أساسيّات التسامح
أساسيّات التسامح جملة من المبادئ التي يقوم عليها التسامح المنشود، والتي منها : احترام الرأي الآخر وتقدير وجهات نظر الآخرين وإعطاء آرائهم الاجتهادية حقّها من الاعتبار والاهتمام.
وذلك مبني على أصل مهمّ، وهو أنّ كلّ ما ليس قطعياً من الأحكام هو أمر قابل للاجتهاد،
وإذا كان قابلاً له فهو قابل للاختلاف، والذي لا يقبل الاجتهاد هو القطعيات التي تجسّم الوحدة الفكرية والشعورية والعملية للأُمّة، وهي تمثّل مساحة قليلة من الأحكام العملية، وجلّها - أي: الأحكام - تقع في منطقة الظنّيات القابلة للاجتهاد.
ومن أساسيّات التسامح : إمكان تعدّد الصواب، ففي الأُصوليّين مَن يرى أنّ الصواب يتعدّد في أحكام الفروع،
وأنّ الصواب في كلّ مسألة ما إنتهى إليه حكم المجتهد فيها وإن اختلفت الاجتهادات ونتائجها اختلاف تضاد، لا مجرّد اختلاف تنوّع، بأن رأى أحدهم حلّية هذا الشيء والآخر حرمته،
وهؤلاء هم المعروفون باسم المصوّبة، ولهم أدلّتهم، ولمخالفيهم أدلّتهم وردودهم عليهم، أمّا الجمهور من علماء الأُمّة فلا يرون تصويب كلّ المجتهدين بإطلاق، فالمجتهد قد يخطِئ وقد يُصيب، وتوجد قضايا يمكن أن يتعدّد فيها الصواب بقيود معيّنة،
كأن يكون الصواب مع هذا المجتهد في زمان، ومع مخالفه في زمان آخر، وكذلك يتعدّد الصواب باعتبار تغيّر المكان وتأثيره في تكوين الرأي وتحديد الحكم، وهذا ما جعل الفقهاء يقرّرون أحكاماً لدار الإسلام وأُخرى لدار الحرب أو دار العهد.
وكذلك من أساسيّات التسامح : حتمية الاختلاف في تكييف الواقع (تحقيق المناط)، فالخلاف ليس خلافاً على الحكم الشرعي من حيث هو، بل هو خلاف على تكييف الواقع الذي يترتّب عليه الحكم الشرعي.
ومن أساسيّاته أيضاً : الكفّ عمّن قال : لا إله إلّااللّه، فإنّ من أخطر أدوات التدمير لبنيان الاتّحاد أو التقارب بين العاملين للإسلام والمسلمين التكفير، والسنّة النبويّة تحذّر أبلغ التحذير من اتّهام المسلم بالكفر.