confirmed
٨٣٠
تعديل
لا ملخص تعديل |
|||
سطر ٤: | سطر ٤: | ||
== التحريف لغة وإصطلاحاً == | == التحريف لغة وإصطلاحاً == | ||
=== التحريف لغةً === | === التحريف لغةً === | ||
حرف الشيء : طرفه وجانبه، وتحريفه : إمالته والعدول به عن موضعه إلىٰ طرفٍ أو جانب. قال تعالىٰ :وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله علىٰ حَرْفٍ*<ref>الحج ٢٢ : ١١</ref> قال الزمخشري : أي علىٰ طرفٍ من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثلٌ لكونهم علىٰ قلقٍ واضطرابٍ في دينهم، لا علىٰ سكونٍ وطمأنينة.<ref>الزمحشري، محمد، الكشاف ٣ : ١٤٦.</ref> | حرف الشيء : طرفه وجانبه، وتحريفه : إمالته والعدول به عن موضعه إلىٰ طرفٍ أو جانب. قال تعالىٰ :وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله علىٰ حَرْفٍ*<ref>الحج ٢٢ : ١١</ref>. قال الزمخشري : أي علىٰ طرفٍ من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثلٌ لكونهم علىٰ قلقٍ واضطرابٍ في دينهم، لا علىٰ سكونٍ وطمأنينة.<ref>الزمحشري، محمد، الكشاف ٣ : ١٤٦.</ref>. | ||
=== التحريف اصطلاحاً === | === التحريف اصطلاحاً === | ||
أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة نذكر البعض منها: | أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة نذكر البعض منها: | ||
==== التحريف المعنوي ==== | ==== التحريف المعنوي ==== | ||
ويراد به حمل اللفظ علىٰ معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره، وهذا النوع واقع في القرآن، وذلك عن طريق تأويله من غير علم، وهو محرّم بالإجماع | ويراد به حمل اللفظ علىٰ معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره، وهذا النوع واقع في القرآن، وذلك عن طريق تأويله من غير علم، وهو محرّم بالإجماع | ||
لقوله صلىالله عليه وآله : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار وهو من [[التفسير بالرأي]] المنهي عنه.<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان، ج١ ص٢٤.</ref> <ref> السيوطي، جلال الدين، الإتقان للسيوطي، ج٤، ص٢١٠.</ref> ، قال رسول الله صلىالله عليه وآله : « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ وهذا المعنىٰ منحدر عن الأصل اللغوي لتحريف الكلام.<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان، ج١ ص٤.]</ref> | لقوله صلىالله عليه وآله : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار وهو من [[التفسير بالرأي]] المنهي عنه.<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان، ج١ ص٢٤.</ref> <ref> السيوطي، جلال الدين، الإتقان للسيوطي، ج٤، ص٢١٠.</ref> ، قال رسول الله صلىالله عليه وآله : « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ وهذا المعنىٰ منحدر عن الأصل اللغوي لتحريف الكلام.<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان، ج١ ص٤.]</ref>. | ||
==== التحريف اللفظي ==== | ==== التحريف اللفظي ==== | ||
وهو علىٰ أقسام منها | وهو علىٰ أقسام منها | ||
سطر ١٧: | سطر ١٧: | ||
=== المطلب الاول: موقف مدرسة الخلفاء تجاه النص القرآني === | === المطلب الاول: موقف مدرسة الخلفاء تجاه النص القرآني === | ||
[[اهل السنة|اهل السنة والجماعة]] يعتقدون سلامة القرآن العظيم من التحريف، والتبديل، والتغيير، والنقص، والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر. | [[اهل السنة|اهل السنة والجماعة]] يعتقدون سلامة القرآن العظيم من التحريف، والتبديل، والتغيير، والنقص، والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر. | ||
قال القاضي عياض في بيان موقف مدرسة الخلفاء: وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول "الحمد لله رب العالمين" إلى آخر " قل أعوذ برب الناس" أنه كلام الله، ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر.<ref>القاضي، عياض، الشفاء في بيان حقوق المصطفي، ج2، ص 340.</ref> | قال القاضي عياض في بيان موقف [[مدرسة الخلفاء]]: وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول "الحمد لله رب العالمين" إلى آخر " قل أعوذ برب الناس" أنه كلام الله، ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر.<ref>القاضي، عياض، الشفاء في بيان حقوق المصطفي، ج2، ص 340.</ref>. | ||
وقال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد : ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر. | وقال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد : ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر. | ||
وقال القاضي أبو يعلى: والقرآن ما غُيِّر ولا بُدِّل ولا نُقِص منه، ولا زِيدَ فيه، خلافاً للرافضة القائلين: إن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيب). وقال: إن القرآن جمع بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وأجمعوا عليه، ولم ينكر منكر، ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه، ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه، لأن مثل هذا لا يجوز أن ينكتم في مستقر العادة... ولأنه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه، ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً، فلما لم يفعل ذلك، بل كان يقرؤه ويستعمله، دل على أنه غير مبدل، ولا مغير. | وقال القاضي أبو يعلى: والقرآن ما غُيِّر ولا بُدِّل ولا نُقِص منه، ولا زِيدَ فيه، خلافاً للرافضة القائلين: إن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيب). وقال: إن القرآن جمع بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وأجمعوا عليه، ولم ينكر منكر، ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه، ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه، لأن مثل هذا لا يجوز أن ينكتم في مستقر العادة... ولأنه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه، ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً، فلما لم يفعل ذلك، بل كان يقرؤه ويستعمله، دل على أنه غير مبدل، ولا مغير. | ||
سطر ٢٤: | سطر ٢٤: | ||
مدرسة الخلفاء بشكل عام يعتقدون سلامة القرآن من التحريف، والتبديل، والتغيير، والنقص، والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر، وذكروا أدلة أهمها: | مدرسة الخلفاء بشكل عام يعتقدون سلامة القرآن من التحريف، والتبديل، والتغيير، والنقص، والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر، وذكروا أدلة أهمها: | ||
==== إستدلال بالآيات القرآنية ==== | ==== إستدلال بالآيات القرآنية ==== | ||
قوله تعالى :إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ<ref>الحجر، 9.</ref> | قوله تعالى :إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ<ref>الحجر، 9.</ref>. قال [[ابن جرير الطبري]]: قوله تعالى ذكره: ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ ) وهو القرآن ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل مَّا ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه، وحدوده، وفرائضه. | ||
وكذا قوله تعالى: { ... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز* لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ <ref>فصلت، 42.</ref> | وكذا قوله تعالى: { ... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز* لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ <ref>فصلت، 42.</ref>. | ||
والمعنى: عَزِيزٌ أي: منيع من كل من أراده بتحريف أو سوء، ولهذا قال: { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ } أي: لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه.<ref>الطبري، ابو جعفر، ج5، ص 481 في ذيل تفسير آية 41 فصلت.</ref> | والمعنى: عَزِيزٌ أي: منيع من كل من أراده بتحريف أو سوء، ولهذا قال: { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ } أي: لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه.<ref>الطبري، ابو جعفر، ج5، ص 481 في ذيل تفسير آية 41 فصلت.</ref>. | ||
=== الاستدلال بتواتر القرآن === | === الاستدلال بتواتر القرآن === |