الأصل المثبت
الأصل المثبت: هو من أقسام الأصل العملي، يراد منه إثبات مؤدّيات شرعية بواسطة أمور غير شرعية. واختلافه عن الأصل العملي غير المثبت أنّ مؤدّاه الشرعي لايثبت مباشرة، بل بواسطة عقلية أو عادية.
وهو من مستحدثات أصول الفقه ومن مختصّات علم الأصول الشيعي، ولايعلم بالضبط أوّل من استخدم وأبدع هذا الاصطلاح، لكن استخدمه الشيخ الإصفهاني[١]، وهو من أعلام القرن الثالث عشر، إلاّ أنّه لاتبدو من عباراته كونه هو الذي أبدعه، على أنّ فكرة الأصل المثبت ليست حديثة، وقد نسب الشيخ الأنصاري (ت: 1281هـ) القول بصحّته إلى المتقدّمين وذكر أمثلة وردت عنهم تثبت هذا المعنى[٢]، ممّا يعني أنّ الفكرة كانت قائمة لديهم وإن لم يبدعوا لها اصطلاحا خاصّا.
برغم أنَّ الأصل المثبت غير مختصّ بالاستصحاب، لكن مصاديقه الجدلية غالبا تكون في الاستصحاب لذلك ناقش الأصوليون موضوعه هناك، وجل أمثلتهم من الاستصحاب؛ بل حتّى تعاريفه تأثرت كثيرا بالاستصحاب فعُرِّف بما ينسجم معه، كما يلاحظ هذا في بعض تعاريفه الآتية.
تعريف الأصل المثبت
ذكرت للأصل المثبت عدّة تعريفات: منها: ما يتوسّط الأمر الغير الشرعي لإثبات الأمر الشرعي. [٣] ومنها: الأصل الذي تقع فيه الواسطة غير الشرعية ـ عقلية أو عادية ـ بين المستصحب والأثر الشرعي الذي يراد إثباته، على أن تكون الملازمة بينهما ـ أي بين المستصحب والواسطة ـ في البقاء فقط. [٤] ومنها: ترتيب الآثار الشرعية للمستصحب مع الواسطة العقلية أو العادية. [٥] ويمكن تعريفه كذلك بأنّه: الأصل الذي يراد من خلاله إثبات لوازم مؤداه العقلية أو الشرعية، لا نفس مؤداه. وبتعبير آخر: الآثار واللوازم العقلية التي يكون ارتباطها بالمستصحب تكوينيا وليس بالجعل والتشريع، كنبات اللحية اللازم تكوينا لبقاء زيد حيا، وموته اللازم تكوينا من بقائه إلى جانب الجدار إلى حين انهدامه. [٦] وسُمِّي مثبتا؛ لأنَّه يثبت لازما غير شرعي لملزوم شرعي يراد إثبات الحكم الشرعي له. [٧] وحقيقة هذا الأصل فيما إذا كان من الاستصحاب كونه يضمُّ بعض أركان الاستصحاب ويفقد بعضا آخر، مثل اليقين السابق، فإنَّ في مثال نبات اللحية نفتقد اليقين في ما إذا نبتت لحية للشخص الذي تركناه منذ عشرين عاما[٨] هذا مع أنَّه يثبت لازما غير شرعي، سواء كان عقليا أو عاديا، وهو ما تقصر عن شموله أدلَّة الاستصحاب. [٩]