الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حجية الإجماع»

لا ملخص تعديل
ط (استبدال النص - '====' ب'=====')
 
سطر ٦: سطر ٦:
واستدلّ له بعدة أدلة من السمع ـ [[الكتاب والسنّة]] ـ والعقل، وعمدة ما استدلّ به جمهور أهل السنّة ـ ما  عدا الجويني ـ هو السمع وأنكروا الاستدلال له  بالعقل. <ref> انظر : اللمع : 181، المستصفى 1 : 205، 211، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 47، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170 ـ 191.</ref>
واستدلّ له بعدة أدلة من السمع ـ [[الكتاب والسنّة]] ـ والعقل، وعمدة ما استدلّ به جمهور أهل السنّة ـ ما  عدا الجويني ـ هو السمع وأنكروا الاستدلال له  بالعقل. <ref> انظر : اللمع : 181، المستصفى 1 : 205، 211، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 47، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170 ـ 191.</ref>


====الدليل الاول: الآيات القرآنية====
=====الدليل الاول: الآيات القرآنية=====
فقد استدلّوا منه بآيات أهمها:
فقد استدلّوا منه بآيات أهمها:
'''الآية الأولى:''' «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً».<ref> النساء : 115.</ref>
'''الآية الأولى:''' «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً».<ref> النساء : 115.</ref>
سطر ٢٤: سطر ٢٤:
والإشكال الأهم الذي يتوجه على ما استدلّ به من آيات قرآنية، هو إنّها جميعا ظنية الدلالة ولا تفيد إلاّ الظن، فهي تنفع القائل بكون الإجماع حجّة ظنية لا قطعية. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 186.</ref>
والإشكال الأهم الذي يتوجه على ما استدلّ به من آيات قرآنية، هو إنّها جميعا ظنية الدلالة ولا تفيد إلاّ الظن، فهي تنفع القائل بكون الإجماع حجّة ظنية لا قطعية. <ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 186.</ref>


====الدليل الثاني: الأحاديث من السنّة====
=====الدليل الثاني: الأحاديث من السنّة=====
فقد استدلّ منها بأحاديث يدّعى دلالتها على عصمة الأمة من الخطأ، وقد وردت بألفاظ مختلفة.
فقد استدلّ منها بأحاديث يدّعى دلالتها على عصمة الأمة من الخطأ، وقد وردت بألفاظ مختلفة.
'''منها:''' «لاتجتمع أمتي على ضلالة».<ref> مجمع الزوائد 1 : 177.</ref>
'''منها:''' «لاتجتمع أمتي على ضلالة».<ref> مجمع الزوائد 1 : 177.</ref>
سطر ٣٥: سطر ٣٥:
وهناك مناقشات أخرى أوردت على تلك الأحاديث. <ref> انظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 262، المستصفى 1 : 208 ـ 210، المحصول الرازي 2 : 44 ـ 46.</ref>
وهناك مناقشات أخرى أوردت على تلك الأحاديث. <ref> انظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 262، المستصفى 1 : 208 ـ 210، المحصول الرازي 2 : 44 ـ 46.</ref>


====الدليل الثالث: العقل====
=====الدليل الثالث: العقل=====
فقد صوّره الجويني، بأنّ العلماء في إجماعهم على حكم وعدم ظهور مخالف فيه يدلّ على أنّهم استندوا فيه إلى مستند قطعي لاتشوبه شائبة، وإلاّ  فإنّ  العادة جارية بظهور الاختلاف لو لم يكن المستند قطعيا.
فقد صوّره الجويني، بأنّ العلماء في إجماعهم على حكم وعدم ظهور مخالف فيه يدلّ على أنّهم استندوا فيه إلى مستند قطعي لاتشوبه شائبة، وإلاّ  فإنّ  العادة جارية بظهور الاختلاف لو لم يكن المستند قطعيا.
وهذا الدليل العقلي انفرد به الجويني بعد ما منع دلالة السمع بقسميه الكتاب والسنّة على حجّية الإجماع ؛ لكونهما ظنيين في الدلالة ، و الإجماع حجّة قطعية. <ref> البرهان في أصول الفقه 1 : 262 ـ 263.</ref>
وهذا الدليل العقلي انفرد به الجويني بعد ما منع دلالة السمع بقسميه الكتاب والسنّة على حجّية الإجماع ؛ لكونهما ظنيين في الدلالة ، و الإجماع حجّة قطعية. <ref> البرهان في أصول الفقه 1 : 262 ـ 263.</ref>
سطر ٤٥: سطر ٤٥:
ولذا يُذكر الإجماع عند الإمامية في عداد الطرق والوسائل الكاشفة عن السنّة<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 188، دروس في علم الأصول 1 : 276.</ref>، ولذلك ينصب الجهد عندهم في كيفية تصوير [[كاشفية الإجماع]]، وقد ذكرت طرق عدّة لذلك، أوصلها النراقي إلى سبعة عشر طريقا،<ref> عوائد الأيّام : 683 ـ 703.</ref> وأهم هذه الطرق هي:
ولذا يُذكر الإجماع عند الإمامية في عداد الطرق والوسائل الكاشفة عن السنّة<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 188، دروس في علم الأصول 1 : 276.</ref>، ولذلك ينصب الجهد عندهم في كيفية تصوير [[كاشفية الإجماع]]، وقد ذكرت طرق عدّة لذلك، أوصلها النراقي إلى سبعة عشر طريقا،<ref> عوائد الأيّام : 683 ـ 703.</ref> وأهم هذه الطرق هي:


====1 ـ  نظرية اللطف====
=====1 ـ  نظرية اللطف=====
وتقوم كاشفية الإجماع بناءً على هذه النظرية على أساس [[قاعدة اللطف]] العقلية، فإنّها كما كانت تقتضي وجوب نصب الإمام لأجل إيصال أحكام الشارع إلى الناس، كذلك تقتضي وجوب حفاظ الإمام عليها من الضياع والتغيير، فلو حصل الإجماع والاتفاق على حكم وكان مخالفا للشارع، لكان من الواجب على الإمام بمقتضى تلك القاعدة العقلية أن يقوم بالردع عنه بأحد وجوه الردع الممكنة لديه ظاهرة أو خفية، وإذا لم يتحقق الردع المذكور ولم يصل إلى المجمعين كان معناه رضاه(ع) بما أُجمع عليه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114.</ref>
وتقوم كاشفية الإجماع بناءً على هذه النظرية على أساس [[قاعدة اللطف]] العقلية، فإنّها كما كانت تقتضي وجوب نصب الإمام لأجل إيصال أحكام الشارع إلى الناس، كذلك تقتضي وجوب حفاظ الإمام عليها من الضياع والتغيير، فلو حصل الإجماع والاتفاق على حكم وكان مخالفا للشارع، لكان من الواجب على الإمام بمقتضى تلك القاعدة العقلية أن يقوم بالردع عنه بأحد وجوه الردع الممكنة لديه ظاهرة أو خفية، وإذا لم يتحقق الردع المذكور ولم يصل إلى المجمعين كان معناه رضاه(ع) بما أُجمع عليه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114.</ref>
وقد نُسب إلى الشيخ الطوسي تأسيس هذه النظرية. <ref> راجع : العدّة في أصول الفقه 2 : 329 ـ 630.</ref>
وقد نُسب إلى الشيخ الطوسي تأسيس هذه النظرية. <ref> راجع : العدّة في أصول الفقه 2 : 329 ـ 630.</ref>
سطر ٥٥: سطر ٥٥:
ونوقشت بمناقشات عدّة واُنكر أصل المبنى الذي اعتمدته وهو [[قاعدة اللطف]] العقلية. <ref> انظر : الفصول الغروية : 245، فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114، مصباح الأصول 2 : 138 ـ 139.</ref>
ونوقشت بمناقشات عدّة واُنكر أصل المبنى الذي اعتمدته وهو [[قاعدة اللطف]] العقلية. <ref> انظر : الفصول الغروية : 245، فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114، مصباح الأصول 2 : 138 ـ 139.</ref>


====2 ـ نظرية التضمين====
=====2 ـ نظرية التضمين=====
ومفاد هذه النظرية: أنّ الإمام المعصوم  عليه‏السلام أحد علماء الأمة، فلو اجتمع علماء الأمة على رأي ولم يظهر الاختلاف بينهم، فإنّ إجماعهم هذا يتضمن قول ورأي الإمام  عليه‏السلام فيعلم بدخوله عليه‏السلام في ضمن المجمعين مع عدم معرفته بشخصه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>
ومفاد هذه النظرية: أنّ الإمام المعصوم  عليه‏السلام أحد علماء الأمة، فلو اجتمع علماء الأمة على رأي ولم يظهر الاختلاف بينهم، فإنّ إجماعهم هذا يتضمن قول ورأي الإمام  عليه‏السلام فيعلم بدخوله عليه‏السلام في ضمن المجمعين مع عدم معرفته بشخصه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>
والطريق لمعرفة دخول الإمام(ع) في المجمعين عدّة أمور: <ref> انظر : عوائد الأيام : 683، الفصول الغروية : 244 ـ 245، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>
والطريق لمعرفة دخول الإمام(ع) في المجمعين عدّة أمور: <ref> انظر : عوائد الأيام : 683، الفصول الغروية : 244 ـ 245، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>
سطر ٦٥: سطر ٦٥:
وقد نوقش في النظرية المذكورة وأورد عليها بإيرادات عدّة. <ref> انظر : فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>
وقد نوقش في النظرية المذكورة وأورد عليها بإيرادات عدّة. <ref> انظر : فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref>


====3 ـ نظرية التقرير====
=====3 ـ نظرية التقرير=====
ومفاد هذه النظرية: أ نّه لو أجمع العلماء على حكم بمرأى ومسمع الإمام(ع)، فإنّه يدلّ على رضاه به وإقراره لما أجمعوا عليه، وإلاّ لو لم يكن موضع رضاه لكان عليه أن يردع عنه، والتقرير كما يكون حجّة تجاه قول أو فعل شخص واحد، فهو أولى بالحجّية تجاه جماعة وخصوصا علماء الأمة. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497، عوائد الأيام : 685 ـ 686.</ref>
ومفاد هذه النظرية: أ نّه لو أجمع العلماء على حكم بمرأى ومسمع الإمام(ع)، فإنّه يدلّ على رضاه به وإقراره لما أجمعوا عليه، وإلاّ لو لم يكن موضع رضاه لكان عليه أن يردع عنه، والتقرير كما يكون حجّة تجاه قول أو فعل شخص واحد، فهو أولى بالحجّية تجاه جماعة وخصوصا علماء الأمة. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497، عوائد الأيام : 685 ـ 686.</ref>
ولايشترط في الإجماع بناءً على هذه النظرية وجود مجهول النسب في المجمعين؛ لأنّ المفروض خروج الإمام  عليه‏السلام عنهم، ولا يضرّ الخلاف المتقدّم السابق على عصر المجمعين. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497.</ref>
ولايشترط في الإجماع بناءً على هذه النظرية وجود مجهول النسب في المجمعين؛ لأنّ المفروض خروج الإمام  عليه‏السلام عنهم، ولا يضرّ الخلاف المتقدّم السابق على عصر المجمعين. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497.</ref>
وقد أورد على هذه النظرية بإيرادات عدّة. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 115.</ref>
وقد أورد على هذه النظرية بإيرادات عدّة. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 115.</ref>


====4 ـ نظرية تراكم الظنون====
=====4 ـ نظرية تراكم الظنون=====
وبيانها: أنّ كلّ فتوى من فقيه تفيد الظن بوجود دليل عليها؛ وذلك لاستبعاد أن يفتي الفقهاء من غير دليل، وكلما ازداد عدد الفتاوى ازداد هذا الظن قوةً حتى يصل إلى حدّ العلم. وهذا يمثّل وجهة النظر السائدة عند المتأخرين.
وبيانها: أنّ كلّ فتوى من فقيه تفيد الظن بوجود دليل عليها؛ وذلك لاستبعاد أن يفتي الفقهاء من غير دليل، وكلما ازداد عدد الفتاوى ازداد هذا الظن قوةً حتى يصل إلى حدّ العلم. وهذا يمثّل وجهة النظر السائدة عند المتأخرين.
وبلحاظ أهمية هذه النظرية ينبغي لفت الأنظار إلى نكتتين حولها:
وبلحاظ أهمية هذه النظرية ينبغي لفت الأنظار إلى نكتتين حولها: