أصول المذهب الظاهري

أصول المذهب الظاهري: المراد من أصول المذهب هي القواعد والمنابع الّتي لها التأثير الأساسي لما يستنبطونه من الأحکام. مثلاً الکتاب والسنة يعدّان من أصول المذهب المشترکان بين جميع المذاهب، وهکذا سائر الأصول مثل الإجماع و القياس و الاستحسان.
واستقراء موارد استخدام هذا الاصطلاح في الفقه والأصول يكشف غالبا عن كون مراد الأصوليين والفقهاء منه الإشارة إلى ما يعتمده المذهب من قواعد أصولية أساسية كثيرة التوظيف والأداء، وهي ممَّا اختلفت فيها المذاهب الفقهية عموما، سواء في أصل القاعدة والمبدأ، مثل القياس الذي يرتضيه بعضها وترفضه بعضها الآخر، أو مثل السنّة التي تختلف فيها المذاهب لا من حيث الأصل، بل من حيثيات اُخرى، كقبول أو عدم قبول خبر الواحد كطريق للكشف عنها، أو من حيث قبول الأخبار الواردة عن طرق دون اُخرى.

أصول المذهب الظاهري

1 ـ ظاهر الكتاب

واعتماد الظاهر من أبرز مبادئ هذا المذهب، ولأجل ذلك نعت مذهبهم بالظاهري، ويُراد من الظاهر الالتزام بالنصوص وعدم التعدي إلى غير ما ورد فيها من خلال التعليل والقياس، ولأجل ذلك يصف البعض فقه هذا المذهب بفقه النصوص. [١] ويُرجع ابن حزم الأصول التي يعتمدها هذا المذهب إلى النصّ، حيث يقول: «فلا سبيل إلى معرفة شيء من أحكام الديانة أصلاً إلاَّ من أحد هذه الوجوه الأربعة، وهي كلّها راجعة إلى النصّ، والنصّ معلوم وجوبه، ومفهوم معناه بالعقل...». [٢]

2 ـ السنّة متواترها وآحادها

[٣]

3 ـ إجماع الصحابة

[٤]
وفي هذا المجال ورد عن ابن حزم قوله: «قال أبو محمّد: قال أبو سليمان وكثير من أصحابنا: لا إجماع إلاَّ إجماع الصحابة رضي اللّه‏ عنهم».[٥]

4 ـ الاستصحاب

[٦]
وقد أقرَّ ابن حزم أصول مذهبه بالنحو التالي:
«الأصول التي لايعرف شيء من الشرائع إلاَّ منها، وأنَّها أربعة، هي: نصّ القرآن، ونصّ كلام رسول اللّه‏(ص) الذي إنَّما هو عن اللّه‏ تعالى ممَّا صحَّ عنه عليه السلام نقل الثقات أو التواتر، وإجماع جميع علماء الاُمة، أو دليل منها لايحتمل إلاَّ وجها واحدا».[٧]
وقد رفض أرباب هذا المذهب القياس[٨] و الاستحسان والاجتهاد بالرأي[٩] وسدّ الذرائع[١٠] والتعليل[١١] والتقليد مطلقا. [١٢]
وفي مجال الاستحسان ورد عن ابن حزم القول: «صح أنّ الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال».[١٣]
وبرغم أنَّه لم يردّ حجيَّة المصالح المباشرة إلاَّ أنَّه يدرجها ـ حسب الظاهر ـ تحت الاستحسان[١٤] أو الرأي، اللذين يرفضهما بشدَّة.
وفي مجال التقليد ورد عن ابن حزم: «وليعلم أنَّ كلّ من قلَّد، من صاحب أو تابع أو مالكا أو أبو حنيفة و الشافعي وسفيان والأوزاعي وأحمد وداود رضي اللّه‏ عنهم متبرّؤون منه في الدنيا والآخرة، ويوم يقوم الأشهاد».[١٥]
وفي مجال وظيفة الجاهل وغير العالم بالأحكام يقول برجوعه إلى أهل الذكر لسؤالهم عمَّا لايعلم، دون التقيُّد بشخص خاصّ، حيث يقول: «فالتقليد كلّه حرام في جميع الشرائع، أوّلها عن آخرها، من التوحيد والنبوَّة والقدر والإيمان والوعيد والإمامة والمفاضلة وجميع العبادات والأحكام.
فإن قال قائل: فما وجه قوله تعالى: «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ»[١٦] قيل له ـ وباللّه‏ تعالى التوفيق ـ : إنَّه تعالى أمرنا أن نسأل أهل العلم عمَّا حكم به تعالى في هذه المسألة».[١٧]
وفي مجال التعليل يقول:
«وقال أبو سليمان وجميع أصحابه رضي اللّه‏ عنهم: لايفعل اللّه‏ شيئا من الأحكام وغيرها لعلِّة أصلاً بوجه من الوجوه، فإذا نصَّ اللّه‏ تعالى أو رسوله(ص) على أنّ أمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا، ولئن كان كذا أو لكذا، فإنَّ ذلك كلّه ندري أنَّه جعله اللّه‏ أسبابا لتلك الأشياء في تلك المواضع التي جاء النصّ بها فيها، ولا توجب تلك الأسباب شيئا من تلك الأحكام في غير تلك المواضع البتة».[١٨]

المصادر

  1. ابن حزم أبو زهرة: 288.
  2. الإحكام ابن حزم 1 ـ 4: 67.
  3. المصدر السابق: 93 ـ 128.
  4. المصدر نفسه: 539.
  5. المصدر نفسه: 539.
  6. المصدر نفسه 5 ـ 8: 5 ـ 8.
  7. المصدر نفسه 1 ـ 4: 69.
  8. المصدر نفسه 5 ـ 8: 368 ـ 483، 487 ـ 545.
  9. المصدر نفسه: 192 ـ 226.
  10. المصدر نفسه: 179 ـ 191.
  11. المصدر نفسه: 546 ـ 586.
  12. المصدر نفسه: 227 ـ 319.
  13. المصدر نفسه: 193.
  14. ابن حزم أبو زهرة: 419.
  15. الإحكام ابن حزم 1 ـ 4: 96.
  16. النحل: 43.
  17. الإحكام ابن حزم 5 ـ 8: 295.
  18. المصدر السابق: 546.