إنكار الإجماع

حکم إنکار الإجماع: والبحث هنا في أنه هل يجوز إنکار الإجماع؟ وفي فرض الجواز هل يجوز الإنکار مطلقاً ولو کان الإجماع متواتراً أم فيه تفصيل؟

حکم إنكار الإجماع

اتفق الأصوليون على أنّ منكر الإجماع الظني ـ كـ الإجماع السكوتي والمنقول بخبر الآحاد ـ لايكفّر. وأمّا الإجماع القطعي ـ كالمنقول تواتراً ـ ففيه أقوال:

القول الأول

إنّ إنكاره يستلزم الكفر. وهو اختيار بعض الأحناف كالنسفي، وابن حامد من الحنابلة، وابن عبدالشكور، وابن الهمام.. واستدّلوا عليه بأنّ الإجماع لايقوم إلاّ عن مستند يستند إليه المجمعون تقديراً، فانكار الإجماع إنكار للمستند، وهو تكذيب للنبي(ص).

القول الثاني

أنّ إنكاره لايستلزم الكفر. وهو اختيار الرازي، والارموي، ومذهب كثير من الحنابلة، وظاهر الطبري، والمرتضى (أحمد بن يحيى).

القول الثالث

التفصيل بين كون المجمع عليه من ضروريات الدين فيستلزم إنكاره الكفر، وبين ما إذا لم يكن من ضروريات الدين فلا يستلزم الكفر. وهذا القول هو المعروف عند الإمامية. واختاره جماعة من أهل السنّة، كالآمدي، والسبكي، والعضدي، والمطيعي. وربّما يرجع القول الثاني إلى هذا القول، باعتبار أنّ الحكم بكفر منكر الضروري مسلّمٌ به. وقد ألحق السبكيُ المشهورَ المنصوصَ عليه بالضروري. واعترض البناني على الإلحاق المذكور.

القول الرابع

التفصيل بين إجماع الصحابة وغيره، فيكفّر منكر الأول دون الثاني. وهو اختيار الأستانبولي.

القول الخامس

التفصيل بين إنكار دليلية الإجماع وكونه طريقا لثبوت أحكام الشارع، وبين إنكار الحكم المجمع عليه بعد الاعتراف بدليلية الإجماع، فيكفّر منكر الثاني دون الأول. وهو اختيار الجويني، والزركشي، وابن نظام الدين الأنصاري، والشنقيطي، والخضري.

القول السادس

التفصيل بين إنكار أصل الإجماع و بين إنكار تحققه، فيكفّر منكر الأول دون منكر الثاني. وهو ظاهر البزدوي. ويلتقي هذا التفصيل مع التفصيل الذي قبله في موارد ويختلف عنه في موارد أخرى، فكلا التفصيلين متفقان على إنكار المجمع عليه بعد الاعتراف بأصل الإجماع ودليليته أو الاعتراف بتحققه يوجب الكفر. ويتفقان أيضا على أنّ إنكار تحقق الإجماع في مورد، أو إنكار الإجماع المختلف في تحققه خارجا لايوجب الكفر. ويختلفان في أنّ من أنكر طريقيّة الإجماع ـ أي أصله ـ لايكفّر بحسب التفصيل الذي ذكره الجويني وغيره، ويكفّر بحسب تفصيل البزدوي.