الفقه المالكي

من ویکي‌وحدت

الفقه المالكي: العلم المتضمّن للمسائل الفقهية لأحد المذاهب الإسلامية المعروفة (المالكية)، والمالكيّون هم أتباع مذهب الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني المتوفّىٰ في سنة 179 ه‍، إمام دار الهجرة وشيخ المدينة.

مدخل

من أبسط معاني الفقه في اللغة هوَ الفهم، فيُقال: فَقِهَ فُلان، أي: فهم، وأفقه فُلاناً، أي: أفهمه، ويُقال: فقهَ الشيخُ المسألة، أي: عقِلَها وفهمها وعرف المُراد منها. وقد وصفَ الله سُبحانهُ وتعالى تسبيحَ كُلّ شيءٍ له وبأنّنا لا نفهُم هذا التسبيح بقولهِ: (ولكن لا تفقهونَ تسبيحهُم)، أي: لا نفهم هذا التسبيح.

ويقع المعنى الاصطلاحي للفقه على نوعين أو يُفسّرُ اصطلاحاً على أمرين، وهُما: أن يُقصد بهِ معرفة الأحكام الشرعية المُتعلّقة بأعمال المُكلّفين وأقوالهم، والمُكتسبة من أدلّتها التفصيليّة.. وهذه الأدلّة التفصيليّة هيَ القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة وما يتعلّق بهما من إجماع واجتهاد.. فهذهِ المعرفة للأحكام الفقهيّة تكون بالفهم الصحيح لمصادر التشريع الرئيسيّة، وهيَ: كلامُ الله تعالى الذي لا يأتيهِ الباطل من بينِ يديهِ ولا من خلفه، وأيضاً سُنّةُ النبيّ مُحمّد (عليهِ الصلاةُ والسلام)، وهيَ: كُلّ ما وردَ عنهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة، وكذلك إجماع الأمّة بعُلمائها على حُكمٍ من الأحكام. أمّا المعنى الآخر للفقه فالمقصود بهِ: الأحكام الشرعيّة نفسها، أي: أنَّ أحكامَ الصلاة وأحكامَ الصيام والزكاة والحجّ والبيوع والمُعاملات بشتّى أنواعها هيَ فقه، فكُلّ هذهِ الأحكام وغيرها يُقصد بها أيضاً فقه، ففي الأمر الأوّل أنتَ تعرف الأحكام الشرعيّة وتفهمها، وهذا فقهٌ، والحُكم نفسهُ هوَ أيضاً فقه.

أمّا المذهب فهو: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه مراجع الدين. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة. ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.

أشهر علماء الفقه المالكي

من أشهر فقهاء المذهب المالكي: االقاضي أبو بكر محمّد بن عبداللّٰه بن محمّد المعافري الإشبيلي المعروف بابن العربي المتوفّىٰ سنة 543 ه‍، وابن عبد البرّ النمري المتوفّى سنة 463 ه‍، وابن رشد الجدّ المتوفّىٰ سنة 520 ه‍، وابن رشد الحفيد المتوفّىٰ سنة 595 ه‍، وأبو الوليد الباجي المتوفّىٰ سنة 474 ه‍، وابن القطّان الفاسي المتوفّىٰ سنة 628 ه‍، وأبو عبداللّٰه المقري المتوفّىٰ سنة 758 ه‍، وأبو العبّاس الونشريسي المتوفّىٰ سنة 914 ه‍، وغيرهم.

أشهر الكتب الفقهية عند المالكية

من أشهر كتب المذهب في علم الفقه: المدوّنة الكبرىٰ للإمام مالك المتوفّىٰ سنة 179 ه‍، والذخيرة لشهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي المتوفّىٰ سنة 684 ه‍، وشرح منح الجليل لأبي عبداللّٰه محمّد بن أحمد بن محمّد عليش الأشعري الشاذلي المتوفّىٰ سنة 1299 ه‍، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي عبداللّٰه محمّد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المتوفّىٰ سنة 1230 ه‍، ومواهب الجليل لمحمّد بن عبد الرحمان الحطّاب المغربي المتوفّىٰ سنة 954 ه‍، وبلغة السالك لأحمد بن محمّد الخلوتي الصاوي المتوفّىٰ سنة 1241 ه‍، وتبصرة الحكّام لبرهان الدين إبراهيم بن علي المدني المعروف بابن فرحون المتوفّىٰ سنة 799 ه‍، والفواكه الدواني لأحمد ابن غنيم بن سالم النفراوي الأزهري المتوفّىٰ سنة 1120 ه‍، وأخيراً التاج والإكليل لمحمّد بن يوسف العبدري المعروف بالمواق المتوفّىٰ سنة 897 ه‍.

أسس وقواعد الفقه المالكي

اعتمد الفقه المالكي على الأسس والمعطيات التالية:

1 ـ الكتاب.

2 ـ السنّة.

3 ـ إجماع الصحابة وإجماع أهل المدينة.

4 ـ القياس.

5 ـ قول الصحابي.

6 ـ المصالح المرسلة.

ويبدو أنَّ الأصل الأخير من أهمّ مميزات المذهب المالكي، وعدَّ البعض مالكاً زعيم الآخذين بالمصالح المرسلة وحامل لوائها. كما ورد عن الشاطبي أيضا قوله: «أمَّا قسم العادات الذي هو جار على المعنى المناسب الظاهر للعقول، فإنَّه ـ أي: الإمام مالك ـ استرسل فيه استرسال المدلِّ العريق في فهم المعاني المصلحية. نعم، مع مراعاة مقصود الشارع ألّا يخرج عنه ولا يناقض أصلاً من أُصوله، حتَّى لقد استشنع العلماء كثيراً من وجوه استرساله، زاعمين أنَّه خلع الربقة وفتح باب التشريع.. وهيهات، ما أبعده من ذلك (رحمه اللّه‏)، بل هو الذي رضي لنفسه في فقهه بالاتّباع، بحيث يخيّل لبعض أنَّه مقلِّد لمن قبله».

7 ـ المقاصد الشرعية.

8 ـ العرف.

وفي هذا المجال وردت عن فقهاء المذهب المالكي عبارات غير قليلة دلَّت على اعتباره لديهم.

(منها): قول القرافي: «كلّ من أطلق لفظه حُمل على عرفه»، وقوله: «كلّ متكلّم له عرف يحمل لفظه على عرفه في الشرعيات والمعاملات والإقرارات».

(ومنها): «العمل بالعرف الذي هو أصل من أصول المذهب».

9 ـ سدّ الذرائع.

10 ـ الاستصحاب.

11 ـ الاستحسان.

وقد سرد القرافي هذه الأصول باختصار بنحو آخر مع إضافة غير الأصول إليها ومناقشة بعضها، حيث عدَّها بالنحو التالي: الكتاب، والسنّة، وإجماع الاُمّة، وإجماع أهل المدينة، والقياس، وقول الصحابي، والمصلحة المرسلة، والاستصحاب، والبراءة الأصلية، والعوائد (العرف)، والاستقراء، وسدّ الذرائع، والاستدلال، والاستحسان، والأخذ بالأخفّ.

واختلف في ترتيبها جزئياً ابن جزّي، مع كونه أدرج الأصول غير الحجَّة من وجهة نظر المالكية إليها، حيث عدَّها بالنحو التالي: الكتاب، والسنّة، وإجماع الاُمّة، وإجماع أهل المدينة، وإجماع أهل الكوفة، وإجماع العترة من الصحابة، وإجماع الخلفاء الأربعة، وقول الصحابي، والقياس، والاستدلال، والاستصحاب، والبراءة الأصلية، والأخفّ بالأخفّ، والاستقراء، والاستحسان، والعوائد، والمصلحة، وسدّ الذرائع، والعصمة.

وسرد بعض آخر الأصول بنحو آخر، حيث عدَّها بالنحو التالي: القرآن، والسنّة، وإجماع الصحابة، وعمل أهل المدينة، والقياس، وقول الصحابي، والاستحسان، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، والعرف، وسدّ الذرائع.

وهذا يكشف عن الاختلاف الكبير في عدّ أصول المذهب المالكي، وهو أكثر من الاختلاف الوارد في المذاهب الاُخرى، والأمر يعود إلى عدم تدوين مالك لأصول مذهبه، وكلّ من دوَّن الأصول بنى عمله على استنطاق النصوص.

المصدر

المقال مقتبس مع تعديلات من المواقع الألكترونية التالية:

www.islamist-movements.com/www.islamic-content.com/www.erfan.ir/www.mawdoo3.com