سيد قطب
سيّد بن قطب بن إبراهيم بن حسن الشاذلي: مفكّر إسلامي مصري معروف، ورائد من روّاد حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية.
ولد سنة 1906 م في قرية «موشا» في محافظة أسيوط، وحفظ القرآن وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، وتخرّج بكلّية دار العلوم بالقاهرة سنة 1934 م، وعمل في جريدة «الأهرام»، وكتب في مجلّتي «الرسالة» و «الثقافة»، وعيّن مدرّساً للّغة العربية، فموظّفاً في ديوان وزارة المعارف، ثمّ مراقباً فنّياً للوزارة، وأُوفد سنة 1948 م في بعثة لدراسة برامج التعليم إلى أميركا، ولمّا عاد منها سنة 1951 م انتقد البرامج التعليمية، حيث كان يراها من وضع الإنجليز، وطالب ببرامج تتمشّى والفكر الإسلامي الأصيل، وبنى على هذا استقالته في العام الثاني للثورة سنة 1953 م.
وانضمّ إلى حركة «الأُخوان المسلمين»، فترأس قسم نشر الدعوة، وتولّى تحرير جريدتهم لمدّة سنتين ابتداءً من عام 1953 م، فزجّ في السجن معهم، وعكف على تأليف الكتب ونشرها وهو في السجن، فصدر الحكم بسجنه 15 عاماً، غير أنّه خرج بعد 10
سنوات بعفو صحّي وبعد تدخّل عبد السلام عارف لدى عبد الناصر، واتّهم سنة 1965 م بمحاولة قلب نظام الحكم، فصدر الأمر بإعدامه، فأُعدم سنة 1966 م.
من تصانيفه: في ظلال القرآن، النقد الأدبي... أُصوله ومناهجه، العدالة الاجتماعية في الإسلام، التصوير الفنّي في القرآن، كتب وشخصيات، المستقبل لهذا الدين، معالم في الطريق، مشاهد القيامة في القرآن.
وبعد انتكاسة عام 1967 م قال المفكّر الإسلامي علّال الفاسي رئيس حزب الاستقلال في المغرب: «ما كان اللَّه لينصر حرباً يقودها قاتل سيّد قطب».
وقد كُتبت عدّة كتب حوله، آخرها في إيران ما نشره المجمع العالمي للتقريب سنة 2007 م حول حياته وجهوده الوحدوية، كان لكاتب السطور شرف تحقيقه واستدراكه.
وقد كان سيّد قطب يرى أنّه ما لم تتحقّق الوحدة بين المسلمين فإنّ الإمبريالية الغربية ستستمرّ في نهب ثروات وخيرات وموارد الأُمّة الإسلامية، وقاوم سيّد الحواجز والحدود الجغرافية بين البلاد الإسلامية، حيث كان يعتقد أنّ كلّ مكان يتواجد فيه المسلم وسط مسلمي ذلك المكان فهو جزء من الوطن الإسلامي، وأنّ الهجوم على إحدى البلدان الإسلامية هو هجوم على الإسلام. ورسالته إلى السيّد أبي القاسم الكاشاني التي أعلن فيها عن دعمه لحركة تأميم النفط الإيراني تعرب وتفصح عمّا كان يدور في خلده من أفكار حول الوحدة والتقريب، ومقامنا ليس مقام إيرادها، ومن أراد الاطّلاع على فقراتها فليراجع الكتاب الذي نشره المجمع العالمي للتقريب حول هذا المفكّر تحت عنوان «سيّد قطب... آية الجهاد».
ومن يقرأ مؤلّفات سيّد قطب- وعلى رأسها كتاب «الظلال»- فإنّه يلاحظ أنّ منهج هذا المفكّر في تحقيق الوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب الفقهية والفرق الكلامية يقوم على عدّة دعائم، من أهمّها:
أوّلًا: أنّ العقيدة الإسلامية- عقيدة التوحيد والوحدة والأُخوّة والتكافل والمودّة- هي الأساس الراسخ الذي ينهض عليه كيان الأُمّة، وتتحقّق به عزّتها وكرامتها، ومن ثمّ كان
وقاية هذه العقيدة من كلّ عوامل الزيغ والضعف هو السبيل لأن تظلّ العقيدة الإسلامية القوّة التي تجمع تحت لوائها كلّ المؤمنين بها.
ومن هنا كان سيّد قطب يرفض كلّ ما أخذ به الفلاسفة والمتكلّمون من مناهج عقيمة في دراسة العقيدة، كان يرى- وهو على حقّ في هذا على ما قيل- أنّ تلك المناهج فرّقت الأُمّة ولم تحم العقيدة من أسباب الانحراف والفساد، وكان لذلك يؤكّد دائماً على وجوب الأخذ بالأُسلوب القرآني في دراسة العقيدة. فهذا الأُسلوب مزاج من الفكر والوجدان، والعقل والشعور. والإنسان ليس عقلًا صرفاً ولا وجداناً صرفاً، فمخاطبته وفق فطرته التي فطرها اللَّه عليها هو أقصر طريق لصحّة الإيمان وسلامة اليقين.
لقد دعا سيّد قطب إلى نبذ مناهج الفلاسفة، وبيّن أنّها مناهج دخيلة على الفكر الإسلامي، وأنّ المحافظة على أصالة هذا الفكر وصفائه ونقائه تقتضي الرجوع إلى المنهج القرآني في دراسة العقيدة، حتّى تظلّ العقيدة حيّة نقية من كلّ الشوائب، تقود الأُمّة إلى حياة العبودية الخالصة للَّهربّ العالمين، وحياة الاعتصام الصحيح بحبل اللَّه، وحياة الأُخوّة الإسلامية بمفهومها الشامل، وبهذا تكون الأُمّة بنياناً مرصوصاً أو جسداً واحداً يشدّ بعضه بعضاً.
ثانياً: مع دعوة سيّد قطب إلى دراسة العقيدة الإسلامية وفق المنهج القرآني وبعيداً عن تعقيدات علماء الكلام والفلاسفة كان يحرص أبلغ الحرص على أن تسترشد الأُمّة بالعصور الزاهرة في تاريخها، وألّا تجتاز ما انتهت إليه عصور الضعف والتخلّف من المفاهيم والأحكام الباطلة. فهذه العصور ينبغي على الأُمّة ألّاتقف عندها إلّالأخذ العظة فيها، بمعنى: أن تدرسها لتعرف الأسباب والعوامل التي دفعت بالأُمّة إلى أن تتخلّى عن الصدارة والقيادة، وترضى بحياة الوهن والتقليد، حتّى لا تتعرّض مرّة أُخرى لهذه العوامل لتنهض من جديد تعيد تاريخها المشرق بالقوّة والفضيلة والحضارة.
ثالثاً: كان من منهج قطب في جمع كلمة الأُمّة العناية الخاصّة ببيان ما تميّزت به الأُمّة الإسلامية من وحدة العقيدة، ووحدة الغاية، ووحدة المنهج، ووحدة التصوّر لمهمّة الإنسان
في الحياة، ففي هذا البيان مقاومة لكلّ أسباب التمزّق والتفرّق والصراع والتنازع الذي لا يرتدّ على الأُمّة إلّابالبوار، فضلًا عن أنّه يحصّن الأُمّة وينبّهها إلى أن تفيء إلى قيمها الخالدة وخصائصها الربّانية السامية، فلا تعتصم بغيرها، ولا تضيّع وقتها في هذا النظر إلى هنا وهناك، ولا تغتر بما يموّه به عليها شياطين الإنس والجنّ من وسائل الضلال والانحلال، وبذلك تبقى لها أصالتها وقوّتها وكرامتها وعزّتها.
وكان سيّد قطب يوضّح عواقب التنازع والاختلاف، ويؤكّد أنّ الأُمّة التي يسود فيها الجدل بغير التي هي أحسن، والتي ينزغ الشيطان بين أبنائها، والتي تستبدّ بها نوازع العصبية والإقليمية، والتي يتصارع أفرادها لأتفه الأسباب ويتقاتلون باللسان والسنان، تصبح لقمة سائغة لعدوّها، ولهذا كان من منهجه أن يثبت بالدليل العلمي أنّ كلّ الأفكار البشرية التي يغترّ بها من لا فقه لهم بالإسلام مآلها البوار، وأنّ المستقبل وحده للإسلام.
وكان يرى أنّ الفكر المادّي الإلحادي الشيوعي سينهار أوّلًا، ثمّ يليه الفكر الرأسمالي.
وقد حدث ما ذهب إليه الرجل بعد وفاته بنحو ربع قرن، وسيحدث أيضاً الانهيار بالنسبة إلى الفكر الرأسمالي الغربي مهما طال به الأمر. وهذا يعني: إفلاس كلّ النظم البشرية، ولن ينقذ الناس من فوضى المناهج والنظريات الوضعية إلّاالإسلام، وحتّى يتحقّق ذلك يجب على المؤمنين بهذا الدين أن يكونوا في حياتهم وفي علاقاتهم صورة حيّة واقعية لهذا الدين، حتّى يقودوا غيرهم إليه، ويكونوا دائماً روّاداً على طريق الحقّ والخير للناس كافّة.
على أنّ سيّد قطب كان في جهاده من أجل دينه وأُمّته لا يهادن الباطل، ولا يخشى في الحقّ لومة لائم، وقد ذهب شهيداً بسبب شجاعته وصلابة يقينه، وقد حاول الذين آذوه وقتلوه أن يمنعوا فكره وآراءه من الذيوع والانتشار، ولكن (الزبد يذهب جفاءاً وما ينفع الناس فإنّه يمكث في الأرض)، وقد ذاعت أفكار سيّد قطب على مستوى العالم الإسلامي، بل على مستوى العالم كلّه، وترجمت مؤلّفاته، وبخاصّة «الظلال» إلى أكثر من لغة غير عربية، والأمل وطيد أن تجد هذه الأفكار طريقها للتطبيق حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ
الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (سورة الأنفال: 39)، وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (سورة يوسف: 21).
الاسم | سيّد قطب |
---|---|
الاسم الکامل | سيّد بن قطب بن إبراهيم بن حسن الشاذلي |
تاريخ الولادة | 1324ه/1906 م |
محل الولادة | موشا/مصر |
تاريخ الوفاة | 1417ه/1966 م |
المهنة | مفكّر إسلامي مصري معروف، ورائد من روّاد حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية. |
الأساتید | |
الآثار | في ظلال القرآن، النقد الأدبي... أُصوله ومناهجه، العدالة الاجتماعية في الإسلام، التصوير الفنّي في القرآن، كتب وشخصيات، المستقبل لهذا الدين، معالم في الطريق، مشاهد القيامة في القرآن. |
المذهب | سنی |
المراجع
(انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي 3: 147- 148، موسوعة السياسة 3: 398- 399، موسوعة المورد 8: 219، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 146- 168، معجم الروائيّين العرب:
193- 194، نثر الجواهر والدرر 1: 499، موسوعة ألف شخصية مصرية: 303- 304، الموسوعة العربية العالمية 13: 370، المفسّرون للأيازي: 512- 517، معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة 1: 521- 522، عظماء الإسلام: 251- 254، شخصيات لها تاريخ لمحمّد عمارة: 231- 236، رسائل الأعلام إلى العلّامة أبي الحسن الندوي: 143- 144، خمسون شخصية أساسية في الإسلام: 348- 355، موسوعة الأعلام 2: 407- 408، رجالات التقريب: 306- 316 و 410- 416، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 1: 299- 300).