الفور والتراخي

مراجعة ٠٦:٤٩، ١٩ مايو ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'''' الفور والتراخي:''' اصطلاحان أصوليان، والمراد بالفور هو اقتضاء صيغة الأمر أو مادته للفور،...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

الفور والتراخي: اصطلاحان أصوليان، والمراد بالفور هو اقتضاء صيغة الأمر أو مادته للفور، يعنی إذا قال الشارع: «أقم الصلاة» يجب أن يقوم به المکلف في أول أزمنة إمکانه، بينما أنّ المراد بالتراخي جواز التأخير عن ذلک. وجديرٌ بالذکر أن مسألة الفور والتراخي تتصور في الواجبات الموسعة کالصلاة التي فعلها أقلّ من الزمن الذي تعيّن لهذا الفعل. بخلاف الصوم لأن فعل الصوم يساوي الزمان الذي تعين للصيام.

اقتضاء الأمر الفور أو التراخي

لا يختصُّ البحث في اقتضاء الأمر الفور أو التراخي بصيغة الأمر بل يشمل مادّته كذلك، بل ويشمل كذلك مقام الجعل والاعتبار ما قبل بروز الأمر بنحو الصيغة أو المادّة[١] ، لكن يبدو من البعض اختصاص البحث بالصيغة فقط[٢] .
ويذكر أنَّ الاختلاف في التراخي والفور خاصٌّ بالقائل بعدم إفادة الأمر التكرار، أمّا بناءً على القول بإفادته التكرار فإنّ القول بالفورية يعدُّ من ضروريات ذلك القول[٣] .
وقد وردت عدّة آراء في هذا المجال:

الرأي الأوّل: اقتضاء الأمر الفور

نسب السيّد المرتضى القول باقتضاء الأمر الفور إلى قوم دون تحديدهم[٤] ، ونسبه الشيخ الطوسي إلى كثير من المتكلّمين والفقهاء، وادّعى حكايته عن أبي الحسن الكرخي[٥] . وذهب إليه أبو اسحاق الشيرازي بناءً على قوله باقتضاء الأمر التكرار[٦] . ونسبه الآمدي إلى كلّ من قال بدلالة الصيغة على التكرار وإلى الحنفية و الحنابلة[٧] كما نُسب إلى أبي حنيفة[٨] .
استدلّ الجويني عن أصحاب هذا القول بأنّ المؤخِّر لو مات قبل الإتيان بالمأمور به، فلو قلنا بعدم اعتباره عاصياً لزم إسقاط الايجاب بالكلية، وإن قيل بكونه عاصياً كان مناقضاً لجواز التأخير، وإن قلنا بجواز التأخير بشرط سلامة العاقبة لزم ربط التكليف بأمر مجهول[٩].

الرأي الثاني: يقتضي التراخي

ذهب إليه السرخسي[١٠] ، وحكاه الشيخ الطوسي عن أبي علي وأبي هاشم[١١] .
استدلَّ السرخسي على رأيه بأنَّ من نذر أن يعتكف شهراً يعتكف أي شهر شاء، وكذلك لو نذر أن يصوم شهراً، ويقضي شهر رمضان أي شهر شاء، كما أنّ المكلّف لا يصير مفرطاً بتأخير ما وجب عليه من زكاة الفطرة والعُشر[١٢] .
واستدلَّ أبو اسحاق الشيرازي على هذا الرأي بأنّ قول الآمر (افعل) يقتضي إيجاد الفعل من غير تخصيص بالزمان الأوّل دون الثاني، فإذا صار ممتثلاً بالفعل في الزمان الأوّل وجب أن يصير ممتثلاً بالفعل في الزمان الثاني[١٣] .

الرأي الثالث: التوقّف

وهو مذهب الجويني[١٤] و السيّد المرتضى[١٥] .
ونقل الجويني تفصيلاً في التوقُّف من حيث الامتثال، فبعض قال بعدم حصول الامتثال سواء جاء بالعمل متأخّراً أو فوراً إلاّ أن يحدد المراد بقرينة، وقال بعض آخر بحصول الامتثال إن جاء بالفعل فوراً ولا يقطع بالخروج عن عهدة الخطاب إن جاء بالفعل مع التأخير[١٦].
واستدلَّ على رأيه بإطلاق الصيغة من حيث المطلوب، والتوقّف من وجهة نظره في أمر خارج عن دلالة الصيغة، بأنَّ المكلَّف إنْ بادر بالإتيان بالمطلوب لم يعد عاصياً وإن أخَّر، فهو مع التأخير ممتثل لأصل المطلوب، ويشكّ في اعتباره آثماً، فالتوقُّف هنا[١٧] .

الرأي الرابع: عدم اقتضائه الفور أو التراخي

ذهب إليه الآمدي[١٨] وصفي الدين الهندي[١٩] والبيضاوي[٢٠] ونسب إلى معظم الشافعية و الشافعي نفسه[٢١]
وقال به العلاّمة الحلّي [٢٢] ، والفاضل التوني[٢٣] بل هو رأي معظم أصوليي الشيعة[٢٤] .
استدلَّ الآمدي على هذا الرأي بوجهين، أوّلهما: الإجماع، وثانيهما: جواز ورود الأمر للفور والتراخي[٢٥] .
ونقل صفي الدين الهندي الاستدلال على هذا الرأي باعتبارات وآيات وكلمات العرف:
منها: ورود الأمر في الفور والتأخير. ودلالته على أصل الطلب متيقنة، والأصل عدم دلالته على غيره.
ومنها: صحّة تقسيمه إلى الفور والتراخي، ممّا يدلّ على أنّه مشترك بينهما[٢٦] .
استدلَّ العلاّمة الحلّي على هذا القول بأنَّ الأمر ورد بالمعنيين (الفور والتراخي) فيكون حقيقة في القدر المشترك، ودلالته عليهما ليس من باب المجاز ولا الاشتراك[٢٧].
واستدلّ عليه الفاضل التوني بأنّ المتبادر من الأمر ليس إلاّ طلب الفعل من غير فهم شيء من الأوقات والأزمان منه[٢٨] .
وناقش الفاضل التوني في مسألة البدار، وأنّه لا يراد منه المبادرة بالفعل في أوّل أوقات الإمكان، بل يراد منه المباشرة بالعمل بحيث لا يعدُّ المكلَّف متهاوناً ومتكاسلاً، وأنّ التأخير إذا عُدَّ تهاوناً عُدَّ معصية[٢٩] .
واستدلَّ عليه السيّد الحكيم بأنَّ الأمر لا يقتضي أحدهما في مقام الجعل؛ باعتبار أنّ هذا المقام خارج عن المادّة أو الهيئة.
وفي مقام المادّة باعتبار أنّ الماهية تصدق على واحد من الأفراد الطولية والعرضية، والإطلاق يقتضي الاجتزاء بكلّ واحد منها.
وفي مقام الهيئة، فهي لا تدلُّ على البعث نحو المكلَّف به وطلبه على ما هو عليه من السعة، فلا تقتضي وجوب أوّل أفرادها وأسبقها[٣٠] .

المصادر

  1. . المحكم في أصول الفقه 1: 263.
  2. . البرهان في أصول الفقه 1: 74 ـ 75، الفصول الغروية: 75، المحكم في أصول الفقه 1: 263.
  3. . الابهاج في شرح المنهاج 2: 58.
  4. . الذريعة 1: 130 ـ 131.
  5. . أنظر: العدّة في أصول الفقه 1: 225 ـ 226.
  6. . اللمع: 50.
  7. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 387 ـ 392.
  8. . الإبهاج في شرح المنهاج 2: 58، اللمع: 51.
  9. . البرهان في أصول الفقه 1: 76.
  10. . أصول السرخسي 1: 26.
  11. . أنظر: العدّة في أصول الفقه 1: 226.
  12. . أصول السرخسي 1: 26.
  13. . اللمع: 52.
  14. . البرهان في أصول الفقه 1: 75 و 81.
  15. . الذريعة 1: 131.
  16. . البرهان في أصول الفقه 1: 75.
  17. . المصدر السابق: 81.
  18. . الاحكام الامدي 1 ـ 2: 387 ـ 392.
  19. . الفائق في أصول الفقه 1: 219.
  20. . نهاية السول 2: 268.
  21. . الإبهاج في شرح المنهاج 2: 58.
  22. . مبادئ الوصول: 96 ـ 97.
  23. . الوافية: 78.
  24. . كفاية الأصول: 80، المحكم في أصول الفقه 1: 263 ـ 264.
  25. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 388 ـ 389.
  26. . الفائق في أصول الفقه 1: 219 ـ 221.
  27. . مبادئ الوصول: 96 ـ 97.
  28. . الوافية: 78.
  29. . الوافية: 78 ـ 80.
  30. . المحكم في أصول الفقه 1: 263 ـ 264.