زينب الغزالي
زينب محمّد الغزالي الجبيلي: داعية إسلامية مصرية معروفة. ولدت عام 1917 م بميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وكان أبوها من علماء الأزهر الشريف. درست في المدارس، ثمّ تلقّت علوم الدين على يد مشايخ من رجال الأزهر الكبار في علوم الحديث والتفسير والفقه.
كانت أصغر عضو في الاتّحاد النسائي المصري الذي كانت ترأسه هدى شعراوي، وتركته عندما أدركت أنّه لا يتبنّى المنهج الإسلامي الصحيح، وأنشأت المركز العامّ للسيّدات المسلمات عام 1936 م بالقاهرة، وكان عمرها آنذاك 19 عاماً. وكان من أهمّ أهدافه: المطالبة بتحكيم شريعة اللَّه (الكتاب والسنّة)، وإقامة الخلافة الإسلامية.
وكان لهذا المركز فروع نشيطة في أنحاء مصر كلّها، وكان يقوم سنوياً بإرسال بعثة حجّ، وكانت هي رئيسة هذه البعثة، والتي كانت تتكوّن من 350- 400 حاجّة ومحارمهنّ، وكانت في بعثة الحجّ تتّصل بجميع الوفود الإسلامية، وتتباحث معهم في شؤون الدعوة الإسلامية وما يجب عمله لإصلاح الأُمّة الإسلامية وإعادة الخلافة والقيادة والريادة مرّة أُخرى للإسلام.
التقت بالإمام الشهيد حسن البنّا عام 1941 م، وبايعته على العمل معه عام 1948 م تحت لواء الإخوان المسلمين؛ لأنّ المبادئ كانت واحدة، والغايات واحدة، والفكرة واحدة.
أصدرت مجلّة «السيّدات المسلمات» سنة 1950 م، وصودرت هذه المجلّة عام 1958 م.
رأست قسم الأخوات المسلمات والذي أسّسه الشهيد حسن البنّا، وقامت بمساعدة أُسر الإخوان المسلمين ورعايتهم أثناء محنة الجماعة عام 1954 م.
وفي عام 1965 م ألقت الحكومة القبض عليها بتهمة العمل على قلب نظام الحكم في قضية الإخوان المسلمين، وطالبت النيابة بإعدامها، وصدر الحكم بسجنها لمدّة 25 عاماً مع الأشغال الشاقّة المؤبّدة، وتعرّضت لفترة تعذيب رهيبة قبل صدور الحكم في السجن
الحربي، سطّرت بعض فصولها المأساوية في كتابها الشهير «أيّام من حياتي». وبوساطة من الملك فيصل ملك السعودية في السبعينات صدر قرار من الرئيس المصري محمّد أنور السادات بالإفراج عنها بعفو شامل، وكان ذلك في أغسطس عام 1971 م، أي: بعد ستّ سنوات من السجن.
عُرض عليها إصدار مجلّة «السيّدات المسلمات» باسمها كرئيسة للتحرير وصاحبة الامتياز مقابل 300 جنيه شهرياً على ألّايكون لها شأن بما يكتب في المجلّة، فكان جوابها: «مستحيل أن تستأنف مجلّة السيّدات المسلمات صدورها من مكتب المخابرات لتنشر الفكر العلماني»، وقالت: «إن شاء اللَّه لن يكون عملنا إلّاللإسلام، ولن نموِّه ولن نضلّل».
خرجت من السجن لتمارس دورها في الدعوة إلى اللَّه بإلقاء المحاضرات والمشاركة في المؤتمرات والندوات في داخل مصر وخارجها. ومن بين الدول التي زارتها داعية إلى اللَّه: السعودية، باكستان، الكويت، الإمارات العربية المتّحدة، الأُردن، الجزائر، تركيا، السودان، الهند، ألمانيا، فرنسا، إنجلترا، أمريكا، كندا، النمسا، أسبانيا... وغيرها.
توفّي زوجها الاقتصادي الكبير الحاجّ محمّد سالم سالم أثناء وجودها في السجن عام 1966 م، ولم يرزقها اللَّه بذرّية، وهي تعتبر كلّ أبناء المسلمين أبناءها.
تقول عن نفسها: «تأثّرت بشخصيات كثيرة، وحسن البنّا هو الأكثر تأثيراً في نفسي وضميري، وحسن الهضيبي، وعمر التلمساني، وحامد أبو النصر».
من مؤلّفاتها: أيّام من حياتي، نحو بعث جديد، مع كتاب اللَّه، مشكلات الشباب والفتيات.
وكانت تقول: «إنّني أرى أنّ الشيعة الجعفرية والزيدية مذاهب إسلامية مثل المذاهب الأربعة لدى السنّة، وعلى عقلاء السنّة والشيعة وعلى قيادات السنّة والشيعة أن يجتمعوا في صعيد واحد وأن يتفاهموا وأن يتعاونوا على ربط المذاهب الأربعة والمذهب الشيعي بعضهم ببعض».
وقد سئلت في إحدى المرّات عن رأيها في مشكلة الفرقة بين المذاهب الإسلامية، فأجابت قائلة: «لا شكّ أنّ هذه مؤامرة صهيونية... وإنّني أدعو إلى اجتماع علماء الإسلام من كلّ المذاهب للتصدّي لتلك المؤامرة الصهيونية. ولي أنا شخصياً تجربة في هذه المسألة، فقبل عام 1952 م كان هناك جماعة التقريب بين المذاهب والتي كان يشرف عليها الشيخ محمود شلتوت والشيخ القمّي، وقد شاركت في عمل هذه الجماعة وبمباركة الإمام حسن البنّا الذي كان يرى أنّ المسلمين سنّة وشيعة أُمّة واحدة، وأنّ الخلاف المذهبي لا يفرّق وحدة الأُمّة. وكان الإخوان المسلمون متعاونين مع هذه الجماعة على أساس أنّ الإسلام يد واحدة، إله واحد، كتاب واحد، رسول واحد، حلال واحد، حرام واحد، نظام سياسي واحد، اقتصاد واحد، نظام اجتماعي واحد، دولة واحدة... من أجل تطهير العالم من الظلم والزور والخديعة التي تمارسها القوّتان الكبريان. ويجب أن يكون الشيعة والسنّة على قلب واحد».
(انظر ترجمتها في: عظماء الإسلام: 491- 492، وركبت السفينة: 387، المتحوّلون 7: 45، الشيعة في مصر لصالح الورداني: 157).