الفرق بين المراجعتين لصفحة: «السلمية»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ٦٠: سطر ٦٠:


[[تصنيف: مفاهيم تقريبية]]
[[تصنيف: مفاهيم تقريبية]]
[[تصنيف: مفاهيم حضارية]]
[[تصنيف: مفاهيم حضارية]]
[[تصنيف: حوار الأديان والحضارات]]
[[تصنيف: حوار الأديان والحضارات]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٧:٤٦، ٣١ يوليو ٢٠٢١

السلمية: واحدة من الموضوعات المُهمّة التي تشغل اليوم المُجتمعات الإنسانيّة، والتي يكثر تناولُها في وسائل الإعلام والاتّصال، كما أصبحت موضوعاً حارّاً للمُناقشة في الندوات والمُؤتمرات، حيث ازدادت أهمّيتها في العصر الذي نعيش فيه، فعلى رغم تطوّر الإنسان علمياً ومدنياً ينحطّ المجتمع البشري من داخله ثقافياً وخلقياً، وكذلك تهبط المودّة الإنسانية والقيم الخلقية.

صورة تعبيرية

مدخل

لقد أصبحت فكرة التسامح والسلمية دعوة فكرية تحمل في طيّاتها مضامين فكرية وثقافية وحضارية واجتماعية، وقد تُبنى هذه الفكرة وينظر لها من الطرف الإسلامي بأنّها احترام الآخرين وحرّياتهم والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والقَبول بها، وهو تقديرُ التنوّع الثقافي، وهو الانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى في الأديان.

إنّ السلمية ليست هي فقط موضوعاً وهاجساً ومشروعاً يهمّ دولةً ومُجتمعاً، بل هي أيضاً هاجس إنساني.

وتحمل السلمية قيمة كبيرة في العالم المتحضّر، وقد أصبحت مبدأً أساسياً من مبادئ التسامح داخل الأمم وفيما بينها، والذي يتحقّق في ظلّها الازدهار والتقدّم.

تدعو السلمية بين البشر جميعاً إلى جوّ من الإخاء والتسامح بين كلّ الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. السلمية الإنسانية في داخل المجتمع الواحد مطلوبة موضوعياً واجتماعياً، مهما اختلفت الأفكار والمفاهيم والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ.

السلمية والتفاهم وقبول الآخر يتمّ عن طريق التواصل بشكل مباشر وبشكل يومي أو شبه يومي في القرية والمدينة والمُجتمع الواحد بشكل عامّ، ولا يجوز الهروب أو رفض هذا الواقع، الذي يضمّ في أكنافه تناقضات واختلافات عديدة في وجهات النظر أو العقائد والمفاهيم.

الإسلام هو دينُ التسامح والمحبّة والسلام، وهو عقيدة قوية تضمّ جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية. وقد أولى الإسلام قيمة التسامح مكانة هامّة، وظلّت هذه القيمة سمة من سمات حضارة الإسلام عبر العصور والتاريخ. والتسامح مبدأ من المبادئ التي عمّق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض، ومن مبادئ الإسلام الراسخة، وهو الأساس الثابت الذي تقوم عليه علاقة المسلم مع أهل الأديان. ومن هذا المبدأ تنبع رؤية الإسلام إلى التعامل مع غير المُسلمين، فلا تكتمل عقيدة الإسلام إلّا إذا آمن بالرسل جميعاً، لا يفرّق بين أحد منهم، وهذا هو البعد الإنساني الذي يعطي للتسامح في الإسلام مساحات واسعة.

ومن الواضح أنّ التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف، ويؤسّس العلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصومات العقائدية والحضارية والثقافية قد لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصومات أن تمنع التعارف بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها.

ومفهوم التعارف ذو سعة، يمكن أن يشمل كلّ المعاني التي تدلّ على التعاون والتساكن والتعايش، ويمكن أن يستوعب التعارف قيم الحوار والجدل بالتي هي أحسن والاحترام المُتبادل.

إنّ ضرورة التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات تزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتّصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب.

التسامح الديني يُساعد على تحقيق السلام الاجتماعي والتعايش السلمي، ويصون المجتمع لتحقيق الحياة الآمنة السعيدة. والسلمية تمثّل أساس السلم الاجتماعي لأيّ مُجتمع بهدف إبعاده عن النزاعات والصراعات والسير بخطى ثابتة نحو التنمية المستدامة.

فالتسامح الديني والتعايش السلمي ضرورة الوقت بين الأفراد والجماعات والأديان وعلى صعيد الأسرة والمجتمع الدولي.

معنى السلمية

تأتي مفردة (السلمية) من السلم الذي هو لغوياً بمعنى: الصلح والانقياد والإبراء.

الإسلام والسلمية

الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة، ولا غرابة في أنّ كلمة (الإسلام) تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع. وقد جعل الله السلام تحية المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلّم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «السلام قبل الكلام»، وسبب ذلك أنّ السلام أمان، ولا كلام إلّا بعد الأمان، وهو اسم من أسماء الله الحسنى.

وممّا لا شك فيه أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات الى النور حتّى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كلّ تعاملاتهم في الحياة.

ومن المعروف أنّ العالم بأسره- وخاصّة العرب- قد شهد حروباً كثيرة في زمن نشأة الرسول وقبل بعثته، فكانت القبائل العربية تتقاتل فيما بينها أو مع القبائل الأخرى بسبب أو بدون سبب، وقد جاء الإسلام الحنيف ليخرج الناس من هذه الحياة السيّئة والصعبة وينقلهم الى حيث الأمن والأمان والسكينة، وكان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حريصاً على إبعاد الناس تماماً عن الحروب وعن كلّ ما يؤدّي إليها، وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً يبحث دائماً عن الطرق السلمية والهادئة للتعامل مع المخالفين له.

إقرار السلام لا يعني انتفاء الحرب تماماً، بل إنّ الحرب وضعت في الشريعة لإقرار السلام وحمايته من المعتدين عليه، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين المؤمنين بأن يقاتلوا في سبيله، والله هو السلام، وأمرهم بأن يقاتلوا المعتدين وينصروا المعتدى عليهم الآمنين المسالمين.

إنّ السلام بمفهومه السلمي هو أمنية ورغبة أكيدة يتمنّاها كلّ إنسان يعيش على هذه الأرض، فالسلام يشمل أمور المسلمين في جميع مناحي الحياة، ويشمل الأفراد والمجتمعات والشعوب والقبائل، فإن وجد السلام انتفت الحروب والضغائن بين الناس، وعمّت الراحة والطمأنينة والحريّة والمحبّة والمودّة بين الشعوب.

وفي القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة عدّة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام والسلمية، ممّا يشكّل للمسلمين قانوناً دولياً يسيرون عليه، وهذه القوانين والشروط الواجب توفّرها حتّى يتحقّق السلام تظهر في المساواة بين الشعوب بعضها البعض، فالإسلام يُقرِّر أنَّ الناسَ، بغضّ النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم، ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، ومنه قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلّا بالتقوى».

كما أنّ الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب إلّا للضرورة، وإقامة العدل والإنصاف، ودفع الظلم، من القواعد الأساسية لتحقيق السلام بين الشعوب والمجتمعات، فلا يعتدي أحدٌ على حقّ أحدٍ، ولا يظلم أحدٌ أحداً، فالإسلام يسعى دائماً الى استقرار الأمّة الإسلامية، كما يسعى إلى استقرار علاقات المسلمين بالأمم الأخرى.

إنّ أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلّى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف والتطرّف بكلّ صوره ومظاهره، وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكوّنات المجتمعات الإنسانية وتعزيز جهود المؤسّسات الدينية والثقافية في ذلك.

إنّ للسلام العالمي شأناً عظيماً في الإسلام، فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً أو وطنياً، بل كان عالمياً وشمولياً، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، والمولى عزّ وجلّ عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممّن يعيشون على هذه الأرض، ويكشف لنا التاريخ أنّ جميع الحضارات كانت توّاقة من أجل تحقيق السلام العالمي.

السلمية ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتبارها ضرورة لكلّ مناحي الحياة البشرية ابتداءً من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع، فبها يتأسّس ويتطوّر المجتمع.

وقد حان الوقت لنقف على عتبات المجتمع الدولي، ونقود أجيالنا إلى لغة الحوار، ونصرخ بصوت عال: لا للحروب لا للإرهاب لا للقتل لا للدمار ولا للعنف.

المصدر

المقال مقتبس مع تعديلات من موقع: WWW.ALBAYAN.AE