الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أصالة الإباحة»

أُضيف ١٢٬٧٥٢ بايت ،  ١٣ يناير ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
(أنشأ الصفحة ب' <div class="wikiInfo"> {| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ | |- !العنوان!! data-type="authorName" |أصالة الإباحة |- |ا...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ٢٩: سطر ٢٩:
ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ الإباحة بالمعنى الأخص ليس لها مراتب تشتد بسببها وتضعف، فلا تكون ضعيفة ـ  مثلاً  ـ إذا كان سببها واحدا، كالإكراه على أكل لحم الخنزير ـ  مثلاً  ـ الموجب لحليته، ولا تكون شديدة إذا تعددت أسبابها، كما لو أُكره المكلّف واضطر في آنٍ واحد إلى أكل اللحم المذكور، وذلك لبساطة ماهيتها، وعدم تعدد مراتبها<ref>(انظر : محاضرات في أصول الفقه 5 : 112 ـ 113، مصباح الأصول 2 : 308 ـ 309.)</ref>، بخلاف ماهية سائر الأحكام التكليفية الأخرى التي يمكن تصوّر مراتب فيها، فيقال ـ  مثلاً  ـ : يُكره العمل الكذائي كراهةً شديدة، أويستحب استحبابا مؤكدا. وكذا الحال بالنسبة إلى الحرمة والوجوب، ممّا يعني أنّ لماهية  هذه الأحكام مراتب مشككة تختلف باختلافها شدةً وضعفا.
ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ الإباحة بالمعنى الأخص ليس لها مراتب تشتد بسببها وتضعف، فلا تكون ضعيفة ـ  مثلاً  ـ إذا كان سببها واحدا، كالإكراه على أكل لحم الخنزير ـ  مثلاً  ـ الموجب لحليته، ولا تكون شديدة إذا تعددت أسبابها، كما لو أُكره المكلّف واضطر في آنٍ واحد إلى أكل اللحم المذكور، وذلك لبساطة ماهيتها، وعدم تعدد مراتبها<ref>(انظر : محاضرات في أصول الفقه 5 : 112 ـ 113، مصباح الأصول 2 : 308 ـ 309.)</ref>، بخلاف ماهية سائر الأحكام التكليفية الأخرى التي يمكن تصوّر مراتب فيها، فيقال ـ  مثلاً  ـ : يُكره العمل الكذائي كراهةً شديدة، أويستحب استحبابا مؤكدا. وكذا الحال بالنسبة إلى الحرمة والوجوب، ممّا يعني أنّ لماهية  هذه الأحكام مراتب مشككة تختلف باختلافها شدةً وضعفا.
أمّا المباح فقد عرّفوه بتعاريف متعددة، كتعريفهم له بأ نّه الذي لايمدح فاعله ولايذم تاركه<ref>(انظر : الذريعة 2 : 805 ، الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 482، معارج الأصول : 48، المسوّدة : 516، نهاية السُّول 1 : 80 ، التحبير شرح التحرير 3 : 1020.)</ref>، أو الذي لايستحق على فعله ثواب ولا على تركه عقاب<ref>(انظر : الفصول في الأصول 2 : 91 و3 : 347، اللمع : 34، غاية المأمول : 87 ، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 44.)</ref>، أو الذي لا ضرر ولا تبعة في فعله مع كون تركه ممنوعا كإباحة دم المرتد<ref>(إرشاد الفحول 1 : 52.)</ref> الذي يرجع في حقيقته إلى المباح بالمعنى الأعم، بخلاف المباح بمعنييه الأولين اللذين يرجعان إلى المباح بمعناه الأخص.
أمّا المباح فقد عرّفوه بتعاريف متعددة، كتعريفهم له بأ نّه الذي لايمدح فاعله ولايذم تاركه<ref>(انظر : الذريعة 2 : 805 ، الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 482، معارج الأصول : 48، المسوّدة : 516، نهاية السُّول 1 : 80 ، التحبير شرح التحرير 3 : 1020.)</ref>، أو الذي لايستحق على فعله ثواب ولا على تركه عقاب<ref>(انظر : الفصول في الأصول 2 : 91 و3 : 347، اللمع : 34، غاية المأمول : 87 ، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 44.)</ref>، أو الذي لا ضرر ولا تبعة في فعله مع كون تركه ممنوعا كإباحة دم المرتد<ref>(إرشاد الفحول 1 : 52.)</ref> الذي يرجع في حقيقته إلى المباح بالمعنى الأعم، بخلاف المباح بمعنييه الأولين اللذين يرجعان إلى المباح بمعناه الأخص.
==الألفاظ ذات الصلة==
هناک ألفاظ ترتبط بلحاظ المعنی لأصالة الإباحة، وهذه الألفاظ والإصطلاحات تساوق الإباحة شرعاً، و هي کما یلي:
===الجواز===
يستعمل الجواز مرة ويراد به الإباحة بمعناها الأخص، ويستعمل أخرى ويراد به معناها الأعم، ويستعمل ثالثة ويراد به الإمكان وعدم الاستحالة.
===الرخصة===
هي إطلاق العنان وعدم الإلزام في مقابل العزيمة والإلزام، وتأتي أيضا بمعنى الإباحة.
===الحليّة===
وهي الجواز وعدم الممنوعية في مقابل التحريم والرادعية، وقد ذكر بعضهم أنّ الفرق بين أصالة الإباحة وأصالة الحليّة هو: أنّ أصالة الإباحة تستعمل في مقابل احتمال الحرمة في الشبهات الحكمية، بينما تستعمل أصالة الحليّة في مقابل احتمال الحرمة في الشبهات الموضوعية. <ref>(آشتیانی، بحر الفوائد، ج4ص233.)</ref>
===الإباحة الأصلية===
وهي الحكم بالإباحة الواقعية على الأشياء قبل ورود الشرع<ref>(منتقى الأصول 7 : 248.)</ref> وهي المعروفة بأصالة الإباحة الواقعية التي يأتي الكلام عنها بعد قليل تحت نفس هذا العنوان.
==حکم أصالة الإباحة==
وقع البحث عن الإباحة في أمور:
===الأمر الأول: منشأ الإباحة===
قد تنشأ الإباحة بمعناها الأخص من خلوّ الفعل المباح من أي مصلحة وملاك يدعو إلى الإلزام فعلاً أو تركا، وتسمى حينئذٍ بالإباحة اللااقتضائية والملاك بالملاك اللااقتضائي. <ref>(دروس في علم الأصول 1 : 178.)</ref>
وقد تنشأ من وجود ملاك يدعو إلى إطلاق عنان المكلّف وفسح المجال أمامه في اختيار الفعل أو الترك، وتسمى حينئذٍ بالإباحة الاقتضائية<ref>(المصدر السابق 2 ق1 : 46 ـ 47.)</ref>، والملاك بالملاك الاقتضائي. <ref>(المصدر نفسه 1 : 178.)</ref>
وقد نفى بعضهم أن تكون الإباحة اللااقتضائية من الأحكام الشرعية، إذ لابدّ من استنادها إلى ملاك تقوم عليه، ولمّا لم تكن الإباحة اللااقتضائيه من هذا القبيل فهي لغو يستحيل صدورها من الشارع، ولابدّ من اعتبارها من الإباحة العقلية التي تعني عدم المنع من الفعل والترك. <ref>(خمینی، تهذيب الأصول، ج1ص298.)</ref>
===الأمر الثاني: الفرق بين الإباحة الشرعية والعقلية===
[[الإباحة الشرعية]]: هي الترخيص المجعول من قبل الشارع بما هو شارع سواء أكان واقعيا أو ظاهريا. <ref>(منتقى الأصول 4 : 430.)</ref>
واشترط بعضهم في الإباحة الشرعية أن يكون ثبوتها عن طريق الخطاب الشرعي. <ref>(الإحكام الآمدي 1ـ2 : 107.)</ref>
وأمّا [[الإباحة العقلية]]: فهي عبارة عن حكم العقل بفقدان حكم متوجه إلى المكلّفين. <ref>(نراقی، عوائد الأيام، ص368.)</ref>
وتطلق الإباحة العقلية أيضا على حكم العقل بإباحة ما أباحه الشارع، وهي بهذا المعنى قد ترجع في حقيقتها إلى الإباحة الشرعية. <ref>(نراقی، عوائد الأيام، ص368.)</ref>
===الامر الثالث: إمكان الإباحة===
اتفق الأصوليون<ref>(الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 107، الأصول العامة للفقه المقارن: 61.)</ref> على إمكان الإباحة، باستثناء الكعبي وأتباعه الذين نفوا وجود مباح في الشريعة، بل نفوا كلّ حكم غير إلزامي<ref>(نقل عنه الخلاف في : المستصفى 1 : 88 ، المحصول الرازي 1 : 298، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 107، منتهى الوصول : 40، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 1 : 537، كشف الأسرار (البخاري) 1 : 274 ـ 275، تحفة المسؤول 1 : 85 ، البحر المحيط 1 : 279، شرح الكوكب المنير : 131، الأصول العامة للفقه المقارن : 61.)</ref>، مستدلين له بدليلين: <ref>(انظر : محاضرات في أصول الفقه 3 : 40 ـ 42، الأصول العامة للفقه المقارن : 61.)</ref>:
====الأول====
أنّ ترك الحرام لما كان واجبا ـ  باعتبار أنّ النهي عن الحرام يقتضي الأمر بضده وهو الترك  ـ فلابدّ أن يكون فعل المباح واجبا أيضا؛ لكونه مقدمة لتحقق الترك، ومقدمة الواجب واجبة. فلو ورد النهي عن الكذب مثلاً فلابدّ أن يكون تركه واجبا؛ لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، فتجب مقدمته التي هي فعل شيء من الأفعال المباحة، فلايكون هناك فعل مباح إلاّ وهو واجب من باب المقدمة.
واُورد عليه ـ  مضافا لمخالفته للإجماع<ref>(التحبير شرح التحرير 3 : 1027.)</ref>  ـ بأنّ الأمر بترك الحرام يحتاج إلى ملاك ومصلحة؛ لابتناء الأحكام على المصالح والمفاسد كما هو المشهور بين العدلية، والمصلحة هنا غير محرزة خصوصا مع عدم الحاجة إلى الأمر وكفاية النهي عن الإتيان بنفس الحرام، فإذا كان النهي غير مؤثر في ردعه فالأمر بترك الحرام أيضا لايؤثر في منع المكلّف عن ارتكابه. <ref>(الأصول العامة للفقه المقارن : 63.)</ref>
هذا بالاضافة إلى أنّ ترك الحرام لايتوقف على فعل من الأفعال غير المحرمة، بل يكفي فيه عدم الإرادة والرغبة في فعله. <ref>(محاضرات في أصول الفقه 3 : 41، وانظر : معالم الدين : 69.)</ref>
====الثاني====
هو أنّ ترك الحرام يتحقق ضمن فعل من  الأفعال المباحة ، فإذا كان الترك واجبا فلا بدّ أن يكون ملازمه واجبا ؛ لامتناع اختلاف المتلازمين في الحكم. <ref>(معالم الدين : 68.)</ref>
واُورد عليه بأنّ التكاليف الشرعية وليدة المصالح والمفاسد، وليس من الضرورة أن يكون المتلازمان متشابهين في مصالحهما لكي يكونا متماثلين في الحكم<ref>(الأصول العامة للفقه المقارن : 63.)</ref>، مع أنّ طبيعة التلازم لا تستدعي أكثر من امتناع جعل حكمين متضادين، أحدهما واجب والآخر محرّم؛ لامتناع امتثالهما معا، بخلاف ما لو كان أحدهما واجبا والآخر مستحبا، فإنّه لا محذور فيه حينئذٍ، ومجرد لزوم الإتيان به تبعا لملازمه لايستلزم وجوبه شرعا؛ لأنّ اللزوم العقلي المحض لايستدعي الأمر المولوي. <ref>(المصدر السابق : 62.)</ref>
ولابدّ من الإشارة هنا إلى الإشكال الذي ذكره بعضهم على نظرية الكعبي من أ نّها تستلزم إيجاب المحرّم إذا كان  مقدمة لترك الحرام، وتحريم الواجب إذا كان مقدمة لترك الواجب. <ref>(نقل ذلك عن بعضهم في التحبير شرح التحرير 3 : 1027.)</ref>
ورغم اعتراف الكعبي بهذا الإشكال، إلاّ أ نّه حاول التخفيف منه بمقايسة المباح بالصلاة في الأرض المغصوبة عند ضيق الوقت، حيث تكون واجبة من جهة ومحرمة من جهة أخرى. <ref>(نقل عنه في التحبير شرح التحرير 3 : 1027.)</ref>
ولعلّ هذه المحاولة من الكعبي هي التي دعت البعض للمصالحة بينه وبين الجمهور، لاعتقاد الكعبي كغيره من العلماء، بأنّ المباح يبقى مباحا إلاّ إنّه يصير في نفس الوقت واجبا تخييريا، باعتبار أنّ ترك الحرام كما يحصل به يحصل بغيره من المباحات، فليس الخلاف بينه وبينهم إلاّ خلافا لفظيا. <ref>(الغيث الهامع : 75 ـ 76.)</ref>
والحقيقة أنّ المصالحة وإن كانت مطلوبة إلاّ أ نّها هنا بعيدة عن الواقع؛ لأنّ أكثر الأعلام لايرون اتصاف المباح بالوجوب لمجرد توقف ترك الحرام عليه.
===الأمر الرابع: المراد بأصالة الإباحة===
تطلق أصالة الإباحة مرة ويراد بها الأصل العملي، وتطلق أخرى ويراد بها [[الإباحة الأصلية]] التي يكون مفادها حكما واقعيا.
أمّا التي بمعنى الأصل العملي فهي تجري عند الشك في الحكم الواقعي بعد الفحص وعدم العثور على ما يدلّ على المنع، ويعبّر عنها أحيانا بأصالة البراءة، ويقابلها أصالة الحظر عند من يرى وجوب الالتزام بالاحتياط في هذا المجال، ويعبّر عنها أيضا بأصالة الاحتياط. <ref>(بحوث في شرح العروة الوثقى 3 : 65 ـ 66.)</ref>
وكثيراً ما يطلقون البراءة على الإباحة والاشتغال على الحظر<ref>(القوانين المحكمة : 39، نهاية الأفكار 3 : 291، زبدة الأصول الروحاني 1 : 292.)</ref>، لكن ذلك لايعني تساويهما موردا؛ لأنّ أصالة الإباحة أضيق دائرة من أصالة البراءة كما هو الراجح عند أكثر الأصوليين<ref>(مطارح الأنظار 2 : 402، بحر الفوائد 4 : 232.)</ref>؛ لاختصاص الأولى ب[[الشبهات التحريمية]]، وشمول الثانية لـ [[الشبهات الوجوبية]]<ref>(فوائد الأصول 3 : 445.)</ref>، ومن هنا فقد صرّح الآشتياني بأنّ أصالة الإباحة من أقسام [[أصالة البراءة]] وأفرادها<ref>(بحر الفوائد 4 : 232.)</ref>، وإن كان يظهر من [[المحقّق النائيني]] أ نّهما أصلان مستقلان؛ لأنّ [[المدلول المطابقي]] لأحدهما يختلف عن المدلول المطابقي للآخر، لدلالة أصالة الإباحة على الرخصة في الفعل والترك معا، بينما تختص أصالة البراءة بجانب الفعل عند احتمال الوجوب وبجانب الترك عند احتمال الحرمة، ولابدّ لنفيهما معا من التمسّك بالأصل مرتين. <ref>(انظر : فوائد الأصول 3 : 446.)</ref>
وبذلك يتضح أنّ أصالة الإباحة وإن كانت أضيق موردا من أصالة البراءة ـ  لاختصاصها بنفي احتمال التحريم  ـ إلاّ أ نّها أوسع أثرا منها؛ إذ بها ينتفي احتمال وجوب الالتزام بالفعل أو الترك معا، فجريانها لنفي احتمال التحريم يغني عن جريانها لنفي احتمال الوجوب؛ لأنّ معنى إباحة الفعل وحليّته الرخصة في الفعل والترك. <ref>(المصدر السابق 3 : 445 ـ 446.)</ref>
ومهما يكن من أمر فقد استدلّ لأصالة الاباحة بهذا المعنى بأدلة متعددة مذكورة بصورة مفصّلة في بحث البراءة، ونشير هنا إلى بعضها:
==الدلیل علی أصالة الإباحة==


==منابع==
==منابع==


[[تصنیف: الإباحة بالمعنی الأخص]][[تصنیف: الإباحة بالمعنی الأعم]]
[[تصنیف: الإباحة بالمعنی الأخص]][[تصنیف: الإباحة بالمعنی الأعم]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل