الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الفقه الإباضي»

أُضيف ١١٬٨١٧ بايت ،  ١٢ سبتمبر ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٨: سطر ٨:
   
   
أمّا المذهب فهو: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه [[مراجع الدين]]. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة. ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.  
أمّا المذهب فهو: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه [[مراجع الدين]]. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة. ومنه المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.  
=الاستنباط عند الإباضية=
في العام 1903 كتب الأستاذ دنكان مكدونالد: ((إنّنا نعلم القليل نسبياً عن الفقه الإباضي. فالدراسة الشاملة للفقه الإباضي ذات أهمّية قصوى؛ لأنّه يعود في تسلسل نشأته إلى ما قبل تشكيل أيّ من المدارس الفقهية الأخرى)).
على أنّ الدراسة الشاملة للفقه الإباضي لم تجر منذ ذلك الوقت كما كان هذا العالم البحّاثة يأمل . وبدلاً من ذلك فقد عومل الفقه الإباضي من قبل الذين درسوا الفقه الإسلامي بالقليل من الاهتمام وكان يشار إليه على الدوام بأقوال عامّة قليلة القيمة .
ومع أنّ شاخت كان يعي حقيقة أنّ مذهب الفقه الإباضي ينسب إلى التابعي جابر بن زيد، فإنّه ختم ملاحظته بشأنه بالقول: إنّ الإباضيّين استمدّوا فقههم من المذاهب الإسلامية القائمة.
وخلافاً لما يعلنه فإنّ المذهب الإباضي أخذ منذ البداية خطّاً منفصلاً . لقد كانت له مرجعياته المستقلّة الخاصّة به، ومجموعاته الحديثية، وأعمال فقهائه. ويبدو أنّ شاخت أنساق إلى هذه النظرة للأسباب التالية: النقص في المعلومات بشأن المصادر الأساسية للفقه الإباضي، والنظرة العامّة القائلة: بأنّ الإباضيّين فئة من حركة الخوارج. وبما أنّ الإباضيّين- حالهم حال السنّة- كانت لهم آراء مناقضة لآراء الخوارج حول نقاط معيّنة، فقد اعتقد أنّ الإباضيّين استمدّوا هذه الآراء من المذاهب السنّي . وهو أخيراً ينفي باتّاً حقيقة كون الخصائص المشتركة بين المذاهب الفقهية الإسلامية المختلفة هي أقدم من قيام هذه المذاهب.
ويعد الفقه الإباضي أحد أقدم المذاهب الباقية بين مذاهب الفقه الإسلامي، إن لم نقل: أقدمها. ويعود قيامه إلى التابعي جابر بن زيد الأزدي وزميله المعاصر له وتلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة. فقول مكدونالد: ((إنّ الفقه الإباضي لا بدّ أنّه جمع وصنّف، إلى هذا الحدّ أو ذاك، على يدي عبد الله بن إباض)) غير صحيح؛ فقد دلّ البحث الدقيق بأنّ عبد الله بن إباض لم يقدّم أيّ إسهام للفقه الإباضي، وأنّ دوره الرئيس انحصر في الكلام وفي العقيدة السياسية للإباضية.
والرجل الذي كان مسؤولاً فعلياً عن تأسيس مدرسة للفقه الإباضي هو جابر بن زيد. وهو محدث وفقيه.. وبسبب معرفته الواسعة بالقرآن وبأحاديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، فقد كان قادراً أن ينشيء مذهباً مستقلّاً ، وأن يجذب إليه عدداً من المتعلّمين. وفي وقت لاحق راح هؤلاء يطوّرون آراء وينشرونها.
واتّخذ الفقه الإباضي شكله النهائي على يدي تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة في سنواته الأخيرة، وعلى يدي الربيع بن حبيب  تلميذ جابر بن زيد وأبي عبيدة معاً . غير أنّ جابر بن زيد يظلّ الشخصية ذات الأهمّية الكبرى في تأسيس هذا المذهب. وبالإضافة إلى مهارته مفتياً صرف معظم حياته لإصدار الأحكام الشرعية وضبط آرائه باستشارة صحابة الرسول الأحياء والتابعين البارزين، وكان كذلك صلة الوصل الأساسية يبن أتباع مذهبه وأولئك الصحابة الذين لعبوا الدور الرئيس في صياغة الآراء حول الشؤون الدينية والشرعية ونشرها.
والدور الطليعي الذي لعبه جابر في تأسيس المذهب الإباضي معترف له به بوضوح من قبل الإمام الثاني للإباضية أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة: "كلّ صاحب حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضالّ. ولولا أنّ الله منّ علينا بجابر بن زيد لضللنا" . وحقيقة كون جابر صاحب مذهب فقهي مستقلّ أمر اعترفت له به المرجعيات السنّية أيضاً. يقول أبو زكريا النووي (ت 676) في كتابه ((تهذيب الأسماء)) بعد الحديث عن جابر بن زيد ومدرّسيه وتلاميذه: ((اتّفقوا على توثيقه وجلالته، وهو معدود في أئمّة التابعين وفقهائهم، وله مذهب يتفرّد به)).
وقد كانت مصادر الأحكام الشرعية المعروفة لدى جابر-والتي استخدمها- هي: القرآن، والسنّة، وآراء الصحابة (الآثار)، ثمّ رأيه الخاصّ.
وأما بالنسبة لدراسات جابر بن زيد فقد اكتسب معرفته بالإسلام ونظامه الديني والفقهي عبر عدد من الصحابة ، لا سيما ابن عباس ، وابن عمرو ، وعبد الله بن مسعود ، وعائشة . ثم إن الإمام الإباضي أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة يزعم أنه تتلمذ في المذهب الإباضي على الصحابة عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ووصفهم بأنهم (( راسخون في العلم )) . ثم أضاف قائلا : (( لقد اقتفينا خطاهم ، وتبعنا أقوالهم ، واعتمدنا على تصرفهم وقلدنا أساليبهم )) ( 14 ) .
وقد سبق أن ذكرنا أن المصادر الأساسية التي استخدمها جابر بن زيد لتكوين الأحكام الشرعية هي القرآن ، والسنة ، والآثار ، والرأي .
والسنة ، وهي أقوال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأعماله ، وموافقته على أعمال وأقوال معينة من قبل صحابته ، ومعروفة لدى الثقات الإباضية الأولين بأوسع معانيها . وفي ذلك قال شاخت : (( أول دليل موثوق بالطبع ، على استعمال عبارة (( سنة الرسول )) بالإشارة إلى استعمالها السياسي الأصلي الذي مثل رابطة عقائدية بين (( سنة الرسول )) وسنة أبي بكر ، وعمر ، والقرآن ، وردت في رسالة وجهها عبد الله بن إباض إلى عبد الملك بن مروان نحو 76 / 695 ( 15 ) . على أن المراجع الإباضية استعملت هذه العبارة بمعناها التقني منذ الفترة الباكرة لتأسيس مذهبهم . وقد استعمل جابر بن زيد هذه العبارة في رسالتين من رسائله . وفي رسالة إلى عثمان بن ياسر ، كتب جابر : ( فأما الذي كتبت تسألني عنه من المملوك هل يصلي ولم يختتن ، فإن الختان من المسلمين سنة واجبة لا ينبغي تركها ، ويكره أن تتركوا لكم مملوكا غير مختون ، ولا يصلي حتى يختتن )) ( 16 ) . وفي رسالة أخرى للحارث بن عمرو ، كتب جابر مرة أخرى : (( وأما ما ذكرت من رجل يصلي المغرب والعشاء والصبح لم يقرأ فيهن بشيء من القرآن ، فإنه أحب إلي أن يعيد صلاته فيقرأ منها ، فإنه قد ترك سنة فيها ، إلا أن يكون رجلا أميا لا يقرآ واغتم ، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها )) ( 17 ) .
كذلك ذكر جابر كلمة (( السنة )) في رسالته إلى طريف بن خليد بالقول التالي : (( وأما الذي ذكرت من أن إماما يؤم الناس في الصلاة الواجبة ، ولكنه ترك فيها الركوع وتبعه في ذلك المأمومون ، فالأفضل لهم إعادة صلاتهم تلك لأنهم بذلك قد خالفوا السنة )) ( 18 ) . ثم إن هذين الخبرين الأخيرين مذكوران في كتاب جابر بن زيد كما رواه حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد ( 19 ) .
وعند مناقشة الخوارج المتطرفين ، قال سالم بن ذكوان ، وهو معاصر لجابر بن زيد : (( لسنا ممن يزعم أنه أفاد اليوم علما في القرآن والسنة حتى غلبهم )) ( 20 ) . إن دور السنة كمصدر ثان للفقه الإباضي ذكره بصراحة أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ، خليفة جابر بن زيد ، في عدد من الأقوال :
( 1 ) إن إمام المسلم هو القرآن ، ودليله هو سنة رسول الله ، يحب فقط ما يحبه الله ورسوله .
( 2 ) بالنسبة لحكم الإمام : هل يمكن لعلماء الأمة أن يغيروه أم لا ، قال أبو عبيدة مسلم : إذا كان حكمه معارضا لما في الكتاب والسنة ، وكان الحكم على هذه القضية معروفا في القرآن وفي السنة ، فإن عليهم أن يغروا ما هو مناقض للكتاب وللسنة ( 21 ) .
( 3 ) الخير فيما اختار الله ورسوله ، والضرر في معارضتهما ؛ لا يمكن لأحد أن يكون مصيبا إلا إذا كان موافقا لهما ( 22 ) .
وتمسك تلامذة أبي عبيدة بهذا النهج نفسه ، وقد ذهب بعضهم إلى حد رفض أحكام المراجع الإباضية الأولى كجابر بن زيد ، وأبي عبيدة ، حين نقلت أحاديث موثوقة بالنسبة لقضية معينة ، حتى من قبل مراجع غير إباضية ( 23 ) . وبالنسبة لمسألة (( الحيازة )) قيل إن جابر بن زيد ، أضاف ، على سبيل الاحتياط ، عشر سنوات أخرى على السنوات العشر التي حددها الرسول كمدة قصوى للاستيلاء على حق حيازة الأرض أو الممتلكات ، إذا لم يتقدم المالك الأصلي بدعاء ملكيته خلال تلك السنوات العشرين . غير أن عبد الله بن عبد العزيز ، تلميذ أبي عبيدة ، رفض رأي جابر على أساس حديث الرسول كما روته المراجع المدنية والكوفية معا وهو أنه حدد مدة الحيازة بعشر سنوات فقط ( 24 ) . وختم قوله بما يلي : (( إن ما قاله الرسول هو وحده الحقيقة . والسنة أولا ، شرط أن تكون سنة موثوقة عن الرسول . أما القياس ، ولو كان قديما ، فلا يمكن له أن يحل محل السنة )) ( 25 ) .


=أشهر الفقهاء عند الإباضية=
=أشهر الفقهاء عند الإباضية=
٢٬٧٩٦

تعديل