الدهرية

الدهریة‏ مجموعة من الفلاسفة الماديين المنسوبين إلى الدهر الذين يعتقدون بأبدية الدهر.

معنى لغوي دهر

دهر من الناحية اللغوية؛ استخدم في معانٍ متعددة؛ مدة طويلة، مدة أبدية، عمر، زمن، دائم، ويأتي بمعنى أسماء الحسنى أيضًا. ويعني ألف سنة أيضًا، وقد قيل إن الدهر زمن غير متناهٍ من الأزل والأبد، وقد أطلق على الزمن بشكل مطلق أيضًا[١][٢]. وقد كُتب أيضًا: «دهر» في اللغة يعني الزمن اللامتناهي، ويقال إن الزمن شيء يمضي وينقضي، ولكن «الدهر» أبدي ودائم. يكتب الجرجاني في «تعريفات»: «الدهر» زمن دائم يمتد بحضور الله، وهو باطن الزمن، ومن خلاله يتصل «الأزل» بـ «الأبد» ويصبح «أبديًا»[٣].

معنى اصطلاح دهرية

الدهري، المنسوب إلى الدهر (الزمن) يُطلق على من يعتقد أن العالم قديم ومستمر على حالة واحدة، ولا يوجد خالق أو مدبّر، وأن الحياة محصورة في الحياة الدنيا، وبعد الموت، لا توجد بعث أو حياة[٤][٥] كما أشار إليه القرآن الكريم[٦]. لكن في الاصطلاح؛ تُطلق دهرية على مجموعة من الفلاسفة الماديين الذين يعتقدون بأبدية الدهر أو الزمن، وهم منسوبون إلى الدهر[٧]. الغزالي أيضًا عند تقسيم الفلاسفة إلى دهريين وطبيعيين وإلهيين، في تعريف الدهريين يكتب: «هم مجموعة من المتقدمين الذين أنكروا الخالق المدبر للعالم القادر، وظنوا أن العالم موجود من ذاته ودون خالق، وأن الحيوان يأتي من النطفة والنطفة تأتي من الحيوان، وهكذا كان وسيظل إلى الأبد»[٨]. في تعريف عام وأصح؛ يُقال على الدهري إنه منكر للمبدأ والمعاد، وينسب جميع الأحداث إلى الدهر[٩]، أي ما يُعرف اليوم بالمادية، سواء كان فيلسوفًا أو غيره. في كثير من الأحيان، يُطلق على الدهريين مثل بقية أصناف الكفار والمشركين زنديق أيضًا[١٠].

تاريخچه

الدهریة أخذت اسمها من سورة جاثية: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ (جاثیه/24). وبالتالي، يُطلق مصطلح الدهر على من لا يؤمن بالله وينكر خلق العالم والعناية الإلهية. ما جاء في الأديان الحقّة والشرائع السماوية عن القيامة ووعد والوعيد لا يقبله الدهريون. يقولون إن المادة لا تفنى، وما يحدث في العالم «حادث» يحدث بناءً على القوانين الطبيعية، وهم يعتقدون بأقدمية الزمن. يقول عبدالكريم الشيرازي إن الدهريين ينكرون «المعقولات» ولا يعترفون إلا بـ «المحسوسات»، كما يقول الجاحظ: إنهم ينكرون الشياطين والجن والملائكة. الغزالي في «المنقذ من الضلال» يفرق بين الدهريين والطبيعيين، ويقول: إنهم ينكرون جوهر النفس. السيد جمال الدين الأسدآبادی كتب رسالة في رد الدهريين بعنوان «نيچريه». عبد الله علاء الدين بغدادي دهلوي كتب رسالة بعنوان «الدرة السنية في الرد على المادية وإثبات النواميس الشرعية بالأدلة العقلية» في رد تلك المجموعة. تم رفض مذهب الدهريين من قبل علماء أهل الكتاب بسبب إنكارهم لله وأصالة المادة، كما أن سعید فیومي من علماء اليهود كتب كتابًا في ردهم. بعض العلماء مثل زکریا رازی كانوا من أتباع هذا المذهب، ولهذا كتب أبو حاتم رازي كتاب «أعلام النبوة» في ردّه[١١].

اعتقادات

1- تحديد الحياة بمجال الدنيا، من بين اعتقادات الدهري: «وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا...». 2- نسب الموت إلى الدهر والاعتقاد بعدم تأثير الإرادة الإلهية في الحياة والموت: «نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ...». 3- إنكار ربوبية الله: «وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ...». 4- الاعتقاد بالدهر، فكرة غير قائمة على العلم: «... وما يُهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون». 5- حقانية المعاد في نظر الدهري، مشروطة بعودة آبائهم أمام أعينهم: «وإذا تُتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين».

الهوامش

  1. سيد جعفر سجادي، فرهنگ علوم فلسفی و کلامی، تهران، انتشارات امیرکبیر، سال ۱۳۷۵ش، چ اول، ص۳۳۰.
  2. محمد بن مکرم ابن منظور، لسان العرب، قم، انتشارات ادب حوزه، سال ۱۴۰۵ ق، ج ۴، ص ۲۹۲-۲۹۳.
  3. .محمد جواد مشکور، فرهنگ فرق اسلامی، مشهد، انتشارات آستان قدس رضوی، سال 1372 ش، چ دوم، ص 196.
  4. ابوالقاسم خویی، مصباح الفقاهة، ج ۱، ص ۳۹۰.
  5. علامه مجلسی، بحار الانوار، ج ۹۳، ص ۳۷.
  6. جاثية/سورة ۴۵، آیه ۲۴.
  7. محمد جواد مشکور، همان، ص ۱۹۵.
  8. ابو‌حامد محمد غزالي، المنقذ من الضلال، تصحيح محمد محمد جابر، بيروت، انتشارات المكتبة الثقافية، بی‌تا، ص ۱۲۸.
  9. سيد محمد حسين طباطبایی، المیزان، ترجمة محمد باقر موسوي همداني، قم، انتشارات اسلامی، سال ۱۳۸۴ ش، ج ۱۸، ص ۲۶۵.
  10. سعید رضا منتظری، زندیق و زنادیق، قم، انتشارات دانشگاه ادیان و مذاهب، سال ۱۳۸۹ ش، چ اول، ص ۵۰.
  11. محمد جواد مشکور، همان، ص 196.