مردودات الاتحاد

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٠٥:٢٨، ٢٨ أغسطس ٢٠٢١ بواسطة Saedi.m (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'الثمار المرجوّة من ظاهرة التقريب بين المذاهب الإسلامية . ومن تلك الثمار : 1ـ الممانعة من الاض...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

الثمار المرجوّة من ظاهرة التقريب بين المذاهب الإسلامية . ومن تلك الثمار :

1ـ الممانعة من الاضمحلال الداخلي .

منذ بداية البعثة النبوية ظهر الحقد والعداء ضدّ هذا الدين الجديد بأنماط مختلفة ; فالمشركون لم يخفوا حقدهم وغضبهم نتيجة نسخ دينهم السالف ، والاستهزاء به لما يحمل من أفكار خرافية ، وإلاّ لم تكن بينهم وبين صاحب الرسالة وأتباعه أيّة نزاعات شخصية من قبل ، فكانوا على استعداد للمصالحة والاتّفاق بكلّ ما يرغب صاحب الدعوة الجديدة في ثروة أو مكانة اجتماعية شريطة التخلّي عن دعوته الجديدة ودينه . فسعى المشركون للإطاحة بهذا الدين العظيم والوقوف أمامه بكلّ ما أُوتوا من قوّة وثروات ومناصب ، واستخدموا كلّ السبل المؤدّية إلى تحقيق غرضهم الواهي من التطميع والتهديد والتعذيب والحصار الاقتصادي والحرب النفسية والهجوم العسكري ، ولكن لم يوفّقوا في ذلك .

فالحرب النفسية والداخلية تعتبر أسهل وأسرع طريق يوصل إلى الهدف ، لكن القيادة الواعية للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعقد المؤاخاة بين المسلمين سدّت كلّ الطرق الممكنة الاستغلال بواسطة طغاة قريش لإيقاع العداء بين أبناء الأُمّة الإسلامية ، وآخت بين الأنصار والمهاجرين ، والأسود والأبيض ، والحرّ والعبد .

فسياسة زرع الفرقة بين المسلمين بأدنى شبهة وحيلة كانت متّبعة دائماً من قبل أعداء الاسلام ; لذا فقد كانوا يرصدون كلّ تحرّكات النبي (صلى الله عليه وآله) وعائلته وعلاقاته مع الآخرين وإعطائه المناصب وتقسيمه للغنائم وقرارات السلم والحرب ، وكلّ حركة من الرسول (صلى الله عليه وآله)كانت مرصودة كي تستغلّ لصالح الأعداء وبثّ الفرقة بين المسلمين ، وتحريك عواطفهم ، وإعادة الخلافات القبلية القديمة من جديد .

فقد أنقذ النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) سفينة الإسلام من كلّ العواصف التي واجهتها ، وقادها إلى ساحل النجاة بكلّ أمان ، ودافع عن حكومته الإسلامية الفتية بكلّ حكمة ودراية أمام كلّ الأخطار حتّى في آخر لحظات حياته .

فهل من العقل أن يظنّ الإنسان أنّ بارتحال النبي (صلى الله عليه وآله) وسيّد الموحّدين ترحل كلّ المؤامرات والتهديدات ضدّ العالم الإسلامي ، وأنّ الأعداء قد ندموا على ما فعلوا وتخلّوا عن عدائهم لصالح الإسلام ، وتركوا المآذن ينطلق منها ذكر اسم الله ورسوله ، واتّخذوا نهج الحوار الإيجابي نحو المسلمين ؟ ! بل لا بدّ من معرفة أنّ يوم ارتحال الرسول (صلى الله عليه وآله) هو يوم استعادة الأعداء قواهم لزرع النفاق والفرقة في أوساط المجتمع الإسلامي ، والإطاحة بهذه الحكومة الإسلامية الفتية .

لقد تصدّى الإمام علي (عليه السلام) إمام التقريب لكلّ المؤامرات التي دعت إلى سقوط ما بناه النبي (صلى الله عليه وآله) بصلابة وكياسة قلّ نظيرها .

إنّ خطر الإسلام على الاستكبار العالمي لا يقلّ عن خطر الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) ضدّ المشركين . فالعالم الإسلامي بما يمتلك من الثروات ومصادر القوّة وعدد النفوس مهدّد من قبل القوى العظمى ; لمعرفتهم بمنهجية الإسلام المعارضة للظلم والاضطهاد والداعية للعدل والوسطية . فالطريق الوحيد هو التماسك والوحدة واتّباع السبل المؤدّية إلى عدم النزاع والسقوط من الداخل، والتقريب يحقّق الهدف المنشود لمواجهة التفرقة ومؤامرات أعداء الاسلام القديمة والجديدة .

2ـ الحفاظ على كيان المسلمين .

مع أنّ عدد نفوس المسلمين يبلغ ربع العالم ويتجاوز المليار إنسان ، لكنّهم مع الأسف غير قادرين على حماية فلسطين في مواجهة قلّة قليلة من الصهاينة ، وهذا يدلّل على ضعف المسلمين نتيجة الاختلافات الواهية ، وابتعادهم عن أُسس العزّة والعظمة ، فهل استطاع المسلمون أن يرصدوا الطعن والردّ المتقابل على منابر المسلمين وفي كتبهم وبياناتهم ؟ ! وكم أثمرت هذه الجهود لتحقيق عظمة الاسلام وشوكته ؟ ! فهل توجد أوضح من هذه القضية بأنّ التفرّق والتشتّت وانفصال أعضاء الجمع الواحد يعطي الفرصة المناسبة للعدوّ لإسقاط شوكتهم والسيطرة على جمعهم ؟ وهل من الجائز أن يتعاطف المسلمون مع أعدائهم في ضرب شوكة المسلمين ، وتمزيق الجسد الواحد ، وتفكيك المجتمع الإسلامي الموحّد ؟ !

إنّ التقريب يحافظ على عظمة المسلمين ووحدتهم ، ويوجد الرهبة في القلوب المريضة التي تفكّر في التعرّض والعداء للإسلام . فالمجتمع الذي يحمل شعار الإسلام وعنوانه الذي يغطّي الفجوات لا يمكن للعدوّ أن يرسخ فيه ويشقّ الصفّ ويتّخذ من الانشقاق مأمناً لتوجيه ضرباته المتتالية .

3ـ بتر الأطماع .

لو تصفّحنا كتاب تاريخ الإسلام المليء بالحوادث لشاهدنا آثار أنياب الذئاب الضارية التي افترست جسد أتباع الدولة المحمّدية ، يقول الإمام محمّد الحسين آل كاشف الغطاء : « وقد عرف اليوم الأبكم والأصمّ من المسلمين أنّ لكلّ قطر من الأقطار الإسلامية حوتاً من حيتان الغرب وإفعى من أفاعي الاستعمار فاغراً فاه لالتهام ذلك القطر وما فيه ، أفلا يكفي هذا جامعاً للمسلمين ومؤجّجاً لنار الغيرة والحماس في عزائمهم ؟ ! أفلا تكون شدّة هذه الآلام وآلام تلك الشدّة باعثة لهم على الاتّحاد وإماتة ما بينهم من الأضغان والأحقاد ؟ ! وقد قيل : عند الشدائد تذهب الأحقاد » .

فالوطن الإسلامي يزخر بالثروات الطبيعية المتنوّعة ، وكان ـ ولازال ـ هدفاً لأطماع القوى المستعمرة . فالشرق الأوسط يحتوي على الكثير من مصادر الطاقة والمصادر الجوفية ، وكثير من البقاع الأفريقية بما تحمل من ثروات طبيعية هي جزء من الجسد الإسلامي ، وهناك الكثير من المسلمين في بلاد الغرب ، فالوحدة هي العامل الأساس للوقوف أمام أطماع عصابات السطو الدولية المسلّحة التي تدخل البلاد الإسلامية باسم الدفاع عن الأمن وحقوق الإنسان ، وتسلب المسلمين أمنهم وحقوقهم .

فالاتّحاد عنصر مهمّ ومؤثّر في فضح المؤامرات وإطفاء نارها وإبطال مفعولها . أليس من العجب انتصار المسلمين الأوائل بالعدد والعدّة القليلة على أكبر إمبراطوريتين آنذاك بما لهما من قدرات وإمكانات ؟ ! واليوم تنتهك حرمات المسلمين وتغصب ثرواتهم وأراضيهم الواحدة تلو الأُخرى، وهم على عدد وعدّة كثيرة !

4ـ تحقّق هدف الرسالة المحمّدية .

ممّا لا ينبغي الشكّ فيه أنّ حبّ المسلمين لنبي الإسلام يفوق حبّهم لأولادهم وأعراضهم وكلّ شيء لديهم، فهو أبو الأُمّة ونبي الرحمة وصاحب الخلق العظيم . فالاختلاف في العائلة أو القبيلة الواحدة يؤذي كبيرها ، ويلقي غبار الأسى على قلبه ، أما حان وقت الاتّحاد والتكاتف لإفراح قلب رسول الرحمة ، والذي سعى جاهداً لإعلاء كلمة الله وعزّ المجتمع الإسلامي ؟ ! فالنبي (صلى الله عليه وآله) لا يرضا لنا العداوة والشقاق ، فهما من عمل الشيطان :( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) (سورة المائدة : 91 ) ، فالشيطان هو المنتصر عن طريق الشقاق والنفاق والنزاع والعداوة ، والذي أمرنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراراً هو الاتّفاق : ( واعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقوا ) ( سورة آل عمران : 103 ) ، ( وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) ( سورة الأنفال : 46 ) ، ( وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِمَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ( سورة آل عمران : 105 ) .

فليس من الإنصاف أن نقابل بالاختلاف جهود النبي (صلى الله عليه وآله) على مدى 23 سنة خدمة للأُمّة وتوحيدها ، بل العكس هو الصحيح ، بأن نتجنّب الخلافات والنزاعات المقيتة ونعيد البسمة لشفاه النبي ، والاتّحاد هو أقلّ الواجب على كلّ مسلم في المجتمع الإسلامي . يقول الدكتور محمّد الدسوقي : « الوحدة الإسلامية بحكم الفقه واجب شرعي ، وليس مجرّد عمل ترغيبي تبرّعي ، فهو عمل واجب على كلّ مسلم معتقد بوحدانية الله ونبوّة خاتم الأنبياء » .