلاف جهة البحث فقط، حيث يبحث في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» عن أنّ تعدّد الوجه والعنوان هل يوجب تعدّد المعنون، بحيث لا يلزم اجتماع الأمر والنهي، أو أنّ ذلك لا يوجب التعدّد فيلزم الاجتماع؟ أمّا في مسألة «اقتضاء النهي للفساد»، فالبحث يدور عن أنّ تعلّق النهي بالعبادة أو المعاملة هل يوجب فسادها، أم لا؟<ref> كفاية الأصول : 150 ـ 151، وانظر : مصباح الأصول 1 ق2 : 164، منتهى الدراية 3 : 100 ـ 101.</ref>
'''الثالث:''' أنّ البحث في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه عقلاً، بينما البحث في مسألة «اقتضاء النهي للفساد» لفظيّ في نفس دلالة النهي عن شيء ـ عبادة أو معاملة ـ على فساده. <ref></ref> .
'''الثالث:''' أنّ البحث في مسألة «اجتماع الأمر والنهي» في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه عقلاً، بينما البحث في مسألة «اقتضاء النهي للفساد» لفظيّ في نفس دلالة النهي عن شيء ـ عبادة أو معاملة ـ على فساده. <ref> انظر : كفاية الأصول : 151.</ref>


===2 ـ التعارض والتزاحم===
===2 ـ التعارض والتزاحم===
للتفرقة بين مسألة اجتماع الأمر والنهي، وبين التعارض والتزاحم ذكر وجهان:
للتفرقة بين مسألة اجتماع الأمر والنهي، وبين التعارض والتزاحم ذكر وجهان:
'''الأول:''' أنّ مورد اجتماع الأمر والنهي هو إحراز وجود الملاك في كلّ من متعلقي الأمر والنهي، بخلافه مورد التعارض، فإنّه يعلم ضرورةً عدم وجود الملاك في أحد المتعارضين للعلم الإجمالي بكذب أحدهما لا على التعيين. <ref></ref> .
'''الأول:''' أنّ مورد اجتماع الأمر والنهي هو إحراز وجود الملاك في كلّ من متعلقي الأمر والنهي، بخلافه مورد التعارض، فإنّه يعلم ضرورةً عدم وجود الملاك في أحد المتعارضين للعلم الإجمالي بكذب أحدهما لا على التعيين. <ref> كفاية الأصول : 155 ـ 156.</ref>
'''الثاني:''' أنّ مورد تعارض الدليلين هو تكاذبهما على مستوى الدلالة المطابقية والالتزامية، فإذا دلّ دليل على وجوب شيء ودلّ آخر على كراهته، معناه بمقتضى الدليل الأول أ نّه واجب وليس بمكروه، وبمقتضى الدليل الثاني أ نّه مكروه وليس بواجب، بينما في مورد مسألة اجتماع الأمر والنهي والتزاحم لا يوجد تكاذب على مستوى الدلالة الالتزامية لكلٍّ منهما؛ لأنّ المدلول المطابقي في كلٍّ منهما متعلق بعنوان أجنبي في نفسه عن المعنون والمتعلق للحكم الآخر، فعنوان الأمر هو الصلاة وعنوان النهي هو الغصب، ولا يوجد تكاذب بينهما على مستوى المدلول الالتزامي، غاية الأمر أنّ المكلّف هو الذي جمع بينهما، وفي هذه الحالة إن كانت له مندوحة وقد صلّى في مكان مغصوب، فإن قيل بجواز اجتماع الأمر والنهي يكون المكلّف مطيعا للأمر من جهة، وعاصيا للنهي من جهة اخرى، وإن قيل بعدم جواز الاجتماع تجري فيه أحكام التزاحم. <ref></ref> .
'''الثاني:''' أنّ مورد تعارض الدليلين هو تكاذبهما على مستوى الدلالة المطابقية والالتزامية، فإذا دلّ دليل على وجوب شيء ودلّ آخر على كراهته، معناه بمقتضى الدليل الأول أ نّه واجب وليس بمكروه، وبمقتضى الدليل الثاني أ نّه مكروه وليس بواجب، بينما في مورد مسألة اجتماع الأمر والنهي والتزاحم لا يوجد تكاذب على مستوى الدلالة الالتزامية لكلٍّ منهما؛ لأنّ المدلول المطابقي في كلٍّ منهما متعلق بعنوان أجنبي في نفسه عن المعنون والمتعلق للحكم الآخر، فعنوان الأمر هو الصلاة وعنوان النهي هو الغصب، ولا يوجد تكاذب بينهما على مستوى المدلول الالتزامي، غاية الأمر أنّ المكلّف هو الذي جمع بينهما، وفي هذه الحالة إن كانت له مندوحة وقد صلّى في مكان مغصوب، فإن قيل بجواز اجتماع الأمر والنهي يكون المكلّف مطيعا للأمر من جهة، وعاصيا للنهي من جهة اخرى، وإن قيل بعدم جواز الاجتماع تجري فيه أحكام التزاحم. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 384 ـ 389.</ref>


==تحرير محلّ النزاع==
==تحرير محلّ النزاع==
سطر ٢٣: سطر ٢٣:


===المراد من الواحد بالجنس===
===المراد من الواحد بالجنس===
ويمثّل له بالسجود، فإنّه واحد جنسا في كلٍّ من السجود لله تعالى والسجود للصنم، وهما يشتركان في جنس السجود ويختلفان في نوعه. وهذا النحو خارج عن محلّ النزاع؛ لأ نّه لا مانع من اجتماع الأمر والنهي فيه، فإنّ السجود لله مأمور به والسجود للصنم منهيّ عنه، ولا يوجد تنافٍ فى ذلك. <ref></ref> .
ويمثّل له بالسجود، فإنّه واحد جنسا في كلٍّ من السجود لله تعالى والسجود للصنم، وهما يشتركان في جنس السجود ويختلفان في نوعه. وهذا النحو خارج عن محلّ النزاع؛ لأ نّه لا مانع من اجتماع الأمر والنهي فيه، فإنّ السجود لله مأمور به والسجود للصنم منهيّ عنه، ولا يوجد تنافٍ فى ذلك. <ref> انظر : المستصفى 1 : 91 الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 99 ـ 100، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 75، معالم الدين : 93.</ref>
وخالف في ذلك المعتزلة، ووجهة نظرهم فيه: أنّ السجود لا يكون إلاّ مأمورا به، والساجد للصنم عاصٍ بقصد تعظيم الصنم لا بنفس السجود. <ref></ref> .
وخالف في ذلك المعتزلة، ووجهة نظرهم فيه: أنّ السجود لا يكون إلاّ مأمورا به، والساجد للصنم عاصٍ بقصد تعظيم الصنم لا بنفس السجود. <ref> انظر : المستصفى 1 : 91 الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 100، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 76.</ref>
والخلاف في ذلك لفظيّ.
والخلاف في ذلك لفظيّ.


===المراد من الواحد بالشخص===
===المراد من الواحد بالشخص===
وهذا يمكن أن يكون على نوعين:
وهذا يمكن أن يكون على نوعين:
1 ـ أن يكون واحدا بالجهة، فيكون مأمورا به من نفس جهة كونه منهيّا عنه. وهنا لا خلاف في عدم جواز اجتماع الأمر والنهي، وهو مستحيل، ولا يجيزه الاّ من يجوّز تكليف المحال. <ref></ref> . وهو خارج عن محلّ النزاع في مسألتنا أيضا.
1 ـ أن يكون واحدا بالجهة، فيكون مأمورا به من نفس جهة كونه منهيّا عنه. وهنا لا خلاف في عدم جواز اجتماع الأمر والنهي، وهو مستحيل، ولا يجيزه الاّ من يجوّز تكليف المحال. <ref> انظر : المستصفى 1 : 91 ـ 92، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 99.</ref> وهو خارج عن محلّ النزاع في مسألتنا أيضا.
2 ـ أن يكون متعدّد الجهة، بأن يكون مأمورا به من جهة ومنهيّا عنه من جهة أخرى، ومثاله المعروف الصلاة في الأرض المغصوبة، فهي مأمور بها من جهة كونها صلاة، ومنهيٌّ عنها من جهة كونها غصبا وتصرّفا في ملك الغير من غير إذن. <ref></ref> .
2 ـ أن يكون متعدّد الجهة، بأن يكون مأمورا به من جهة ومنهيّا عنه من جهة أخرى، ومثاله المعروف الصلاة في الأرض المغصوبة، فهي مأمور بها من جهة كونها صلاة، ومنهيٌّ عنها من جهة كونها غصبا وتصرّفا في ملك الغير من غير إذن. <ref> انظر : المحصول الرازي 1 : 340 ـ 341، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 100 ـ 101، معالم الدين: 94، كفاية الأصول: 150 ـ 151.</ref>
وهذا هو محلّ النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهيّ.
وهذا هو محلّ النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهيّ.


==المراد بالإجتماع==
==المراد بالإجتماع==
والمراد بالاجتماع مطلق الاجتماع لا خصوص الوجوب والحرمة، فيشمل اجتماع الوجوب والكراهة والاستحباب والكراهة . ويشمل اجتماع الوجوب الغيري والنفسي، والنفسيين والغيريين<ref></ref> ، وهو يمكن أن يكون على نحوين: <ref></ref> :
والمراد بالاجتماع مطلق الاجتماع لا خصوص الوجوب والحرمة، فيشمل اجتماع الوجوب والكراهة والاستحباب والكراهة<ref> لمحات الأصول: 232، بحوث في علم الأصول الهاشمى 3 : 79.</ref> ويشمل اجتماع الوجوب الغيري والنفسي، والنفسيين والغيريين<ref> دروس في علم الأصول 2 : 295.</ref>، وهو يمكن أن يكون على نحوين: <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 377 ـ 378.</ref>


===الأول: الاجتماع الموردي===
===الأول: الاجتماع الموردي===
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل