التعارض بين أصالة الصحة والاستصحاب
التعارض بين أصالة الصحة والاستصحاب: التعارض اصطلاح أصولي بمعني تنافي الدليلين في مقام الجعل والتشريع، والبحث هنا هو بيان حکم التعارض بين أصالة الصحة و الاستصحاب وأنه تتقدم أصالة الصحة علی الاستصحاب.
التعارض بين أصالة الصحة والاستصحاب
الاستصحاب المعارض بأصالة الصحّة إمّا حكمي أو موضوعي، فإن كان حكميا فلا إشكال في تقديم أصالة الصحّة عليه ـ كما إذا شكّ في صحّة بيع لاحتمال الاختلال في شرطٍ من شروطه ـ ؛ لأنّه لا مجال للتمسّك به (أي باستصحاب عدم الانتقال والمعبَّر عنه بأصالة الفساد) [١].
وأمّا إذا كان الاستصحاب موضوعيا ـ كما إذا شكّ في صحّة بيع لكون المبيع خمرا سابقا وشكّ في انقلابه خلاًّ حين البيع ـ فقد اختلفوا في تقديم أحدهما على الآخر، فقد ذكر بعضهم أنّه لا إشكال في جريان الاستصحاب الموضوعي، فيحكم ببقائه على الخمرية بـ التعبد، فلا يبقى شكّ في فساد البيع؛ لكونه واقعا على ما هو خمر بحكم الشارع، فلا مجال لجريان أصالة الصحّة [٢].
وذكر آخر أنّه على القول بكون أصالة الصحة من الأمارات و الاستصحاب من الأصول، فتقدّم أصالة الصحّة عليه، وأمّا على القول بالعكس فيقدّم الاستصحاب [٣].
الإشکال علی تقدم الاستصحاب علی أصالة الصحة
وأُورد عليه:
بأنّ هذه التفصيلات لا ترجع إلى محصل؛ لأنّ الدليل على أصالة الصحّة هو السيرة، ففي كلّ مورد جرت السيرة فيه على الحمل على الصحّة، فلا محالة تكون أصالة الصحّة جارية ومقدّمة على الاستصحاب ولو بالقول بكونها من الأصول والاستصحاب من الأمارات؛ لأنّ تحقّق السيرة على الحمل على الصحّة كالنصّ المخصص لدليل الاستصحاب. وفي مورد لم يحرز قيام السيرة على الحمل على الصحّة فيه ـ كما في موارد الشكّ في القابلية ـ يقدّم الاستصحاب عليها حتّى على القول بكونها من الأمارات؛ لعدم جريانها في نفسها [٤].