التسامح في أدلّة السنن

من ویکي‌وحدت

التسامح في أدلّة السنن: قاعدة أصولية تدل علی التساهل وعدم الاشتداد في المستحبات، ومنشأ القاعدة وجود أخبار تدلّ علی قبول الروايات الضعيفة التي ورد الثواب فيها على بعض الأعمال. فهذه الأخبار مشهورة بـ «أخبار من بلغ» لشروعها به، کصحيحة هشام بن سالم عن الإمام الصادق(ع) قال: «من بلغه عن النبي(ص) شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول اللّه‏ لم يقله».

تعريف قاعدة التسامح في أدلّة السنن

التسامح: هو التساهل وعدم التشدد في شيء معين، وأدلّة السنن هي الروايات الواردة لبيان المستحبّات، والتسامح في أدلّة السنن قاعدة يتسامح بها في الأخبار الضعيفة التي ورد الثواب فيها على بعض الأعمال، فيحكم بحجّية سندها أو استحباب ما ورد فيها من أعمال[١]،
فعلى التفسير الأوّل يكون البحث في القاعدة أصوليا، وعلى الثاني يكون فرعيا فقهيا[٢].
وتختلف هذه القاعدة عن قاعدة الاحتياط في أنّ ما استوجب الثواب في قاعدة التسامح هو الأمر القطعي بالتسامح الوارد في أخبارها، بخلاف قاعدة الاحتياط، فإنّ ما استوجب الثواب فيها هو نفس الاحتياط دون الأمر الوارد به، على أنّ احتمال الحرمة لايمنع من جريان قاعدة التسامح، ويمنع من جريان قاعدة الاحتياط؛ لعدم صدق الاحتياط مع احتمال حرمة العمل[٣].

حكم التسامح في أدلّة السنن

المشهور بين علماء الإمامية[٤] وجمهور أهل السنّة[٥] مشروعية قاعدة التسامح في أدلّة السنن، بل ادّعى بعضهم الاتفاق عليها[٦].
وقد استدلّ الإمامية لذلك بأخبار مستفيضة معروفة بأخبار من بلغ، منها: صحيحة هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليه‏السلام، قال: «من بلغه عن النبي(ص) شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول اللّه‏ لم يقله»[٧]. ومنها: موثقة هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام، قال: «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له إن لم يكن على ما بلغه»[٨].
وأمّا جمهور أهل السنّة فقد استدلّوا بروايتين اُخريين: إحداهما: رواية الديلمي عن النبي(ص) قال: «من بلغه عن اللّه‏ شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا ورجاء ثوابه أعطاه اللّه‏ ذلك وإن لم يكن كذلك»[٩].
والثانية: رواية أنس، قال: «من بلغه فضل عن اللّه‏ أعطاه اللّه‏ ذلك وإن لم يكن كذلك»[١٠].
فإنّ استلزام الثواب من العمل يعني استحباب ذلك العمل، وإلاّ لما كان موجبا لاستحقاق الثواب[١١].
وخالف في ذلك جماعة من علماء الجمهور[١٢]
و الإمامية[١٣]، فاستدلّ المخالفون من الجمهور بأنّ الروايتين ضعيفتان[١٤]، بل ادّعى ابن القيّم أنّ الرواية الاُولى من كلام عبدة الأصنام[١٥].
وإن اُجيب عنه: بأنّ الخبر مروي في كتبهم، حيث نقله ابن عمر و الزركشي والعز بن جماعة و السيوطي، ونقله الطبراني في الأوسط عن أنس بلفظ: «من بلغه فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها»، ثُمّ قال: إنّ هذا الحديث أصل أصيل[١٦].
وأمّا المخالفون[١٧] من الإمامية فقد استدلّوا بأصالة عدم الحجّية[١٨] وعدم مساعدة ظاهر الأخبار عليها؛ لأنّ التسامح إمّا أن يعني إسقاط شرائط حجّية الخبر في باب المستحبّات كعدالة الراوي ووثاقته، أو يعني استحباب كلّ عمل بلغ عليه الثواب، وكلاهما مخالف لظاهر روايات التسامح؛ لابتناء الأوّل على إلغاء احتمال الخلاف والبناء على مطابقة الخبر الضعيف للواقع، مع أنّ لسان أخبار من بلغ هو التسامح حتّى مع فرض عدم الثبوت واقعا، كما في قوله عليه‏السلام: «وإن كان رسول اللّه‏ لم يقله».
وأمّا الثاني فلا بتنائه على افتراض مصلحة نفسية ينشأ منها الاستحباب النفسي الواقعي لكلّ عمل بلغ عليه الثواب، مع أنّ روايات من بلغ خالية عن الإشارة إليه[١٩]. ومن هنا طرحوا احتمالات اُخرى في تفسير هذه الأخبار كاحتمال كونها للإرشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط واستحقاق المحتاط للثواب[٢٠]، وكذا احتمال كونها وعدا مولويا لمصلحة في نفس الوعد للترغيب في الاحتياط؛ لحسنه عقلاً[٢١].
وهذان الاحتمالان يختلفان عن الاحتمالين الأوّلين بعدم تضمّنهما جعلاً لحكم شرعي معيّن[٢٢] رغم ثبوت الثواب على العمل ممّا يعني رفض قاعدة التسامح المتضمّنة لحكم شرعي.

مسائل حول القاعدة

ثُمّ إنّ هناك مسائل وبحوثا متعددة لها ارتباط بهذه القاعدة نحاول التعرّض لها كما يلي:

المسألة الاولی: شمول القاعدة لجميع أبواب الفقه

تجري قاعدة التسامح في جميع أبواب الفقه سواء كانت من العبادات أو المعاملات من العقود أو الايقاعات، بل تجري في الأجزاء والشرائط فضلاً عن ذات العمل المركب[٢٣].
ورغم دعوى عدم الخلاف في ذلك[٢٤] إلاّ أنّ المنسوب إلى شريف العلماء مخالفته لجريانها في العبادات[٢٥]، ولعلّه لكونها اُمورا توقيفية لايصحّ التسامح في جريان الأخبار الضعيفة فيها.

المسألة الثانية: كفاية الدلالة الالتزامية في ثبوت الثواب

ليس من الضروري في العمل بأخبار من بلغ التصريح بالثواب في الرواية الضعيفة، بل تكفي دلالتها التزاما عليه، كما لو دلّت رواية ضعيفة على استحباب عمل، فإنّها تدلّ بالملازمة على ترتّب الثواب عليه كسائر الأعمال المستحبّة الاُخرى التي يستحقّ فاعلها عليها الأجر والثواب[٢٦].
ونفس الكلام يقال في دلالة الرواية بالدلالة المطابقية على الوجوب، فإنّها تدلّ بالدلالة الالتزامية على الثواب، إلاّ أنّه لايؤخذ بدلالة التزامية اُخرى ثابتة لها وهي دلالتها على العقاب في صورة ترك العمل بالواجب؛ لأنّ الرواية الضعيفة لاتصلح لإثبات العقاب رغم صلاحيتها لإثبات الثواب بـ أخبار من بلغ التي لا دلالة فيها على ترتّب العقاب في صورة ترك العمل[٢٧].

المسألة الثالثة: التسامح في غير مورد الاستحباب

وقع البحث بين العلماء الإمامية في شمول قاعدة التسامح للأخبار الدالّة على الكراهة، حيث ذهب المشهور[٢٨] إلى شمولها مستدلّين بإلغاء العرف لخصوصيتي الفعل والترك، وبأنّ المناط هو بلوغ الثواب بغض النظر عن كون متعلّقه فعلاً أو تركا، كما تشهد بذلك المناسبات المرتكزة لدى العرف والعقلاء[٢٩].
وخالف في ذلك جماعة مدعين عدم شمول القاعدة لأخبار الكراهة؛ لانصراف لسان أخبار من بلغ إلى الأفعال دون التروك بقرينة قوله عليه‏السلام «فعمله»[٣٠].
وهذا يعني عدم شمول هذه القاعدة حتّى للروايات الدالّة على استحباب الترك؛ لأنّ متعلّقه أمر عدمي فلايكون متعلّقا لأخبار من بلغ.
وما يقال من أنّ ترك المكروه مستحبّ فهو مختلف فيه بين الفقهاء، حيث رجّح بعضهم عدم كونه مستحبّا[٣١].
وأمّا دعوى اتّحاد المناط بين الأفعال والتروك فهي دعوى لاتستند إلى دليل قطعي[٣٢].
وكما وقع الخلاف في جريان أخبار من بلغ في روايات الكراهة، كذلك وقع في جريانها في روايات الوجوب والحرمة؛ ليكون الوجوب دالاًّ بالرواية الضعيفة على الاستحباب، والحرمة دالّة بها على الكراهة، حيث اختار جماعة جريانها في الوجوب خاصّة رغم ما يترتّب على ترك الحرام من ثواب، مؤكّدين على تعلّق البلوغ في الأخبار بالأعمال دون التروك، فلاتشملها الأخبار[٣٣].
بينما اختار آخرون جريانها في الحرمة أيضا، بدعوى وحدة المناط المتمثّل بالتوسعة في مقام الإطاعة، وهي كما يمكن تصوّرها في الأفعال يمكن تصوّرها في التروك[٣٤].
وأورد عليه: بما تقدّم من أنّ المناط المدعى ليس قطعيا، بل هو ظنّي لايعول عليه في مقام الاستنباط؛ لأنّ الظنّ لايغني من الحقّ شيئا[٣٥].
ثُمّ إنّه بناءً على شمول أخبار من بلغ لمورد الكراهة فقد اختلفوا في شمولها للخبرين الضعيفين الدالّ أحدهما على الاستحباب، والآخر على الكراهة، حيث ذهب الشهيدان إلى فعلية الحكم في كلا الخبرين ويقع التزاحم بينهما، كما هو الحال في الكثير من الأفعال والتروك، كصيام يوم عاشوراء الذي يكون في كلّ من فعله وتركه مصلحة، فيحكم باستحبابهما معا[٣٦].
وفصّل السيد الخوئي بين ما كان الفعل والترك أو أحدهما عباديا فيحكم باستحبابهما؛ لأنّهما من قبيل الضدّين اللذين لهما ثالث؛ غاية الأمر ليس للمكلّف القدرة على امتثالهما معا، فيقع التزاحم بينهما.
بخلاف ما لو كان كلّ من الفعل والترك غير عباديين، فإنّهما يكونان حينئذٍ من قبيل المتناقضين، ولايعقل تعلّق الحكم المذكور بكليهما في مقام الثبوت؛ لاستحالة طلب المتناقضين، فيتساقطان مع عدم وجود مرجع لأحدهما، ومع وجوده يؤخذ بما كان المرجح معه[٣٧].
وذهب ثالث إلى نفي التزاحم و التعارض معا؛ لانصراف أخبار من بلغ عن الروايات المتنافية التي يطلب في بعضها الفعل وفي بعضها الترك؛ لأنّ الظاهر عرفا من قوله عليه‏السلام: «فعمله» أنّ هناك داعيا ومحركا أوليا للعمل بالروايات الضعيفة بمعزل عن أخبار من بلغ، كالرغبة في تحصيل الثواب، وإنّما تأتي هذه الأخبار لتتميم هذه المحركية وتكميلها، فمع افتراض عدم وجود محرك للفعل والترك بسبب التنافي المذكور لن يبقى مجال لجريان هذه الأخبار فتنصرف عنها[٣٨].

المسألة الرابعة: التسامح فيما قام الدليل على عدم استحبابه

المشهور عدم شمول قاعدة التسامح لما قام الدليل المعتبر على عدم استحبابه؛ للقطع التعبّدي بعدم الاستحباب الملازم للقطع التعبّدي بعدم الثواب، ومن الطبيعي والحال هذه انصراف أخبار من بلغ عنه، ولايبقى مجال لجريانها فيه؛ لأنّها إنّما تجري مع احتمال الثواب لا مع انتفائه بدليل معتبر[٣٩].
لكن هناك من رفض هذا الاستدلال؛ لأنّ مجرّد النفي التعبّدي لاحتمال الثواب لايعني النفي الوجداني له، فتجري القاعدة مادام هناك احتمال قائم[٤٠].
هذا إذا كان الدليل النافي للاستحباب معتبرا، وأمّا إذا كان غير معتبر فالأخذ برواية الاستحباب وتقديمها عليه يكون حينئذٍ أوضح؛ لعدم وجود خبر معتبر يمنع من العمل بخبر الاستحباب الذي دلّت على حجّيته أخبار من بلغ[٤١].

المسألة الخامسة: التسامح في الدلالة الضعيفة على الاستحباب

المعروف بين الإمامية عدم جريان قاعدة التسامح في الروايات الدالّة دلالة ضعيفة على الاستحباب، إلاّ أنّ المستفاد من بعضهم إمكان جريانها فيها[٤٢].
وإن أورد عليه بأنّه لا معنى للتسامح فيما لم يحرز دلالتها على الاستحباب والبلوغ الذي هو موضوع لهذه القاعدة[٤٣].

المسألة السادسة: ترتّب آثار الاستحباب بجريان القاعدة

إذا ثبت استحباب عمل معيّن بـ قاعدة التسامح صار كسائر المستحبّات الواقعية الاُخرى التي يترتّب عليها جميع آثارها التكليفية والوضعية كجواز مسّ القرآن وصحّة الصلاة في الوضوء الذي دلّت على استحبابه رواية ضعيفة.
إلاّ أنّ ذلك مبتن على دلالة أخبار من بلغ على استحباب نفس العمل لا عنوان آخر تلبّس به كعنوان الاحتياط الذي ليس له الآثار المترتّبة على ذات العمل، فلايترتّب آثار الوضوء مثلاً على استحباب الاحتياط بإتيانه.
وقد اختار بعضهم دلالة أخبار من بلغ على استحباب ذات العمل[٤٤]، خلافا لبعض آخر، حيث نفى دلالتها إلاّ على استحباب الاحتياط في العمل[٤٥]، ممّا يعني عدم ترتّب الآثار التكليفية والوضعية لذات العمل؛ لعدم تعلّق الاستحباب به.

المسألة السابعة: التسامح في الشبهات الموضوعية

صرّح بعض علماء الإمامية باختصاص أخبار من بلغ بـ الشبهات الحكمية وعدم جريانها في الشبهات الموضوعية، كالروايات الدالّة على تحديد بعض الأماكن المقدّسة كالمساجد، فانّه لايترتّب عليها استحباب الصلاة فيها مثلاً، لظهور البلوغ الوارد في الأخبار في البلوغ الحكمي؛ لأنّه هو الأنسب بمقام الشارع والشريعة، دون البلوغ الموضوعي[٤٦].
بينما صرّح آخرون بجريانها في الشبهات الموضوعية أيضا؛ لاشتراكها مع الحكمية في المناط الذي هو عبارة عن بلوغ الثواب، سواء كان بلا واسطة كما في الشبهات الحكمية، أو مع الواسطة كما في الشبهات الموضوعية[٤٧].

المسألة الثامنة: التسامح في القصص والفضائل

ذهب أكثر العلماء إلى جريان قاعدة التسامح في نقل قصص الأئمة المعصومين عليهم‏السلام وبيان بعض مناقبهم وفضائلهم، والحكم باستحباب التحدّث إلى الناس بخصوصهم[٤٨].
لكن هناك من ادّعى عدم جريان القاعدة في القصص والفضائل؛ لعدم تضمّنها ثوابا وحثّا على فعل معيّن كي يستفاد منها استحباب نقلها بأخبار من بلغ.
نعم، وردت بعض الأخبار الصحيحة الدالّة على استحقاق الثواب على نقل المناقب والفضائل، وهي لاتحتاج في حجّيتها والعمل بها إلى أخبار من بلغ؛ لكونها صحيحة بنفسها، إلاّ أنّ صحّتها لاتبرر نقل كلّ خبر ورد فيه فضيلة من الفضائل، بل لابدّ من إحراز الفضيلة لكي يجري فيه استحباب نقله، ومع عدم إحرازه يكون نقله مستلزما للكذب المحرّم الذي لاتحلّله هذه الروايات الصحيحة[٤٩].

المسألة التاسعة: التسامح في فتاوى العلماء

لا إشكال في شمول أخبار من بلغ لـ فتاوى الفقهاء واعتبارها كالروايات التي ورد فيها الثواب إذا كانت فتاواهم مطابقة لفظا للروايات التي استنبطوا الحكم منها، كما هو الحال في فتاوى الشيخ الصدوق الذي كان لايفتي في كتابيه المقنع والهداية إلاّ بلفظ الروايات التي استند إليها في حكمه، فيصدق عليها بلوغ الثواب، يجوز حينئذٍ لغيره التسامح والأخذ بفتاواه.
وإنّما الاشكال فيما إذا اختلفت ألفاظ فتاواهم مع ألفاظ الروايات، كما هو الغالب في فتاوى أكثر الفقهاء، حيث وقع البحث في قيامها مقام الروايات واعتبارها بلوغا للثواب بالنسبة إلى سائر الفقهاء[٥٠]، فذهب جماعة إلى عدم قيامها مقامها؛ لعدم صدق بلوغ الثواب عليها، لانصراف البلوغ إلى البلوغ الحسّي المتناسب مع البلوغ في عصر النصّ، فلاتكون منشأً للاستحباب إلاّ إذا تعرض الفقيه للرواية التي استند إليها في حكمه[٥١].
بينما ذهب المشهور[٥٢] إلى قيامها مقام الروايات؛ لعدم اختصاص البلوغ بالبلوغ الحسّي؛ لصدقه على البلوغ الحدسي الناشئ من الاعتماد على ملاحظة المجتهد للرواية التي ورد فيها الثواب.
ودعوى انصراف أخبار من بلغ إلى البلوغ الحسّي لتناسبه مع عصر النصّ، بعيدة برأي البعض[٥٣]، بل ذهب بعضهم إلى عدم صحّة استناد عوام الناس إلى البلوغ الحسي والاستفادة من الروايات بصورة مباشرة إلاّ في صورة إحراز الفقيه لصحّة العمل بها وتحقّقه من عدم وجود ما يدلّ على حرمته مع التأكّد من وضوح دلالة الرواية الضعيفة بدرجة يأمن فيها المجتهد عدم اشتباه المقلّد في تفسيرها، وهذا يعني لزوم تقليد العوام للمجتهد في العمل بالروايات الضعيفة وعدم استقلالهم بالعمل بها[٥٤].
وأمّا المحقّق العراقي فقد حاول التخلّص من إشكال الاعتماد على البلوغ الحدسي بتأكيده على أنّه «بناء على استفادة الحكم الطريقي من أخبار من بلغ الراجع إلى حجّية الخبر الضعيف القائم على استحباب شيء بالنسبة إلى أصل الرجحان، فلا محذور في الفتوى باستحباب العمل على الإطلاق، فإنّه بقيام خبر ضعيف على استحباب شيء يرى الفقيه ثبوت رجحانه في الواقع بجميع المكلّفين فيفتي على طبق مضمونه من استحباب ذات العمل واقعا، وإن كان دليل اعتبار هذا الطريق مختصّا بـ المجتهد؛ لكونه هو البالغ إليه الثواب، كما أنّ له الفتوى أيضا بما هو مفاد تلك الأخبار»[٥٥].

المسألة العاشرة: شروط العمل بقاعدة التسامح

ذكر بعض علماء أهل السنّة شروطا ثلاثة للعمل بالقاعدة بناءً على حجّيتها، وهي كما يلي:
1 ـ ألاّ يكون الخبر مدسوسا معلوم الكذب.
2 ـ أن يعرف العامل بضعف الخبر.
3 ـ ألاّ يروج له العامل به ويشيعه بين الآخرين.
إلاّ أنّ الإمامية وكثير من علماء الجمهور لم يتعرّضوا للشرطين الأخيرين، وإنّما تعرّض بعضهم لاشتراط عدم دسّ الخبر ووضعه من قبل الرواة[٥٦].

المصادر

  1. . مصباح الأصول 2: 319، بحوث في علم الأصول 5: 122.
  2. . مفاتيح الأصول السيد الطباطبائي: 438، رسائل فقهية (الشيخ الأنصاري): 149، فوائد الأصول (المحقق النائيني) 3: 413، تهذيب الأصول (الإمام الخميني) 2: 232 ـ 235.
  3. . رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 141.
  4. . نسبها إلى المشهور في رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 137، الكفاية (المحقق الخراساني): 353.
  5. . مواهب الجليل 2: 408.
  6. . المجموع 8: 261، جامع بيان العلم وفضله 1: 22، أنظر: كشاف القناع 1: 443، ذكرى الشيعة 2: 34.
  7. . الوسائل 1: 81، ب 18 من مقدّمات العبادات، ح 3.
  8. . المصدر السابق، ح 6.
  9. . كنز العمال 15: 791، ح 132، فيض القدير 6: 124.
  10. . كنز العمال 15: 791، ح 42133.
  11. . فوائد الأصول 3: 410.
  12. . الآداب الشرعية 2: 303 ـ 304، الموضوعات 1: 188 و2: 337.
  13. . مدارك الأحكام 1: 13، وإن رجع عمّا ذكره في مدارك الأحكام 3: 238، ونسب ذلك إلى العلاّمة في مفاتيح الأصول: 346، مصباح الأصول 2: 319.
  14. . الموضوعات 1: 188 و2: 337.
  15. . نقله عنه في كشف الخفاء العجلوني 2: 198.
  16. . نقله عن القاري في كشف الخفاء العجلوني 2: 310.
  17. . نسبه إلى العلاّمة في مفاتيح الاُصول: 346، أنظر: مدارك الأحكام 1: 13، وإن رجع عمّا ذكره في مدارك الأحكام 3: 238، مصباح الأصول 2: 319.
  18. . استدلّ لهم الشيخ الأنصاري في كتاب رسائل فقهية: 138.
  19. . مصباح الأصول 2: 319.
  20. . المصدر السابق.
  21. . بحوث في علم الأصول 5: 121 ـ 122.
  22. . المصدر السابق.
  23. . عوائد الأيام: 270، رسائل فقهية: 174.
  24. . مفاتيح الأصول: 350، عوائد الأيام: 270.
  25. . رسائل فقهية: 174.
  26. . مفاتيح الأصول: 350، زبدة الأصول 3: 281.
  27. . دراسات في علم الاُصول الخوئي 3: 308، زبدة الاُصول 3: 281.
  28. . نسبه إلى المشهور في كتاب رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 160، نهاية الدراية 4: 190 ـ 191، زبدة الأصول 3: 281.
  29. . بحوث في علم الأصول 5: 132.
  30. . الرسائل الفقهية الشيخ الأنصاري: 160، القواعد الفقهية (البجنوردي) 3: 336 ـ 337، فقه الصادق 24: 43، كتاب الحجّ الكلبايكاني 2: 302.
  31. . رياض المسائل 1: 150، جواهر الكلام 10: 117، القواعد الفقهية البجنوردي 7: 121.
  32. . بحوث في علم الأصول 5: 132، زبدة الأصول 3: 281، منتهى الدراية 6: 454.
  33. . دراسات في علم الأصول الخوئي 3: 308، منتقى الأصول 4: 534، أنظر: نهاية الدراية 4: 190 ـ 191.
  34. . يظهر ذلك من مشارق الشموس 1: 34، مفاتيح الأصول: 350، رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 163 ـ 164، بحوث في علم الأصول 5: 132.
  35. . دراسات في علم الأصول الخوئي 3: 308.
  36. . نسبه إلى الشهيدين في كتاب دراسات في علم الأصول الخوئي 3 : 310.
  37. . أنظر: دراسات في علم الأصول الخوئي 3: 310 ـ 311.
  38. . أنظر: بحوث في علم الأصول 5: 134.
  39. . مفاتيح الأصول: 350، دراسات في علم الأصول الخوئي 1: 310، مصباح الأصول 3: 321.
  40. . بحوث في علم الأصول 5: 136، أنظر: منتهى الدراية 6: 459.
  41. . رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 168.
  42. . نقله عن بعض المعاصرين الشيخ الأنصاري في الرسائل الفقهية: 170.
  43. . رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 170.
  44. . المصدر السابق.
  45. . ذخيرة المعاد: 4، في الوضوءات المستحبّة.
  46. . دراسات في علم الأصول الخوئي 3: 309.
  47. . رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 172، زبدة الأصول 3: 285 ـ 286.
  48. . نسبه إلى الأكثر الشهيد الثاني في الدراية: 29، أنظر: رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 157.
  49. . أنظر: دراسات في علم الأصول الخوئي 3: 309 ـ 310.
  50. . أنظر: المقنع والهداية: 136.
  51. . نهاية الدراية 4: 188، زبدة الأصول صادق روحاني 3: 281.
  52. . نسبه إلى المشهور في نهاية الأفكار 3: 281.
  53. . دراسات في علم الأصول 3: 309.
  54. . رسائل فقهية الشيخ الأنصاري: 163.
  55. . تمام المنّة محمد ناصر الألباني: 36.
  56. . مواهب الجليل 2: 408، عوائد الأيّام: 795 ـ 796.