شرب المسکر: وهو أحد المحرمات وله حدّ مقرّر في شرع الإسلام، وسنذكر له أحكاماً تطبیقاً علی الفقه الإمامية و الحنفية و الشافعية.

حد شرب المسکر

والحد في شرب قليل المسكر وكثيره، وإن اختلفت أجناسه، إذا كان شاربه كامل العقل، حرا أو عبدا، رجلا أو امرأة، مسلما أو كافرا، متظاهرا بذلك بين المسلمين، ثمانون جلدة[١]، وبه قال أبو حنيفة: وأصحابه والثوري ومالك، لا يزاد ولا ينقص. وقال الشافعي: حده أربعون، فإن رأى الإمام أن يزيد عليها أربعين تعزيرا ليكون الحد و التعزير ثمانين فعل.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم، ما روى منبه بن وهب[٢]، عن محمد بن علي عن أبيه: أن النبي ( عليه السلام ) جلد شارب الخمر ثمانين.
وروى شعبة[٣]، عن قتادة، عن أنس أن النبي ( عليه السلام ) جلد شارب الخمر بجريدتين نحو أربعين، وإذا كان أربعون بجريدتين كان ثمانون بواحدة. وروي أن عمر استشار الصحابة، وقال: إن الناس يشربون الخمر ويستحقرون حدها فما ترون؟ فقال علي: إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذى افترى، فتحده حد المفتري. وقال عبد الرحمن بن عوف [٤]: أرى أن تحد كأقل الحدود ثمانين، فثبت أنهم أجمعوا على الثمانين. [٥]

أحكام شارب الخمر

إذا تقيأ خمرا، أقيم عليه الحد، وأما بالرائحة فلا. وقال ابن مسعود: يقام عليه الحد بها. وقال الشافعي وجميع الفقهاء: لا يقام الحد بالقئ والرائحة. [٦]
الحد الذي يقام بالسوط حد الزنا وحد القذف بلا خلاف، وحد شرب الخمر عندنا مثل ذلك. وللشافعي فيه قولان: أحدهما ما قلناه. والمنصوص له: أنه يقام بالأيدي والنعال وأطراف الثياب لا بالسوط. [٧]

حكم شارب المسكر في المرة الرابعة

ويقتل المعاود لشرب المسكر في الثالثة[٨]، وفي الخلاف: من شرب الخمر، وجب عليه الحد، إذا كان مكلفا بلا خلاف، فإن تكرر منه ذلك قبل أن يقام عليه الحد، أقيم عليه حد واحد بلا خلاف، وإن شرب فحد، ثم شرب فحد، ثم شرب فحد ثم شرب رابعا قتل في الرابعة. وقال جميع الفقهاء: لا يقتل، وإنما يقام عليه الحد، بالغا ما بلغ.
يدل على المسألة مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم ما رواه سفيان عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب[٩]، أن النبي ( عليه السلام ) قال: من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب الخمر فاقتلوه. [١٠]
وحكم شارب الفقاع حكم شارب الخمر، وقد ثبت تحريم شربه فيما مضي، وكل من قال بذلك أوجب فيه حكم حد الخمر والقول بأحد الأمرين دون الآخر خروج عن الإجماع.
وحكم التائب من ذلك قبل ثبوته أو بعده حكم التائب من الزنا وغيره، مما يوجب حدا لله تعالى، ولا يتعلق به حق لآدمي، وقد تقدم. ويضرب الرجل على ظهره، وكتفه وهو عريان، والمرأة في ثيابها. [١١]

المصادر

  1. الغنية: 429.
  2. كذا في النسخة والمصدر وهو تصحيف ( وهب بن منبه ) قال المزي: وهب بن منبه بن كامل اليماني، أبو عبد الله روى عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله وروى عنه جماعة. توفي سنة ( 113 ). تهذيب الكمال: 31 / 140 رقم 6767.
  3. شعبة ابن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، أبو بسطام الواسطي. ولد سنة ( 82 ) ومات ( 160 ) عن ( 77 ) سنة. تهذيب الكمال: 12 / 479 الرقم 2739.
  4. عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف القرشي الزهري، أبو محمد، كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عبد الرحمن ولد بعد الفيل بعشر سنين، توفي بالمدينة ( 31 ) وهو ابن ( 75 ) سنة. أسد الغابة: 3 / 376 رقم 3364.
  5. الخلاف: 5 / 490 مسألة 7.
  6. الخلاف: 5 / 492 مسألة 8.
  7. الخلاف: 5 / 496 مسألة 12.
  8. الغنية: 429.
  9. قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي، أبو سعيد، ويقال: أبو إسحاق المدني ولد عام الفتح ومات ( 86 ه‍ ). تهذيب التهذيب: 8 / 311 رقم 630.
  10. الخلاف: 5 / 473 مسألة 1.
  11. الغنية: 429.