وحدة العقيدة

وحدة العقيدة: إنّ من الأركان والأُسس الكفيلة بتحقيق الوحدة- والتي تبتني عليها أواصر الأُخوّة- هي العقيدة، مضافاً إلى وحدة: العمل والاتّباع، والقيادة، والهدف المشترك، والخصال الحميدة المشتركة، والوحدة الثقافية. وسنتناول في هذه المقالة وحدة العقيدة.

مدخل

لا بدّ للأُمّة الواحدة أن تكون لها أُصول اعتقادية واحدة، وهذه الأُصول لدى الأُمّة الإسلامية بإجماع كلّ علماء المذاهب: التوحيد، والنبوّة، والمعاد. وإنكار واحد من هذه الأُصول أو عدم الإيمان به يخرج الفرد من دائرة الإسلام بإجماع العلماء وبنصّ القرآن والسنّة، وإذا كانت ثمّة أُصول أُخرى فهي أصول المذهب، لا أصول الدين، كالإمامة لدى الشيعة والعدل لدى الشيعة والمعتزلة. والاعتقاد بهذه الأُصول الثلاثة كاف لإيجاد وحدة عقائدية بين أبناء الأُمّة الإسلامية.

تعريف العقيدة لغةً واصطلاحاً

العقيدة في اللّغة مأخوذة من العَقْد، وهو ما يدلّ على الشدّ والوِثاق، وعكسها الحِلّ، وقد جاء في القرآن الكريم ما يدلُّ على معناها اللغوي، قال تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، أي السحَرَة الذين يعقدون العُقَد وينفثون فيها، ويأتي معنى العقد بوصل الشيء بغيره، ويأتي بمعنى التأكيد، كقول: عقد العهد واليمين، كما قال الله عزَّ وجل: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ). وتأتي المعاقدة بمعنى المعاهدة، فقد أطلق الله سبحانه وتعالى على الإيمان أنَّه أوكد العهود حين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، وقولنا في البيع: عقدته، أي: أبرمته وأحكمته، واعتقاد الأمر يعني صدقه، وعَقْد القلب والضمير عليه. والعقيدة أيضاً هي: ما يدين الإنسان به. وله استعمالاتٌ أخرى، فإذا أطبق الوادي على قومٍ فقتلهم نقول: عقد الجبل عليهم، وعَقَدَ الحبل أو الخيط، أي شدَّه.

والعقيدة اصطلاحاً: تُطلق على الإيمان الجازم، والحُكم القاطع الذي لا شكَّ فيه، فهي ما يؤمن به المسلم ويتَّخذه مذهباً ويربط قلبه وضميره به ويتّخذه ديناً، وتُسمّى عقيدة سواءً كان هذا الاعتقاد صحيحاً أم باطلاً.

والعقيدة الإسلاميَّة هي اليقين والتسليم والإيمان الجازم بالله سبحانه وتعالى، وطاعته، والإيمان به، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه، وسائر أساسات الإيمان، وأركان الإسلام، وكلُّ ما هو قطعيٌّ في الدين، كحبّ الله تعالى، والمعاملة الحسنة، والأمر بالمعروف، والنهيُ عن المنكر، وكلُّ ما هو مندرجٌ تحت الصحيح من الدين الإسلامي.

ولهذا فإنَّ أمور العقيدة هي كلُّ ما ثبت بالعقيدة من أمورٍ غيبيَّةٍ وغير غيبيَّةٍ ثابتةٍ في أصول الاعتقاد من القرآن الكريم، وممَّا صحَّ ثبوته من الوحي للنبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويدخل في العقيدة كذلك المُسَلَّمات من الأمور العلميَّة والعمليَّة، كالالتزام بالفضائل والأخلاق الحميدة ونفي كلُّ ما هو ضدُّها.

موضوعات العقيدة

العقيدة الإسلامية عند أهل السنّة والجماعة يُحيط بها عدَّة أمورٍ لابدَّ منها: ففيها ما يُطلق عليه بعلم التوحيد الذي يقوم على الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وبيان ما يجب له من صفات الجلال والكمال سبحانه وتعالى، مع إفراده بالعبادة دون غيره أو دون شريكٍ، والإيمان بالملائكة المطهَّرين، والرسل أشرف الخلق، والإيمان باليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشرُّه، وترك كلِّ ما هو ضدُّ التَّوحيد، كالشرك والكفر.

مسمّيات العقيدة

إنّ للعقيدة عدَّة تسميات، نذكرها فيما يأتي:

1.الإيمان: قال الله عزّ وجلّ: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وذلك لأنَّ أصول العقيدة هي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرِّه، وهي أركان الإيمان.

2.السُنَّة: ومعناها ما يُخالف البدعة، وليس معناها السنّة بالمصطلح الذي يستخدمه الفقهاء للدلالة على ما يُثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وقد جاء في معنى العقيدة بتسمية السنَّة قول النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث الثلاثة الذين جعلوا من أنفسهم كالرهبان: (أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ، إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).

3.التوحيد: ويُراد بهذه الكلمة معنى العقيدة، حيث صحَّ من حديث معاذ بن جبل (رضي الله عنه) عندما أرسله النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى اليمن أنَّه قال له: (ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ).

أهمّية العقيدة الإسلامية

إنّ للعقيدة الإسلاميَّة أهميَّةً كبيرة نبيِّنها فيما يأتي:

1.الدين الإسلامي دينٌ شاملٌ لجميع مناحي حياة الإنسان منذ مجيئه إلى الحياة وحتّى نزوله لقبره وما بعد ذلك، والعقيدة هي أساسه والركائز التي يبنى عليها هذا الدين، قال تعالى: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ* لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ)، فقد جاء الإسلام ليرسِّخ هذه العقيدة في نفوس الناس. وقد اهتمّ العلماء أشدّ الاهتمام والعناية لشرح العقيدة للناس اتّباعاً لهدي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي مكث في مكّة عشرة سنوات وهو يُرسّخ العقيدة في نفوس المسلمين، ولمّا رسخت وقوي إيمانهم اختار الله لهم الهجرة التي تلتها الأحكام الشرعية الأخرى.

2.الفطرة الإنسانيَّة التي خلق الله تعالى الناس عليها تشدُّ الإنسان بطبيعته ليبحث عن الإله والمرجع والقوَّة الخارقة التي أوجدته في هذه الأرض، فجاء الإسلام ليُوافِق هذه الفطرة ويشبع هذه الرغبة ويرضيها، ويدلَّ الناس على الطريقة الصحيحة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى للناس لعبادته واتِّباع ما يرضيه والانتهاء عمَّا لا يرضيه، قال تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ).

3.إخلاص الدين لله سبحانه وتعالى وحده هو الهدف الأسمى الذي يسعى له جميع المسلمين، وهو لا يتحقَّق إلَّا بكمال الاعتقاد عبادةً وسلوكاً، ولهذا جاءت العقيدة الإسلاميَّة شاملة تهدف للوصول إلى الإخلاص التامّ لله تعالى، قال سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).

4.إنّ العقيدة الإسلاميَّة توصل الإنسان إلى المعرفة التي يريدها عن الله عزّ وجلّ، وبالتالي يتحقَّق الحبُّ لله الذي يستحقُّه، وقد كان النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعرف النَّاس وأحبَّ النَّاس لله سبحانه لمَّا عرفه، قال (عليه الصلاة والسلام): (إنَّ أتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ باللَّهِ أنَا).

5.معرفة العقيدة الإسلاميَّة تدفع المسلمين للعمل على دعوة الناس لعبادة الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإنسان هو خليفة الله في الأرض، ولا بدَّ له من أداء واجبه فيها من خلال معرفة العقيدة الصحيحة وأُسسها.

6.إنَّ العقيدة الإسلاميَّة إذا رَكَزَت وقرَّت في قلبٍ فستطرد منه الخوف من كلِّ ما سوى الله سبحانه وتعالى، وتحرّره من تعظيم وتكبير شؤون الحياة الدنيا، وتُعَلِّقه بالله سبحانه وتعالى وما أمر به.

7.العقيدة هي أساس دعوة جميع الرسل (عليهم السلام)، قال تعالى: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولاًَ أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ).

8.العقيدة هي الحِكمة والأساس من وجود الإنسان في هذه الدنيا، فقد خلقنا الله سبحانه لتحقيق هذه الحِكمة، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

9.إنَّ اتِّباع العقيدة الصحيحة ينعكس بشكلٍ طبيعيٍّ على سلوكيات وأفعال العبد، فإن صلحت صلح عمله، وإن فسدت فسد عمله، وصلاحها يؤدِّي إلى السلام الداخلي الذي ينبع عن حبِّ الله تعالى وخشيته، واتِّباع كلِّ ما يرضيه، والابتعاد عمَّا يغضبه بأكمل وجه.

10.سلام العقيدة عاصمٌ للين والدم والمال، فقد قال سيّدنا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ).

خصائص العقيدة الإسلامية

إنّ للعقيدة الإسلامية خصائص عدَّة، نذكرها فيما يأتي:

1.الكمال والشمول: تختصُّ الشَّريعة الإسلاميَّة بالكمال والشُّمول؛ لأنَّها جاءت لجميع العالَمين، فلم تختصَّ بشعبٍ أو قومٍ معيّنين، وهي صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، فالله تعالى الذي خلق البشر هو العالم باحتياجاتهم ومنافعهم، فهو ليس مجرّد دينٍ وضعيٍّ، فالإنسان ناقصٌ ولا يستطيع أن يصل إلى الكمال مهما حاول، أمَّا الدين الإسلامي فقد وضعه الحكيم الخبير، قال تعالى: (تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

2.نقاء المصادر: أي إنَّ المصادر التي يستند عليها الدين هي مصادر صحيحة، فالعقيدة الإسلاميَّة الصحيحة هي القرآن الكريم وسنّة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) القوليَّة والفعليَّة والتقريريَّة، ثمَّ يأتي الإجماع الذي يكون مرجعه القرآن والسنَّة الصحيحة، وغيرها ممَّا لا يكون فيه بدعةٌ سيئةٌ ولا إضافاتٌ لا تمتّ للدين بصلة.

3.البقاء والحرص: فلِبَقاء هذه العقيدة الصحيحة حرص الله سبحانه وتعالى على حفظها لتصل إلى جميع الخلق في كلِّ الأزمان، قال تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، وهذه الكفالة تتضمَّن السنَّة، فقد وصلنا من السنَّة الصحيحة الكثير تبعاً لوعد الله تعالى لنا بحفظ الدين، فالسنَّة هي المصدر الشرعي الثاني بعد القرآن الكريم، وقد كان النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا ينطق عن الهوى، وإنَّما أحاديثه مرجعها الله سبحانه وتعالى.

4.التوقيفيَّة: أي إنَّ العقيدة الإسلاميَّة مستمدَّةٌ من الله سبحانه وتعالى ووصلتنا عن طريق المصادر الشرعيَّة الصحيحة، فلا مجال فيها للزيادة ولا التدخُّل البشري، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّـهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).

5.الغيبيَّة: أُسس العقيدة الإسلامية قائمةٌ على الإيمان بالغيبيّات، فهي ليست من الأمور التي تُعرف مباشرةً، فلا يمكن معرفة صفات الله تعالى دون دراسة العقيدة، وذلك ينطبق على كلِّ أمور العقيدة، قال تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..).

6.التوازن: جعل الله عزّ وجلّ في هذه العقيدة توازناً دقيقاً لم يُوجد قط في أيٍّ من الديانات الوضعيَّة، حيث إنّ العقيدة الإسلاميَّة هي عقيدة الاعتدال والوسطية، فقد جعل الله تعالى التوازن في المال، واللّذَّة، والعمل، والعقل، والمعرفة، والقوَّة، والعبادة، والقرابة، والقومية، والإنسانية، وكلُّ جزءٍ من مناحي حياة الإنسان.

ثبت ملاحظات في المقام

وتوجد هنا ثلاث ملاحظات:

الملاحظة الأُولى: من المؤكّد أنّ المعرفة الإجمالية بأُصول الدين هذه والإيمان بها على حدّ المفهوم المشترك العامّ هو المقدار المطلوب، وليست المفاهيم التفصيلية لهذه الأُصول. والعلماء قد تعمّقوا فيها وفرّعوها وأدخلوها في دراسات كلامية وفلسفية، ولذلك حدثت مذاهب في الأُصول. لكن هذه التفاصيل المذهبية لا ارتباط لها في إيمان المسلم بأُصول دينه، فهذه التفاصيل لا تتجاوز عادة جدران قاعات الدرس وبطون الكتب، ولا تخرج عامّة الأُمّة المسلمة التي تنتمي اسمياً إلى هذا المذهب أو ذاك.

فعليه، الملاك في دخول الفرد دائرة الإسلام وشرط تحقّق الوحدة الإسلامية الإيمان بهذه الأُصول على المستوى البسيط المفهوم لدى عامّة الناس، لا بالفروع المعقّدة الكلامية والفلسفية التي نشأت في قرون متأخّرة بين الفلاسفة وعلماء الكلام. وبدون ذلك لا تتحقّق وحدة العقيدة؛ لأنّ الجدل الكلامي خلال القرون المتوالية أدّى إلى مزيد من الاختلاف العلمي، ولم يحقّق أيّ اتّفاق، فالتفاصيل الكلامية ليست إذن ملاك اتّفاق المسلمين، والاختلاف فيها لا يضرّ بوحدة العقيدة بين المسلمين.

الملاحظة الثانية: لا شكّ أنّ أيّ مذهب إسلامي ملتزم بالإيمان بهذه الأُصول، وإنكار أيّ واحد منها يخرج المذهب من دائرة الإسلام، ولا نعتقد أنّ بين المذاهب الإسلامية اليوم مذهباً ينكر صراحة أحد هذه الأُصول. نعم، في بعض المذاهب النادرة غير المعروفة عقائد يلزمها إنكار واحد من هذه الأُصول، لكنّ أتباع هذه المذاهب غير ملتزمين بهذه الملازمة، ولا يعتقدون أنّ عقائد مذهبهم الخاصّة تستلزم إنكار أحد هذه الأُصول. فملاك الكفر والخروج من الإسلام هو الإنكار الصريح، لا الإنكار بالملازمة، والخلط بين العقيدة الصريحة والعقيدة الملازمة للعقيدة الصريحة من آفات المذاهب ومن عوامل تراشق التهم بينها.

الملاحظة الثالثة: المذاهب المستحدثة التي تنكر خاتمية محمّد (صلى الله عليه وآله)، وتدّعي وحياً جديداً وكتاباً جديداًـ وإن ادّعت الإيمان بالإسلام وبأنّها من الفرق الإسلاميةـ هي خارجة عن الإسلام قطعاً؛ لأنّها لا تلتزم بنهج الإسلام، بل لها نهج آخر ونبي آخر وكتاب آخر، وكلّ ذلك يجعلها في جهة متعارضة مع الأُصول الإسلامية.

المصدر

موسوعة أعلام الدعوة والوحدة والإصلاح 1: 70.

وراجع الموقع التالي: www.mawdoo3.com