اللقطة

اللقطة: بضم اللام وفتح القاف اسم للمال الملقوط، كباب فُعَلة كهمزة ولمزة. وهي علی أقسام الأول: لقطة الإنسان وهو إنسان ضائع لا كافل له حالة الالتقاط ولا يستقل بنفسه أي بالسعي على ما يصلحه ويدفع عن نفسه المهلكات الممكن دفعها عادة؛ والثاني: لقطة الحيوان وتسمى ضالة، وأخذه في صورة الجواز مكروه للنهي عنه في أخبار كثيرة المحمول على الكراهية جمعا ويستحب الإشهاد على أخذ الضالة، ولو تحقق التلف لم يكره بل قد يجب كفاية إذا عرف مالكها؛ والثالث: لقطة المال غير الحيوان. أما المال الذي كان في الحرم حرم أخذه بنية التملك. ولها شروط و أحكام اخری سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

اللقطة

من وجد ضالة من الإبل[١] لم يجز له أخذها[٢]، وبه قال الشافعي . قال أبو حنيفة : من وجده فله أخذه ، مثل ساير الضوال .
لنا بعد إجماع الإمامية قوله ( عليه السلام ) - حين سأله السائل عن الإبل : ما لك ولها ، معها حذاؤها وسقاؤها ، يعني خفها وكرشها. [٣]
ومن وجد ما عدا ذلك كره له أخذه ، فإن أخذه وكانت قيمته دون الدرهم لم يضمنه ، ويحل له التصرف فيه. [٤] أما أنه كره له أخذها ، ففيه قال مالك . وما روي في ذلك أصحابنا من قولهم : لو أن الناس كلهم تركوها لجاء صاحبها وأخذها . وعن ابن عمر أنه قال : دع خيرها بشرها ، وللشافعي فيه قولان : أحدهما : يجب عليه أخذها إذا كان أمينا ويخاف ضياعها . والآخر : لا يجب عليه ، غير أنه مستحب . وإن كان غير أمين فلا يجوز له أخذها. [٥]
وأما إذا كانت قيمتها دون الدرهم فلا يجب تعريفها ، خلافا للشافعي فإنه قال : يجب تعريفها قليلا كان أو كثيرا ، ومن أصحابه من قدر ذلك بدينار .
وقال أبو حنيفة : إن كان قيمتها ما يقطع فيه وجب تعريفها وبه قال مالك . إلا أن أبا حنيفة لا يقطع إلا في عشرة دراهم قيمتها دينار ، وإن كان أقل عرفها أياما وعند مالك يقطع في ربع دينار. [٦]
وما بلغ قيمة الدرهم وزاد عليه مما يخاف فساده بالتعريف كالأطعمة يحل له التصرف من غير تعريف . وأما ما سوي ذلك فعليه تعريفه حولا كاملا في أو قات بروز الناس ، وأماكن اجتماعهم كالأسواق وأبواب المساجد [٧]، وفاقا لأبي حنيفة والشافعي. [٨]
وهو بعد الحول إن لم يأت صاحبه بالخيار بين حفظه انتظارا للتمكن منه ، وبين أن يتصدق به ويضمنه إن حضر ولم يرض به ، وبين أن يتملكه ويتصرف فيه ، وعليه أيضا ضمانه إلا لقطة الحرم ، فإنه لا يجوز تملكها ، ويلزم ضمانها إن تصدق بها. [٩]
وقال الشافعي : هو بالخيار بعد السنة بين أن يحفظها على صاحبها ، وبين أن يتملكها ويأكلها ، ويضمن ثمنها بالمثل إن كان له مثل أو القيمة إن لم يكن له مثل .
وقال أبو حنيفة ، في الفقير وقبل حلول الحول مثل قول الشافعي . وإن كان بعد الحول وهو فقير فهو مخير بين الأشياء الثلاثة التي ذكرناها نحن ، وإن كان غنيا فهو مخير بين شيئين : بين أن يحفظ على صاحبها ، وبين أن يتصدق بها عن صاحبها بشرط الضمان وليس له أن يأكلها على حال .
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم ، وهي أكثر من أن تحصى ما روى أبي بن كعب قال : وجدت صرة فيها مئة دينار - وروي ثمانون - فأتيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : اعرف عددها ووكاءها ثم عرفها سنة ، قال فجئت إليه السنة الثانية فقال : عرفها ، جئت إليه السنة الثالثة فقال : استمتع بها ، وهذا يدل على جواز الانتفاع بخلاف ما قاله أبو حنيفة لأن أبيا كان غنيا[١٠] وفي خبر آخر أنه سئل عن اللقطة ، فقال : اعرف عفاصها ووكائها ثم عرفها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها ، والعفاص هو الذي فوق رأس القارورة وشبهها من جلد وغيره يكون فوق الصمامة وهي : ما يحشى في الرأس ، والوكاء : وهو ما يشد به العفاص من سير أو خيط. [١١]
وأما لقطة الحرم فيجوز أخذها ، ويجب تعريفها سنة ، فإذا لم يجئ صاحبها فهو مخير بين أن يتصدق بها بشرط الضمان ، أو يحفظها على صاحبها وليس له أن يتملكها كما ذكرناه .
وقال الشافعي : إن أخذ لقطة الحرم ليعرفها أو يحفظها على صاحبها كان جائزا بلا خلاف ، ولا يجوز له أخذها ليملكها ، وإليه ذهب عامة أهل العلم . وعند بعض أصحابه يجوز التقاط لقطة مكة .
وقال أبو حنيفة : حكم لقطة الحرم حكم لقطة غير الحرم .
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم ما روي عن النبي ( عليه السلام ) أنه قال - في مكة – لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلاؤها ، ولا يحل لقطتها إلا لمنشد ، يعني لمعرف. [١٢]
وحكم لقطة المحجور عليه يتعلق بوليه ، ولقطة العبد يتعلق حكمها بمولاه. [١٣]
ويجوز للعبد أن يلتقطها لعموم الأخبار . وللشافعي فيه قولان. [١٤]
وهكذا الحكم فيمن نصفه حر ونصفه عبد والخلاف. [١٥]
واللقيط حر لا يجوز تملكه وإذا تبرع ملتقطه بالإنفاق لم يرجع عليه بشئ إذا بلغ وأيسر ، وإذا لم يرد التبرع ، ولم يجد من يعينه على الإنفاق من سلطان أو غيره ، فأنفق للضرورة جاز له الرجوع ، وليس عليه
بالإنفاق ولاؤه . وإذا ادعى اثنان أنه ولدهما ، ألحق بمن أقام البينة ، فإن أقاما بها جميعا تكأفات ، أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه ألحق به. [١٦]
وللشافعي قولان إذا تعارضت بينتاهما : أحدهما : للقرعة . والثاني أنهما يسقطان ، وكأنه ليس هناك بينة وأرى القافة ، فإن قالت : هو ابن لأحدهما ألحق به ، وإن لم يكن قافة ، أو أشكل عليهم ، أو قالوا : هو ابنهما أوليس بابنهما ، يوقف حتى يبلغ ويختار أيهما شاء. [١٧]
وقد بينا فيما مضى حكم الموجود من الكنوز وقدر أجر رد العبد أو البعير. [١٨]
قال الشيخ في خلاف : لم ينص أصحابنا على شئ من جعل اللقط والضوال إلا على إباق العبد ، فإنهم رووا أنه إن رده من خارج البلد استحق الأجرة أربعين درهما وإن كان من البلد عشرة دراهم وفيما عدا ذلك يستحق الأجرة بحسب العادة وقال الشافعي : لا يستحق على شئ من ذلك إلا أن يجعل له الجاعل .
وقال أبو حنيفة : إن كان ضالة أو لقطة ، فإنه لا يستحق شيئا وإن كان آبقا فرده من مسيرة ثلاثة أيام ، استحق أربعين درهما . وإن جاء بأقل من ثلاثة أيام فبحسابه ، وإن كان قيمته أقل من أربعين قال أبو حنيفة ومحمد : ينقص من قيمته درهم ويستحق الباقي ، وإن كان قيمته أربعين فيستحق تسعة وثلاثين ، وإن كانت قيمته ثلاثين يستحق تسعة وعشرين .
وقال أبو يوسف : يستحق أربعين ، وإن كان يسوى عشرة دراهم ، والقياس أنه لا يستحق شيئا لكن أعطيناه استحسانا هكذا حكاه الساجي. [١٩]
إذا عرّف اللقطة سنة ، لا تدخل في ملكه إلا باختياره بأن يقول : اخترت ملكها لأنه لا دلالة على ذلك . وللشافعي فيه أربعة أوجه : الأصح عندهم ما قلناه . والثاني يملك بمضي السنة من غير اختياره . والثالث : بمجرد القصد دون التصرف . والرابع : بالقول والتصرف. [٢٠]
و يستحب لمن وجد اللقطة أن يشهد عليها وهو أحد قولي الشافعي . والآخر يجب عليه الإشهاد ، وقال أبو حنيفة : إن أشهد فإنه يكون أمانة ، وإن لم يشهد يكون مضمونا عليه في يده. [٢١]

المصادر

  1. في النسخة : في الإبل .
  2. الغنية : 303 .
  3. الخلاف : 3 / 579 مسألة 2 .
  4. الغنية 303 .
  5. الخلاف : 3 / 579 مسألة 3 .
  6. الخلاف : 3 / 582 مسألة 7 .
  7. الغنية : 303 .
  8. الهداية في شرح البداية : 2 / 417 .
  9. الغنية : 303 - 304 .
  10. الخلاف : 3 / 577 مسألة 1 .
  11. الغنية 303 - 304 .
  12. الخلاف : 3 / 585 مسألة 12 .
  13. الغنية 304 .
  14. الخلاف : 3 / 583 مسألة 8 .
  15. الخلاف : 3 / 587 مسألة 14 .
  16. الغنية : 304 .
  17. الخلاف : 3 / 595 مسألة 22 .
  18. الغنية 304 .
  19. الخلاف : 3 / 589 مسألة 17 .
  20. الخلاف : 3 / 584 مسألة 10 .
  21. الخلاف : 3 / 580 مسألة 4 .