الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستنباط»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الاستنباط:''' اصطلاحٌ أصولیّ بمعنی الاستخراج، وهو استخراج الحكم من فحوى النصوص، أو استخراج...') |
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '====' ب'=====') |
||
(٧ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''الاستنباط:''' اصطلاحٌ أصولیّ بمعنی الاستخراج، وهو استخراج الحكم من فحوى النصوص، أو استخراج الأحكام الشرعية من الأدلة. | '''الاستنباط:''' اصطلاحٌ أصولیّ بمعنی الاستخراج، وهو استخراج الحكم من فحوى النصوص، أو استخراج [[الأحكام الشرعية]] من الأدلة. | ||
=تعريف الاستنباط لغةً= | =تعريف الاستنباط لغةً= | ||
سطر ٨: | سطر ٨: | ||
المعنى الاصطلاحي للاستنباط لايختلف عن معناه اللغوي، وهو الاستخراج. وقد ذكرت للاستنباط عدّة تعريفات، نذكر منها: | المعنى الاصطلاحي للاستنباط لايختلف عن معناه اللغوي، وهو الاستخراج. وقد ذكرت للاستنباط عدّة تعريفات، نذكر منها: | ||
1 ـ استخراج الحكم من فحوى النصوص. <ref> رسائل الشريف المرتضى 2 : 262.</ref> | 1 ـ استخراج الحكم من فحوى النصوص. <ref> رسائل الشريف المرتضى 2 : 262.</ref> | ||
2 ـ استخراج العلّة أو الحكم إذا لم يكونا منصوصين بنوع من الاجتهاد والرأي. <ref> يمكن استنتاج هذا التعريف بملاحظة المصادر التالية : أصول السرخسي 1 : 241، الحاوي الكبير 20 : 192، المستصفى 2 : 150 فما بعدها، بذل النظر : 616، الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 193.</ref> | 2 ـ استخراج العلّة أو الحكم إذا لم يكونا منصوصين بنوع من [[الاجتهاد]] والرأي. <ref> يمكن استنتاج هذا التعريف بملاحظة المصادر التالية : أصول السرخسي 1 : 241، الحاوي الكبير 20 : 192، المستصفى 2 : 150 فما بعدها، بذل النظر : 616، الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 193.</ref> | ||
3 ـ استخراج [[الأحكام الشرعية]] الفرعية والفتاوى النظرية من أدلتها الظاهرة والخفية واللُبّية. <ref> مقدمة أصول الاستنباط : 7، دروس في علم الأصول 1 : 62.</ref> | 3 ـ استخراج [[الأحكام الشرعية]] الفرعية والفتاوى النظرية من أدلتها الظاهرة والخفية واللُبّية. <ref> مقدمة أصول الاستنباط : 7، دروس في علم الأصول 1 : 62.</ref> | ||
والتعريف الأول ناظر إلى مثل استخراج الحكم بـ [[فحوى الخطاب]] وهو: ما يفهم منه المعنى وإن لم يكن نصّا صريحا فيه، كقول اللّه عزّ وجلّ: '''«فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَتَنْهَرْهُمَا»'''<ref> الإسراء : 23.</ref>، فقد فهم منه عرفا «الزجر عن الاستخفاف بالوالدين الزائد على قول القائل لهما (أفّ)، وما تعاظم عن انتهارهما من القول، وما أشبه ذلك من الفعل وإن لم يكن النصّ تضمن ذلك على التفصيل والتصريح».<ref> التذكرة بأصول الفقه : 38 ـ 39.</ref> | والتعريف الأول ناظر إلى مثل استخراج الحكم بـ [[فحوى الخطاب]] وهو: ما يفهم منه المعنى وإن لم يكن نصّا صريحا فيه، كقول اللّه عزّ وجلّ: '''«فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَتَنْهَرْهُمَا»'''<ref> الإسراء : 23.</ref>، فقد فهم منه عرفا «الزجر عن الاستخفاف بالوالدين الزائد على قول القائل لهما (أفّ)، وما تعاظم عن انتهارهما من القول، وما أشبه ذلك من الفعل وإن لم يكن النصّ تضمن ذلك على التفصيل والتصريح».<ref> التذكرة بأصول الفقه : 38 ـ 39.</ref> | ||
سطر ٢٥: | سطر ٢٥: | ||
<br>فـ «التخريج في [[الفقه الإمامي]] يختلف عن التخريج في [[فقه المذاهب الأربعة]]، فإنّ التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية. وأمّا التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم الفروع من الأصول المنصوصة إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا».<ref> مقدّمة تحرير الأحكام الشرعية 1 : 22 ـ 23، وانظر : الوافية : 291، 293 ـ 294، المعالم الجديدة للأصول : 58 ـ 60.</ref> | <br>فـ «التخريج في [[الفقه الإمامي]] يختلف عن التخريج في [[فقه المذاهب الأربعة]]، فإنّ التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية. وأمّا التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم الفروع من الأصول المنصوصة إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا».<ref> مقدّمة تحرير الأحكام الشرعية 1 : 22 ـ 23، وانظر : الوافية : 291، 293 ـ 294، المعالم الجديدة للأصول : 58 ـ 60.</ref> | ||
فالتخريج على التعريف الأول نوع من الاستنباط من أو نصوص الأئمة الأربعة، وعلى التعريف الثاني فهما مترادفان. <ref> انظر : الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.</ref> | فالتخريج على التعريف الأول نوع من الاستنباط من أو نصوص الأئمة الأربعة، وعلى التعريف الثاني فهما مترادفان. <ref> انظر : الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.</ref> | ||
=أقسام الاستنباط= | |||
قسّم الاستنباط بلحاظات مختلفة إلى عدّة تقسيمات: | |||
==التقسيم الأول: تقسيمه بلحاظ الاتفاق والاختلاف في مصادره== | |||
فقد قسّم بهذا اللحاظ إلى قسمين: | |||
القسم الأول: ما اتفق جمهور الأصوليين على جواز [[استنباط الأحكام]] به في الجملة<ref> انظر : رسائل المحقّق الكركي 3 : 40، الأصول العامة للفقه المقارن : 91 ـ 342، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 439، أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 31 ـ 112، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 67.</ref>، وهو عبارة عن: | |||
<br>1 ـ الكتاب | |||
<br>2 ـ السنّة | |||
<br>3 ـ الإجماع | |||
<br>4 ـ القياس القطعي | |||
القسم الثاني: ما اختلف في جواز استنباط الأحكام به<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 345 ـ 460، أصول الاستنباط : 258 ـ 268، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 437 وما بعدها، أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 117 وما بعدها، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 265 وما بعدها.</ref>، وهو عبارة عن: | |||
<br>1 ـ الاستحسان | |||
<br>2 ـ الاستصلاح | |||
<br>3 ـ سدّ الذرائع | |||
<br>4 ـ الاستصحاب | |||
<br>5 ـ العرف | |||
<br>6 ـ دليل العقل | |||
<br>7 ـ مذهب الصحابي | |||
<br>8 ـ شرع من قبلنا | |||
<br>9 ـ عمل أهل المدينة | |||
==التقسيم الثاني: تقسيمه بلحاظ اختلاف أساليبه== | |||
فقد قسّم الاستنباط بلحاظ اختلاف اساليبه إلى قسمين: | |||
<br>القسم الأول: أساليب صرّح بها الشارع واستعملها في بياناته، من قبيل: التنزيل، والحكومة والورود، والتعميم والتخصيص، والإطلاق والتقييد ، والاشتراك والإلحاق. | |||
<br>القسم الثاني: أساليب ابتكرها [[الفقهاء]] في دائرة تفسير النصوص وتحديد دلالتها و [[استخراج الأحكام]] منها، أمثال: القياس، و [[تنقيح المناط]]، واتحاد الطريق، ونحوها. <ref> انظر : أسس الاستنباط عند الأصوليين : 13.</ref> | |||
==التقسيم الثالث: تقسيمه بلحاظ تعدّد آلياته في تفسير النصوص== | |||
فقد قسّم الاستنباط بلحاظ تعدّد آلياته في تفسير النصوص الشرعية إلى عدّة أقسام: | |||
<br>القسم الأول: من حيث الوضوح والإبهام؛ فأنواع الواضح هي: الظاهر، والنصّ، والمفسّر، والمحكم. وأنواع المبهم هي: الخفي، والمشكل، والمجمل، والمتشابه. | |||
<br>القسم الثاني: من حيث دلالة الألفاظ على المعاني وطرقها؛ فلها أقسام هي: عبارة النصّ، واشارة النصّ، ودلالة النصّ، و [[دلالة الاقتضاء]]، والمفاهيم. | |||
<br>القسم الثالث: ما تستوعبه النصوص، وهو أنواع: الخاص، والعام، والمطلق، والمقيّد، والمشترك. | |||
<br>القسم الرابع: من حيث نوع الاستعمال فتنقسم إلى: الحقيقة، والمجاز، والصراحة، والكناية. | |||
<br>القسم الخامس: من حيث صيغ التكليف وهي: الأمر، والنهي. | |||
<br>القسم السادس: تعارض [[النصوص الشرعية]] وطرق حلّه. <ref> انظر : أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 245 وما بعدها، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 359 ـ 614.</ref> | |||
=حكم الاستنباط= | |||
وقع البحث في الاستنباط في عدّة أمور: | |||
==الأمر الأول: جواز الاستنباط وأدلته== | |||
والمقصود بالاستنباط هنا هو: المعنى الأعمّ ممّا ثبت حجّيته وغيره، الشامل للاستنباط بواسطة القياس وغيره، ممّا لايقول بحجّيته بعض الأصوليين أيضا في قبال بعضهم الآخر، فنقول: فقد ذهب [[جمهور الأصوليين]] إلى جواز عملية الاستنباط<ref> الفصول في الأصول 4 : 23، قواطع الأدلة 4 : 9، المستصفى 2 : 199، المحصول الرازي 2 : 494، الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4 : 407، معارج الأصول : 179، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 5 : 167، هداية المسترشدين 3 : 673.</ref>، ومنع [[الأخباريون]] الاستنباطات الظنية. <ref> انظر : الفوائد المدنية : 180 وما بعدها، الأصول الأصيلة : 118 وما بعدها، الفصول المهمة 1 : 531، 534، 536، وسائل الشيعة 27 : 35 ـ 62 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس، أحاديث الباب.</ref> ووصف الأكثر نزاعهم بأ نّه لفظي وأ نّهم في مقام العمل مستنبطون أيضا. <ref> انظر : لؤلؤة البحرين : 226، 227، الوافية : 290، الفوائد الحائرية : 127، كفاية الأصول : 464، تأريخ حصر الاجتهاد : 77 ـ 78، المعالم الجديدة للأصول : 44، التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 22، الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد : 10، أنوار الأصول 3 : 536، 542 ـ 544، بيان الأصول الصافي الكلبايكاني 3 : 353 ـ 354.</ref> | |||
<br>واستدلّ المجوّزون بعدّة أدلة: | |||
===الدليل الأول: العقل=== | |||
ويبتني ذلك لدى بعض الإمامية على انسداد باب العلم في كثير من الأحكام الشرعية وانحصار الطريق في العمل بالظن، والذي يدلّ عليه ضرورة الوجدان، وهو دليل مفصّل استدلّ به الوحيد البهبهاني<ref> الفوائد الحائرية : 136.</ref>، والميرزا القمي<ref> القوانين المحكمة : 20.</ref>، ومحمد تقي الأصفهاني<ref> هداية المسترشدين 3 : 673.</ref>، ومحمد حسين الأصفهاني<ref> الفصول الغروية : 393.</ref>، نتيجة الاعتماد عليه تساوى إثبات جواز الاستنباط. | |||
===الدليل الثاني: الكتاب=== | |||
استدلّ به جماعة من [[علماء السنّة]] على [[حجّية القياس]] منهم: الجصّاص<ref> الفصول في الأصول 4 : 24.</ref>، والسرخسي<ref> أصول السرخسي 2 : 125.</ref>، والغزالي<ref> المستصفى 2 : 124.</ref>، والرازي<ref> المحصول 2 : 246 ـ 247.</ref>، والسمعاني. <ref> قواطع الأدلة 4 : 9.</ref> | |||
===الدليل الثالث: الإجماع=== | |||
وهو ما انعقد بين جمهور المسلمين من الفريقين وجرت به سيرة فقهائهم من العمل بالاجتهاد وتدوين كتب الفتوى والاستدلال الفقهي. واستدلّ بهذا الدليل جماعة منهم: الرازي<ref> المحصول 2 : 494.</ref>، والآمدي<ref> الإحكام 3 ـ 4 : 407.</ref>، والوحيد البهبهاني<ref> الفوائد الحائرية : 136.</ref>، والأصفهاني<ref> هداية المسترشدين 3 : 675.</ref>، والحكيم<ref> الأصول العامة للفقه المقارن : 587.</ref> كما استدلّ الجصّاص بالإجماع على جواز الاجتهاد في أحكام الحوادث. <ref> الفصول في الأصول 4 : 53.</ref> | |||
===الدليل الرابع: الأخبار=== | |||
وهي طوائف كثيرة: | |||
<br>منها: الروايات الآمرة بالتفريع على الأصول<ref> مستطرفات السرائر : 575، وسائل الشيعة 27 : 61 ـ 62 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس ح51، 52.</ref> حيث إنّه لا معنى للتفريع إلاّ إجراء حكم الأصول والكلّيات إلى الجزئيات والأفراد، ولا يكون ذلك إلاّ على سبيل الظن غالبا، وهو شأن المجتهد وفرع [[الاجتهاد]]. <ref> انظر : الوافية : 294، هداية المسترشدين 3 : 677، رسائل المحقّق الكركي 3 : 49، الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.</ref> | |||
<br>ومنها: الأخبار الكثيرة الدالة على الرجوع إلى [[المرجّحات الظنية]] عند [[تعارض الأخبار]]<ref> وسائل الشيعة 27 : 106 ـ 124 كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 9 وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها، أحاديث الباب.</ref>، ليتميز الصحيح منها عن السقيم، والمقبول من المردود، ومن الواضح أنّ ذلك من أهمّ موارد الاجتهاد، فإنّ تمييز المعوّل عليه من الأخبار من غيرها قد يصعب جداً. <ref> هداية المسترشدين 3 : 678.</ref> | |||
<br>ومنها: الأحاديث التي يستفاد منها مدح الاستنباط، كحديث سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه عليهالسلام: «ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي عليهالسلام إلاّ زرارة وأبو بصير وليث المراد ومحمّد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفّاظ الدين وأمناء أبي عليهالسلام على حلال اللّه وحرامه...». <ref> وسائل الشيعة 27 : 144 كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، باب 11 وجوب الرجوع في القضاء و الفتوى إلى رواة الحديث ح 21.</ref> واستدلّ به السيد [[الصدر]]. <ref> دراسات في الاجتهاد والتقليد : 14.</ref> | |||
<br>ومنها: بعض الروايات التي تشير إلى كيفية استنباط الحكم من الكتاب، مثل ما عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليهالسلام: ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟!. فضحك وقال: «يازرارة، قاله رسول اللّه، ونزل به الكتاب عن اللّه عزّ وجلّ، لأنّ اللّه عزّ وجلّ قال: '''«فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ»''' فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل. ثمّ قال: '''«وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»''' فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أ نّه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين. ثمّ فصل بين الكلام فقال: '''«وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ»''' فعرفنا حين قال: '''«بِرُؤُوسِكُمْ»''' أنّ المسح ببعض الرأس، لمكان الباء. ثمّ وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: '''«وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ»''' فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما، ثمّ فسّر ذلك رسول اللّه(ص) للناس فضيّعوه».<ref> الكافي 3 : 30 كتاب الطهارة، باب مسح الرأس والقدمين ح4، وسائل الشيعة 1 : 412، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، باب 23 وجوب استيعاب الوجه واليدين في الوضوء بالغسل ح1.</ref> | |||
<br>ورواية عبدالأعلى مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبداللّه عليهالسلام: عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: «يعرف هذا وأشباهه من كتاب اللّه عزّ وجلّ. قال اللّه تعالى: '''«وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»''' امسح عليه»<ref> وسائل الشيعة 1 : 464، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، باب 39 اجتزاء المسح على الجبائر في الوضوء ح5.</ref>، استدلّ بهذه الروايات جماعة منهم: الشهيد الأول<ref> ذكرى الشيعة 2 : 197 ـ 198.</ref>، والخميني<ref> الاجتهاد والتقليد : 75 ـ 77.</ref>، ومحمد علي الأنصاري. <ref> مقدمة تأريخ حصر الاجتهاد : 40.</ref> | |||
<br>ومنها: الأخبار الدالة على حجّية أخبار الآحاد. حيث تدلّ على حجّية الظن في إثبات الأحكام الشرعية والاجتهاد فيها. <ref> الوافية : 293، هداية المسترشدين 3 : 679.</ref> | |||
<br>ومنها: حديث معاذ: لمّا أراد النبي أن يبعثه إلى اليمن حيث قال له: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» قال: أقضي بكتاب اللّه فان لم أجد فبسنّة رسول اللّه، فان لم أجد أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول اللّه على صدره، وقال: «الحمد للّه الذي وفّق رسول اللّه لما يرضي رسول اللّه».<ref> الطبقات الكبرى ابن سعد 1 ـ 2 : 425.</ref> وهذا من الأخبار التي استدلّ بها بعض [[علماء السنّة]] على جواز الاستنباط من [[الكتاب والسنّة]]. <ref> انظر : المستصفى 2 : 116، المحصول الرازي 2 : 254.</ref> | |||
===الدليل الخامس: السيرة=== | |||
حيث قامت السيرة المستمرة إلى زمان المعصوم على الاجتهاد والاستخراج ورجوع العوام الى أقوال العلماء.<ref> انظر : القوانين المحكمة : 326.</ref> | |||
==الأمر الثاني: الأخباريون ومصادر الاستنباط== | |||
هناك خلاف للأخباريين مع الأصوليين في [[مصادر الاستنباط]] ومناهجه، يمكن الإشارة إلى موارده من خلال النقاط التالية: | |||
===(أ) ظواهر الكتاب والسنّة=== | |||
ذهب [[الأخبارييون]] إلى عدم حجّية [[ظواهر الكتاب والسنّة]]، وخصوصا رفضهم التمسّك بعمومات المصدرين<ref> انظر : الفوائد المدنية : 104 ـ 105، الفوائد الطوسية : 448.</ref>، خلافا للأصوليين. <ref> الفوائد الحائرية : 283 ـ 286.</ref> | |||
===(ب) العقل=== | |||
فبينما جرت طريقة الأصوليين في الأصول والفروع على تقديم الدليل العقلي القطعي على النقلي، عارض ذلك بعض الأخباريين. <ref> انظر : الحدائق الناضرة 1 : 125 وما بعدها.</ref> | |||
===(ج) الظن=== | |||
فبينما يرى أصوليو الإمامية أنّ الأصل عدم حجّية الظن إلاّ ما أخرجه الدليل<ref> الفوائد الحائرية : 117.</ref> ذهب الأخباريون إلى حجّيته في الموضوعات دون الأحكام. <ref> انظر : الفوائد المدنية : 180، الفوائد الحائرية : 117.</ref> | |||
===(د) الاستصحاب=== | |||
فقد ذهب [[الأخباريّون]] إلى عدم حجّيته. <ref> انظر : الفوائد المدنية : 284، 289، الفوائد الطوسية : 447، الحدائق الناضرة 1 : 52.</ref> | |||
===(هـ ) التعدّي عن المنصوص=== | |||
في مثل: [[تنقيح المناط القطعي]]، و [[القياس المنصوص العلّة]]، واتحاد طريق المسألتين، وعموم المنزلة والبدلية، حيث يراه [[الأصوليون]] من موارد التعدّي عن المنصوص بدليل شرعي<ref> انظر : الحدائق الناضرة 1 : 60 ـ 65، الفوائد الحائرية : 147 ـ 150.</ref>، ويراه [[الأخباريون]] من التمسّك بـ [[الاستنباطات الظنية]] و [[القياس]]. <ref> انظر : الحدائق الناضرة 1 : 60 ـ 65، الفوائد الطوسية : 448.</ref> | |||
===(و) البراءة والاحتياط=== | |||
منع [[الأخباريون]] من التمسّك بالبراءة<ref> الفوائد المدنية : 277، الفوائد الطوسية : 429، 447، وانظر : الحدائق الناضرة 1 : 43 وما بعدها، 65 وما بعدها.</ref>، وتمسّكوا في موارد فقدان النصّ أو إجماله في [[الشبهة الحكمية التحريمية]] بالاحتياط، بينما المرجع فيها عند الأصوليين هو البراءة. | |||
===(ز) الكتب الأربعة=== | |||
ذهب [[الأخباريون]] إلى صحة ما جاء في [[الكتب الحديثية الأربعة]]: «الكافي» و«من لايحضره الفقيه» و«الاستبصار» و«تهذيب الأحكام».<ref> انظر : الفوائد المدنية : 371، الأصول الأصيلة : 50، 60.</ref> | |||
==الأمر الثالث: دور الزمان والمكان في عملية الاستنباط== | |||
البحث في دور الزمان والمكان يستدعي بيان مقدّمتين: | |||
===المقدمة الأولى=== | |||
المراد بتأثير الزمان والمكان في عملية الاستنباط هو: التأثير الذي يمكن أن يتركه تبدّل أنماط الحياة الإنسانية وتطور أنظمة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وظروفها، ونوع التغيّر الذي يستتبع ذلك على صعيد تحديد الحكم والموضوع في عملية استنباط الحكم الشرعي<ref> مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 82 ، وانظر : القيادة في الإسلام (الريشهري) : 183، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.</ref>. لذا فإنّ الهدف من البحث هو الوقوف على نوع هذا التغيّر وتحديد معالمه. | |||
===المقدمة الثانية=== | |||
إن من ضروريات الدين المتفق عليها بين المسلمين، والتي تعد من [[خصائص الشريعة الإسلامية]] هو ما يلي: | |||
=====(أ) بقاء الشريعة وخلود أحكام الإسلام===== | |||
الإسلام شريعة عامة لكلّ الناس، من غير اختصاص بفئة دون فئة، أو قوم دون قوم؛ قال تعالى: '''«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ»'''<ref> سبأ : 28.</ref>، وقال أيضا: '''«قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا»'''<ref> الأعراف : 158.</ref> وهو دين عام لكلّ الأزمنة، لايختص تشريعه بزمان خاص؛ فعن النبيّ(ص) أنّه قال: «أيها الناس، حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة...». <ref> وسائل الشيعة 27 : 169، كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 12 وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى ح52.</ref>. وعن أبي عبداللّه الصادق عليهالسلام: «...لايكون غيره، ولا يجيء غيره».<ref> الكافي 1 : 58 كتاب فضل العلم ، باب البدع و الرأي والمقاييس ح 19.</ref> | |||
=====(ب) شمولية الإسلام===== | |||
قد استوعب الإسلام جميع قضايا الإنسان صغيرها وكبيرها، جليلها وحقيرها، ولم يهمل من شؤون الإنسان شيئا أبدا. فعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام: «إن اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ أنزله في كتابه، وبيّنه لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله، وجعل لكل شيء حدّا وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحدّ حدّا».<ref> الكافي 1 : 59 كتاب فضل العلم ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة ح 2.</ref> | |||
<br>من هنا يتحتم البحث عن المعنى الصحيح لمدخلية الزمان والمكان في عملية الاستنباط بما ينسجم مع الحقائق المتقدمة، فإنّ تغيّر أساليب الحياة الإنسانية وتطورها من البداوة والقبلية إلى المدنية والتحضر لايتنافى مع حقيقة بقاء الشريعة واستيعابها؛ لأنّ الشريعة قد استوعبت جميع الحاجات الذاتية للإنسان، ووضعت نظاما ثابتا لايتبدل لتنظيم تلك الحاجات والغرائز التي لاتفارق الإنسان ما دام إنسانا، فمن تلك الحاجات والغرائز: غريزة حفظ النسل وتشكيل الأسرة التي نظمها الإسلام بتشريع الزواج، ومنها: العلاقات الأسرية ومسألة التوارث، فأسس نظاما خاصا بالإرث، ومنها: العلاقات الاجتماعية وتأمين العدالة الاجتماعية، وقد تكفلت تأمينها تشريعات حلّية البيع والتجارة وتحريم أنواع الربا والمعاملات المفسدة، ونظام القضاء الإسلامي والحدود والتعزيرات، وغيرها من التشريعات الأخرى المرتبطة بالنظام الاجتماعي. <ref> انظر : مقدّمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 78 ـ 81 .</ref> | |||
===ضرورة بحث الزمان والمكان=== | |||
تتضح ضرورة هذا البحث بالالتفات إلى نقطتين: | |||
<br>'''النقطة الأولى:''' مواجهة الفقيه للعاملَين المذكورين تارةً في زمان الدليل الشرعي ومكانه، وذلك بهدف التعرّف على مراد الشارع ـ فلا شك أنّ تحديد مداليل الخطابات الشرعية يتطلب التعرّف على عصر النصّ وعلى البيئة التي احتضنته والقرائن المختلفة التي احتفت به<ref> انظر : كتاب البيع الخميني 2 : 628.</ref>، وهل قيد الحكم فيه بزمان دون آخر أو مكان دون آخر<ref> انظر : من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب 39 ما يصلّى فيه وما لايصلّى فيه من الثياب ذيل ح68، المجموع شرح المهذّب 19 : 286، المغني (ابن قدامة) 10 : 386، غنائم الأيام 2 : 354، نيل الأوطار 8 : 177، جامع المدارك 6 : 102</ref>، ـ وتارةً أخرى في زمان ومكان الحادثة التي هو بصدد بيان حكمها في حالات اختصاص زمانه بوقوعها، للتعرّف على موضوعها والظروف المحيطة بها؛ ليعلم انطباق الأصول الشرعية عليها من عدمه<ref> انظر : رسائل المحقّق الكركي 3 : 51 ـ 52.</ref>، أو اشتمالها على المصالح والمفاسد التي تتبدل من زمان إلى آخر، فتتبدل الأحكام تبعا لها. | |||
<br>يقول الإمام الخميني في بيان ضرورة هذا البحث: «أنا أؤمن بالفقه التقليدي والاجتهاد الجواهري، ولا أجيز خرق ذلك. والاجتهاد على هذا النهج صحيح، بيد أنّ هذا لايعني جمود [[الفقه الإسلامي]]، فالزمان والمكان عنصران حاسمان في الاجتهاد. والمسألة التي كان لها حكم في الماضي ظاهرا ربّما يكون لها حكم جديد في العلاقات التي تحكم الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنظام من الأنظمة. أي إنّ المعرفة الدقيقة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تجعل الموضوع الأول ـ الذي لم يختلف عمّا كان عليه في الماضي من حيث الظاهر ـ موضوعا جديدا يتطلب حكما جديدا لا محالة...». <ref> القيادة في الإسلام الريشهري : 183.</ref> | |||
<br>ثمّ يضرب أمثلة على ذلك مؤكدا على أنّ معرفة تأثير الزمان والمكان من مزايا المجتهد الجامع، فيقول: «إنّ التعرّف على أسلوب مواجهة مكائد الثقافة السائدة في العالم، والتحلّي بالبصيرة والرؤية الاقتصادية، والاطلاع على كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، ومعرفة ضروب السياسة والسياسيين ومعادلاتهم المفروضة، وإدراك الموقع الذي يحتله النظام الرأسمالي والشيوعي في العالم، والتعرّف على نقاط قوتهما وضعفهما إذ هما اللذان يحدّدان استراتيجية التسلط على العالم، كلّ ذلك من مزايا المجتهد الجامع».<ref> القيادة في الإسلام الريشهري: 183.</ref> | |||
<br>'''النقطة الثانية:''' الفرق بين المعنى الصحيح لهذا البحث، وبين ما يسمى بـ (عقلنة الفقه) واللجوء إلى الرأي والاستنباط بمعزل عن الأصول و [[الأدلة الشرعية]]. | |||
===الروايات الدالة على مدخلية الزمان والمكان في تبدل الحكم=== | |||
هناك روايات متعدّدة تدلّ في الجملة على تأثير الزمان والمكان في تغيّر الأحكام، ويمكن تصنيفها على طوائف: | |||
=====الطائفة الأولى من الروايات===== | |||
الروايات الدالة على تغيّر الأحكام الصادرة من النبيّ(ص) بصفته حاكما، وتمتاز هذه الروايات بذكر أحكام متعدّدة تنصب على موضوع واحد لايتغير، وإنّما المتغيّر هو الحكم تبعا للمصالح والمفاسد المتغيّرة من زمان إلى آخر، والتي يشخصها الحاكم الإسلامي في إطار سلطته التشريعية، فهي بطبيعتها أحكام مؤقتة، وليست من سنخ الأحكام التعبّدية والمقدّرات الشرعية التي نصّ عليها الوحي. <ref> انظر : كشف المراد : 485 ـ 486، الموافقات 2 : 305، الاجتهاد والتقليد شمس الدين : 161 ـ 164، 168 ـ 170، مقدمة نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 5 : 83 ـ 94، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.</ref> | |||
<br>من هذه الروايات النهي عن بيع الحمر الأهلية: فقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله: «نهى رسول اللّه(ص) عن أكلها [[يوم خيبر]]، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت؛ لأ نّها كانت حمولة الناس، وإنّما الحرام ما حرّم اللّه في القرآن».<ref> وسائل الشيعة 24 : 117 ـ 120 كتاب الأطعمة والأشربة، باب 4 كراهة لحوم الحمر الأهلية و عدم تحريمها ح 1 و مثله ح 2 و 7 و10.</ref> | |||
<br>ومنها: المنع من حبس الأضاحي عن أهل الحاجة أزيد من ثلاثة أيام في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله، وعلل الإمام الصادق ذلك: إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله إنّما نهى عن ذلك أولاً لأنّ الناس كانوا يومئذٍ مجهودين، فأمّا اليوم فلا بأس».<ref> وسائل الشيعة 14 : 169 ـ 171 كتاب الحج، أبواب الذبح، باب 41 جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها ح5 ومثله ح4 و6 و7.</ref> | |||
=====الطائفة الثانية من الروايات===== | |||
الروايات الدالة على تبدّل الحكم نتيجة زوال الملاك السابق وظهور ملاك جديد<ref> مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 90 ـ 91.</ref>، منها: ما روي عن أبي عبداللّه عليهالسلام إنّه قال: «لاينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم، إنّما كان ذلك حيث قال اللّه عزّ وجلّ: '''«وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً»'''<ref> النساء : 25.</ref> والطول المهر، ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة أو أقل».<ref> وسائل الشيعة 20 : 508 كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، باب 45 كراهة تزويج الحرّ الأمة دوما إلاّ مع عدم الطول وخوف العنت ح5.</ref> | |||
<br>ومنها: ما روي عن أبي عبداللّه عليهالسلام عن الوبا بناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟، فقال: «لابأس إنّما نهى رسول اللّه(ص) عن ذلك لمكان ربية كان بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه، فقال رسول اللّه(ص): الفار منه كالفار من الزحف؛ كراهية أن تخلو مراكزهم».<ref> وسائل الشيعة 2 : 429 ـ 430 كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب 20 جواز الفرار من مكان الوباء والطاعون إلاّ مع وجوب الإقامة فيه كالمجاهد والمرابط ح1، ومثله ح2.</ref> | |||
=====الطائفة الثالثة من الروايات===== | |||
الروايات الدالة على تبدّل الحكم لطرو بعض العناوين المحرّمة على الموضوع. <ref> من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب ما يصلّى فيه ولا ما يصلّى فيه من الثياب ذيل ح68.</ref> | |||
===كلمات الفقهاء حول دور الزمان والمکان في الاستنباط=== | |||
هناك كلمات لبعض الفقهاء يستكشف منها مدخلية الزمان والمكان في تغيّر الحكم الشرعي في الجملة. | |||
يقول [[العلاّمة الحلّي]]: «الأحكام منوطة بالمصالح، والمصالح تتغير بتغيّر الأوقات وتختلف باختلاف المكلّفين، فجاز أن يكون الحكم المعيّن مصلحة لقوم في زمان فيؤمر به، ومفسدة لقوم في زمان آخر فينهى عنه».<ref> كشف المراد : 485 ـ 486.</ref> | |||
<br>ويقول الشهيد الأول: «يجوز تغيّر الأحكام بتغيّر العادات، كما في النقود المتعاورة والأوزان المتداولة، ونفقات الزوجات والأقارب، فإنّها تتبع عادةً ذلك الزمان الذي وقعت فيه...». <ref> القواعد والفوائد 1 : 151 ـ 152.</ref> | |||
<br>ويقول المحقّق الكركي: «وإن لم تكن [الحادثة] داخلة تحت شيء من الكلّيات المبحوث فيها من المتقدمين، واختصت بالوقوع في زمان [المجتهد]، بحث فيها، وتصرف فيها كتصرف المجتهدين في الحوادث المتقدمة بمراجعته للأصول، بأن ينسبها إلى أحد الأدلة المقرّرة، فيستنبط حكمها من ذلك الدليل».<ref> رسائل المحقّق الكركي 3 : 51 ـ 52، وراجع كلمات أخرى : مجمع الفائدة 3 : 436، الوافي 20 : 745، جواهر الكلام 16 : 218 و22 : 199 و23 : 375.</ref> | |||
<br>وعقد ابن قيم الجوزية فصلاً بعنوان: تغيّر الفتوى واختلافها بحسب تغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال، وتطرّق لجملة من الأحكام الشرعية التي تبدّلت بسبب تبدّل الزمان والمكان. <ref> أعلام الموقّعين 3 : 3 وما بعدها.</ref> | |||
<br>ويقول الشاطبي: ـ بعد تقسيمه الأحكام إلى عبادات وعادات ـ : وأصل العادات الالتفات إلى المعاني ودوران نظر الشارع فيها مدار المصالح، فنجد الشيء المعيّن يمنع في حال لاتكون فيه مصلحة ويجوز إذا اشتمل عليها. <ref> الموافقات 2 : 305.</ref> وآخرون منهم: [[ابن عابدين]]<ref> رسائل ابن عابدين 2 : 123.</ref>، و [[أحمد مصطفى الزرقا]]<ref> المدخل الفقهي العام 2 : 924 ـ 925.</ref>، و [[وهبة الزحيلي]]. <ref> أصول الفقه الإسلامي 2 : 1116 ـ 1118.</ref> | |||
ويمتاز فقهاء الإمامية عن غيرهم في أنهم حكّموا هذا الأصل في عملية الاستنباط وفقا لضوابط علمية مفصّلة، بعيدة عن [[الاستصلاح]] و [[الاستحسان]] و [[القياس]]<ref> مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 109 ـ 125.</ref>، وهذه الضوابط هي كالتالي: | |||
<br>1 ـ تأثير الزمان والمكان في تطبيق الموضوعات على مواردها، وإنّ الموضوعات الشرعية ـ من قبيل الاستطاعة، والفقر، والغنى، والنفقات الواجبة، وإمساك الزوجة بالمعروف ـ لا شك في تغيّر مصاديقها حسب تغيّر أساليب الحياة وحاجاتها من زمان الى آخر ومن مكان الى آخر. | |||
<br>2 ـ تأثيرهما في تغيّر الحكم بتغير المناط، فإنّ ما صرّح الشارع بملاكه من الأحكام منوط ثبوتا بثبوت الملاك وانتفاءً بانتفائه، ومثاله: حرمة بيع الدم بملاك انتفاء المنفعة المحلّلة فيه، وحلّيته لاحقا؛ لظهور المنفعة المحلّلة فيه وهي انقاذ المرضى المحتاجين إليه. وحرمة قطع أعضاء الميّت واعتباره من المُثلة المحرّمة، وحلّيته بملاك زرعها في أبدان من تتوقف حياتهم عليها. | |||
<br>3 ـ تأثيرهما في كشف مصاديق جديدة للموضوع، ومثاله: الدفاع ووجوب الإعداد لمواجهة المعتدين المأمور به في الآية: '''«وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ»'''<ref> الأنفال : 60.</ref> فإنّ الوقت الحاضر يتطلب الدفاع بالآلات الحربية المتعارفة، وهكذا في سائر المجالات الأخرى ووسائلها المختلفة من زمان الى آخر ومن مكان الى آخر، كوسائل التعليم والشؤون الإنسانية الأخرى، ومصاديق الأحكام الأخرى كالاحتكار. <ref> انظر : جواهر الكلام 22 : 481 ـ 483، مفتاح الكرامة 4 : 107، وسيلة النجاة 2 : 8 ، ابتغاء الفضيلة 1 : 197، مصباح الفقاهة 3 : 818 .</ref> | |||
<br>4 ـ تأثيرهما في تغيّر أساليب تنفيذ الحكم، كالانتفاع بالآجام والأراضي الموات الذي كان محلّلاً للناس في الماضي في حدود أساليب الانتفاع المحدودة المتعارفة آنذاك، ومع تطور أساليب الانتفاع واتساع حجمها دعت الحاجة إلى وضع أحكام كفيلة بالحدّ من أن يتمادى الانسان في جشعه بالانتفاع بها. ومن هذا القبيل فتوى القدماء بملكية الإنسان للمعادن الموجودة في أرضه بما يعد انتفاعا بأرضه. | |||
<br>5 ـ تأثيرهما في بلورة موضاعات جديدة، وبابه المسائل المستجدة في مجالات الطب والتأمين والتجارة وحقوق النشر والتأليف والاختراع وغيرها. | |||
=المصادر= | =المصادر= | ||
[[تصنيف: استنباط الأحکام]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] | [[تصنيف: استنباط الأحکام]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٨:٣٧، ٥ أبريل ٢٠٢٣
الاستنباط: اصطلاحٌ أصولیّ بمعنی الاستخراج، وهو استخراج الحكم من فحوى النصوص، أو استخراج الأحكام الشرعية من الأدلة.
تعريف الاستنباط لغةً
الاستنباط مأخوذ من النبْط؛ وهو خروج الماء من قعر البئر إذا حفرت، ويقال: أنبطنا الماء، أي: استنبطناه، يعني انتهينا إليه. [١] والاستنباط: الاستخراج، واستنبط الفقيه إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه، قال اللّه عزّ وجلّ: «لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ»[٢] ومعنى يستنبطونه يستخرجونه. [٣]
تعريف الاستنباط اصطلاحاً
المعنى الاصطلاحي للاستنباط لايختلف عن معناه اللغوي، وهو الاستخراج. وقد ذكرت للاستنباط عدّة تعريفات، نذكر منها: 1 ـ استخراج الحكم من فحوى النصوص. [٤] 2 ـ استخراج العلّة أو الحكم إذا لم يكونا منصوصين بنوع من الاجتهاد والرأي. [٥] 3 ـ استخراج الأحكام الشرعية الفرعية والفتاوى النظرية من أدلتها الظاهرة والخفية واللُبّية. [٦] والتعريف الأول ناظر إلى مثل استخراج الحكم بـ فحوى الخطاب وهو: ما يفهم منه المعنى وإن لم يكن نصّا صريحا فيه، كقول اللّه عزّ وجلّ: «فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَتَنْهَرْهُمَا»[٧]، فقد فهم منه عرفا «الزجر عن الاستخفاف بالوالدين الزائد على قول القائل لهما (أفّ)، وما تعاظم عن انتهارهما من القول، وما أشبه ذلك من الفعل وإن لم يكن النصّ تضمن ذلك على التفصيل والتصريح».[٨] ولايشمل هذا التعريف استخراج الحكم من ظاهر النصوص. والتعريف الثاني أعمّ من التعريف الأول، حيث إنّه يشمل استنباط علّة القياس، ومنه قولهم العلّة المستنبطة.[٩] لكن يمتاز التعريف الثالث بأ نّه أعمّ التعريفات؛ لأ نّه يمثّل آخر ما توصل إليه الأصوليون في تعريف الاستنباط، حيث يشمل استنباط الحكم من مطلق الدليل، سواء أكان نصا أو غيره، ويشمل تعيين الوظيفة العملية عند الشك. [١٠]
الألفاظ ذات الصلة
1 ـ الاجتهاد: وهو إمّا من مقولة الفعل أو من مقولة الملكة، وعلى الأول عرّف بأ نّه: تحصيل الحجّة على الحكم الشرعي أو على الوظيفة الفعلية الظاهرية. [١١]
وهو بهذا المعنى مرادف للاستنباط بتعريفه الثالث تقريبا، وأعمّ منه حسب تعريفيه الأول والثاني. [١٢]
وعلى الثاني عُرّف بأ نّه: ملكة تحصيل الحجّة على الحكم الشرعي أو على الوظيفة الفعلية الظاهرية. [١٣]
وعلى هذا تكون النسبة بينه وبين الاستنباط نسبة الملكة إلى متعلقها. وعلاقة السبب مع المسبّب. [١٤]
2 ـ الرأي: قيل: هو اعتقاد صواب حكم لم ينص عليه[١٥]، وقيل هو: القياس؛ لأ نّه يقال للإنسان: أقلت هذا برأيك أم بالنصّ؟ فيجعل أحدهما في مقابل الآخر، وذلك يدلّ على أنّ الرأي لا يتناول الاستدلال بالنصّ سواء أكان جليا أو خفيا. [١٦] وعلى كلا التعريفين فإنّ الرأي أخصّ من الاستنباط.
3 ـ التخريج: وهو لدى علماء أهل السنّة استنتاج الفروع من الأصول، وما لا نصّ فيه عند أئمتهم في الفقه ممّا فيه نصّ عندهم. [١٧] وأمّا لدى علماء الشيعة فهو: استنتاج الفروع من الأصول و النصوص الشرعية خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا[١٨] فمثل قوله: «لاينقض اليقين بالشك»[١٩] أصل، والأحكام التي يستنبطها المجتهدون منه هي التفريعات. [٢٠]
فـ «التخريج في الفقه الإمامي يختلف عن التخريج في فقه المذاهب الأربعة، فإنّ التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية. وأمّا التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم الفروع من الأصول المنصوصة إمّا خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا».[٢١]
فالتخريج على التعريف الأول نوع من الاستنباط من أو نصوص الأئمة الأربعة، وعلى التعريف الثاني فهما مترادفان. [٢٢]
أقسام الاستنباط
قسّم الاستنباط بلحاظات مختلفة إلى عدّة تقسيمات:
التقسيم الأول: تقسيمه بلحاظ الاتفاق والاختلاف في مصادره
فقد قسّم بهذا اللحاظ إلى قسمين:
القسم الأول: ما اتفق جمهور الأصوليين على جواز استنباط الأحكام به في الجملة[٢٣]، وهو عبارة عن:
1 ـ الكتاب
2 ـ السنّة
3 ـ الإجماع
4 ـ القياس القطعي
القسم الثاني: ما اختلف في جواز استنباط الأحكام به[٢٤]، وهو عبارة عن:
1 ـ الاستحسان
2 ـ الاستصلاح
3 ـ سدّ الذرائع
4 ـ الاستصحاب
5 ـ العرف
6 ـ دليل العقل
7 ـ مذهب الصحابي
8 ـ شرع من قبلنا
9 ـ عمل أهل المدينة
التقسيم الثاني: تقسيمه بلحاظ اختلاف أساليبه
فقد قسّم الاستنباط بلحاظ اختلاف اساليبه إلى قسمين:
القسم الأول: أساليب صرّح بها الشارع واستعملها في بياناته، من قبيل: التنزيل، والحكومة والورود، والتعميم والتخصيص، والإطلاق والتقييد ، والاشتراك والإلحاق.
القسم الثاني: أساليب ابتكرها الفقهاء في دائرة تفسير النصوص وتحديد دلالتها و استخراج الأحكام منها، أمثال: القياس، و تنقيح المناط، واتحاد الطريق، ونحوها. [٢٥]
التقسيم الثالث: تقسيمه بلحاظ تعدّد آلياته في تفسير النصوص
فقد قسّم الاستنباط بلحاظ تعدّد آلياته في تفسير النصوص الشرعية إلى عدّة أقسام:
القسم الأول: من حيث الوضوح والإبهام؛ فأنواع الواضح هي: الظاهر، والنصّ، والمفسّر، والمحكم. وأنواع المبهم هي: الخفي، والمشكل، والمجمل، والمتشابه.
القسم الثاني: من حيث دلالة الألفاظ على المعاني وطرقها؛ فلها أقسام هي: عبارة النصّ، واشارة النصّ، ودلالة النصّ، و دلالة الاقتضاء، والمفاهيم.
القسم الثالث: ما تستوعبه النصوص، وهو أنواع: الخاص، والعام، والمطلق، والمقيّد، والمشترك.
القسم الرابع: من حيث نوع الاستعمال فتنقسم إلى: الحقيقة، والمجاز، والصراحة، والكناية.
القسم الخامس: من حيث صيغ التكليف وهي: الأمر، والنهي.
القسم السادس: تعارض النصوص الشرعية وطرق حلّه. [٢٦]
حكم الاستنباط
وقع البحث في الاستنباط في عدّة أمور:
الأمر الأول: جواز الاستنباط وأدلته
والمقصود بالاستنباط هنا هو: المعنى الأعمّ ممّا ثبت حجّيته وغيره، الشامل للاستنباط بواسطة القياس وغيره، ممّا لايقول بحجّيته بعض الأصوليين أيضا في قبال بعضهم الآخر، فنقول: فقد ذهب جمهور الأصوليين إلى جواز عملية الاستنباط[٢٧]، ومنع الأخباريون الاستنباطات الظنية. [٢٨] ووصف الأكثر نزاعهم بأ نّه لفظي وأ نّهم في مقام العمل مستنبطون أيضا. [٢٩]
واستدلّ المجوّزون بعدّة أدلة:
الدليل الأول: العقل
ويبتني ذلك لدى بعض الإمامية على انسداد باب العلم في كثير من الأحكام الشرعية وانحصار الطريق في العمل بالظن، والذي يدلّ عليه ضرورة الوجدان، وهو دليل مفصّل استدلّ به الوحيد البهبهاني[٣٠]، والميرزا القمي[٣١]، ومحمد تقي الأصفهاني[٣٢]، ومحمد حسين الأصفهاني[٣٣]، نتيجة الاعتماد عليه تساوى إثبات جواز الاستنباط.
الدليل الثاني: الكتاب
استدلّ به جماعة من علماء السنّة على حجّية القياس منهم: الجصّاص[٣٤]، والسرخسي[٣٥]، والغزالي[٣٦]، والرازي[٣٧]، والسمعاني. [٣٨]
الدليل الثالث: الإجماع
وهو ما انعقد بين جمهور المسلمين من الفريقين وجرت به سيرة فقهائهم من العمل بالاجتهاد وتدوين كتب الفتوى والاستدلال الفقهي. واستدلّ بهذا الدليل جماعة منهم: الرازي[٣٩]، والآمدي[٤٠]، والوحيد البهبهاني[٤١]، والأصفهاني[٤٢]، والحكيم[٤٣] كما استدلّ الجصّاص بالإجماع على جواز الاجتهاد في أحكام الحوادث. [٤٤]
الدليل الرابع: الأخبار
وهي طوائف كثيرة:
منها: الروايات الآمرة بالتفريع على الأصول[٤٥] حيث إنّه لا معنى للتفريع إلاّ إجراء حكم الأصول والكلّيات إلى الجزئيات والأفراد، ولا يكون ذلك إلاّ على سبيل الظن غالبا، وهو شأن المجتهد وفرع الاجتهاد. [٤٦]
ومنها: الأخبار الكثيرة الدالة على الرجوع إلى المرجّحات الظنية عند تعارض الأخبار[٤٧]، ليتميز الصحيح منها عن السقيم، والمقبول من المردود، ومن الواضح أنّ ذلك من أهمّ موارد الاجتهاد، فإنّ تمييز المعوّل عليه من الأخبار من غيرها قد يصعب جداً. [٤٨]
ومنها: الأحاديث التي يستفاد منها مدح الاستنباط، كحديث سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه عليهالسلام: «ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي عليهالسلام إلاّ زرارة وأبو بصير وليث المراد ومحمّد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفّاظ الدين وأمناء أبي عليهالسلام على حلال اللّه وحرامه...». [٤٩] واستدلّ به السيد الصدر. [٥٠]
ومنها: بعض الروايات التي تشير إلى كيفية استنباط الحكم من الكتاب، مثل ما عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليهالسلام: ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟!. فضحك وقال: «يازرارة، قاله رسول اللّه، ونزل به الكتاب عن اللّه عزّ وجلّ، لأنّ اللّه عزّ وجلّ قال: «فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ» فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل. ثمّ قال: «وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أ نّه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين. ثمّ فصل بين الكلام فقال: «وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ» فعرفنا حين قال: «بِرُؤُوسِكُمْ» أنّ المسح ببعض الرأس، لمكان الباء. ثمّ وصل الرجلين بالرأس، كما وصل اليدين بالوجه، فقال: «وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ» فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما، ثمّ فسّر ذلك رسول اللّه(ص) للناس فضيّعوه».[٥١]
ورواية عبدالأعلى مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبداللّه عليهالسلام: عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: «يعرف هذا وأشباهه من كتاب اللّه عزّ وجلّ. قال اللّه تعالى: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» امسح عليه»[٥٢]، استدلّ بهذه الروايات جماعة منهم: الشهيد الأول[٥٣]، والخميني[٥٤]، ومحمد علي الأنصاري. [٥٥]
ومنها: الأخبار الدالة على حجّية أخبار الآحاد. حيث تدلّ على حجّية الظن في إثبات الأحكام الشرعية والاجتهاد فيها. [٥٦]
ومنها: حديث معاذ: لمّا أراد النبي أن يبعثه إلى اليمن حيث قال له: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» قال: أقضي بكتاب اللّه فان لم أجد فبسنّة رسول اللّه، فان لم أجد أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول اللّه على صدره، وقال: «الحمد للّه الذي وفّق رسول اللّه لما يرضي رسول اللّه».[٥٧] وهذا من الأخبار التي استدلّ بها بعض علماء السنّة على جواز الاستنباط من الكتاب والسنّة. [٥٨]
الدليل الخامس: السيرة
حيث قامت السيرة المستمرة إلى زمان المعصوم على الاجتهاد والاستخراج ورجوع العوام الى أقوال العلماء.[٥٩]
الأمر الثاني: الأخباريون ومصادر الاستنباط
هناك خلاف للأخباريين مع الأصوليين في مصادر الاستنباط ومناهجه، يمكن الإشارة إلى موارده من خلال النقاط التالية:
(أ) ظواهر الكتاب والسنّة
ذهب الأخبارييون إلى عدم حجّية ظواهر الكتاب والسنّة، وخصوصا رفضهم التمسّك بعمومات المصدرين[٦٠]، خلافا للأصوليين. [٦١]
(ب) العقل
فبينما جرت طريقة الأصوليين في الأصول والفروع على تقديم الدليل العقلي القطعي على النقلي، عارض ذلك بعض الأخباريين. [٦٢]
(ج) الظن
فبينما يرى أصوليو الإمامية أنّ الأصل عدم حجّية الظن إلاّ ما أخرجه الدليل[٦٣] ذهب الأخباريون إلى حجّيته في الموضوعات دون الأحكام. [٦٤]
(د) الاستصحاب
فقد ذهب الأخباريّون إلى عدم حجّيته. [٦٥]
(هـ ) التعدّي عن المنصوص
في مثل: تنقيح المناط القطعي، و القياس المنصوص العلّة، واتحاد طريق المسألتين، وعموم المنزلة والبدلية، حيث يراه الأصوليون من موارد التعدّي عن المنصوص بدليل شرعي[٦٦]، ويراه الأخباريون من التمسّك بـ الاستنباطات الظنية و القياس. [٦٧]
(و) البراءة والاحتياط
منع الأخباريون من التمسّك بالبراءة[٦٨]، وتمسّكوا في موارد فقدان النصّ أو إجماله في الشبهة الحكمية التحريمية بالاحتياط، بينما المرجع فيها عند الأصوليين هو البراءة.
(ز) الكتب الأربعة
ذهب الأخباريون إلى صحة ما جاء في الكتب الحديثية الأربعة: «الكافي» و«من لايحضره الفقيه» و«الاستبصار» و«تهذيب الأحكام».[٦٩]
الأمر الثالث: دور الزمان والمكان في عملية الاستنباط
البحث في دور الزمان والمكان يستدعي بيان مقدّمتين:
المقدمة الأولى
المراد بتأثير الزمان والمكان في عملية الاستنباط هو: التأثير الذي يمكن أن يتركه تبدّل أنماط الحياة الإنسانية وتطور أنظمة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وظروفها، ونوع التغيّر الذي يستتبع ذلك على صعيد تحديد الحكم والموضوع في عملية استنباط الحكم الشرعي[٧٠]. لذا فإنّ الهدف من البحث هو الوقوف على نوع هذا التغيّر وتحديد معالمه.
المقدمة الثانية
إن من ضروريات الدين المتفق عليها بين المسلمين، والتي تعد من خصائص الشريعة الإسلامية هو ما يلي:
(أ) بقاء الشريعة وخلود أحكام الإسلام
الإسلام شريعة عامة لكلّ الناس، من غير اختصاص بفئة دون فئة، أو قوم دون قوم؛ قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ»[٧١]، وقال أيضا: «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا»[٧٢] وهو دين عام لكلّ الأزمنة، لايختص تشريعه بزمان خاص؛ فعن النبيّ(ص) أنّه قال: «أيها الناس، حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة...». [٧٣]. وعن أبي عبداللّه الصادق عليهالسلام: «...لايكون غيره، ولا يجيء غيره».[٧٤]
(ب) شمولية الإسلام
قد استوعب الإسلام جميع قضايا الإنسان صغيرها وكبيرها، جليلها وحقيرها، ولم يهمل من شؤون الإنسان شيئا أبدا. فعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام: «إن اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ أنزله في كتابه، وبيّنه لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله، وجعل لكل شيء حدّا وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحدّ حدّا».[٧٥]
من هنا يتحتم البحث عن المعنى الصحيح لمدخلية الزمان والمكان في عملية الاستنباط بما ينسجم مع الحقائق المتقدمة، فإنّ تغيّر أساليب الحياة الإنسانية وتطورها من البداوة والقبلية إلى المدنية والتحضر لايتنافى مع حقيقة بقاء الشريعة واستيعابها؛ لأنّ الشريعة قد استوعبت جميع الحاجات الذاتية للإنسان، ووضعت نظاما ثابتا لايتبدل لتنظيم تلك الحاجات والغرائز التي لاتفارق الإنسان ما دام إنسانا، فمن تلك الحاجات والغرائز: غريزة حفظ النسل وتشكيل الأسرة التي نظمها الإسلام بتشريع الزواج، ومنها: العلاقات الأسرية ومسألة التوارث، فأسس نظاما خاصا بالإرث، ومنها: العلاقات الاجتماعية وتأمين العدالة الاجتماعية، وقد تكفلت تأمينها تشريعات حلّية البيع والتجارة وتحريم أنواع الربا والمعاملات المفسدة، ونظام القضاء الإسلامي والحدود والتعزيرات، وغيرها من التشريعات الأخرى المرتبطة بالنظام الاجتماعي. [٧٦]
ضرورة بحث الزمان والمكان
تتضح ضرورة هذا البحث بالالتفات إلى نقطتين:
النقطة الأولى: مواجهة الفقيه للعاملَين المذكورين تارةً في زمان الدليل الشرعي ومكانه، وذلك بهدف التعرّف على مراد الشارع ـ فلا شك أنّ تحديد مداليل الخطابات الشرعية يتطلب التعرّف على عصر النصّ وعلى البيئة التي احتضنته والقرائن المختلفة التي احتفت به[٧٧]، وهل قيد الحكم فيه بزمان دون آخر أو مكان دون آخر[٧٨]، ـ وتارةً أخرى في زمان ومكان الحادثة التي هو بصدد بيان حكمها في حالات اختصاص زمانه بوقوعها، للتعرّف على موضوعها والظروف المحيطة بها؛ ليعلم انطباق الأصول الشرعية عليها من عدمه[٧٩]، أو اشتمالها على المصالح والمفاسد التي تتبدل من زمان إلى آخر، فتتبدل الأحكام تبعا لها.
يقول الإمام الخميني في بيان ضرورة هذا البحث: «أنا أؤمن بالفقه التقليدي والاجتهاد الجواهري، ولا أجيز خرق ذلك. والاجتهاد على هذا النهج صحيح، بيد أنّ هذا لايعني جمود الفقه الإسلامي، فالزمان والمكان عنصران حاسمان في الاجتهاد. والمسألة التي كان لها حكم في الماضي ظاهرا ربّما يكون لها حكم جديد في العلاقات التي تحكم الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنظام من الأنظمة. أي إنّ المعرفة الدقيقة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تجعل الموضوع الأول ـ الذي لم يختلف عمّا كان عليه في الماضي من حيث الظاهر ـ موضوعا جديدا يتطلب حكما جديدا لا محالة...». [٨٠]
ثمّ يضرب أمثلة على ذلك مؤكدا على أنّ معرفة تأثير الزمان والمكان من مزايا المجتهد الجامع، فيقول: «إنّ التعرّف على أسلوب مواجهة مكائد الثقافة السائدة في العالم، والتحلّي بالبصيرة والرؤية الاقتصادية، والاطلاع على كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، ومعرفة ضروب السياسة والسياسيين ومعادلاتهم المفروضة، وإدراك الموقع الذي يحتله النظام الرأسمالي والشيوعي في العالم، والتعرّف على نقاط قوتهما وضعفهما إذ هما اللذان يحدّدان استراتيجية التسلط على العالم، كلّ ذلك من مزايا المجتهد الجامع».[٨١]
النقطة الثانية: الفرق بين المعنى الصحيح لهذا البحث، وبين ما يسمى بـ (عقلنة الفقه) واللجوء إلى الرأي والاستنباط بمعزل عن الأصول و الأدلة الشرعية.
الروايات الدالة على مدخلية الزمان والمكان في تبدل الحكم
هناك روايات متعدّدة تدلّ في الجملة على تأثير الزمان والمكان في تغيّر الأحكام، ويمكن تصنيفها على طوائف:
الطائفة الأولى من الروايات
الروايات الدالة على تغيّر الأحكام الصادرة من النبيّ(ص) بصفته حاكما، وتمتاز هذه الروايات بذكر أحكام متعدّدة تنصب على موضوع واحد لايتغير، وإنّما المتغيّر هو الحكم تبعا للمصالح والمفاسد المتغيّرة من زمان إلى آخر، والتي يشخصها الحاكم الإسلامي في إطار سلطته التشريعية، فهي بطبيعتها أحكام مؤقتة، وليست من سنخ الأحكام التعبّدية والمقدّرات الشرعية التي نصّ عليها الوحي. [٨٢]
من هذه الروايات النهي عن بيع الحمر الأهلية: فقد روي عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله: «نهى رسول اللّه(ص) عن أكلها يوم خيبر، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت؛ لأ نّها كانت حمولة الناس، وإنّما الحرام ما حرّم اللّه في القرآن».[٨٣]
ومنها: المنع من حبس الأضاحي عن أهل الحاجة أزيد من ثلاثة أيام في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله، وعلل الإمام الصادق ذلك: إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله إنّما نهى عن ذلك أولاً لأنّ الناس كانوا يومئذٍ مجهودين، فأمّا اليوم فلا بأس».[٨٤]
الطائفة الثانية من الروايات
الروايات الدالة على تبدّل الحكم نتيجة زوال الملاك السابق وظهور ملاك جديد[٨٥]، منها: ما روي عن أبي عبداللّه عليهالسلام إنّه قال: «لاينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم، إنّما كان ذلك حيث قال اللّه عزّ وجلّ: «وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً»[٨٦] والطول المهر، ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة أو أقل».[٨٧]
ومنها: ما روي عن أبي عبداللّه عليهالسلام عن الوبا بناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟، فقال: «لابأس إنّما نهى رسول اللّه(ص) عن ذلك لمكان ربية كان بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه، فقال رسول اللّه(ص): الفار منه كالفار من الزحف؛ كراهية أن تخلو مراكزهم».[٨٨]
الطائفة الثالثة من الروايات
الروايات الدالة على تبدّل الحكم لطرو بعض العناوين المحرّمة على الموضوع. [٨٩]
كلمات الفقهاء حول دور الزمان والمکان في الاستنباط
هناك كلمات لبعض الفقهاء يستكشف منها مدخلية الزمان والمكان في تغيّر الحكم الشرعي في الجملة.
يقول العلاّمة الحلّي: «الأحكام منوطة بالمصالح، والمصالح تتغير بتغيّر الأوقات وتختلف باختلاف المكلّفين، فجاز أن يكون الحكم المعيّن مصلحة لقوم في زمان فيؤمر به، ومفسدة لقوم في زمان آخر فينهى عنه».[٩٠]
ويقول الشهيد الأول: «يجوز تغيّر الأحكام بتغيّر العادات، كما في النقود المتعاورة والأوزان المتداولة، ونفقات الزوجات والأقارب، فإنّها تتبع عادةً ذلك الزمان الذي وقعت فيه...». [٩١]
ويقول المحقّق الكركي: «وإن لم تكن [الحادثة] داخلة تحت شيء من الكلّيات المبحوث فيها من المتقدمين، واختصت بالوقوع في زمان [المجتهد]، بحث فيها، وتصرف فيها كتصرف المجتهدين في الحوادث المتقدمة بمراجعته للأصول، بأن ينسبها إلى أحد الأدلة المقرّرة، فيستنبط حكمها من ذلك الدليل».[٩٢]
وعقد ابن قيم الجوزية فصلاً بعنوان: تغيّر الفتوى واختلافها بحسب تغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال، وتطرّق لجملة من الأحكام الشرعية التي تبدّلت بسبب تبدّل الزمان والمكان. [٩٣]
ويقول الشاطبي: ـ بعد تقسيمه الأحكام إلى عبادات وعادات ـ : وأصل العادات الالتفات إلى المعاني ودوران نظر الشارع فيها مدار المصالح، فنجد الشيء المعيّن يمنع في حال لاتكون فيه مصلحة ويجوز إذا اشتمل عليها. [٩٤] وآخرون منهم: ابن عابدين[٩٥]، و أحمد مصطفى الزرقا[٩٦]، و وهبة الزحيلي. [٩٧]
ويمتاز فقهاء الإمامية عن غيرهم في أنهم حكّموا هذا الأصل في عملية الاستنباط وفقا لضوابط علمية مفصّلة، بعيدة عن الاستصلاح و الاستحسان و القياس[٩٨]، وهذه الضوابط هي كالتالي:
1 ـ تأثير الزمان والمكان في تطبيق الموضوعات على مواردها، وإنّ الموضوعات الشرعية ـ من قبيل الاستطاعة، والفقر، والغنى، والنفقات الواجبة، وإمساك الزوجة بالمعروف ـ لا شك في تغيّر مصاديقها حسب تغيّر أساليب الحياة وحاجاتها من زمان الى آخر ومن مكان الى آخر.
2 ـ تأثيرهما في تغيّر الحكم بتغير المناط، فإنّ ما صرّح الشارع بملاكه من الأحكام منوط ثبوتا بثبوت الملاك وانتفاءً بانتفائه، ومثاله: حرمة بيع الدم بملاك انتفاء المنفعة المحلّلة فيه، وحلّيته لاحقا؛ لظهور المنفعة المحلّلة فيه وهي انقاذ المرضى المحتاجين إليه. وحرمة قطع أعضاء الميّت واعتباره من المُثلة المحرّمة، وحلّيته بملاك زرعها في أبدان من تتوقف حياتهم عليها.
3 ـ تأثيرهما في كشف مصاديق جديدة للموضوع، ومثاله: الدفاع ووجوب الإعداد لمواجهة المعتدين المأمور به في الآية: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ»[٩٩] فإنّ الوقت الحاضر يتطلب الدفاع بالآلات الحربية المتعارفة، وهكذا في سائر المجالات الأخرى ووسائلها المختلفة من زمان الى آخر ومن مكان الى آخر، كوسائل التعليم والشؤون الإنسانية الأخرى، ومصاديق الأحكام الأخرى كالاحتكار. [١٠٠]
4 ـ تأثيرهما في تغيّر أساليب تنفيذ الحكم، كالانتفاع بالآجام والأراضي الموات الذي كان محلّلاً للناس في الماضي في حدود أساليب الانتفاع المحدودة المتعارفة آنذاك، ومع تطور أساليب الانتفاع واتساع حجمها دعت الحاجة إلى وضع أحكام كفيلة بالحدّ من أن يتمادى الانسان في جشعه بالانتفاع بها. ومن هذا القبيل فتوى القدماء بملكية الإنسان للمعادن الموجودة في أرضه بما يعد انتفاعا بأرضه.
5 ـ تأثيرهما في بلورة موضاعات جديدة، وبابه المسائل المستجدة في مجالات الطب والتأمين والتجارة وحقوق النشر والتأليف والاختراع وغيرها.
المصادر
- ↑ العين 7 : 439، لسان العرب 4 : 2827 مادة «نبط».
- ↑ النساء : 83 .
- ↑ لسان العرب 4 : 2827 مادة «نبط».
- ↑ رسائل الشريف المرتضى 2 : 262.
- ↑ يمكن استنتاج هذا التعريف بملاحظة المصادر التالية : أصول السرخسي 1 : 241، الحاوي الكبير 20 : 192، المستصفى 2 : 150 فما بعدها، بذل النظر : 616، الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 193.
- ↑ مقدمة أصول الاستنباط : 7، دروس في علم الأصول 1 : 62.
- ↑ الإسراء : 23.
- ↑ التذكرة بأصول الفقه : 38 ـ 39.
- ↑ انظر : المصادر المتقدمة في التعريف الثاني.
- ↑ انظر : المعالم الجديدة للأصول : 42 ـ 43.
- ↑ التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 22، الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد : 9، دروس في علم الأصول 1 : 62.
- ↑ دراسات في الاجتهاد والتقليد : 14.
- ↑ الأصول العامة للفقه المقارن : 545، وانظر : مصباح الأصول 3 : 434.
- ↑ دراسات في الاجتهاد والتقليد : 14، الحاوي الكبير 20 : 192.
- ↑ إحكام الفصول : 173 ـ 174.
- ↑ المحصول الرازي 2 : 265 ـ 266.
- ↑ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد : 53، 190.
- ↑ مقدّمة تحرير الأحكام الشرعية 1 : 22، وانظر : المبسوط الطوسي 1 : 2، الاجتهاد والتقليد (الخميني) : 71.
- ↑ تهذيب الأحكام 1 : 8 كتاب الطهارة، باب 1 الأحداث الموجبة للطهارة ح11، وسائل الشيعة 1 : 245 كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء باب (1) إنّه لاينقض الوضوء إلاّ اليقين بحصول الحدث ح1.
- ↑ الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.
- ↑ مقدّمة تحرير الأحكام الشرعية 1 : 22 ـ 23، وانظر : الوافية : 291، 293 ـ 294، المعالم الجديدة للأصول : 58 ـ 60.
- ↑ انظر : الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.
- ↑ انظر : رسائل المحقّق الكركي 3 : 40، الأصول العامة للفقه المقارن : 91 ـ 342، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 439، أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 31 ـ 112، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 67.
- ↑ انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 345 ـ 460، أصول الاستنباط : 258 ـ 268، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 437 وما بعدها، أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 117 وما بعدها، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 265 وما بعدها.
- ↑ انظر : أسس الاستنباط عند الأصوليين : 13.
- ↑ انظر : أصول الأحكام وطرق الاستنباط : 245 وما بعدها، مصادر التشريع الإسلامي محمد أديب : 359 ـ 614.
- ↑ الفصول في الأصول 4 : 23، قواطع الأدلة 4 : 9، المستصفى 2 : 199، المحصول الرازي 2 : 494، الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4 : 407، معارج الأصول : 179، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 5 : 167، هداية المسترشدين 3 : 673.
- ↑ انظر : الفوائد المدنية : 180 وما بعدها، الأصول الأصيلة : 118 وما بعدها، الفصول المهمة 1 : 531، 534، 536، وسائل الشيعة 27 : 35 ـ 62 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس، أحاديث الباب.
- ↑ انظر : لؤلؤة البحرين : 226، 227، الوافية : 290، الفوائد الحائرية : 127، كفاية الأصول : 464، تأريخ حصر الاجتهاد : 77 ـ 78، المعالم الجديدة للأصول : 44، التنقيح في شرح العروة الوثقى 1 : 22، الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد : 10، أنوار الأصول 3 : 536، 542 ـ 544، بيان الأصول الصافي الكلبايكاني 3 : 353 ـ 354.
- ↑ الفوائد الحائرية : 136.
- ↑ القوانين المحكمة : 20.
- ↑ هداية المسترشدين 3 : 673.
- ↑ الفصول الغروية : 393.
- ↑ الفصول في الأصول 4 : 24.
- ↑ أصول السرخسي 2 : 125.
- ↑ المستصفى 2 : 124.
- ↑ المحصول 2 : 246 ـ 247.
- ↑ قواطع الأدلة 4 : 9.
- ↑ المحصول 2 : 494.
- ↑ الإحكام 3 ـ 4 : 407.
- ↑ الفوائد الحائرية : 136.
- ↑ هداية المسترشدين 3 : 675.
- ↑ الأصول العامة للفقه المقارن : 587.
- ↑ الفصول في الأصول 4 : 53.
- ↑ مستطرفات السرائر : 575، وسائل الشيعة 27 : 61 ـ 62 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس ح51، 52.
- ↑ انظر : الوافية : 294، هداية المسترشدين 3 : 677، رسائل المحقّق الكركي 3 : 49، الاجتهاد والتقليد الخميني : 71.
- ↑ وسائل الشيعة 27 : 106 ـ 124 كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 9 وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها، أحاديث الباب.
- ↑ هداية المسترشدين 3 : 678.
- ↑ وسائل الشيعة 27 : 144 كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، باب 11 وجوب الرجوع في القضاء و الفتوى إلى رواة الحديث ح 21.
- ↑ دراسات في الاجتهاد والتقليد : 14.
- ↑ الكافي 3 : 30 كتاب الطهارة، باب مسح الرأس والقدمين ح4، وسائل الشيعة 1 : 412، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، باب 23 وجوب استيعاب الوجه واليدين في الوضوء بالغسل ح1.
- ↑ وسائل الشيعة 1 : 464، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، باب 39 اجتزاء المسح على الجبائر في الوضوء ح5.
- ↑ ذكرى الشيعة 2 : 197 ـ 198.
- ↑ الاجتهاد والتقليد : 75 ـ 77.
- ↑ مقدمة تأريخ حصر الاجتهاد : 40.
- ↑ الوافية : 293، هداية المسترشدين 3 : 679.
- ↑ الطبقات الكبرى ابن سعد 1 ـ 2 : 425.
- ↑ انظر : المستصفى 2 : 116، المحصول الرازي 2 : 254.
- ↑ انظر : القوانين المحكمة : 326.
- ↑ انظر : الفوائد المدنية : 104 ـ 105، الفوائد الطوسية : 448.
- ↑ الفوائد الحائرية : 283 ـ 286.
- ↑ انظر : الحدائق الناضرة 1 : 125 وما بعدها.
- ↑ الفوائد الحائرية : 117.
- ↑ انظر : الفوائد المدنية : 180، الفوائد الحائرية : 117.
- ↑ انظر : الفوائد المدنية : 284، 289، الفوائد الطوسية : 447، الحدائق الناضرة 1 : 52.
- ↑ انظر : الحدائق الناضرة 1 : 60 ـ 65، الفوائد الحائرية : 147 ـ 150.
- ↑ انظر : الحدائق الناضرة 1 : 60 ـ 65، الفوائد الطوسية : 448.
- ↑ الفوائد المدنية : 277، الفوائد الطوسية : 429، 447، وانظر : الحدائق الناضرة 1 : 43 وما بعدها، 65 وما بعدها.
- ↑ انظر : الفوائد المدنية : 371، الأصول الأصيلة : 50، 60.
- ↑ مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 82 ، وانظر : القيادة في الإسلام (الريشهري) : 183، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.
- ↑ سبأ : 28.
- ↑ الأعراف : 158.
- ↑ وسائل الشيعة 27 : 169، كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 12 وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى ح52.
- ↑ الكافي 1 : 58 كتاب فضل العلم ، باب البدع و الرأي والمقاييس ح 19.
- ↑ الكافي 1 : 59 كتاب فضل العلم ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة ح 2.
- ↑ انظر : مقدّمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 78 ـ 81 .
- ↑ انظر : كتاب البيع الخميني 2 : 628.
- ↑ انظر : من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب 39 ما يصلّى فيه وما لايصلّى فيه من الثياب ذيل ح68، المجموع شرح المهذّب 19 : 286، المغني (ابن قدامة) 10 : 386، غنائم الأيام 2 : 354، نيل الأوطار 8 : 177، جامع المدارك 6 : 102
- ↑ انظر : رسائل المحقّق الكركي 3 : 51 ـ 52.
- ↑ القيادة في الإسلام الريشهري : 183.
- ↑ القيادة في الإسلام الريشهري: 183.
- ↑ انظر : كشف المراد : 485 ـ 486، الموافقات 2 : 305، الاجتهاد والتقليد شمس الدين : 161 ـ 164، 168 ـ 170، مقدمة نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 5 : 83 ـ 94، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.
- ↑ وسائل الشيعة 24 : 117 ـ 120 كتاب الأطعمة والأشربة، باب 4 كراهة لحوم الحمر الأهلية و عدم تحريمها ح 1 و مثله ح 2 و 7 و10.
- ↑ وسائل الشيعة 14 : 169 ـ 171 كتاب الحج، أبواب الذبح، باب 41 جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها ح5 ومثله ح4 و6 و7.
- ↑ مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 90 ـ 91.
- ↑ النساء : 25.
- ↑ وسائل الشيعة 20 : 508 كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، باب 45 كراهة تزويج الحرّ الأمة دوما إلاّ مع عدم الطول وخوف العنت ح5.
- ↑ وسائل الشيعة 2 : 429 ـ 430 كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب 20 جواز الفرار من مكان الوباء والطاعون إلاّ مع وجوب الإقامة فيه كالمجاهد والمرابط ح1، ومثله ح2.
- ↑ من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب ما يصلّى فيه ولا ما يصلّى فيه من الثياب ذيل ح68.
- ↑ كشف المراد : 485 ـ 486.
- ↑ القواعد والفوائد 1 : 151 ـ 152.
- ↑ رسائل المحقّق الكركي 3 : 51 ـ 52، وراجع كلمات أخرى : مجمع الفائدة 3 : 436، الوافي 20 : 745، جواهر الكلام 16 : 218 و22 : 199 و23 : 375.
- ↑ أعلام الموقّعين 3 : 3 وما بعدها.
- ↑ الموافقات 2 : 305.
- ↑ رسائل ابن عابدين 2 : 123.
- ↑ المدخل الفقهي العام 2 : 924 ـ 925.
- ↑ أصول الفقه الإسلامي 2 : 1116 ـ 1118.
- ↑ مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 109 ـ 125.
- ↑ الأنفال : 60.
- ↑ انظر : جواهر الكلام 22 : 481 ـ 483، مفتاح الكرامة 4 : 107، وسيلة النجاة 2 : 8 ، ابتغاء الفضيلة 1 : 197، مصباح الفقاهة 3 : 818 .