Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٦
تعديل
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٣: | سطر ٣: | ||
=== أوّلاً: البعد الديني. === | === أوّلاً: البعد الديني. === | ||
يمثّل البعد الديني أهمّ عناصر وحدة [[الأُمّة الإسلامية]]، فالدين هو الركيزة الأساسية التي تبتني عليها بقية العناصر، فوحدة الأُمّة الإسلامية تمثّل بناء متكاملاً له أساس ثابت راسخ الأركان يحمل البناء كلّه، ألا وهو الدين، أو هي كالشجرة لها جذور ضاربة في الأرض وبدونها لا يكون للشجرة كيان ولا حتّى وجود، ومن هذه الجذور تمتدّ الساق والفروع والأغصان.<br> | يمثّل البعد الديني أهمّ عناصر وحدة [[الأُمّة الإسلامية]]، فالدين هو الركيزة الأساسية التي تبتني عليها بقية العناصر، فوحدة الأُمّة الإسلامية تمثّل بناء متكاملاً له أساس ثابت راسخ الأركان يحمل البناء كلّه، ألا وهو الدين، أو هي كالشجرة لها جذور ضاربة في الأرض وبدونها لا يكون للشجرة كيان ولا حتّى وجود، ومن هذه الجذور تمتدّ الساق والفروع والأغصان.<br> | ||
ويتمثّل البعد الديني في العقيدة الواحدة بإله واحد ونبي واحد وكتاب واحد وعبادة واحدة. فالجميع يتّجهون في صلاتهم في مواعيد محدّدة إلى اللّٰه نحو قبلة واحدة أينما كانوا في أيّ مكان من العالم، ويجمع بينهم الصيام في شهر معيّن، ويجمع الحجّ بينهم من كلّ الأجناس والأقطار طائفين حول كعبة واحدة في حرم اللّٰه الآمن تنجذب إليها أفئدتهم من كلّ فجّ عميق: (لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اِسْمَ اَللّٰهِ فِي أَيّٰامٍ مَعْلُومٰاتٍ) (سورة الحجّ: 28)، وهذا التجمّع الكبير في الحجّ يعدّ رمزاً حيّاً لوحدة الأُمّة الإسلامية كلّها، فهؤلاء ممثّلوها من كلّ مكان يجمعهم هدف واحد، ويربط بين قلوبهم رباط واحد، يجعل منهم جميعاً أُخوة متحابين متآلفين بأمر اللّٰه.<br> | ويتمثّل البعد الديني في العقيدة الواحدة بإله واحد ونبي واحد وكتاب واحد وعبادة واحدة. فالجميع يتّجهون في صلاتهم في مواعيد محدّدة إلى اللّٰه نحو قبلة واحدة أينما كانوا في أيّ مكان من العالم، ويجمع بينهم الصيام في شهر معيّن، ويجمع الحجّ بينهم من كلّ الأجناس والأقطار طائفين حول كعبة واحدة في حرم اللّٰه الآمن تنجذب إليها أفئدتهم من كلّ فجّ عميق: (لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اِسْمَ اَللّٰهِ فِي أَيّٰامٍ مَعْلُومٰاتٍ) (سورة الحجّ: 28)، وهذا التجمّع الكبير في الحجّ يعدّ رمزاً حيّاً لوحدة [[الأُمّة الإسلامية]] كلّها، فهؤلاء ممثّلوها من كلّ مكان يجمعهم هدف واحد، ويربط بين قلوبهم رباط واحد، يجعل منهم جميعاً أُخوة متحابين متآلفين بأمر اللّٰه.<br> | ||
ويعبّر القرآن الكريم عن هذا المعنى الإيماني بقوله تعالى: (وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا) (سورة آل عمران: 103)، وهذه الوحدة الروحية من شأنها أن تقضي على كلّ ما يعكّر صفو الأُمّة أو يعمل على تقطيع أوصالها، فمادام الربّ واحداً والدين واحداً فلا مجال للتناقض في أُمور الدين.<br> | ويعبّر القرآن الكريم عن هذا المعنى الإيماني بقوله تعالى: (وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا) (سورة آل عمران: 103)، وهذه الوحدة الروحية من شأنها أن تقضي على كلّ ما يعكّر صفو الأُمّة أو يعمل على تقطيع أوصالها، فمادام الربّ واحداً والدين واحداً فلا مجال للتناقض في أُمور الدين.<br> | ||
والاعتصام بحبل اللّٰه ليس مجرّد شعار يرفعه المسلمون، وإنّما له متطلّبات لا يتحقّق بدونها، ولا يقع عند اللّٰه موقع القبول إلّاإذا تحقّقت وقام المعتصمون بتبعاتها على الوجه الذي رسمه اللّٰه في كتابه طريقاً لكمال الإنسانية ورقيها، فهو يقضي بتنحية الشهوات والأهواء التي تثيرها العصبيات القبلية والعرقية والمذهبية، ويقضي بالنظر السريع في تنقية العقائد والعبادات وسائر التعاليم الإلهية ممّا يشوبها ويكدّر صفوها من صور الشرك <br> | والاعتصام بحبل اللّٰه ليس مجرّد شعار يرفعه المسلمون، وإنّما له متطلّبات لا يتحقّق بدونها، ولا يقع عند اللّٰه موقع القبول إلّاإذا تحقّقت وقام المعتصمون بتبعاتها على الوجه الذي رسمه اللّٰه في كتابه طريقاً لكمال الإنسانية ورقيها، فهو يقضي بتنحية الشهوات والأهواء التي تثيرها العصبيات القبلية والعرقية والمذهبية، ويقضي بالنظر السريع في تنقية العقائد والعبادات وسائر التعاليم الإلهية ممّا يشوبها ويكدّر صفوها من صور الشرك <br> | ||
سطر ١٠: | سطر ١٠: | ||
ويتّضح البعد الإنساني لوحدة [[الأُمّة الإسلامية]] جلياً في [[القرآن الكريم]] و[[السنّة]] النبوية المطهّرة، فاللّٰه سبحانه وتعالى يلفت نظرنا إلى وحدة الأصل الإنساني. فالناس جميعاً قد خلقهم اللّٰه من نفس واحدة: (يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ) (سورة النساء: 1)، ورسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يؤكّد هذا المعنى أيضاً في قوله: «يا أيّها الناس، ألا إنّ ربّكم واحد وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلّابالتقوى».<br> | ويتّضح البعد الإنساني لوحدة [[الأُمّة الإسلامية]] جلياً في [[القرآن الكريم]] و[[السنّة]] النبوية المطهّرة، فاللّٰه سبحانه وتعالى يلفت نظرنا إلى وحدة الأصل الإنساني. فالناس جميعاً قد خلقهم اللّٰه من نفس واحدة: (يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ) (سورة النساء: 1)، ورسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يؤكّد هذا المعنى أيضاً في قوله: «يا أيّها الناس، ألا إنّ ربّكم واحد وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلّابالتقوى».<br> | ||
والإسلام لا يفصل هذا البعد الإنساني عن البعد الديني المشار إليه كما كانت تفعل - ولاتزال - بعض الآيديولوجيات والفلسفات في القديم والحديث التي تصل بالإنسان إلى حدّ التأليه وتجعله صاحب السلطان الأوحد في هذا الكون!<br> | والإسلام لا يفصل هذا البعد الإنساني عن البعد الديني المشار إليه كما كانت تفعل - ولاتزال - بعض الآيديولوجيات والفلسفات في القديم والحديث التي تصل بالإنسان إلى حدّ التأليه وتجعله صاحب السلطان الأوحد في هذا الكون!<br> | ||
ويبيّن لنا القرآن الكريم أنّ الإنسان الذي ينكر أصله أو يجحد خالقه هو إنسان يعمل ضدّ طبيعته وفطرته التي فطره اللّٰه عليها. فاللّٰه سبحانه قد أخذ عليه ميثاقاً لا يجوز له أن يتجاهله أو يغفل عنه؛ لأنّه مركوز في أصل فطرته. وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ شَهِدْنٰا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنّٰا كُنّٰا عَنْ هٰذٰا غٰافِلِينَ) (سورة الأعراف: 172). ومن بين القلائل من فلاسفة الغرب الذين أكّدوا هذا المعنى كان الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» الذي قال: «والحقّ أنّه لا ينبغي أن نعجب من أنّ اللّٰه حين خلقني غرس فيّ هذه الفكرة - أي: فكرة وجود اللّٰه - لكي تكون علامة للصانع مطبوعة على صنعته».<br> | ويبيّن لنا القرآن الكريم أنّ الإنسان الذي ينكر أصله أو يجحد خالقه هو إنسان يعمل ضدّ طبيعته وفطرته التي فطره اللّٰه عليها. فاللّٰه سبحانه قد أخذ عليه ميثاقاً لا يجوز له أن يتجاهله أو يغفل عنه؛ لأنّه مركوز في أصل فطرته. <br> | ||
وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ شَهِدْنٰا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنّٰا كُنّٰا عَنْ هٰذٰا غٰافِلِينَ) (سورة الأعراف: 172). ومن بين القلائل من فلاسفة الغرب الذين أكّدوا هذا المعنى كان الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» الذي قال: «والحقّ أنّه لا ينبغي أن نعجب من أنّ اللّٰه حين خلقني غرس فيّ هذه الفكرة - أي: فكرة وجود اللّٰه - لكي تكون علامة للصانع مطبوعة على صنعته».<br> | |||
وهذا الارتباط الوثيق بين كلّ من البعد الديني والبعد الإنساني في وحدة الأُمّة الإسلامية له دلالة هامّة؛ إذ يعني أنّ هذه الأُمّة التي أراد اللّٰه لها أن تكون خير أُمّة أُخرجت <br> | وهذا الارتباط الوثيق بين كلّ من البعد الديني والبعد الإنساني في وحدة الأُمّة الإسلامية له دلالة هامّة؛ إذ يعني أنّ هذه الأُمّة التي أراد اللّٰه لها أن تكون خير أُمّة أُخرجت <br> | ||
للناس من شأنها أن تكون عنصر أمان واستقرار في هذا العالم، فهي أُمّة ترتبط بخالقها بعلاقة العبودية له سبحانه، وترتبط بغيرها من بني البشر بعلاقة الإنسانية التي لا تنسى عبوديتها لخالق الكون كلّه.<br> | للناس من شأنها أن تكون عنصر أمان واستقرار في هذا العالم، فهي أُمّة ترتبط بخالقها بعلاقة العبودية له سبحانه، وترتبط بغيرها من بني البشر بعلاقة الإنسانية التي لا تنسى عبوديتها لخالق الكون كلّه.<br> |