المستحب
المستحب هو العمل الذي يُقال عنه إنه من الأفضل القيام به على تركه، مع أنه ليس واجبًا. صلاة الليل، الصلوات النافلة اليومية، الصيام المستحب، الأدعية خصوصًا الأدعية المأثورة، الصلاة على النبي، والعديد من الأعمال الأخرى تُعد من المستحبات.
المفهوم اللغوي والاصطلاحي
المستحب من أقسام الحكم الشرعي المعروف بـ"المحمود"، أي أن الشارع الشريف يحث المكلف على القيام بعمل ما دون أن يكون ملزمًا به، بمعنى آخر، المستحب هو فعل محبب ولا حرام في تركه؛ ففاعل المستحب يستحق الثناء، لكن تاركه لا يستحق الذم، مثل الصلاة والصيام المستحبين.[١][٢]
في الفقه، المستحب هو العمل الذي حكمه شرعًا الاستحباب، وأداؤه أفضل، وتركه لا يُشكّل إثمًا.[٣] ومع ذلك، فإن استخدام هذا اللفظ في القرآن الكريم والأحاديث النبوية بمعناه اللغوي يشير إلى المحبة والود.[٤]
كما تدل عناوين مثل "الندب"، "النافلة"، "السنة" و"التطوع" على معنى الاستحباب.[٥]
مكانة الموضوع
الاستحباب يُستخدم في أغلب أبواب الفقه كأحد الأحكام الخمسة، وفي أصول الفقه يُبحث في مبحث الأوامر، وهو ضد ومقدمة للواجب.
أنواع المستحب
المستحب ثلاثة أقسام:
- المستحب المؤكد: هو فعل لا يُعاقب تاركه، لكن يُذم ويعاتب، مثل الأعمال المكملة للواجبات الدينية كصلاة الجماعة، الأذان والإقامة.
- المستحب المشروع: هو فعل يثاب فاعله، ولا يُعاقب تاركه، مثل الصدقة على الفقراء وصيام يومي الاثنين والخميس.
- المستحب الزائد: هو فعل من كمالات المكلف، مثل الاقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الأمور العادية كالطعام والشراب والمشي والنوم.[٦]
الأقسام التفصيلية
العمل المستحب له أقسام من أهمها:
- المستحب النفسي أو الذاتي: هو عمل استحبابه ومرغوب فيه لذاته وليس لسبب آخر، مثل الصلوات والصيام المستحب كصيام عيد الغدير.
- المستحب الغيري: هو عمل ليس مستحبًا بذاته، بل أصبح كذلك لسبب مرتبط بعمل آخر، مثل الغسل من أجل الزيارة.
- المستحب العيني: هو عمل استحبابه ثابت لكل فرد، وأداءه من البعض يجعل أداؤه مستحبًا للآخرين، مثل الصلوات النافلة أو الصيام المستحب.
- المستحب الكفائي: هو عمل إذا قام به بعض الناس سقط عن الآخرين، مثل الأذان للإعلام.[٧]
- المستحب المؤكد: هو عمل شدد الشارع على أدائه، مثل الأذان للصلاة.[٨]
ترك العمل المستحب نصف منجز
قطع العمل العبادي المستحب بعد بدئه مكروه، خصوصًا ترك صلاة نافلة أو الإفطار في صيام مستحب بعد الظهر، مع أن ترك بعض الأعمال المستحبة غير جائز ويجب إتمامها، مثل الحج والعمرة المستحبين (وفقًا للرأي الشائع)، حيث يجب إتمامهما. وكذلك في الاعتكاف، إذا صام الفرد اليومين الأولين، يجب عليه صيام اليوم الثالث وإتمام الاعتكاف، وتركه في هذه المرحلة حرام.[٩]
المستحبات المعروفة
الصلوات المستحبة
المقالات الرئيسية: النافلة اليومية، صلاة الليل، وصلاة جعفر الطيار
نظرًا لأن الصلاة أجمل وأكمل الأعمال العبادية، فقد وُضعت العديد من الصلوات المستحبة للمشتاقين إلى القرب، ونادرًا ما توجد مناسبة دينية بلا صلاة خاصة بها. في مفاتيح الجنان عدد كبير من هذه الصلوات، ومن أهمها الصلوات النافلة اليومية، صلاة الليل، صلاة جعفر الطيار، صلاة الاستسقاء، صلاة عيد الفطر والأضحى، وصلاة أول الشهر.
الصيام المستحب
صيام جميع أيام السنة مستحب، إلا الأيام التي حُرم أو كُره الصيام فيها. وقد وُصِي بالصيام أكثر في بعض الأيام.
الأدعية المأثورة
رغم إمكانية الدعاء بأي لغة، إلا أن تأثير الأدعية المنقولة عن المعصومين في كتب الدعاء أكبر.
المصادر
- آخوند خراساني، ملا كاظم، كفاية الأصول، قم، مؤسسة آل البيت، 1409ق.
- حكيم، محمد تقي، أصول العامة للفقه المقارن، بيروت، مؤسسة آل البيت، الطبعة الثانية، 1979م.
- خويي، سيد أبو القاسم، أجود التقریرات، دروس محمد حسين النائيني، قم، مطبعة العرفان، 1352ش.
- شهيد أول (عاملي)، محمد بن مكي، القواعد والفوائد، تحقيق: سيد عبد الهادي حكيم، قم، مكتبة مفيد، نسخة نجف.
- محقق حلي، جعفر بن حسن، المعتمد في شرح المختصر، قم، مؤسسة سيد الشهداء، 1407ق.
- نجفي، محمد حسن، جواهر الكلام، تحقيق: عباس قوچاني وعلي آخوندي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة السابعة، بلا تاريخ.
- هاشمي شاهرودي، سيد محمود، فرهنگ فقه مطابق مذهب أهل البيت، قم، مؤسسة دائرة المعارف الفقهية الإسلامية، 1426ق.
المراجع
الهوامش
- ↑ أصول الاستنباط، حيدري، علي نقي، ص 83.
- ↑ مبادي الفقه والأصول، فيض، عليرضا، ص 111.
- ↑ خويي، أجود التقریرات، 1352ش، ج 1، ص 143؛ حكيم، أصول العامة للفقه المقارن، 1979م، ص 62.
- ↑ هاشمي شاهرودي، فرهنگ فقه، 1426ق، ج 1، ص 397.
- ↑ هاشمي شاهرودي، فرهنگ فقه، 1426ق، ج 1، ص 396.
- ↑ أصول الفقه الإسلامي، زحيلي، وهبة، ص (78-79).
- ↑ نجفي، جواهر الكلام، دار إحياء التراث العربي، ج 9، ص 74.
- ↑ حكيم، أصول العامة للفقه المقارن، 1979م، ص 63.
- ↑ شهيد أول، القواعد والفوائد، مكتبة مفيد، ج 1، ص 99؛ قاعدة 39.