الفقه الشافعي
الفقه الشافعي: العلم المتضمّن للمسائل الفقهية لأحد المذاهب الإسلامية المعروفة (الشافعية)، والشوافع هم أتباع مذهب الإمام محمّد بن إدريس الشافعي المطلّبي المتوفّىٰ سنة 204 ه، وقد ألّف نحواً من مائة وثلاثة عشر كتاباً، ومدرسة الشافعي تتوسّط بين مدرستي الرأي والحديث.
مدخل
من أبسط معاني الفقه في اللغة هوَ الفهم، فيُقال: فَقِهَ فُلان، أي: فهم، وأفقه فُلاناً، أي: أفهمه، ويُقال: فقهَ الشيخُ المسألة، أي: عقِلَها وفهمها وعرف المُراد منها. وقد وصفَ الله سُبحانهُ وتعالى تسبيحَ كُلّ شيءٍ له وبأنّنا لا نفهُم هذا التسبيح بقولهِ: (ولكن لا تفقهونَ تسبيحهُم)، أي: لا نفهم هذا التسبيح.
ويقع المعنى الاصطلاحي للفقه على نوعين أو يُفسّرُ اصطلاحاً على أمرين، وهُما: أن يُقصد بهِ معرفة الأحكام الشرعية المُتعلّقة بأعمال المُكلّفين وأقوالهم، والمُكتسبة من أدلّتها التفصيليّة.. وهذه الأدلّة التفصيليّة هيَ القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة وما يتعلّق بهما من إجماع واجتهاد.. فهذهِ المعرفة للأحكام الفقهيّة تكون بالفهم الصحيح لمصادر التشريع الرئيسيّة، وهيَ: كلامُ الله تعالى الذي لا يأتيهِ الباطل من بينِ يديهِ ولا من خلفه، وأيضاً سُنّةُ النبيّ مُحمّد (عليهِ الصلاةُ والسلام)، وهيَ: كُلّ ما وردَ عنهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة، وكذلك إجماع الأمّة بعُلمائها على حُكمٍ من الأحكام. أمّا المعنى الآخر للفقه فالمقصود بهِ: الأحكام الشرعيّة نفسها، أي: أنَّ أحكامَ الصلاة وأحكامَ الصيام والزكاة والحجّ والبيوع والمُعاملات بشتّى أنواعها هيَ فقه، فكُلّ هذهِ الأحكام وغيرها يُقصد بها أيضاً فقه، ففي الأمر الأوّل أنتَ تعرف الأحكام الشرعيّة وتفهمها، وهذا فقهٌ، والحُكم نفسهُ هوَ أيضاً فقه.
أمّا المذهب فهو: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه مراجع الدين. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة. ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.
الأفكار
ويمكن حصر أفكار الشافعي فيما يلي : اعتبار القرآن الكريم والسنّة النبويّة أساس المذهب، واعتبار الخلفاء الأربعة أفضل صحابة الرسول صلى الله عليه و آله، والتأكيد على أنّ الإمامة من قريش، والاعتماد على الروايات المنسوبة إلى علي وأولاده إضافة إلى الصحاح الستّة، والاتّفاق مع الإمامية في الكثير من القضايا الفقهية، وحثّ الأتباع على التمسّك بحبّ أهل البيت عليهم السلام، ورفض الاستحسان.
العلماء
ومن أئمّة هذا المذهب: القاضي حسين المروزي المتوفّىٰ سنة 462 ه، وإمام الحرمين عبدالملك بن عبداللّٰه الجويني المتوفّىٰ سنة 478 ه، وعلي بن محمّد الماوردي البصري المتوفّىٰ سنة 450 ه، وعبدالواحد بن إسماعيل الروياني المتوفّىٰ سنة 501 ه، وعبدالكريم الرافعي المتوفّىٰ سنة 624 ه، ويحيىٰ بن شرف النووي المتوفّىٰ سنة 676 ه، ومحمّد بن أحمد الجلال المحلّي المتوفّىٰ سنة 864 ه، وزكريا بن محمّد الأنصاري المتوفّىٰ سنة 926 ه، وأحمد بن محمّد ابن حجر الهيثمي المتوفّىٰ سنة 913 ه، والشهاب الرملي المتوفّىٰ سنة 971 ه، والخطيب الشربيني المتوفّىٰ سنة 977 ه، وسليمان بن محمّد البجيرمي المتوفّىٰ سنة 1221 ه.
الکتب الشافعية
ومن أشهر كتب المذهب في الفقه: الأُمّ، وأسنىٰ المطالب]، والمجموع، والحاوي الكبير، وروضة الطالبين، وكفاية الأخيار، وتحفة المحتاج، ومغني المحتاج، ونهاية المحتاج.
أصول المذهب الشافعي
1 ـ الكتاب.
2 ـ السنّة.
3 ـ الإجماع.
4ـ قول الصحابي الذي لا يخالفه قول آخر من الصحابة.
5 ـ القياس.
وفي هذا المجال قال الشافعي: «العلم طبقات شتّى، الاُولى: الكتاب والسنّة إذا ثبتت، ثُمَّ الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنَّة، والثالثة: أن يقول بعض أصحاب رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) قولاً، ولا نعلم له مخالفا منهم، والرابعة: اختلاف أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) في ذلك، والخامسة: القياس.. ولا يُصار إلى شيء غير الكتاب والسنّة، وهما موجودان، وإنَّما يُؤخذ العلم من أعلى».
6 ـ الاستصحاب.
أمَّا رأي الشافعي في الاستحسان فإنّه يرفضه بشدَّة، وقد اُثرت عنه عبارة مشهورة، قال فيها: «من استحسن فقد شرع»، لكن برغم ذلك ورد عنه عمليّاً موارد من الاستحسانات، من قبيل: «أستحسنُ في المتعة قدر ثلاثين درهماً».
وقد جمع البعض بين الأمرين بقوله: إنّ الاستحسان الذي أنكره الشافعي غير الاستحسان الذي يقول به أبو حنيفة ومالك، وما أنكره الشافعي هو الحكم بالهوى من غير دليل.
وقد عدَّ البعض العرف من أصول المذهب الشافعي كذلك، وهو غير بعيد؛ باعتبار استخدام الشافعيّين هذه الآلية الأصولية كثيراً.