شُعبة بن الحجّاج

من ویکي‌وحدت

أبو بسطام شعبة بن الحجّاج بن الورد الأزدي العَتَكي مولاهم الواسطي: من أشهر المحدّثين، وأحد أئمّة الجرح والتعديل.

مولده

قال أبوزيد الهروي: ولد سنة ثنتين وثمانين للهجرة.

شيوخه

سمع من الحسن مسائل، وسمع من: معاوية بن قرّة ،وعمرو بن مرّة ، والحَكم، وسلمة بن كهيل، وأنس بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، وخلق كثير.

تلاميذه ومن روى عنه

ممّن روى عنه: أيّوب السختياني، وابن إسحاق ،وهما من شيوخه، وسفيان الثوري،وابن مبارك، وغندر، وآدم، وعفّان بن مسلم ،وأبو داود الطيالسي ، وسليمان بن حرب، وعلي بن الجعد ، وأمم لا يحُصَوُن.

وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء): ومن جلالته قد روى مالك الإمام عن رجل عنه ،وهذا قَـلًّ أن عَـمِلَـه مالك.

ثناء العلماء عليه

قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث.

وكان الثوري يقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث.

وقال أبو حنيفة: نِعْمَ حَشْوُ المِـصْرِ هو.

وقال الشافعي: لولا شعبة لما عرف الحديث بالعراق.

وقال أحمد: شعبة أثبت في الحكم من الأعمش، وأعلم بحديث الحكم .. ولولا شعبة ذهب حديث الحكم، وشعبة أحسن حديثاً من الثوري ،ولم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث ،ولا أحسن حديثاً منه ،قسم له من هذا الحظّ ،وروى عن ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان.

وقال حمّاد بن زيد: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، فإذا خالفني شعبة في شيء تركته.

وقال أبو بكر البكراوي: ما رأيت أحداً أعبد لله من شعبة. لقد عبد الله حتّى جفّ جلده على عظمه وأسود.

وقال أبو قطن: ما رأيت شعبة قد ركع إلا ظننت أنّه نسي ، ولا سجد إلّا قلت: نسي.

وقال عمر بن هارون: كان شعبة يصوم الدهر.

وقال يحيى القطّان: كان شعبة رقيقاً يعطي السائل ما أمكنه.

وقال الحاكم فى ترجمة شعبة: رأى أنس بن مالك ، وعمرو بن سلمة ،وسمع من أربع مائة من التابعين، وحدّث عنه من التابعين : سعد بن إبراهيم ،ومنصور بن المعتمر، وأيّوب ، وداود بن أبي هند.

وقال أبو قتيبة: قدمت إلي الكوفة فقال لي سفيان: ما فعل أستاذنا شعبة؟

وقال ابن المديني: هؤلاء مشيخة شعبة الذين فاتوا سفيان بالكوفة: إسماعيل بن رجاء ، وعبيد بن الحسن، والحكم، وعدي بن ثابت ، وطلحة بن مصرف، والمنهال بن عمرو، وعلي بن مدرك، وسماك الحنفي، وسعيد بن أبي بردة.

منهجه وشدّة تحرّيه في الحديث

لا شكّ أنّ نشأة شعبة وحبّه للحديث وتفرّغه له قد أعانه على طلب الحديث ، والتحرّي فيه وفي رجاله، والتفتيش عن الصحيح والجيّد ،والبعد عن الضعيف والرديء، فأبوه من علماء الحديث وممّن روى هو عنه، وأمّه كانت تحثّه على سماع الحديث والطلب، وأخواه قد فرّغاه عن العمل وكفياه مئونته.

و قال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق، كان يجييء إلى الرجل فيقول : لا تحدّث، وإلّا استعديت عليك السلطان .

وهذا يدلّ على شدّة حرصه على الحديث وخوفه من أن يكذب عليه الكاذبون ، فكان شعبة يتهدّدهم بالسلطان.

وروى الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ): عن شعيب بن حرب أنّه سمع شعبة يقول :اختلفت إلى عمرو بن دينار خمس مائة مرّة، وما سمعت منه إلّا مائة حديث.

وقال أبو زيد الهروي: سمعت شعبة يقول: لأن أقع من السماء فأنقطع أحبّ إليّ من أن أُدَلِّسَ.

و قال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمّة وحده في هذا الشأن، يعني في الرجال وبصره بالحديث.

من اقواله

روى الخطيب فى الكفاية عن على بن عاصم .فال حدثنا شعبة قال: احذروا غيرة اصحاب الحديث بعضهم على بعض ، فلهم أشد غيرة من التيوس.

و ساق الذهبى و غيره قوله لأصحاب الحديث : ويلكم الزموا السوق فإنما أنا عيال على أخوى . يعنى يأمرهم بالعمل و الكسب لئلا يحتاجوا إلى غيرهم.

و قوله : كل شيئ ليس فى الحديث( سمعت) فهو خل و بقل .أى لا قيمة له.

قال ابن الصلاح : و هذا محمول على المبالغة و الزجر.

و كان يقول : ما شيئ أخوف عندى من أن يدخلنى النار من الحديث ،و يقول : وددت أنى وقاد حمام ،و أنى لم أعرف الحديث . قال الذهبى : كل من حاقق نفسه فى صحة نيته فى طلب العلم يخاف من مثل هذا،و يود ان ينجو كفافاً.

و كان يقول : لأن أخر من السماء أحب إلى أن أقول : قال الحكم ، لشيئ لم أسمعه منه. قال الذهبى هذا - و الله - الورع.

و قال عبد الرحمن بن مهدى : قلت لشعبة: من الذين تترك الرواية عنهم؟ قال: إذا أكثر عن المعروفين من الرواية ما لا يعرف، أو أكثر من الغلط ، أو تمادى فى غلط مجتمع عليه ، و لم يَتَّهِم نفسه عند اجتماعهم على خلافة ، أو رجل متهم بكذب ، و سائر الناس ، فَارْوِ عنهم.

و قال رحمه الله : إنى لأذاكر بالحديث يفوتنى فأمرض .

و قال مظفر بن مدرك : ذكروا لشعبة حديثاً لم يسمعه ، فجعل يقول : واحزناه.

عدد ما أخرجه له أصحاب الكتب الستة و الإمام أحمد من احاديث:

لشعبة في صحيح البخارى(793) ثلاثة و تسعون و سبعمائة حديث.

و له فى صحيح مسلم (590) تسعون و خمسمائة حديث.

و له فى سنن أبى داود (278) ثمانية و سبعون و مائتا حديث.

وله عند الترمذى(299) تسعة و تسعون و مائتا حديث.

و له عند النسائى (299) تسعة و تسعون و مائتا حديث.

و له عند ابن ماجة (272) اثنان و سبعون و مائتا حديث.

و له فى مسند أحمد (2681) حديث،و ذكر فيه فى (3223) اسناد. و الله أعلم.

وفاته:

قال الذهبى فى(تاريخ الإسلام) : اتفقوا على وفاة شعبة سنة ستين و مائة بالبصرة، و يقال إنه مات فى أول السنة.

و قيل: عاش ثمانياً و سبعين سنة.

و قال غندر : لما حضرت شعبة الوفاة لم يأذن لأحد إلا ليحيى بن سعيد، و إنما غمض عينيه يحيى بن سعيد.

و قال الذهبى فى( سير أعلام النبلاء) : قال سعد بن شعبة: أوصى أبى : إذا مات ان اغسل كتبه فغسلتها.

قال الذهبى : و هذا قد فعله غير واحد: بالغسل و بالحرق و بالدفن، خوفاً من ان تقع فى يد إنسان واه يزيد قيها أو يغيرها.