انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستكبار العالمي»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
 
(١٢ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١٦: سطر ١٦:
وردت مادة الاستكبار 48 مرة في [[القرآن الكريم]]، منها 4 مرات تتعلق باستكبار [[إبليس]] والباقي يشير إلى استكبار البشر. يظهر من آيات القرآن أن الشيطان كان أول كائن مستكبر، حيث ورد في أربع مواضع ذكر كيفية استكبار إبليس:
وردت مادة الاستكبار 48 مرة في [[القرآن الكريم]]، منها 4 مرات تتعلق باستكبار [[إبليس]] والباقي يشير إلى استكبار البشر. يظهر من آيات القرآن أن الشيطان كان أول كائن مستكبر، حيث ورد في أربع مواضع ذكر كيفية استكبار إبليس:


{{آية قرآنية |وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ |سورة = البقرة |آية = 34}}
'''وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة/34)'''


تشير هذه الآية إلى نهاية خلق الإنسان الممزوج بروح الله وطين آدم، هذا المخلوق الفريد الذي استحق مقام خليفة الله<ref>مدرسي، السيد محمد تقي، من هدى القرآن، طهران، دار محبي الحسين، 1419هـ، ج11، ص405.</ref>. عندما دخل هذا الإنسان إلى الوجود، أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا جميعاً إلا إبليس الذي تكبر وعصى، فسقط من مكانته الرفيعة وصار من الكافرين<ref>عروسي حويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، قم، الإسماعيلية، الطبعة الرابعة، 1415هـ، ج4، ص471.</ref>.
تشير هذه الآية إلى نهاية خلق الإنسان الممزوج بروح الله وطين آدم، هذا المخلوق الفريد الذي استحق مقام خليفة الله<ref>مدرسي، السيد محمد تقي، من هدى القرآن، طهران، دار محبي الحسين، 1419هـ، ج11، ص405.</ref>. عندما دخل هذا الإنسان إلى الوجود، أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا جميعاً إلا إبليس الذي تكبر وعصى، فسقط من مكانته الرفيعة وصار من الكافرين<ref>عروسي حويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، قم، الإسماعيلية، الطبعة الرابعة، 1415هـ، ج4، ص471.</ref>.
سطر ٤٣: سطر ٤٣:
=== التفاخر بالمزايا المادية ===
=== التفاخر بالمزايا المادية ===
من حجج المستكبرين الواهية التفاخر بالمال والأولاد، معتبرين أنفسهم مميزين<ref>مكارم شيرازي، ناصر؛ تفسير نمونه، ج4، ص45.</ref>:
من حجج المستكبرين الواهية التفاخر بالمال والأولاد، معتبرين أنفسهم مميزين<ref>مكارم شيرازي، ناصر؛ تفسير نمونه، ج4، ص45.</ref>:
{{آية قرآنية |وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ |سورة= سبأ |آية=35}}
 
'''وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (سبأ/35)'''


=== احتقار المستضعفين ===
=== احتقار المستضعفين ===
ينظر المستكبرون إلى المؤمنين من عامة الناس على أنهم قلة محتقرة<ref>تفسير نمونه، ج15، ص237.</ref>:
ينظر المستكبرون إلى المؤمنين من عامة الناس على أنهم قلة محتقرة<ref>تفسير نمونه، ج15، ص237.</ref>:
{{آية قرآنية |إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ |سورة= الشعراء |آية=54}}
 
'''إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (الشعراء/54)'''


== أساليب الاستكبار ==
== أساليب الاستكبار ==
سطر ٥٣: سطر ٥٥:
قام [[فرعون]] بوضع خطة لإضعاف بني إسرائيل، حيث كان يقتل الذكور الذين يمتلكون القدرة على [[القيام]]، ويبقي على النساء والفتيات اللاتي لا يستطعن المقاومة أو النهوض لوحدهنّ لاستخدامهنّ في الخدمة<ref>تفسير نمونه، ج16، ص11.</ref>:
قام [[فرعون]] بوضع خطة لإضعاف بني إسرائيل، حيث كان يقتل الذكور الذين يمتلكون القدرة على [[القيام]]، ويبقي على النساء والفتيات اللاتي لا يستطعن المقاومة أو النهوض لوحدهنّ لاستخدامهنّ في الخدمة<ref>تفسير نمونه، ج16، ص11.</ref>:


{{نص قرآني |إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیعاً یسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ یذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ یسْتَحْیی نِساءَهُم...|سورة = القصص |آية = 4 }}
'''إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیعاً یسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ یذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ یسْتَحْیی نِساءَهُم...(القصص/4)'''
"إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم..."


تشير هذه الآية إلى أحد الأساليب الرئيسية للمستكبرين، وهو إحداث الانقسام بين الشعوب، لأن الوحدة الشعبية تمنع هيمنة المستكبرين. لذا سعى فرعون لتقسيم بني إسرائيل إلى فئات مختلفة، وقتل الذكور لإضعاف قوتهم، بينما أبقى على الإناث لخدمته، مما عزز سيطرته<ref>فضل‌الله، سيد محمد حسين؛ تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملوك، 1419ق، ج‌17، ص261 وشاذلي، سيد بن قطب بن إبراهيم؛ في ظلال القرآن، بيروت- القاهرة، دار الشروق، 1412ق، الطبعة السابعة عشر، ج‌5، ص2677.</ref>.
تشير هذه الآية إلى أحد الأساليب الرئيسية للمستكبرين، وهو إحداث الانقسام بين الشعوب، لأن الوحدة الشعبية تمنع هيمنة المستكبرين. لذا سعى فرعون لتقسيم بني إسرائيل إلى فئات مختلفة، وقتل الذكور لإضعاف قوتهم، بينما أبقى على الإناث لخدمته، مما عزز سيطرته<ref>فضل‌الله، سيد محمد حسين؛ تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملوك، 1419ق، ج‌17، ص261 وشاذلي، سيد بن قطب بن إبراهيم؛ في ظلال القرآن، بيروت- القاهرة، دار الشروق، 1412ق، الطبعة السابعة عشر، ج‌5، ص2677.</ref>.
سطر ٦٠: سطر ٦١:
=== استعباد البشر ===
=== استعباد البشر ===
كانت هيمنة فرعون الطاغية قوية لدرجة أن الناس فقدوا إرادتهم وصاروا يطيعونه دون تفكير، خاضعين لسلطته<ref>من هدي القرآن، ج‌8، ص185.</ref>. يشير القرآن الكريم في مواضع عديدة إلى هذه الصفة الذميمة للمستكبرين:
كانت هيمنة فرعون الطاغية قوية لدرجة أن الناس فقدوا إرادتهم وصاروا يطيعونه دون تفكير، خاضعين لسلطته<ref>من هدي القرآن، ج‌8، ص185.</ref>. يشير القرآن الكريم في مواضع عديدة إلى هذه الصفة الذميمة للمستكبرين:
{{نص قرآني |فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَینِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ |سورة = المؤمنون |آية = 47 }}
 
"فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون؟"
'''فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَینِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (المؤمنون/47)'''


كان فرعون يشير إلى أن موسى وهارون مجرد بشر مثله، ولا فضل لهما، وأن بني إسرائيل عبيد له، وبالتالي فلا ينبغي اتباعهما<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌15، ص 34.</ref>. كما أشار الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة القاصعة إلى استعباد الفراعنة لبني إسرائيل بقوله:
كان فرعون يشير إلى أن موسى وهارون مجرد بشر مثله، ولا فضل لهما، وأن بني إسرائيل عبيد له، وبالتالي فلا ينبغي اتباعهما<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌15، ص 34.</ref>. كما أشار الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة القاصعة إلى استعباد الفراعنة لبني إسرائيل بقوله:
سطر ٧٠: سطر ٧١:
عندما يعجز المستكبرون عن مواجهة الحق بالمنطق، يلجأون إلى الكذب والافتراء لخلط الحق بالباطل. لذا نجد في التاريخ أن الأنبياء وُصِفوا بالسحر أو الجنون<ref>طيب، سيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، طهران، الإسلام، الطبعة الثانية، 1378ش، ج‌12، ص286.</ref>:
عندما يعجز المستكبرون عن مواجهة الحق بالمنطق، يلجأون إلى الكذب والافتراء لخلط الحق بالباطل. لذا نجد في التاريخ أن الأنبياء وُصِفوا بالسحر أو الجنون<ref>طيب، سيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، طهران، الإسلام، الطبعة الثانية، 1378ش، ج‌12، ص286.</ref>:


{{نص قرآني |کَذلِکَ ما أَتَی الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُون |سورة = الذاريات |آية = 52 }}
'''کَذلِکَ ما أَتَی الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُون (الذاريات/52)'''
"كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون"


كما قال فرعون عن موسى (عليه السلام):
كما قال فرعون عن موسى (عليه السلام):
{{نص قرآني |...إِنِّی أَخافُ أَنْ یبَدِّلَ دینَکُمْ أَوْ أَنْ یظْهِرَ فِی الْأَرْضِ الْفَساد |سورة = غافر |آية = 26 }}
 
"...إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد"
'''إِنِّی أَخافُ أَنْ یبَدِّلَ دینَکُمْ أَوْ أَنْ یظْهِرَ فِی الْأَرْضِ الْفَساد (غافر/26)'''
 


حيث كان فرعون يوهم شعبه أن موسى يهدد دينهم وأمنهم، بينما كان موسى يدعوهم إلى التوحيد والعدل<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌17، ص 328.</ref>.
حيث كان فرعون يوهم شعبه أن موسى يهدد دينهم وأمنهم، بينما كان موسى يدعوهم إلى التوحيد والعدل<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌17، ص 328.</ref>.
سطر ٨٣: سطر ٨٤:


===الجريمة والذنب===
===الجريمة والذنب===
{{نص قرآني |وَ أَمَّا الَّذینَ کَفَرُوا أَفَلَمْ تَکُنْ آیاتی تُتْلی عَلَیکُمْ فَاسْتَکْبَرْتُمْ وَ کُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمین |سورة = الجاثية |آية = 31 }}
'''وَ أَمَّا الَّذینَ کَفَرُوا أَفَلَمْ تَکُنْ آیاتی تُتْلی عَلَیکُمْ فَاسْتَکْبَرْتُمْ وَ کُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمین (الجاثية/31)'''
"وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين"


تشير الآية إلى أن الجريمة والذنب يقودان إلى الاستكبار ورفض الحق<ref>طبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1372ش، الطبعة الثالثة، ج‌9، ص122 وتفسير نمونه، ج‌21، ص284.</ref>.
تشير الآية إلى أن الجريمة والذنب يقودان إلى الاستكبار ورفض الحق<ref>طبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1372ش، الطبعة الثالثة، ج‌9، ص122 وتفسير نمونه، ج‌21، ص284.</ref>.


===الثراء الاقتصادي===
===الثراء الاقتصادي===
{{نص قرآني |وَ نادی فِرْعَوْنُ فی قَوْمِهِ قالَ یا قَوْمِ أَلَیسَ لی مُلْکُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْری مِنْ تَحْتی أَفَلاتُبْصِرُون |سورة = الزخرف |آية = 51 }}
'''وَ نادی فِرْعَوْنُ فی قَوْمِهِ قالَ یا قَوْمِ أَلَیسَ لی مُلْکُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْری مِنْ تَحْتی أَفَلاتُبْصِرُون (الزخرف/51)''' يعتقد المستكبرون أن ثراءهم وقوتهم تجعلهم في غنى عن الله، مما يؤدي إلى طغيانهم<ref>من هدي القرآن، ج‌18، ص223.</ref>:
"ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون"
 
يعتقد المستكبرون أن ثراءهم وقوتهم تجعلهم في غنى عن الله، مما يؤدي إلى طغيانهم<ref>من هدي القرآن، ج‌18، ص223.</ref>:


{{نص قرآني |کَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَیطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی |سورة = العلق |آية = 6-7 }}
'''کَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَیطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی (العلق/6-7)'''
"كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"


كما يذكر القرآن قارون كمثال على الطغيان بسبب الثراء:
كما يذكر القرآن قارون كمثال على الطغيان بسبب الثراء:
{{نص قرآني |إِنَّ قارُونَ کانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیهِمْ... |سورة = القصص |آية = 76 }}
"إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم..."


حيث أهلكه الله بسبب تكبره<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌16، ص 75.</ref>.
'''إِنَّ قارُونَ کانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیهِمْ... (القصص/76)''' حيث أهلكه الله بسبب تكبره<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌16، ص 75.</ref>.


==آثار الاستكبار==
==آثار الاستكبار==
سطر ١٠٧: سطر ١٠١:


===الإصرار على الشرك===
===الإصرار على الشرك===
{{نص قرآني |إِنَّهُمْ کانُوا إِذا قیلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ یسْتَکْبِرُونَ وَ یقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِکُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُون |سورة = الصافات |آية = 35-36 }}
'''إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (الصافات/35)'''
"إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون"


حيث يمنعهم الكبر من الإيمان بالله<ref>ابن عاشور، محمد بن طاهر؛ التحرير والتنوير، بدون تاريخ، ج‌23، ص27.</ref>.
حيث يمنعهم الكبر من الإيمان بالله<ref>ابن عاشور، محمد بن طاهر؛ التحرير والتنوير، بدون تاريخ، ج‌23، ص27.</ref>.


===الغرور===
===الغرور===
{{نص قرآني |فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ بِغَیرِالْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً... |سورة = فصلت |آية = 15 }}
'''فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ بِغَیرِالْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً... (فصلت/15)'''
"فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة..."


حيث أهلكهم الله بسبب غرورهم<ref>تفسير نمونه، ج‌20، ص237.</ref>.
حيث أهلكهم الله بسبب غرورهم<ref>تفسير نمونه، ج‌20، ص237.</ref>.


===منع الإيمان===
===منع الإيمان===
{{نص قرآني |إِنَّما یؤْمِنُ بِآیاتِنَا الَّذینَ إِذا ذُکِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لایسْتَکْبِرُونَ |سورة = السجدة |آية = 15 }}
'''إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا (السجدة/15)'''
"إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون"


حيث يمنع الكبر الناس من الإيمان<ref>من وحي القرآن، ج‌18، ص234.</ref>.
حيث يمنع الكبر الناس من الإيمان<ref>من وحي القرآن، ج‌18، ص234.</ref>.


===تكذيب الآخرة===
===تكذيب الآخرة===
{{نص قرآني |إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذینَ لایؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْکِرَةٌ وَ هُمْ مُسْتَکْبِرُون |سورة = النحل |آية = 22 }}
'''إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (النحل/22)'''
"إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون"


حيث يؤدي الاستكبار إلى إنكار البعث والحساب<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌12، ص 228.</ref>.<ref>[http://pajoohe.ir/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%DA%A9%D8%A8%D8%A7%D8%B1__a-31014.aspx الاستكبار]</ref>.
حيث يؤدي الاستكبار إلى إنكار البعث والحساب<ref>الميزان في تفسير القرآن، ج‌12، ص 228.</ref>.<ref>[http://pajoohe.ir/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%DA%A9%D8%A8%D8%A7%D8%B1__a-31014.aspx الاستكبار]</ref>.

المراجعة الحالية بتاريخ ١٦:٣٥، ٢٨ يونيو ٢٠٢٥

الاستكبار

الاستكبار مشتق من جذر "ك-ب-ر" ويعني العجب بالنفس، والرغبة في التفوق، والتمرد على قبول الحق بدافع الكبرياء، وهو آفة كبيرة وشر عظيم للإنسان.

يعد تحليل الاستكبار ودراسته في أبعاده ومستوياته المختلفة من أهم موضوعات القرآن الكريم في مجال علم النفس الاجتماعي. إن اهتمام القرآن الكريم بمحاربة الاستكبار وترسيخ هذه الثقافة في الأفراد والمجتمعات، ووجود المستكبرين في كل العصور، أدى إلى تخصيص العديد من الآيات لبيان خصائصهم وصفاتهم الأخلاقية والسلوكية. تبلغ أهمية هذا الموضوع درجة جعلت معرفة ظاهرة الاستكبار في كل عصر من متطلبات البصيرة الدينية ومن أهم القضايا الاجتماعية[١].

المعنى اللغوي

الاستكبار مشتق من مادة "كبر" التي تعني في اللغة العظمة والضخامة[٢]. وفي المصطلح الديني والقرآني، فإن الكبر والتكبر والاستكبار متقاربة المعنى. الكبر هو حالة يرى فيها الإنسان نفسه أكبر مما هو عليه، وكبر الكفار يتمثل في استكبارهم عن قول "لا إله إلا الله"، وهذا يعني الشرك بالله[٣].

يأتي الاستكبار بوجهين:

  • التكبر في وجه المتكبرين والمغرورين وهو محمود
  • والغرور بالنفس وهو مذموم

في القرآن، ورد الاستكبار بالمعنى الثاني الذي ينطبق على الشيطان، اليهود وبني إسرائيل، والأمم السابقة وغيرهم من البشر المغرورين[٤]. إذن فالاستكبار هو أن يرى الإنسان نفسه أكبر من حجمها الحقيقي[٥].

أصل المستكبرين في القرآن

وردت مادة الاستكبار 48 مرة في القرآن الكريم، منها 4 مرات تتعلق باستكبار إبليس والباقي يشير إلى استكبار البشر. يظهر من آيات القرآن أن الشيطان كان أول كائن مستكبر، حيث ورد في أربع مواضع ذكر كيفية استكبار إبليس:

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة/34)

تشير هذه الآية إلى نهاية خلق الإنسان الممزوج بروح الله وطين آدم، هذا المخلوق الفريد الذي استحق مقام خليفة الله[٦]. عندما دخل هذا الإنسان إلى الوجود، أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا جميعاً إلا إبليس الذي تكبر وعصى، فسقط من مكانته الرفيعة وصار من الكافرين[٧].

الإمام علي (ع) يصف في نهج البلاغة إبليس بأنه رائد المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس التعصب[٨].

الاستكبار في القرآن

الاستكبار حالة نفسية بشرية تعني "الرغبة في العظمة بشكل غير مبرر"[٩]. والمستكبر هو من يسعى لتحقيق عظمته ويظهرها للآخرين[١٠].

يمكن تقسيم الاستكبار إلى نوعين:

الاستكبار الخفي

كان الكفار يقدمون حججاً واهية لقبول الإسلام مثل نزول الملائكة عليهم أو رؤية الله، مما يكشف عن استكبارهم الداخلي الخفي[١١].

الاستكبار العلني

يذكر القرآن قارون، فرعون وهامان كمثال على الذين استكبروا علناً في الأرض[١٢].

ثقافة الاستكبار

من خلال دراسة آيات إبليس والمستكبرين الآخرين، يمكن تحديد ملامح ثقافة الاستكبار:

الأنانية

عندما وبخ الله إبليس لرفضه السجود لآدم، تجرأ إبليس واحتج بتفوقه قائلاً أنه مخلوق من نار بينما آدم من طين. هذا يبين أن الاستكبار ناتج عن التركيز على الذور واعتبار النفس محور الحق[١٣].

بله متوجه شدم! اشتباه من بود. بگذارید متن باقیمانده را دقیقاً از همانجایی که قطع شد ادامه دهم، **بدون تکرار مطالب قبلی** و با حفظ ساختار اصلی:

التفاخر بالمزايا المادية

من حجج المستكبرين الواهية التفاخر بالمال والأولاد، معتبرين أنفسهم مميزين[١٤]:

وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (سبأ/35)

احتقار المستضعفين

ينظر المستكبرون إلى المؤمنين من عامة الناس على أنهم قلة محتقرة[١٥]:

إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (الشعراء/54)

أساليب الاستكبار

إضعاف الشعوب

قام فرعون بوضع خطة لإضعاف بني إسرائيل، حيث كان يقتل الذكور الذين يمتلكون القدرة على القيام، ويبقي على النساء والفتيات اللاتي لا يستطعن المقاومة أو النهوض لوحدهنّ لاستخدامهنّ في الخدمة[١٦]:

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیعاً یسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ یذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ یسْتَحْیی نِساءَهُم...(القصص/4)

تشير هذه الآية إلى أحد الأساليب الرئيسية للمستكبرين، وهو إحداث الانقسام بين الشعوب، لأن الوحدة الشعبية تمنع هيمنة المستكبرين. لذا سعى فرعون لتقسيم بني إسرائيل إلى فئات مختلفة، وقتل الذكور لإضعاف قوتهم، بينما أبقى على الإناث لخدمته، مما عزز سيطرته[١٧].

استعباد البشر

كانت هيمنة فرعون الطاغية قوية لدرجة أن الناس فقدوا إرادتهم وصاروا يطيعونه دون تفكير، خاضعين لسلطته[١٨]. يشير القرآن الكريم في مواضع عديدة إلى هذه الصفة الذميمة للمستكبرين:

فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَینِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (المؤمنون/47)

كان فرعون يشير إلى أن موسى وهارون مجرد بشر مثله، ولا فضل لهما، وأن بني إسرائيل عبيد له، وبالتالي فلا ينبغي اتباعهما[١٩]. كما أشار الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة القاصعة إلى استعباد الفراعنة لبني إسرائيل بقوله:

"اتَّخَذَهُمُ الْفَراعِنَةُ عَبِيداً"[٢٠].

خداع الشعوب

عندما يعجز المستكبرون عن مواجهة الحق بالمنطق، يلجأون إلى الكذب والافتراء لخلط الحق بالباطل. لذا نجد في التاريخ أن الأنبياء وُصِفوا بالسحر أو الجنون[٢١]:

کَذلِکَ ما أَتَی الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُون (الذاريات/52)

كما قال فرعون عن موسى (عليه السلام):

إِنِّی أَخافُ أَنْ یبَدِّلَ دینَکُمْ أَوْ أَنْ یظْهِرَ فِی الْأَرْضِ الْفَساد (غافر/26)


حيث كان فرعون يوهم شعبه أن موسى يهدد دينهم وأمنهم، بينما كان موسى يدعوهم إلى التوحيد والعدل[٢٢].

أسباب نشوء الاستكبار

يذكر القرآن عدة عوامل تؤدي إلى الاستكبار، منها:

الجريمة والذنب

وَ أَمَّا الَّذینَ کَفَرُوا أَفَلَمْ تَکُنْ آیاتی تُتْلی عَلَیکُمْ فَاسْتَکْبَرْتُمْ وَ کُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمین (الجاثية/31)

تشير الآية إلى أن الجريمة والذنب يقودان إلى الاستكبار ورفض الحق[٢٣].

الثراء الاقتصادي

وَ نادی فِرْعَوْنُ فی قَوْمِهِ قالَ یا قَوْمِ أَلَیسَ لی مُلْکُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْری مِنْ تَحْتی أَفَلاتُبْصِرُون (الزخرف/51) يعتقد المستكبرون أن ثراءهم وقوتهم تجعلهم في غنى عن الله، مما يؤدي إلى طغيانهم[٢٤]:

کَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَیطْغی أَنْ رَآهُ اسْتَغْنی (العلق/6-7)

كما يذكر القرآن قارون كمثال على الطغيان بسبب الثراء:

إِنَّ قارُونَ کانَ مِنْ قَوْمِ مُوسی فَبَغی عَلَیهِمْ... (القصص/76) حيث أهلكه الله بسبب تكبره[٢٥].

آثار الاستكبار

يذكر القرآن عدة آثار للاستكبار، منها:

الإصرار على الشرك

إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (الصافات/35)

حيث يمنعهم الكبر من الإيمان بالله[٢٦].

الغرور

فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ بِغَیرِالْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً... (فصلت/15)

حيث أهلكهم الله بسبب غرورهم[٢٧].

منع الإيمان

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا (السجدة/15)

حيث يمنع الكبر الناس من الإيمان[٢٨].

تكذيب الآخرة

إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (النحل/22)

حيث يؤدي الاستكبار إلى إنكار البعث والحساب[٢٩].[٣٠].

الهوامش

  1. جوهري، إسماعيل؛ الصحاح في اللغة، لبنان، دار الكتب العربية، 1270هـ، ج2، ص105.
  2. ابن منظور، محمد بن مكرم؛ لسان العرب، بيروت، دار صادر، 1414هـ، الطبعة الثالثة، ج5، ص126.
  3. راغب أصفهاني، الحسين بن محمد؛ المفردات في غريب القرآن، دمشق بيروت، دار العلم الدار الشامية، 1412هـ، الطبعة الأولى، ص696.
  4. المفردات في غريب القرآن، ص696.
  5. طريحي، فخر الدين؛ مجمع البحرين، طهران، مكتبة المرتضوي، 1375ش، الطبعة الثالثة، ج3، ص465.
  6. مدرسي، السيد محمد تقي، من هدى القرآن، طهران، دار محبي الحسين، 1419هـ، ج11، ص405.
  7. عروسي حويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، قم، الإسماعيلية، الطبعة الرابعة، 1415هـ، ج4، ص471.
  8. نهج البلاغة، الخطبة 234.
  9. طباطبائي، السيد محمد حسين؛ الميزان في تفسير القرآن، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1417هـ، الطبعة الخامسة، ج17، ص376.
  10. الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص234.
  11. أبو الفتوح الرازي، الحسين بن علي؛ روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، آستان قدس رضوي، 1408هـ، ج14، ص209.
  12. مكارم شيرازي، ناصر وآخرون؛ تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1373ش، الطبعة الثالثة عشر، ج16، ص272.
  13. الميزان في تفسير القرآن، ج17، ص227.
  14. مكارم شيرازي، ناصر؛ تفسير نمونه، ج4، ص45.
  15. تفسير نمونه، ج15، ص237.
  16. تفسير نمونه، ج16، ص11.
  17. فضل‌الله، سيد محمد حسين؛ تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملوك، 1419ق، ج‌17، ص261 وشاذلي، سيد بن قطب بن إبراهيم؛ في ظلال القرآن، بيروت- القاهرة، دار الشروق، 1412ق، الطبعة السابعة عشر، ج‌5، ص2677.
  18. من هدي القرآن، ج‌8، ص185.
  19. الميزان في تفسير القرآن، ج‌15، ص 34.
  20. نهج‌البلاغة، الخطبة 137.
  21. طيب، سيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، طهران، الإسلام، الطبعة الثانية، 1378ش، ج‌12، ص286.
  22. الميزان في تفسير القرآن، ج‌17، ص 328.
  23. طبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1372ش، الطبعة الثالثة، ج‌9، ص122 وتفسير نمونه، ج‌21، ص284.
  24. من هدي القرآن، ج‌18، ص223.
  25. الميزان في تفسير القرآن، ج‌16، ص 75.
  26. ابن عاشور، محمد بن طاهر؛ التحرير والتنوير، بدون تاريخ، ج‌23، ص27.
  27. تفسير نمونه، ج‌20، ص237.
  28. من وحي القرآن، ج‌18، ص234.
  29. الميزان في تفسير القرآن، ج‌12، ص 228.
  30. الاستكبار