الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أصول الفقه»

أُضيف ١٥٬٣٦٢ بايت ،  ١٩ أبريل ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٥١: سطر ٥١:
<br>فتشمل التحديدات المذكورة لموضوع علم الأصول جميع أبحاثه ومسائله من أدلّة قطعية وظنّية، حتّى التي  تعالج مرحلة الشكّ في الحكم الواقعي وعدم وجدان  الدليل المعتبر والتي تعرف بالأصول العملية كالاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير عند [[دوران الأمر بين المحذورين]].
<br>فتشمل التحديدات المذكورة لموضوع علم الأصول جميع أبحاثه ومسائله من أدلّة قطعية وظنّية، حتّى التي  تعالج مرحلة الشكّ في الحكم الواقعي وعدم وجدان  الدليل المعتبر والتي تعرف بالأصول العملية كالاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير عند [[دوران الأمر بين المحذورين]].
ويذهب النائيني إلى أنّه لا يلزم معرفة الموضوع بحقيقته واسمه، بل يكفي معرفة لوازمه وخواصّه. <ref> فوائد الأصول 1 ـ 2: 29.</ref>
ويذهب النائيني إلى أنّه لا يلزم معرفة الموضوع بحقيقته واسمه، بل يكفي معرفة لوازمه وخواصّه. <ref> فوائد الأصول 1 ـ 2: 29.</ref>
=غاية علم الأصول=
يذكر أنّ غاية علم الأصول هي القدرة على استنباط [[الأحكام الشرعية]] من مداركها<ref> فوائد الأصول 1 ـ 2: 20.</ref>، وعبّر عنها الآمدي بقوله: «بأنّها الوصول إلى معرفة الأحكام الشرعية»<ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 9.</ref> فإنهّ من دون معرفة طرق وأدوات الاستنباط التي يدرسها علم الأصول لا يمكن استنباط ومعرفة الحكم الشرعي، فعلم الأصول يؤمّن لنا الآلية الصحيحة لاستخراج الأحكام الشرعية من مداركها الأصلية.
<br>وبعبارة أخرى: «إنّ الغاية لعلم الأصول هي العلم بالوظيفة الفعلية بقول مطلق وتحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل، سواء كان العلم بالوظيفة للعلم الوجداني بالحكم الشرعي أو للعلم التعبّدي به أو للعلم بالوظيفة المجعولة شرعا... ، أو للعلم بالوظيفة الفعلية بحكم العقل».<ref> مصباح الأصول 1 ق 1: 15.</ref>
=أهمّية علم الأصول=
يكتسب علم الأصول أهمّيته بسبب كونه يؤمّن الوسائل والآليات لاستكشاف واستنباط الحكم الشرعي، ومن دون الاستعانة بعلم الأصول لا يمكن للفقيه أن يستنبط حكما شرعيا. <ref> أنظر: المعالم الجديدة للأصول: 29.</ref>
=مبادئ أصول الفقه=
يحتوي علم الأصول على جملة مسائل تتبع علوما أخرى لكونها دخيلة في قياس الاستنباط الذي ينتج الحكم الشرعي، وهذه المسائل يصطلح عليها بمبادئ علم الأصول، ويذكر النائيني أنّ هذه المبادئ ليست من مباحث العلم إلاّ أنّه جرت سيرة أرباب العلوم على ذكر مبادئ كلّ علم في ذلك العلم. <ref> فوائد الأصول 1 ـ 2: 27. وأنظر: شرح مختصر المنتهى العضدي 1 :  3 ـ 4.</ref>
<br>ولذلك يذكر أنّ علم أصول الفقه يستمد من علوم أخرى كالكلام والعربية والفقه؛ أمّا وجه استمداده من علم الكلام فلتوقف معرفة الحكم الشرعي على معرفة اللّه‏ وصفاته ومعرفة رسوله وغير ذلك من مسائل علم الكلام.
<br>وأمّا وجه استمداده من علوم العربية فلتوقّف معرفة الأدلّة اللفظية من [[الكتاب والسنّة]] على معرفة اللغة من جهة [[الحقيقة والمجاز]] و [[العموم والخصوص]] و [[المنطوق والمفهوم]] وغير ذلك.
<br>وأمّا وجه استمداده من الفقه باعتباره مدلول الدليل وناتجا لعلم الأصول ولا يتصوّر درك الدليل من دون درك المدلول، مضافا إلى أنّ علم الأصول يحتاج إلى مزيد من الامثلة والتطبيقات في مختلف الابواب الأصولية مأخوذة من الفقه. <ref> أنظر: البرهان في أصول الفقه 1: 7، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 9.</ref>
إلى غير ذلك من المبادئ التي يتوقّف عليها علم الأصول والتي ترجع إلى علم الرجال والفلسفة والمنطق.
واستمدَّ علم الأصول في القرون المتأخّرة من الفلسفة كثيرا، مثل: مبحث «الواحد لايصدر إلاّ من واحد»، ومبحث «أصالة الماهية»، ومبحث «أنحاء الوجود»، وغير ذلك من الأبحاث الفلسفية التي أعملت في مباحث أصولية كثيرة.
<br>ويختلف الأصوليون في طريقة تعاملهم مع هذه المبادئ فبعض القدماء كانوا يتطرقون إلى المبادئ الكلامية وطرق الاستدلال كالطوسي<ref> العدّة في أصول الفقه 1: 12 وما بعدها، 42 وما بعدها.</ref> والغزالي<ref> المستصفى 1: 10 وما بعدها.</ref> والآمدي<ref> الإحكام 1 ـ 2: 10 وما بعدها.</ref>، إلاّ أنّ السيّد المرتضى لم يرتض ذلك واعتبر الكلام فيها خارجا عن علم الأصول أصلاً. <ref> الذريعة 1: 1 ـ 4.</ref>
<br>ومع ذلك درجوا على ذكر مباحث الألفاظ، بل التوسّع فيها إلى نظريات ومباحث لم تكن موجودة في علوم اللغة  أصلاً.
<br>ويذكر [[السيّد محمّد تقي الحكيم]] أنّ هذه المبادئ التي تقع موقع الصغرى في قياس الاستنباط ليست من علم الأصول؛ لأنّ [[المسألة الأصولية]] هي خصوص الكبرى، وأمّا الصغرى فهي خارجة عن علم الأصول ، ولذا يجب  الاقتصار فيها إلى مقدار ما تمس الحاجة وعدم التوسّع فيها. <ref> الأصول العامة للفقه المقارن: 38.</ref>
<br>وجود هذه المبادئ في [[علم الأصول]] إنّما هو لأجل كونها مفيدة في قياس الاستنباط، ولذا يذكر الشاطبي أنّه: «كلّ مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عونا في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية، والذي يوضّح ذلك أنّ هذا العلم لم يختصّ بإضافته إلى الفقه إلاّ لكونه مفيدا له ومحقّقا للاجتهاد فيه، فإذا لم يفد ذلك فليس بأصل له، ولا يلزم على هذا أن يكون كلّ ما انبنى عليه فرع فقهي من جملة أصول الفقه وإلاّ أدّى ذلك أن يكون سائر العلوم من أصول الفقه كعلم النحو واللغة والاشتقاق والتصريف والمعاني والبيان والعدد والمساحة والحديث وغير ذلك من العلوم التي يتوقّف عليها تحقيق الفقه وينبني عليها من مسائله، وليس كذلك، فليس كلّ ما يفتقر إليه الفقه يعدُّ من أُصوله، وعلى هذا يخرج عن أصول الفقه كثير من المسائل تكلّم عنها المتأخّرون وادخلوها فيها، كمسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا؟ ومسألة أمر المعدوم، ومسألة هل كان النبي(ص) متعبدا بشرع أم لا؟ ومسألة لا تكليف إلاّ بفعل، كما أنّه لا ينبغي أن يعدّ منها ما ليس منها ثُمّ البحث فيه في علمه وإن انبنى عليه الفقه، كفصول كثيرة من النحو، نحو معاني الحروف، وتقاسيم الاسم والفعل والحرف، والكلام على [[الحقيقة والمجاز]]، وعلى المشترك والمترادف والمشتقّ وشبه ذلك».<ref> الموافقات 1: 42 ـ 44.</ref>
=أصول الفقه وأدلّته هل هي قطعية أم ظنيّة؟=
يذهب أصوليو [[الشيعة الإمامية]] إلى أنّ أصول الفقه وأدلّته يجب إمّا أن تكون قطعية أو مستندة إلى القطع «لأنّ طريقية كلّ شيء لابدّ وأن تنتهي إلى العلم، وطريقيّة العلم لابدّ وأن تكون ذاتية له؛ لأنّ كلّ ما بالغير لابدّ وأن ينتهي إلى ما بالذات وإلاّ لزم التسلسل».<ref> فوائد الأصول 3: 7.</ref>
<br>فكلّ دليل وأصل من أصول الفقه إن لم يكن قطعيا لابدّ أن يقوم الدليل القطعي عليه: «فالعلم إذا هو مصدر الحجج وإليه تنتهي، وكلّ ما لا ينتهي إليه لا يصحّ الاحتجاج به ولا يكون قاطعا للعذر».<ref> الأصول العامة للفقه المقارن: 27.</ref>
<br>المقياس في الحجّية وعدمها فيما يتعلَّق بأصول الفقه هو القطع فـ «الدليل إذا كان قطعيا فهو حجّة على أساس حجّية القطع، إذا لم يكن كذلك فإن قام دليل قطعي على حجّيته أخذ به، وأمّا إذا لم يكن قطعيا وشكّ في جعل الحجّية له شرعا مع عدم قيام الدليل على ذلك فالأصل فيه عدم الحجّية».<ref> دروس في علم الأصول 2: 59.</ref> هذا عند الشكّ في الحجية، ولذلك اشتهر عندهم قول: «الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدم الحجّية»<ref> أنظر: مصباح الأصول 2: 111، محاضرات في أصول الفقه 3: 276.</ref> ونحوه. أو قول: «الأصل عند الشكّ في الحجّية عدم الحجّية».<ref> دروس في علم الأصول 1: 204.</ref>
<br>وقد دلّ العقل والنقل على عدم جواز العمل بالظنّ، وأنّ الاعتماد عليه حرام. <ref> أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 18، الأصول العامة للفقه المقارن: 29، فرائد الأصول 1: 125 ـ 126.</ref>
<br>أمّا أصوليو [[أهل السنّة]] فلحجّية أصول الفقه الظنّية باب واسع عندهم، ولذلك التمسوا حجّية كثير من الظنون، مثل: [[القياس المستنبط العلّة]] وبناء الأحكام على [[المصالح المرسلة]] أو [[الاستحسان]] أو العرف.
<br>نعم، خالف في ذلك الشاطبي<ref> الموافقات 1: 29 ـ 42.</ref> فذهب إلى أنّ أصول الفقه وأدلّته قطعية ولا مجال للظنّ فيها، بل لا يجوز الاستناد في الفقه إلى الظنّ، وهذه الأصول مستفادة ومستنبطة من كلّيات الشريعة وهي قطعية؛ أمّا كونها مستنبطة من كلّيات الشريعة فلإمكان استقراء جميع مسائل أصول الفقه؛ لأنّها محصورة وبعد [[الاستقراء]] نجد أنّها مبنية على كلّيات الشريعة الثلاث وهي الضروريات والحاجيات والتحسينيات، وتهدف إلى تحقيق هذا الغرض الشرعي<ref> المصدر السابق: 29.</ref> وأمّا كونها قطعية؛ فلأنّ كليات الشريعة الثلاث ترجع إمّا إلى أحكام العقل وهي قطعية لا يشوبها شكّ، وإمّا إلى الاستقراء الكلّي من خلال ملاحظة أحكام الشارع، فإنّها وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس: الدين والنفس والنسل والمال والعقل، فما ينتج عن ذلك من أصول الفقه وقواعد فقهية تصب في هذا المضمون والمحافظة على كلّيات الشريعة. <ref> المصدر نفسه: 29 ـ 30.</ref>
<br>وذكر الشاطبي أنّه لا يصحّ أن تكون أصول الفقه ظنيّة؛ لأنّه لا يجوز رجوع الظنّ إلى أمر عقلي ولا يجوز رجوعه إلى كلّيات الشريعة؛ لأنّ تعلّقه بها معناه رجوع الظنّ إلى أصل الشريعة وهو ينافي الحفظ الذي أخبر به تعالى بقوله: '''«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»'''<ref> الحجر: 9.</ref>، وقوله تعالى: '''«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»'''<ref> المائدة: 3.</ref>. فالآيات القرآنية تشير إلى حفظ أصول الشريعة التي نصّ عليها الشارع وكلّ ما يتضمّن ذلك.<ref> الموافقات 1: 30، 32.</ref>
<br>هذا فيما يتعلّق بأصل الكبرى المدعاة في أنّ أصول الفقه حيث يجب أن تكون قطعية ولا يجوز افتراض الظنّ فيها. أمّا فيما يتعلّق بمسلكه إلى إثبات قطعية أصول الفقه، كلّ أصل بمفرده وعلى حدة، فهو يقترح منهج الاستقراء وتجميع الظنون كطريق إلى إثبات قطعية أي أصل من أصول الفقه، فيقول: «وإنّما الأدلّة المعتبرة هنا، المستقرأة من جملة أدلّة ظنّية تضافرت على معنى واحد حتّى أفادت فيه القطع، فإنّ للإجماع من القوّة ما ليس للافتراق، ولأجله أفاد التواتر القطع، وهذا نوع منه، فإذا حصل في استقراء أدلّة المسألة مجموعها يفيد العلم فهو الدليل المطلوب وهو شبيه بالتواتر المعنوي، بل هو كالعلم بشجاعة علي  رضى‏الله‏عنه، وجود حاتم المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما»<ref> المصدر السابق: 36.</ref>، فمثلاً الأدلّة الدالّة على حجّية خبر الواحد أو الإجماع أو القياس إذا نظرنا إليها كلّ دليل على حدة وبمفرده فهو دليل ظنّي لا يفيد القطع بحجّية المذكورات، وأمّا إذا نظرنا إلى مجموعها، فإنّه سوف يحصل القطع بحجّيتها. <ref> الموافقات 1: 37.</ref>
<br>وعلى ضوء هذا المنهج استشكل في اشكال جماعة على بعض الأدلّة المقامة على بعض الأصول ومناقشتها دليلاً دليلاً، ويذكر أنّه إذا اتبعنا منهج هؤلاء لم يسلم لنا أصل من أصول الفقه ولم يحصل لنا قطع بأي حكم شرعي البتة، بل لابدّ من ملاحظة مجموع الأدلّة لا كلّ دليل على حدة، فإنّه وحده لا يفيد إلاّ الظنّ. <ref> المصدر السابق.</ref>
<br>ولذلك استشكل في عدّ جماعة الإجماع من الأدلّة الظنّية باعتبار أنّهم لاحظوا كلّ دليل من الأدلّة المقامة على حجّيته بمفرده ولم يلاحظوا المجموع<ref> المصدر نفسه: 41.</ref>. وعلى ضوء المنهج المذكور صحّح [[الشاطبي]] الرجوع إلى المصالح المرسلة باعتبار رجوعها إلى كلّيات الشريعة وملائمة لتصرّفات الشارع ومأخوذة من معناه وأدلّته، وملاحظة مجموع الأدلّة التي أقيمت على اعتبار تلك المصالح. <ref> المصدر نفسه: 39.</ref>


=المصادر=
=المصادر=
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل