الثبوت
الثبوت: وهو فرض تحقق الشئ في الواقع ويقال له مقام الثبوت، وفي مقابله الإثبات وهو دلالة الشئ في مقام إقامة الدليل وإثباته، ويقال له مقام الإثبات. ومقام الاثبات تابع لمقام الثبوت كتابعية الكشف للمنكشف، فلولا الثبوت والواقع لما كان للإثبات والكشف مجال.
تعريف الثبوت لغةً
الثبوت في اللغة: الدوام والاستقرار[١].
تعريف الثبوت اصطلاحاً
وأمّا في الاصطلاح فقد استعمل مضافا إلى معناه اللغوي في معنيين آخرين كذلك:
التعريف الأول
الثبوت بمعنى وجود الشيء وتحقّقه الواقعي بغض النظر عن كشفه والاستدلال عليه، وهو المعبّر عنه بعالم الثبوت، في مقابل إحرازه وإقامة الدليل عليه والعلم به، المعبر عنه بعالم الإثبات.
ولولا عالم الثبوت لما كان لعالم الاثبات وجود، إذ لا معنى للاستدلال على أمر لا واقع له، ولذا قال المحقّق الخراساني بأنّ مقام الاثبات تابع لـ مقام الثبوت كتابعية الكشف للمنكشف، فلولا الثبوت والواقع لما كان للإثبات والكشف مجال[٢].
والثبوت بهذا المعنى قد يلاحظ بنفسه ومن دون عروض وانتساب لغيره، فيكون مفاده مفاد كان التامّة.
وقد يلاحظ بما هو عارض ومنتسب إلى غيره، فيكون مفاده مفاد كان الناقصة.
وقد جمع العلماء بين هذين المفادين في مناسبات مختلفة بقولهم: إنّ «ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له»[٣] فإنّ الثبوت الأوّل قد لوحظ عروضه إلى الغير، كعروض القيام لزيد وانتسابه إليه في قولك: «زيد قائم»، وأمّا الثبوت الثاني فقد لوحظ وجوده في نفسه من دون عروض وانتساب إلى الغير، فهو كلحاظ وجود زيد بذاته في قولك: «كان زيد» الذي لوحظ وجوده من دون انتساب إلى الغير.
التعريف الثاني
الثبوت بمعنى لحاظ القضية في عالم الافتراض لغرض التعرّف على إمكانها أو استحالتها بغض النظر عن الأدلّة الدالّة عليها، فإذا استعين بالأدلّة لإثبات وقوعها أو استحالتها دخلت هذه القضية في عالم الاثبات والدلالة[٤].
وقد شاع استعمال الثبوت بين علماء الإمامية في مقابل الإثبات بكلا معنييه في العصور المتأخّرة، بخلاف علماء الجمهور الذين لم يستعملوه إلاّ في المعنى الأوّل وبصورة نادرة جدّا، من دون مقابلته باصطلاح إثبات، بل بالعلم الذي هو نتيجة الإثبات والدليل.
قال السرخسي في مسألة انعزال الوكيل حتّى مع عدم علمه بعزل الموكل له: «ولا يتوقّف بثبوت حكمه على العلم به»[٥].
فإنّ السرخسي لم يستعمل الثبوت في هذه العبارة في مقابل الإثبات، بل في مقابل العلم الذي هو ناتج عن الاثبات ومعلول له.