أوقات الصلاة

أوقات الصلاة: للصلوات اليومية وقت خاص ونريد في هذا المجال أن نبيّن هذه الأوقات لصلوات اليومية ونوافلها من وجهة نظر الإمامية و أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية.

أوقات الصلوات اليومية

قال الإمامية لكل صلاة وقت وله أول وآخر فأول وقت الظهر إذا زالت الشمس، فإذا مضى من زوالها مقدار أداء الظهر، دخل وقت العصر، واشترك الوقتان إلى أن يبقي من غروب الشمس مقدار أداء العصر، فيخرج وقت الظهر، واختص هذا المقدار بالعصر. [١]
خلافا للشافعي فإنه قال: إذا صار ظل الشاخص مثله من موضع الزيادة يكون آخر وقت الظهر وعند أبي حنيفة إذا صار مثليه. [٢]
وأول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر ويتمادى إلى غروب الشمس.
ووقت الفضيلة في الأول وبعده إلى أن يصير الظل مثليه وقت الاختيار وبعده وقت الجواز إلى الاصفرار عند الشافعية فإذا غربت خرج وقت العصر. [٣]
واستدل الإمامية علی قوله بقوله تعالى: «أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل»[٤] " وهذا يقتضي أن وقت الظهر والعصر ممتد من دلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوك الشمس هو ميلها بالزوال إلى أن تغيب، بلا خلاف بين أهل اللغة والتفسير، يقال: دلكت الشمس إذا مالت "[٥]، فيكون من زوال الشمس إلى غروبها وقت الصلاة ولا صلاة بين زوال الشمس وغروبها إلا الظهر والعصر فيجب أن يكون وقت الصلاتين إلا أن الأول مقدار أربع ركعات اختص بالظهر والآخر مقدار أربع ركعات إلى الغروب اختص بالعصر وما بينهما مشترك إلا أن الظهر قبل العصر.
وأيضا قوله تعالى: «أقم الصلاة طرفي النهار»[٦]. والمراد به الفجر لأنه في الطرف الأول من النهار والظهر والعصر لأنهما في طرفه الثاني وللنهار وسط وهو نصفه حين استوت الشمس في كبد السماء وطرفه الأول من طلوع الفجر إلى استواء الشمس وليس فيه إلا صلاة الفجر إلا أنه اختص به إلى قبيل طلوع الشمس وخرج منه من طلوع الشمس إلى الزوال بدليل وهو الإجماع وطرفه الثاني من الزوال إلى غروب الشمس ليس فيه إلا الظهر والعصر فاختص بهما.
وأيضا جواز صلاة العصر بعرفة عقيب الظهر بالاتفاق دليل على أن ذلك أول وقتها.
وما رواه ابن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) جمع بين صلاتين في الحضر لا لعذر يدل على اشتراك الوقت وقوله ( لا لعذر ) يدل على أنه فعل كل صلاة في وقتها المختص بها لأن فعل الصلاة في وقتها المختص بها لا يفتقر إلى عذر.
وإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب فإذا مضى مقدار أداء ثلاث ركعات دخل وقت العشاء الآخرة واشترك الصلاتان في الوقت إلى أن يبقى إلى انتصاف الليل مقدار أداء صلاة العشاء الآخرة فيخرج وقت المغرب ويخلص ذلك المقدار للعشاء الآخرة. [٧] لقوله تعالى: «أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل» والمراد بطرفي النهار: صلاة الفجر لأنها في طرفه الأول وصلاة الظهر والعصر، لأنهما في طرفه الآخر والمراد ( بزلفا ) من الليل صلاة المغرب والعشاء الآخرة لأنه لا صلاة فيها إلا العشائين بالاتفاق فيكون وقتا لهما وزلف الليل ساعاته القريبة من آخر النهار فيلزم أن يكون مقدار ثلاث ركعات مختصا بالمغرب فإذا مضى ذلك المقدار اشتركت الصلاتان كما ذكرنا إلا أن المغرب قبل العشاء وأيضا لو لم يكن وقت العصر لما جاز أدائها عقيب الظهر بعد الزوال بـ عرفات وكذا العشاء الآخرة عقيب المغرب بعد غروب الشمس بـ المزدلفة لكنها جائزة صحيحة بالاتفاق فيكون وقت العصر بعد الفراغ من الظهر ووقت العشاء الآخرة بعد الفراغ من المغرب وأيضا لو لم يكن الوقتان وقتيهما لما جاز الجمع بين الظهرين ولا بين العشاءين لكنه جاز عند الشافعي تقديما يعني تقديم العصر والعشاء على وقتيهما المضروبين لهما لكنه جاز فيلزم أن يكون وقتيهما لأن الصلاة قبل دخول الوقت لا يجوز لا اختيارا ولا ضرورة بالاتفاق.
وعند الشافعية يمتد وقت المغرب من غروب الشمس إلى غروب الشفق[٨] وهو الحمرة التي يلي الشمس عند الجميع، إلا أنه عند أبي حنيفة هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة. [٩]
ووقت العشاء الآخرة يدخل بغروب الشفق ويمتد وقت الاختيار إلى ثلث الليل على قول وإلى نصف الليل على قول ووقت الجواز إلى طلوع الفجر عند الحنفية آخر وقتها ما لم يطلع الفجر. [١٠]
" وأول وقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني "[١١] والفجر الثاني هو البياض المعترض في الأفق لا المستطيل لقوله ( عليه السلام ): «لا يغرنكم أذان بلال».[١٢]، [١٣] ولا الفجر المستطيل وإنما الفجر المستطير في الأفق وآخره قبيل طلوع الشمس لقوله تعالى: «وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس».[١٤] يعني الصلاة " وقال أبو حنيفة: إن وقته ممتد إلى طلوع الشمس ".[١٥]
وأما أوقات النوافل اليوم والليلة، فوقت نوافل الظهر من زوال الشمس إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شئ مثله مقدار ما يصلي فيه أربع ركعات، ووقت نوافل الجمعة قبل الزوال، ووقت نوافل العصر من حين الفراغ من صلاة الظهر إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شئ مثليه مقدار أن يصلي فيه أربع ركعات إلا في يوم الجمعة، فإنها تقدم قبيل الزوال، ووقت نوافل المغرب من حين الفراغ منها إلى أن يزول الشفق من ناحية المغرب، ووقت الوتيرة حين الفراغ من فريضة العشاء الآخرة، ووقت صلاة الليل من حين انتصافه إلى قبيل طلوع الفجر، ووقت ركعتي الفجر من حين الفراغ من صلاة الليل إلى ابتداء طلوع الحمرة من ناحية المشرق.
ويكره الابتداء بالنافلة من غير سبب حين طلوع الشمس، وحين قيامها نصف النهار في وسط السماء إلا يوم الجمعة، وبعد فريضة العصر، وقبل غروب الشمس، وبعد فريضة الغداة. [١٦] لأن ما اعتبرنا من الأوقات التي يكره الصلاة فيها مجمع عليه وليس كذلك ما اعتبروه بل هو داخل تحت عموم أوامر القرآن بالصلاة. وعند الشافعية بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب، ووقت الطلوع إلى أن يرتفع قرص الشمس قيد رمح ووقت الاستواء إلى أن تزول الشمس ووقت الاصفرار إلى تمام الغروب. [١٧]

وعند الحنفية لا يجوز الصلاة عند طلوع الشمس ولا عند قيامها في الظهيرة ولا عند غروبها ولا صلاة جنازة ولا سجدة تلاوة.
ويكره التنفل بعد الفجر حتى تطلع الشمس إلا ركعتي الفجر وبعد العصر حتى تغرب وبعد الغروب قبل الفرض وإذا خرج الإمام للخطبة يوم الجمعة إلى أن يفرغ. [١٨]
" إذا صلى من الفجر ركعة ثم طلعت الشمس، أو ركعة من العصر ثم غابت فقد أدرك الصلاتين في الوقت، وهو ظاهر مذهب الشافعي. وذهب قوم من أصحابه إلى أنه مدرك للركعة الأولى في وقتها وقاض للأخرى في غير الوقت. وقال: المرتضى[١٩] من أصحابنا قدس الله روحه أنه يكون قاضيا لجميع الصلاة.
والدليل علی الإدراك ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح. ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر. [٢٠]
وإذا أدرك مقدار ما يصلي فيه خمس ركعات قبل الغروب لزمته الصلاتان بلا خلاف، فإن أدرك أقل من ذلك لم يلزمه الظهر عندنا، وكذا القول في المغرب والعشاء الآخرة قبل طلوع الفجر.
وللشافعي أقوال أحدها: أنه يدرك الظهر بما يدرك العصر، وفي قوله القديم: أنه يدرك الظهر بإدراك أربع ركعات، والعصر بإدراك ركعة.
وقال أبو حنيفة: أنه لا يدرك الظهر بإدراك وقت العصر ولا المغرب بإدراك وقت العشاء. [٢١]
الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا وإليه ذهب الشافعي وأصحابه. وتستقر في الذمة إذا مضى من الوقت مقدار ما يصلي فيه الفريضة. لأنه لو اختص بأول الوقت لاستحق المكلف بإخلاله فيه وتأخيره ذما لكنه لا يستحق لأنه لو استحق الذم لم يكن في ضرب الوقت الموسع له فائدة ولو اختص بآخر الوقت لم يكن الأول وقتا للوجوب وإذا لم يكن وقتا له لم يجز الصلاة فيه عن الفرض كما لم يجز قبل الزوال لكنه جازت الصلاة عن الفرض فلم يكن الوجوب مختصا بآخر الوقت.
وقال أبو حنيفة: تجب بآخر الوقت ومن أصحابه من قال: تجب إذا لم يبق من الوقت إلا مقدار تكبيرة الافتتاح.
ومنهم من قال: إذا لم يبق إلا مقدار ما يصلي فيه صلاة الوقت، فإن صلى في أول الوقت قال الكرخي[٢٢] من أصحابه: تقع واجبة لأنها تجب بآخر الوقت أو بالدخول فيها في أول الوقت.
ومنهم من قال: كانت مراعاة، فإن بقي على صفة التكليف إلى آخر الوقت أجزأت عنه وإن لم يبق كانت نافلة. [٢٣]
" تقديم الصلاة في أول وقتها أفضل في جميع الصلوات، وفاقا للشافعي إلا في الإبراد بها في الظهر في بلاد حارة. وأما صلاة الصبح فالتغليس فيها أفضل عندنا وعنده. وقال أبو حنيفة: الإسفار أفضل ".[٢٤] لقوله ( صلى الله عليه وآله ): أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر.
قال: ويستحب الإبراد بالظهر في الصيف لقوله ( صلى الله عليه وآله ): أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم[٢٥]
ويستحب تعجيل المغرب لقوله ( عليه السلام ): لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم[٢٦]، وتأخير العشاء عنده أيضا إلى قبيل ثلث الليل لقوله ( عليه السلام ): لولا أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل. [٢٧]

المصادر

  1. الغنية 69 .
  2. الخلاف: 1 / 257 مسألة 4 .
  3. الخلاف: 1 / 259 مسألة 5 .
  4. الإسراء: 78 .
  5. الغنية 70 .
  6. هود: 114 .
  7. الغنية: 69 - 70 .
  8. أنظر نيل الأوطار: 2 / 3 .
  9. الخلاف: 1 / 262 مسألة 7 .
  10. الخلاف: 1 / 264 مسألة 8 .
  11. الغنية: 70 .
  12. ابن رباح، أبو عبد الله، مولى أبي بكر اشتراه بخمس أواقي وأعتقه وكان مؤذنا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخازنا، شهد بدرا والمشاهد كلها، توفي بدمشق، ودفن بباب الصغير سنة ( 20 ) وهو ابن بضع و ( 60 ) سنة . أسد الغابة: 1 / 243 رقم 493 .
  13. نصب الراية: 1 / 395، كنز العمال: 8 / 528 حديث 23996 .
  14. طه: 131 .
  15. الخلاف: 1 / 267 مسألة 10 .
  16. الغنية 72 .
  17. الوجيز: 1 / 35 .
  18. الهداية في شرح البداية: 1 / 42 .
  19. أبو القاسم، علي بن الحسين الموسوي، النقيب كان إماما في علم الكلام والأدب، ولد سنة ( 355 ) وتوفي سنة ( 436 ) ببغداد ودفن في داره . وفيات الأعيان: 3 / 313 رقم 443 .
  20. الخلاف: 1 / 268 مسألة 11، سنن البيهقي: 2 / 94 حديث 1758 .
  21. الخلاف: 1 / 273 مسألة 14 .
  22. عبيد الله بن الحسين بن دلال، أبو الحسن الكرخي . انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بعد أبي خازم، وأبي سعيد البردعي، مولده سنة ( 260 ) وتوفي سنة ( 340 ) . جواهر المضية: 2 / 493 رقم 894 .
  23. الخلاف: 1 / 276 مسألة 18 .
  24. الخلاف: 1 / 292 مسألة 39 .
  25. المصنف لابن أبي شيبة: 1 / 286 حديث 3280 .
  26. كنز العمال: 7 / 385 حديث 19415، مشكاة المصابيح للتبريزي: 1 / 202 حديث 609، سنن البيهقي: 2 / 99 حديث 1770 .
  27. الهداية في شرح البداية: 1 / 41 .