انتقل إلى المحتوى

أمية النبي (صلى الله عليه وآله)

من ویکي‌وحدت

الصحيح من امية النبي وما يقال من أن النبي (صلى الله عليه وآله) أميّ هو إثبات أنَّ القرآن ليس من عنده، إذن وكأننا نقول أن نقيض ذلك صحيح أي أن غير الأمي المتعلم يستطيع الإتيان بمثله مردود؛ لكون أمية النبي (صلى الله عليه وآله) آيةً من آيات صدقه، ودليلًا على أنّ هذا القرآن من عند الله تعالى لايعني أن غير الأمي يستطيع أن يأتي بمثل القرآن ولا حتى بسورة منه!

المقصود من التمسك بقضية أميّة النبي (ص)

وإنّما يعني: أنَّ عجز المتعلمين الكتبة، والعلماء الحفظة، عن الإتيان بمثل سورة واحدة من القرآن، دليل على أنَّ هذا الأميَّ ما أتى به من عند نفسه، وإنَّما هو وحي من الله تعالى. ولذلك إنّ هذه العلوم الوافرة والمعارف الزاخرة لا يستطيع عالم قارئ كاتب تحصيلها، وأحرى أمي لايكتب ولايقرأ. فيعلم بذلك أنَّها وحي من الله تعالى، أوحي به إلى هذا النبي العظيم، وهذا لا شك أبلغ في التحدي والإعجاز.

الشاهد القرآني

والقرآن يسجِّل هذه الحقيقة ليجعلها أمارةَ صدقِهِ ودليلَ أمانتِهِ: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ». وما كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يعلم شيئًا من النبوة، ولا ما يتصل بالذات العلية، فجريان هذه الأعمال على يديه، إنما هو دليل الإعجاز؛ لأن المتعلمين الذين ينقطعون للعلم والبحث، ليعجزون أن يصنعوا شيئًا مما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا ريب أنّ هذا تأييدٌ وتوفيقٌ من الله تبارك وتعالى، والقرآن يقول: «وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ».

حكمة توصيف النبي بالأمي

أمية النبي وما يقال من أن النبي (صلى الله عليه وآله) أميّ هو إثبات أنَّ القرآن ليس من عنده، إذن وكأننا نقول أن نقيض ذلك صحيح أي أن غير الأمي المتعلم يستطيع الإتيان بمثله مردود؛ لكون أمية النبي (صلى الله عليه وآله) آيةً من آيات صدقه، ودليلًا على أنّ هذا القرآن من عند الله تعالى لايعني أن غير الأمي يستطيع أن يأتي بمثل القرآن ولا حتى بسورة منه! وإنّما يعني: أنَّ عجز المتعلمين الكتبة، والعلماء الحفظة، عن الإتيان بمثل سورة واحدة من القرآن، دليل على أنَّ هذا الأميَّ ما أتى به من عند نفسه،
وإنَّما هو وحي من الله تعالى. ولذلك إنّ هذه العلوم الوافرة والمعارف الزاخرة لا يستطيع عالم قارئ كاتب تحصيلها، وأحرى أمي لايكتب ولايقرأ.

من منظور القرآن

فيعلم بذلك أنَّها وحي من الله تعالى، أوحي به إلى هذا النبي العظيم، وهذا لا شك أبلغ في التحدي والإعجاز. والقرآن يسجِّل هذه الحقيقة ليجعلها أمارةَ صدقِهِ ودليلَ أمانتِهِ: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ». وما كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يعلم شيئًا من النبوة، ولا ما يتصل بالذات العلية، فجريان هذه الأعمال على يديه، إنما هو دليل الإعجاز؛ لأن المتعلمين الذين ينقطعون للعلم والبحث، ليعجزون أن يصنعوا شيئًا مما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا ريب أنّ هذا تأييدٌ وتوفيقٌ من الله تبارك وتعالى، والقرآن يقول: «وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ».

الشُبْهةُ

من اهم الشبهات حول الرسالة هي الجمع بين اُمِّيَّةُ النَّبي (صلى الله عليه وآله) وما أتى به من كتاب عظيم.

البعض يقول: إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ ويكتب ب 73 لسانا، وانّما سمّي أمّيا؛ لأنّه كان من أهل مكة، ومكة يطلق عليها أم القرى؛ والله يقول في محكم كتابه: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ». فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن؟

الإجابــةُ

فبداية ننبّه کما قلنا أنّ أمية النبي (صلى الله عليه وآله) بعدم كتابته وقراءته، ليست عيبا نتلمس لها مخرجا وعلاجا؛ ولا شينا ولا نقصا نتطلب له سترا أو كمالا. بل هي في حقه (صلى الله عليه وآله) كمالٌ وإعجازٌ، وبرهانُ صدقٍ على النبوة والرسالة. وأما دعوى أن تسميته (صلى الله عليه وآله) أمَّيّاً، نسبة لأم القرى ـ مكة ـ فهذا قد قيل بالفعل، قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «والأمي ـ بضم الهمزة ـ قيل: نسب إلى أم القرى وهي مكة، واللفظة على هذا مختصة بالنبي (صلى الله عليه وآله) وغيرُ مضمِّنةٍ معنى عدم الكتابة، وقيل: هو منسوب لعدمه الكتابة والحساب إلى الأم، أي هو على حال الصدر عن الأم في عدم الكتابة، وقالت فرقة: هو منسوب إلى الأمّة، وهذا أيضا مضمّن عدم الكتابة، لأنّ الأمّة بجملتها غير كاتبة حتى تحدث فيها الكتابة كسائر الصنائع».

وقد ذكر الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير هذه الأوجه الثلاثة، ثم قال: «والأمية وصف خصَّ الله به من رسله محمداً (صلى الله عليه وآله)، إتماما للإعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله به، فجعل الأمِّيَّةَ وصفاً ذاتياً له، ليتم بها وصفه الذاتي وهو الرسالة، ليظهرَ أنَّ كماله النفساني كمالٌ لدنيٌّ إلهيٌّ، لا واسطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه، مع أنها في غيره وصف نقصان، لأنه لما حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكمالات الحق، وكان على يقين من علمه، وبينة من أمره، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين، صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو من فيوضات إلهية».

ثمّ على التسليم بأن الأمي منسوب إلى أم القرى، فهذا لا ينفي عدم قراءته (صلى الله عليه وآله) وكتابته؛ لأنَّ ذلك ثابتٌ بأدلةٍ أخرى بينا بعضها. وأما إستدلال المعترض بقوله تعالى المذکور ثمّ إردافه بقوله: «كيف يعلمهم ما لا يحسن؟» فلا وجه له؛ لأن الآية ليس فيها أنه يعلمهم القراءة والكتابة! وإنما يعلمهم ما آتاه الله تعالى من الكتاب والحكمة، وفي الآية ما يوضح ذلك، وهو وصف الأمة بالأمية، فالبعثة النبوية لم ترفع عنهم هذا الوصف، ولكنها رفعت عنهم بالجهل والضلالة، وذلك حاصل بالعلم بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، وتزكية النفوس بذلك، قال المراغي في تفسيره: «أي هو الذي أرسل رسوله (صلى الله عليه و آله وسلم) إلى الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وهم العرب». أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إنا أمة أميّة لا نكتب ولا نحسب؛ وهذا الرسول من جملتهم أي مثلهم، ومع ذلك يتلو عليهم آيات الكتاب ليجعلهم طاهرين من خبائث العقائد والأعمال، ويعلمهم الشرائع والأمور العقلية التي تكمل النفوس وتهذبها».