الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حول الإصلاح الإسلامي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
نتناول قي هذه المقالة موضوعا حيويا ومهما يعد الحجر الأساس في أغلب الدعوات الوحدوية والتقريبية والتجديدية .
نتناول قي هذه المقالة موضوعاً حيوياً ومهماً يعد الحجر الأساس في أغلب الدعوات الوحدوية والتقريبية والتجديدية .


=الإصلاح لغة واصطلاحاً=


الإصلاح ( ‏Reform‏ ) ضدّ الإفساد ، وهو من الصلاح المقابل للفساد وللسيّئة(‏ ‏) . . وفي القرآن ‏الكريم : ( خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) ( سورة التوبة : 102 ) ، ( وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ ‏إِصْلاَحِهَا ) ( سورة الأعراف : 56 ) . فالإصلاح هو : التغيير إلى الأفضل ، والحركات الإصلاحية ‏هي : الدعوات التي تحرّك قطاعات من البشر لإصلاح ما فسد في الميادين الاجتماعية المختلفة ، ‏انتقالاً بالحياة إلى درجة أرقى في سلّم التطوّر الإنساني .‏
الإصلاح ( ‏Reform‏ ) ضدّ الإفساد ، وهو من الصلاح المقابل للفساد وللسيّئة(‏ ‏) . . وفي القرآن ‏الكريم : ( خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) ( سورة التوبة : 102 ) ، ( وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ ‏إِصْلاَحِهَا ) ( سورة الأعراف : 56 ) . فالإصلاح هو : التغيير إلى الأفضل ، والحركات الإصلاحية ‏هي : الدعوات التي تحرّك قطاعات من البشر لإصلاح ما فسد في الميادين الاجتماعية المختلفة ، ‏انتقالاً بالحياة إلى درجة أرقى في سلّم التطوّر الإنساني .‏
والإصلاح : تعديل أو تطوير غير جذري في العلاقات الاجتماعية دون المساس بأُسسها . ‏والإصلاح الإسلامي : إحدى الوجوه المرادة في تقويم الاعوجاج وإقامة الأود الحاصل في الكيان ‏الإسلامي نتيجة الظروف المحيطة به والتحدّيات التي تواجهه . ولا يخفى أنّ ذلك يحتاج إلى سعي ‏حثيث وبذل للجهود ، فضريبة الإصلاح هي الاضطهاد ، على حدّ تعبير الأُستاذ عبد الوهاب حمّودة ‏المصري .‏
 
والإصلاح : تعديل أو تطوير غير جذري في العلاقات الاجتماعية دون المساس بأُسسها .  
 
‏والإصلاح الإسلامي : إحدى الوجوه المرادة في تقويم الاعوجاج وإقامة الأود الحاصل في الكيان ‏الإسلامي نتيجة الظروف المحيطة به والتحدّيات التي تواجهه . ولا يخفى أنّ ذلك يحتاج إلى سعي ‏حثيث وبذل للجهود ، فضريبة الإصلاح هي الاضطهاد ، على حدّ تعبير الأُستاذ عبد الوهاب حمّودة ‏المصري .‏
ولا يفرّق بين الإصلاح وبين مصطلح الثورة في مستوى التغيير وشموله ، وإنّما من حيث ‏الأُسلوب في التغيير وزمن التغيير ، فكلاهما إسلامي ،  يعني التغيير الشامل والعميق ، لكنّ الثورة ‏تسلك سبل العنف غالباً والسرعة في التغيير ، في حين تتمّ التغييرات الإصلاحية بالتدريج ، وكثيراً ما ‏تعطي الثورة الأولوية لتغيير الواقع ، في حين تبدأ مناهج الإصلاح عادةً بتغيير الإنسان وإعادة صياغة ‏نفسه وفق الدعوة الإصلاحية ، وبعد ذلك ينهض هذا الإنسان بتغيير الواقع وإقامة النموذج الإصلاحي ‏الجديد .‏
ولا يفرّق بين الإصلاح وبين مصطلح الثورة في مستوى التغيير وشموله ، وإنّما من حيث ‏الأُسلوب في التغيير وزمن التغيير ، فكلاهما إسلامي ،  يعني التغيير الشامل والعميق ، لكنّ الثورة ‏تسلك سبل العنف غالباً والسرعة في التغيير ، في حين تتمّ التغييرات الإصلاحية بالتدريج ، وكثيراً ما ‏تعطي الثورة الأولوية لتغيير الواقع ، في حين تبدأ مناهج الإصلاح عادةً بتغيير الإنسان وإعادة صياغة ‏نفسه وفق الدعوة الإصلاحية ، وبعد ذلك ينهض هذا الإنسان بتغيير الواقع وإقامة النموذج الإصلاحي ‏الجديد .‏
ولذلك وصفت رسالات الرسل ( عليهم الصلاة والسلام ) بأنّها دعوات إصلاح ، فيقول رسول الله ‏شعيب (عليه السلام) : ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) ( سورة هود : 88 ) .‏
ولذلك وصفت رسالات الرسل ( عليهم الصلاة والسلام ) بأنّها دعوات إصلاح ، فيقول رسول الله ‏شعيب (عليه السلام) : ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) ( سورة هود : 88 ) .‏
ومن هنا يتبيّن أنّ المصلح هو المزيل للفساد والعداوة ، والآتي بما هو صالح ونافع ، والمسالم ‏والمصافي ، والمستقيم المؤدّي لواجباته . وهذا هو ديدن المصلحين في الأُمّة الإسلامية ، إلاّ أنّه قلّ أن ‏تجد مصلحاً أو مرشداً إلاّ لقيته قد ضاق من الاضطهاد ألواناً ، وأصاب من العنت والشقاء ضروباً ، ‏وليست هذه السنّة ـ أي : سنّة الاضطهاد والشقاء ـ وقفاً على رسل الله وأنبيائه ، بل هي مطّردة في ‏جميع المجاهدين لإصلاح البشرية ، الذين يحاربون المفسدين للنظم الاجتماعية الصحيحة ، ويكافحون ‏شرور الطغيان ، ويعملون على هدم صروح البغي والتفرقة والعدوان في أيّ عصر كانوا وإلى أيّ أُمّة ‏انتسبوا .‏
ومن هنا يتبيّن أنّ المصلح هو المزيل للفساد والعداوة ، والآتي بما هو صالح ونافع ، والمسالم ‏والمصافي ، والمستقيم المؤدّي لواجباته . وهذا هو ديدن المصلحين في الأُمّة الإسلامية ، إلاّ أنّه قلّ أن ‏تجد مصلحاً أو مرشداً إلاّ لقيته قد ضاق من الاضطهاد ألواناً ، وأصاب من العنت والشقاء ضروباً ، ‏وليست هذه السنّة ـ أي : سنّة الاضطهاد والشقاء ـ وقفاً على رسل الله وأنبيائه ، بل هي مطّردة في ‏جميع المجاهدين لإصلاح البشرية ، الذين يحاربون المفسدين للنظم الاجتماعية الصحيحة ، ويكافحون ‏شرور الطغيان ، ويعملون على هدم صروح البغي والتفرقة والعدوان في أيّ عصر كانوا وإلى أيّ أُمّة ‏انتسبوا .‏
يقول الدكتور محمّد عمارة : « والناظر في تاريخ المجتمعات الإنسانية يرى سلسلة من التدافع بين ‏دعوات الإصلاح وحركاته وبين الفساد والإفساد في تلك المجتمعات ، وعلى سبيل المثال : نجد الحركة ‏الإصلاحية التي قادها جمال الدين الأفغاني منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر بدءاً من مصر ‏وشمولاً لكلّ العالم الإسلامي تمثّل إحياءً وتجديداً للفكر الإسلامي بالعودة إلى منابعه الجوهرية : القرآن ‏الكريم ، والسنّة النبوية الصحيحة ، ومناهج السلف الصالح .‏
يقول الدكتور محمّد عمارة : « والناظر في تاريخ المجتمعات الإنسانية يرى سلسلة من التدافع بين ‏دعوات الإصلاح وحركاته وبين الفساد والإفساد في تلك المجتمعات ، وعلى سبيل المثال : نجد الحركة ‏الإصلاحية التي قادها جمال الدين الأفغاني منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر بدءاً من مصر ‏وشمولاً لكلّ العالم الإسلامي تمثّل إحياءً وتجديداً للفكر الإسلامي بالعودة إلى منابعه الجوهرية : القرآن ‏الكريم ، والسنّة النبوية الصحيحة ، ومناهج السلف الصالح .‏
وقد عبّر الإمام محمّد عبده عن أهداف هذه الحركة ، فقال : « إنّها ثلاثة :‏
 
=أهداف الحركات الإصلاحية=
 
قد عبّر الإمام محمّد عبده عن أهداف هذه الحركة ، فقال : « إنّها ثلاثة :‏
الأوّل : تحرير الفكر من قيد التقليد ، وفهم الدين على طريقة سلف الأُمّة قبل ظهور الخلاف ، ‏والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأُولى ، واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي ‏وضعها الله لتتمّ حكمة الله في حفظ نظام العالم الإسلامي .‏
الأوّل : تحرير الفكر من قيد التقليد ، وفهم الدين على طريقة سلف الأُمّة قبل ظهور الخلاف ، ‏والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأُولى ، واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي ‏وضعها الله لتتمّ حكمة الله في حفظ نظام العالم الإسلامي .‏
الثاني : إصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير .‏
الثاني : إصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير .‏
الثالث : التمييز بين ما للحكومة من حقّ الطاعة على الشعب وما للشعب من حقّ العدالة على ‏الحكومة » .‏
الثالث : التمييز بين ما للحكومة من حقّ الطاعة على الشعب وما للشعب من حقّ العدالة على ‏الحكومة » .‏
وهكذا مثّلت هذه الحركة الإصلاحية منهاجاً وسطاً بين أهل الجمود والتقليد وبين المتغرّبين ‏المنبهرين بالنموذج الحضاري الغربي ، وكانت دعوتها الإصلاحية شاملة لميادين الفكر الديني واللغة ‏العربية وعلومها وآدابها وعلاقات الحاكمين بالمحكومين .‏
وهكذا مثّلت هذه الحركة الإصلاحية منهاجاً وسطاً بين أهل الجمود والتقليد وبين المتغرّبين ‏المنبهرين بالنموذج الحضاري الغربي ، وكانت دعوتها الإصلاحية شاملة لميادين الفكر الديني واللغة ‏العربية وعلومها وآدابها وعلاقات الحاكمين بالمحكومين .‏
ولقد تحوّلت فكرية هذه الدعوة الإصلاحية إلى روح سارية في الكثير من الدعوات والحركات ‏والمشاريع الفكرية للعديد من العلماء والمفكّرين على امتداد العقود التي تلت وعلى امتداد أقاليم عالم ‏الإسلام »(‏ ‏) .
ولقد تحوّلت فكرية هذه الدعوة الإصلاحية إلى روح سارية في الكثير من الدعوات والحركات ‏والمشاريع الفكرية للعديد من العلماء والمفكّرين على امتداد العقود التي تلت وعلى امتداد أقاليم عالم ‏الإسلام »(‏ ‏) .
هذا ، ومن الحقائق التاريخية أنّ تاريخ الإصلاح والتجديد متّصل في الإسلام ، والمُتقصّي لهذا ‏التاريخ لا يرى ثغرة ولا ثُلمة في جهود الإصلاح والتجديد ، ولا فترة لم يظهر فيها من يُعارض التيّار ‏المنحرف ، ويُكافح الفساد الشامل ، ويرفع صوت الحقّ ، ويتحدّى القوى الظالمة أو عناصر الفساد ، ‏ويفتح نوافذ جديدة في التفكير .‏
 
=فلسفة تاريخ الإصلاح في الإسلام=
 
من الحقائق التاريخية أنّ تاريخ الإصلاح والتجديد متّصل في الإسلام ، والمُتقصّي لهذا ‏التاريخ لا يرى ثغرة ولا ثُلمة في جهود الإصلاح والتجديد ، ولا فترة لم يظهر فيها من يُعارض التيّار ‏المنحرف ، ويُكافح الفساد الشامل ، ويرفع صوت الحقّ ، ويتحدّى القوى الظالمة أو عناصر الفساد ، ‏ويفتح نوافذ جديدة في التفكير .‏
والدارس لهذا التاريخ والمتتبّع لحوادثه وشخصياته لا يعرف عهداً قصيراً ساد الظلام فيه على ‏العالم الإسلامي ، وخَبت مصابيح الإصلاح ، وخفتت أصوات الحقّ ، ومات الضمير الإسلامي ، وتبلّد ‏الشعور ، وأضرب الفكر الإسلامي عن العمل .‏
والدارس لهذا التاريخ والمتتبّع لحوادثه وشخصياته لا يعرف عهداً قصيراً ساد الظلام فيه على ‏العالم الإسلامي ، وخَبت مصابيح الإصلاح ، وخفتت أصوات الحقّ ، ومات الضمير الإسلامي ، وتبلّد ‏الشعور ، وأضرب الفكر الإسلامي عن العمل .‏
إنّ هذه الثغرات قد نشعر بها في دراستنا العابرة للتاريخ الإسلامي وفي نظرتنا العجلى في كتبه ، ‏إنّ مردّها إلى منهج التأليف الذي اتّخذه المؤرّخون للإسلام قديماً وحديثاً ودرجت عليه الأجيال . . إنّ ‏النقص ـ ومعذرتي إلى المؤلّفين الذين أدين لهم في معلوماتي ومحاضراتي ويدين لهم كلّ مؤلّف ‏ودارس ـ في التأليف وليس في التاريخ ، أو بكلمة أُخرى : إنّ المسؤولية تقع على المؤرّخين ‏والمؤلّفين ، لا على المُجدّدين والمصلحين الذين ظهروا حيناً بعد حين ، وحفظوا على الإسلام جدّته ‏وشبابه ، وقضوا على كثير من الفتن والبدع والمؤامرات والتحريفات ، حتّى أصبحت مطمورة في ‏ركام الماضي ، لا يهتدي إليها أحد في هذا العصر إلاّ بعد بحث وعناء ، وكثير من أفراد هذا الجيل لم ‏يسمعوا بأسمائها ولا يعرفون حقيقتها إلاّ بشقّ الأنفس واجتهاد العقل والعين !‏
إنّ هذه الثغرات قد نشعر بها في دراستنا العابرة للتاريخ الإسلامي وفي نظرتنا العجلى في كتبه ، ‏إنّ مردّها إلى منهج التأليف الذي اتّخذه المؤرّخون للإسلام قديماً وحديثاً ودرجت عليه الأجيال . . إنّ ‏النقص ـ ومعذرتي إلى المؤلّفين الذين أدين لهم في معلوماتي ومحاضراتي ويدين لهم كلّ مؤلّف ‏ودارس ـ في التأليف وليس في التاريخ ، أو بكلمة أُخرى : إنّ المسؤولية تقع على المؤرّخين ‏والمؤلّفين ، لا على المُجدّدين والمصلحين الذين ظهروا حيناً بعد حين ، وحفظوا على الإسلام جدّته ‏وشبابه ، وقضوا على كثير من الفتن والبدع والمؤامرات والتحريفات ، حتّى أصبحت مطمورة في ‏ركام الماضي ، لا يهتدي إليها أحد في هذا العصر إلاّ بعد بحث وعناء ، وكثير من أفراد هذا الجيل لم ‏يسمعوا بأسمائها ولا يعرفون حقيقتها إلاّ بشقّ الأنفس واجتهاد العقل والعين !‏
سطر ٣٨: سطر ٤٩:
ولمَن أخضع بأدبه القوي وشعره البليغ عقولاً لم تُخضعها المباحث العلمية والفلسفات الدينية ، إلى ‏غير ذلك ، ولكلّ فضلٌ .‏
ولمَن أخضع بأدبه القوي وشعره البليغ عقولاً لم تُخضعها المباحث العلمية والفلسفات الدينية ، إلى ‏غير ذلك ، ولكلّ فضلٌ .‏
وما التاريخ إلاّ تأدية الأمانات إلى أهلها ، والحكم بالعدل ، والاعتراف بالفضل ، وقد قام كلّ واحد ‏منهم بدوره ، وساهم بقسطه ; القسط المطلوب منه ، وكلّ كان مرابطاً على ثغر من ثغور الإسلام ، ‏وكلّ كان سهماً مصيباً في كنانة الإسلام . . ولولا هذه الجهود المخلصة ، ولولا هذه الأقساط التي قد لا ‏تُرى إلاّ بمكبّرة التاريخ ، لما وصلت إلينا هذه المجموعة التي نعتزّ بها ونستند إليها ، ونقتبس منها ‏النور سليمة موفورة نتباهى بها على الأُمم والديانات(‏ ‏) .‏
وما التاريخ إلاّ تأدية الأمانات إلى أهلها ، والحكم بالعدل ، والاعتراف بالفضل ، وقد قام كلّ واحد ‏منهم بدوره ، وساهم بقسطه ; القسط المطلوب منه ، وكلّ كان مرابطاً على ثغر من ثغور الإسلام ، ‏وكلّ كان سهماً مصيباً في كنانة الإسلام . . ولولا هذه الجهود المخلصة ، ولولا هذه الأقساط التي قد لا ‏تُرى إلاّ بمكبّرة التاريخ ، لما وصلت إلينا هذه المجموعة التي نعتزّ بها ونستند إليها ، ونقتبس منها ‏النور سليمة موفورة نتباهى بها على الأُمم والديانات(‏ ‏) .‏
هذا ، ومن ألطف وأطرف ما رأيته في كلمات القوم حول الإصلاح الإسلامي ما جاء في كتاب ‏‏« البيّنات » لصاحبه الشيخ عبد القادر المغربي ، وأنا أنقله هنا على طوله للسبب المتقدّم المذكور ‏آنفاً . .‏
 
=كلام أحد المصلحين الإسلاميين حول الإصلاح وفلسفته=
 
من ألطف وأطرف ما رأيته في كلمات القوم حول الإصلاح الإسلامي ما جاء في كتاب ‏‏« البيّنات » لصاحبه الشيخ عبد القادر المغربي ، وأنا أنقله هنا على طوله للسبب المتقدّم المذكور ‏آنفاً .  
 
يقول : « حصل الانقلاب العجيب في الدولة العثمانية ، وأخذت تتهيّأ لحدوث مثله كلّ من ‏الحكومتين الأفغانية والمراكشية ، فالانقلاب فيهما واقع ما له من دافع ، إن لم يكن الآن فبعد الآن !‏
يقول : « حصل الانقلاب العجيب في الدولة العثمانية ، وأخذت تتهيّأ لحدوث مثله كلّ من ‏الحكومتين الأفغانية والمراكشية ، فالانقلاب فيهما واقع ما له من دافع ، إن لم يكن الآن فبعد الآن !‏
وإنّ حدوث هذه الانقلابات في البلاد الإسلامية مؤذن بتنظيم أُمور حكوماتها الإدارية والسياسية ، ‏وتحسين حالة شعوبها الأدبية والاجتماعية ، وترقية شؤونها الصناعية والاقتصادية ; إذ أنّ من طبيعة ‏الانقلابات الدستورية أن يحدث على أثرها ما ذكرنا من التنظيم والتحسين والترقية . أمّا الإصلاح ‏الديني في تلك البلاد فليس أثراً طبيعياً لأمثال هذه الانقلابات ، وإنّما هو أثر لإرادة رجال الدين ، فإن ‏أرادوه وسعوا إليه سعيه حصل الإصلاح ، فصانوا به دينهم وقوميتهم وعرف الله والتاريخ لهم سعيهم ‏ومنزلتهم ، وإن لم يريدوه وجمدوا استغنى العمران الحديث عنهم ، وربّما عدّ نفسه مستغنياً عن ‏تعاليمهم الدينية أيضاً ، فتكون تبعة ذلك عليهم ، وعاره لاحقاً بهم !‏
وإنّ حدوث هذه الانقلابات في البلاد الإسلامية مؤذن بتنظيم أُمور حكوماتها الإدارية والسياسية ، ‏وتحسين حالة شعوبها الأدبية والاجتماعية ، وترقية شؤونها الصناعية والاقتصادية ; إذ أنّ من طبيعة ‏الانقلابات الدستورية أن يحدث على أثرها ما ذكرنا من التنظيم والتحسين والترقية . أمّا الإصلاح ‏الديني في تلك البلاد فليس أثراً طبيعياً لأمثال هذه الانقلابات ، وإنّما هو أثر لإرادة رجال الدين ، فإن ‏أرادوه وسعوا إليه سعيه حصل الإصلاح ، فصانوا به دينهم وقوميتهم وعرف الله والتاريخ لهم سعيهم ‏ومنزلتهم ، وإن لم يريدوه وجمدوا استغنى العمران الحديث عنهم ، وربّما عدّ نفسه مستغنياً عن ‏تعاليمهم الدينية أيضاً ، فتكون تبعة ذلك عليهم ، وعاره لاحقاً بهم !‏
سطر ٦٨: سطر ٨٣:
أمثال هؤلاء هم المرجوون للبحث في الإصلاح ، لا أُولئك الرؤساء والعظماء الذين لا يشعرون ‏بالحاجة إليه ، وقد يأنفون من الاشتغال به ، بل ربّما قاوموه أشدّ مقاومة ; لأنّه قلّما يخلو من تحطيم ‏امتيازاتهم وزحزحتهم عن مستوى عظمتهم !‏
أمثال هؤلاء هم المرجوون للبحث في الإصلاح ، لا أُولئك الرؤساء والعظماء الذين لا يشعرون ‏بالحاجة إليه ، وقد يأنفون من الاشتغال به ، بل ربّما قاوموه أشدّ مقاومة ; لأنّه قلّما يخلو من تحطيم ‏امتيازاتهم وزحزحتهم عن مستوى عظمتهم !‏
ومحصّل القول : إنّ أيّ نوع من الإصلاح لا يتمّ إلاّ بسعي الذين يعنيهم أمره ، وإصلاحنا ‏الإسلامي إنّما يعني علماء الدين ، فهم المكلّفون به ، المخاطبون شرعاً بالعمل على تحصيله ، وليس ‏العمل منهم سوى الدعوة إليه بخطبهم وكتاباتهم وتآليفهم ، حتّى إذا اقتنع بذلك جمهور الأُمّة ومعظم ‏أفرادها هبّوا هبّة واحدة ، فاكتتبوا لمدارس يشيّدونها ، ونشرات يوزّعونها ، ومؤتمرات يعقدونها ، ‏ومن كلّ ما فيه تحصيل هذا الإصلاح وتحقيق أمره .‏
ومحصّل القول : إنّ أيّ نوع من الإصلاح لا يتمّ إلاّ بسعي الذين يعنيهم أمره ، وإصلاحنا ‏الإسلامي إنّما يعني علماء الدين ، فهم المكلّفون به ، المخاطبون شرعاً بالعمل على تحصيله ، وليس ‏العمل منهم سوى الدعوة إليه بخطبهم وكتاباتهم وتآليفهم ، حتّى إذا اقتنع بذلك جمهور الأُمّة ومعظم ‏أفرادها هبّوا هبّة واحدة ، فاكتتبوا لمدارس يشيّدونها ، ونشرات يوزّعونها ، ومؤتمرات يعقدونها ، ‏ومن كلّ ما فيه تحصيل هذا الإصلاح وتحقيق أمره .‏
وعماد الإصلاح بوجه عامّ أو أصل الأُصول في الإصلاح إنّما هو التربية والتعليم الإسلاميّان ، أو ‏يقال : هو المدرسة الإسلامية . . هذا هو أصل الأُصول .‏
 
=أركان وأصول الإصلاح=
 
عماد الإصلاح بوجه عامّ أو أصل الأُصول في الإصلاح إنّما هو التربية والتعليم الإسلاميّان ، أو ‏يقال : هو المدرسة الإسلامية . . هذا هو أصل الأُصول .‏
أمّا بقية الأُصول والأركان فنأتي على ذكرها هنا موجزة بصفة فهرست يجمعها وكفاف يضمّ ‏شتيتها :‏
أمّا بقية الأُصول والأركان فنأتي على ذكرها هنا موجزة بصفة فهرست يجمعها وكفاف يضمّ ‏شتيتها :‏
‏1 ـ أن نعلّم طلاّب العلوم الدينية تعليماً يؤهّلهم للاجتهاد ، ما دمنا على يقين أنّه لا يوجد اليوم في ‏المسلمين من هو أهل للاجتهاد .‏
‏1 ـ أن نعلّم طلاّب العلوم الدينية تعليماً يؤهّلهم للاجتهاد ، ما دمنا على يقين أنّه لا يوجد اليوم في ‏المسلمين من هو أهل للاجتهاد .‏
سطر ٨٦: سطر ١٠٤:
فالتجديد  كان قائماً على مرّ التاريخ الإسلامي ، خاصّة في عصر الحركة الحضارية نرى ذلك ‏التجديد في الفقه والأُصول والتفسير والحياة الأدبية والسياسية والاجتماعية . الاجتهاد وشيوع حديث ‏ظهور المجدّدين على رأس كلّ قرن من مظاهر هذا التجديد المستمرّ .‏
فالتجديد  كان قائماً على مرّ التاريخ الإسلامي ، خاصّة في عصر الحركة الحضارية نرى ذلك ‏التجديد في الفقه والأُصول والتفسير والحياة الأدبية والسياسية والاجتماعية . الاجتهاد وشيوع حديث ‏ظهور المجدّدين على رأس كلّ قرن من مظاهر هذا التجديد المستمرّ .‏
وكان من المفروض في عصر الركود الحضاري أن لا تظهر في العالم الإسلامي مشاريع ‏تجديدية ، غير أنّ الإسلام بما فيه من طاقات ذاتية يأبى على أتباعه الخضوع للوضع القائم ، ويثير ‏فيهم الهمّة للإصلاح والتجديد .‏
وكان من المفروض في عصر الركود الحضاري أن لا تظهر في العالم الإسلامي مشاريع ‏تجديدية ، غير أنّ الإسلام بما فيه من طاقات ذاتية يأبى على أتباعه الخضوع للوضع القائم ، ويثير ‏فيهم الهمّة للإصلاح والتجديد .‏
=مميزات المشاريع الإصلاحية للمجددين=
من هنا نرى قائمة المجدّدين في عصرنا غنية بالأسماء والمشاريع النظرية والعلمية .‏
من هنا نرى قائمة المجدّدين في عصرنا غنية بالأسماء والمشاريع النظرية والعلمية .‏
وقد قدّم بعض هؤلاء المجدّدين مشاريع لعملهم ، يمكن تلخيصها فيما يلي :‏
وقد قدّم بعض هؤلاء المجدّدين مشاريع لعملهم ، يمكن تلخيصها فيما يلي :‏
٢٬٧٩٦

تعديل