الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشفعة»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الشفعة:''' الشفعة في الشرع عبارة عن استحقاق الشريك المخصوص على المشتري تسليم المبيع بمثل ما...') |
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}') |
||
(مراجعة متوسطة واحدة بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضة) | |||
سطر ٥٢: | سطر ٥٢: | ||
وإذا وجبت الشفعة فسار إلى المطالبة فلم يأت المشتري فيطالبه، ولا إلى الحاكم، بل مضي إلى الشهود فأشهد على نفسه بأنه مطالب للشفعة، لم تبطل شفعته لأنه لا دلالة عليه وفاقا لأبي حنيفة، وخلافا للشافعي فإنه قال: تبطل. <ref> الخلاف: 3 / 456 مسألة 42.</ref> | وإذا وجبت الشفعة فسار إلى المطالبة فلم يأت المشتري فيطالبه، ولا إلى الحاكم، بل مضي إلى الشهود فأشهد على نفسه بأنه مطالب للشفعة، لم تبطل شفعته لأنه لا دلالة عليه وفاقا لأبي حنيفة، وخلافا للشافعي فإنه قال: تبطل. <ref> الخلاف: 3 / 456 مسألة 42.</ref> | ||
= | == الهوامش == | ||
{{الهوامش}} | |||
[[تصنيف: الفقه المقارن]] | [[تصنيف: الفقه المقارن]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٨:٢١، ٥ أبريل ٢٠٢٣
الشفعة: الشفعة في الشرع عبارة عن استحقاق الشريك المخصوص على المشتري تسليم المبيع بمثل ما بذله فيه أو قيمته، وهي مأخوذة من الزيادة، لأن سهم الشريك يزيد بما ينضم إليه، فكأنه كان وترا فصار شفعة. ولها شروط وأحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.
الشفعة
الشفعة في الشرع عبارة عن استحقاق الشريك المخصوص على المشتري تسليم المبيع بمثل ما بذله فيه أو قيمته، وهي مأخوذة من الزيادة، لأن سهم الشريك يزيد بما ينضم إليه، فكأنه كان وترا فصار شفعة.
ويحتاج فيها إلى العلم بأمرين: شروط استحقاقها، وما يتعلق بها من الأحكام.
وشروط استحقاقها ستة وهي: أن يتقدم عقد بيع ينتقل معه الملك إلى المشتري، وأن يكون الشفيع شريكا بالاختلاط في المبيع أو في حقه من شربه أو طريقه، وأن يكون واحدا، وأن يكون الشفيع مسلما إذا كان المشتري كذلك، وأن لا يسقط حق المطالبة، ولا يعجز عن الثمن.
اشترطنا تقدم عقد البيع، لأن الشفعة لا تستحق قبله بلا خلاف، ولا تستحق بما ليس ببيع، من هبة أو صدقة أو مهر زوجة أو مصالحة وما أشبه ذلك. [١]
وقال الشافعي: الشفعة تجب بمهر المثل.
وقال مالك: الشفعة تجب لكنه يأخذ بالقيمة لا بـ مهر المثل. [٢]
وعند الحنفية في البداية: إذا ملك العقار بعوض، فهو مال وجبت فيه الشفعة ولا شفعة في الدار التي يتزوج عليها الرجل أو يخالع المرأة بها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا أو يصالح عليها بإنكار فإن يصالح عليها بإقرار وجبت الشفعة، ولا شفعة في الهبة إلا أن تكون لعوض مشروط ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة وإن أسقط الخيار وجبت الشفعة. [٣]
لنا أن إثبات الشفعة في المهر وفي المصالحة وفي الهبة على بعض الوجوه، يفتقر إلى دليل شرعي، وليس في الشرع ما يدل عليه. واعتبرنا أن ينتقل الملك معه إلى المشتري، تحرزا من البيع الذي فيه الخيار للبايع أو له وللمشتري معا، فإن الشفعة لا يستحق هاهنا، لأن الملك لم يزل عن البايع، وأما ما لا خيار فيه، أو فيه الخيار للمشتري ففيه الشفعة، لأن الملك قد زال عنه[٤]، وفاقا لأبي حنيفة. [٥]
واشترطنا أن يكون شريكا للبايع، تحرزا من القول باستحقاقها بالجوار، فإنها لا تستحق بذلك عندنا[٦] وفاقا للشافعي، ومالك، وأهل الحجاز، وفي الصحابة لعمر وعثمان.
وذهب أهل الكوفة أنها تثبت بالشركة والجوار لكن الشريك أحق، فإن ترك فالجار أحق، وذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه وله تفصيل قال: الشفعة تجب بأحد أسباب ثلاثة: الشركة في المبيع، والشركة في الطريق، وقال: الشريك في الطريق أولى من الجار اللازق، ثم بالجوار، بيان هذا: قال: إن كان شريكا في المبيع فهو أحق من الشريك في الطريق، وإن كان شريكا في الطريق فهو أحق وإن لم يكن شريكا في المبيع، مثل: أن يكون الدرب لا ينفذ وفيه دور كثيرة، فإن الطريق مشتركة بين أهله، فإن باع صاحب الصدر داره - في آخر الدرب - فالشفعة للذي يليه، فإن تركه فللذي يليه أبدا من الجانبين كذلك إلى آخر الدرب فإن لم يبق في أهل الدرب من يريد الشفعة كانت للجار اللزيق الذي ليس بشريك في الطريق – وهو الذي ظهر داره إلى دار في غير هذا الدرب، فإن ترك هذا الشفيع الشفعة فلا شفيع هناك وإن كان الدرب نافذا، فالشفعة للجار اللزيق فقط، سواء كان باب داره في هذا الدرب أو في غيره فإن كان محاذيا في درب نافذ وعرض الطريق ذراع فلا شفعة، وهاهنا قال الشافعي: منعت من بينك وبينه ذراع وأعطيت من هو على ألف ذراع.
لنا مضافا إلى إجماع الفرقة و أخبارهم ما رواه جابر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال: الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود، فلا شفعة، وروى أبو هريرة قال: قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالشفعة فيما لم يقسم وأي مال قسم وارف عليه فلا شفعة فيه، ومعنى أرف أعلم عليه وهي لغة أهل الحجاز. [٧]
ولا يعارض ذلك ما روي من قوله ( عليه السلام ): الجار أحق بسقبه[٨]، لأن في ذلك إضمارا، وإذا أضمروا أنه أحق بالأخذ بالشفعة، أضمرنا أنه أحق بالعرض عليه، ولأن المراد بالجار في الخبر الشريك، لأنه خرج على سبب يقتضي ذلك، روى عمرو بن شريد[٩] عن أبيه قال: بعت حقا من أرض لي فيها شريك فقال شريكي: أنا أحق بها، فرفع ذلك إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال: الجار أحق بسقبه. والزوجة تسمى جارة لمشاركتها للزوج في العقد قال الأعشى: [١٠]: أيا جارتي بيني فإنك طالقة * كذلك أمور الناس غاد وطارقة وهي تسمى بذلك عقيب العقد وتسمى به وإن كانت بالمشرق والزوج بالمغرب، فليس لأحد أن يقول إنما سميت بذلك لكونها قريبة مجاورة، فقد صار اسم الجار يقع على الشريك لغة وشرعا. [١١]
واشترطنا أن يكون واحدا، لأن الشئ إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين فباع أحدهم لم يستحق شريكه الشفعة لأن حق الشفعة حكم شرعي يفتقر في ثبوته إلى دليل شرعي، وليس في الشرع ما يدل على ذلك، وعلى هذا إذا كان الشريك واحدا ووهب بعض السهم أو تصدق به، وباع الباقي للموهوب له، أو للمصدق عليه، لم يستحق فيه الشفعة. [١٢]
وذهب قوم من أصحابنا إلى أنها تستحق وإن كانوا أكثر من واحد، على قدر الرؤس وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قولي الشافعي، والقول الآخر أنه على قدر الأنصباء وهو الأصح عندهم، ومن نصر القول الأخير من أصحابنا، فلأخبار وردت في ذلك المعنى قال الشيخ: والأقوى عندي الأول. [١٣]
واشترطنا أن يكون مسلما إذا كان المشتري كذلك، تحرزا من الذمي لأنه لا يستحق على مسلم شفعة. [١٤] سواء اشتراه من مسلم أو ذمي. وبه قال الشعبي و أحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة وأصحابه، و مالك، و الشافعي: يستحق الذمي الشفعة على المسلم. لنا مضافا إلى إجماع الإمامية عموم قوله تعالى: { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } [١٥] وما رووه من قوله ( عليه السلام ): لا شفعة لذمي على مسلم.
واشترطنا أن لا يسقط حق المطالبة، لأنه أقوى من قول من يذهب إلى أن حق الشفعة على الفور، ويسقط بتأخير الطلب مع القدرة عليه، من أصحابنا وغيرهم. [١٦]
قال الشيخ في خلافه: مطالبة الشفيع على الفور فإن تركها مع القدرة عليها بطلت شفعته وبه قال أبو حنيفة وهو أصح أقوال الشافعي وله ثلاثة أقوال أخر: أحدها: أن الشفيع بالخيار ثلاثا، ثم يبطل خياره ونص في القديم على قولين: أحدهما أن خياره على التراخي ولا يسقط إلا بصريح العفو، وإلا كان للمشتري أن يرافعه إلى الحاكم، فيقول: إما أن تأخذ أو تدع والثاني أنه على التأبيد كالقصاص حتى قال: لا يملك المشتري مرافعته إلى الحاكم، بل الخيار إليه، ولا اعتراض عليه[١٧] في البداية: إذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ثم يشهد على البايع إن كان المبيع في يده أو على المبتاع وإذا فعل ذلك استقرت شفعته ثم لا تسقط بالتأخير عند أبي حنيفة وقال محمد: إن تركها شهرا بعد الإشهاد بطلت. [١٨]
لنا على أن الأقوى هو القول في الشفعة بالتراخي أن الشفعة ثابتة للشفيع إجماعا فيجب أن لا يسقط بتأخير الطلب وهو أصل في كل حق شرعا وعقلا، ولا يخرج من هذا الأصل إلا ما أخرجه دليل قاطع، كحق رد المبيع بالعيب، على أن حق الرد ربما كان في تأخيره إبطاله، لجواز تغير أمارات العيب وخفائها، فحصلت الشبهة في وجوده، فوجب لذلك المسارعة إلى الرد، وليس كذلك حق الشفعة، لأن ما يجب به من عقد البيع قد أمن ذلك فيه. وما يتعلق به المخالف أخبار آحاد لا يعول على مثلها. [١٩]
وقولهم: إذا لم تبطل الشفعة بتأخير الطلب دخل على المشتري ضرر، لأنه إذا علم بذلك امتنع من التصرف في المبيع بما يحتاج إليه من غرس وبناء وتغيير لأن الشفيع يأمره بإزالة ذلك إذا أخذ وهو من أخذه على وجل وذلك ممنوع منه عقلا وشرعا، والجواب عنه أن يقال: يمكن أن يتحرز من هذا الضرر بما به يسقط حق الشفعة أصلا ووجوه التحرز من ذلك كثيرة.
ثم يقال لهم على سبيل المعارضة في مقابلة ضرر المشتري بما ذكرتموه من ضرر الشفيع بالشركة، وإزالة ضرره هاهنا هو المقصود المراعى دون إزالة ضرر المشتري، ولهذا يستحق الشفعة من علم بالبيع بعد السنين المتطاولة بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد، وكذا حكم المسافر إذا قدم، والصغير إذا بلغ ولم يمنع ما ذكر تموه من ضرر المشتري من استحقاقها.
واشترطنا عدم عجزه عن الثمن، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع، فإذا تعذر عليه سقط حقه من الشفعة، وسواء كان عجزه لكونه معسرا أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة، وقد فقدت عنه بلا خلاف في ذلك.
وقد روى أصحابنا أن حكمه كذا متى لم يحضر الثمن من البلد الذي هو فيه حتى مضت ثلاثة أيام، ومتى ادعى إحضاره من مصر آخر فلم يحضره حتى مضت مدة يمكن فيها وصول الثمن وزيادة ثلاثة أيام، هذا ما لم يؤد الصبر عليه إلى ضرر، فإن أدى إلى ذلك بطلت الشفعة.
وإذا كان الثمن مؤجلا فهو على الشفيع كذلك[٢٠]، وهو أحد أقوال الشافعي. وبه قال مالك[٢١] ويلزمه إقامة كفيل به إذا لم يكن مليا[٢٢] وفاقا لمالك[٢٣] وهذا لا يتفرع على مذهب من قال من أصحابنا إن حق الشفعة لا يسقط بالتأخير.
وقال الشيخ: وهو مخير بين أن يأخذه في الحال ويعطي ثمنه حالا وبين أن يصبر إلى حلول الأجل فيطالبه بالثمن الواجب عندها، لأن الشفعة قد وجبت بنفس الشراء والذمم لا تتساوى فوجب عليه الثمن حالا، أو يصبر إلى وقت الحلول فيطالبه بالشفعة مع الثمن وهو ثاني أقوال الشافعي والقول الثالث: إن أخذه بسلعته يساويه إلى الأجل المذكور.
وإذا حط البايع من الثمن بعد لزوم العقد فهو للمشتري خاصة ولم يسقط عن الشفيع لأنه إنما يأخذ الشقص بالثمن الذي انعقد عليه البيع وما يحط بعد ذلك هبة مجددة لا دليل على لحقوقها بالعقد[٢٤] وهو قول الشافعي سواء كان الحط كل الثمن أو بعضه.
وقال أبو حنيفة: إن حط بعض الثمن لحق العقد ويسقط عن الشفيع، وإن حط كله لم يلحق العقد. [٢٥]
وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة، استحقت في كل مبيع، من الأرضين والحيوان والعروض - كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لم يكن[٢٦]، وقال الشيخ في الخلاف: لا شفعة في كل ما يمكن تحويله من الثياب، والحبوب، والسفن، والحيوان وغير ذلك عند أكثر أصحابنا، وعلى الظاهر من رواياتهم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة.
وقال مالك: الشفعة في كل شئ من الأموال والثياب والطعوم والحبوب والحيوان – وهو اختيار السيد المرتضى - [٢٧] واستدل عليه ومن تبعه بأن هذا هو المذهب الذي تقدم الإجماع عليه من أصحابنا، وبما روي من قوله ( صلى الله عليه وآله ): الشفعة فيما لم يقسم ولم يفصل، وبقوله: الشفعة في كل شئ، على أنه يقال لهم: إذا كنتم تذهبون إلى أن الشفعة وجبت لإزالة الضرر عن الشفيع، وكان هذا المعنى حاصلا في ساير المبيعات، لزمكم القول بوجوب الشفعة فيها.
وقولهم: من صفة الضرر الذي تجب الشفعة لإزالته أن يكون حاصلا على جهة الدوام، وهذا لا يكون إلا في الأرضين، ليس بشئ لأن الضرر المنقطع يجب أيضا إزالته عقلا وشرعا، كالدائم فكيف وجبت الشفعة لإزالة أحدهما دون الآخر، على أن فيما عدا الأرضين ما يدوم كدوامها ويدوم الضرر بالشركة فيه لدوامها، كالجواهر وغيرها. [٢٨]
والشفعة مستحقة على المشتري دون البايع وعليه الدرك للشفيع وفاقا للشافعي ومالك وقال أبو حنيفة: إن أخذه من البايع فالعهدة عليه، وإن أخذها من المشتري فعلى المشتري.
لنا أن الشفيع إنما يأخذ ملك المشتري بحق الشفعة فيلزمه دركه كما هو لو باعه. [٢٩]
ولا يأخذ الشفيع الشفعة من البايع أبدا وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: له أخذها منه قبل القبض.
لنا أن الشفيع إنما يستحق الشفعة بعد تمام العقد ولزومه، وإذا كان كذلك فالملك للمشتري، فيجب أن يكون الأخذ من مالكه لا من غيره. [٣٠]
وإذا كان الشريك غير كامل العقل فلوليه أو للناظر في أمور المسلمين، المطالبة بالشفعة. [٣١]
ولا ينتظر بلوغ الصبي ورشاده. وبه قال جميع الفقهاء، خلافا للأوزاعي فإنه قال: ليس للولي الأخذ له، لكنه يصبر حتى يبلغ[٣٢] وإذا ترك الولي ذلك فللصغير إذا بلغ، والمجنون إذا عقل، المطالبة[٣٣]، وفاقا للشافعي وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: تسقط شفعته وليس له أخذها.
لنا قد ثبت أنها حقه، فلا يسقط بترك الولي ذلك كما لا يسقط ديونه وحقوقه. [٣٤]
وإذا كان للصبي شفعة والحظ له في تركه، فتركه الولي، وإذا بلغ ورشد، فله المطالبة وفاقا لمحمد وزفر[٣٥] والشافعي في أحد قوليه، والقول الآخر وعليه أصحابه أنه ليس له المطالبة وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف. لنا ما قلناه في المسألة الأولى. [٣٦]
وإذا غرس المشتري وبنى، ثم علم الشفيع بالشراء وطالب بالشفعة، كان له إجباره على قلع الغرس والبناء إذا رد عليه ما نقص من ذلك بالقلع[٣٧]، وفاقا للشافعي ومالك وأحمد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: له مطالبته بالقلع ولا يعطيه ما نقص[٣٨]، في البداية: الشفيع بالخيار، إن شاء أخذ بالثمن للبناء والغرس، وإن شاء كلف المشتري قلعه. [٣٩]
لنا أن المشتري إنما غرس في ملكه، فلم يكن متعديا، فيجب أن يرد عليه ما نقص من غرسه بالقلع، ولأنه إذا رد عليه ما نقص فلا خلاف أن له مطالبته بالقلع ولا دلالة على وجوب القلع إذا لم يرد.
وإذا استهدم المبيع لا بفعل من المشتري، أو هدمه هو قبل علمه بالمطالبة بالشفعة، فليس له إلا الأرض والآلات، وإن هدمه بعد العلم بالمطالبة، فعليه رده إلى ما كان[٤٠]، وفي البداية: إذا انهدمت الدار بغير فعل المشتري فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء تركها[٤١]، وبه قال الشيخ في الخلاف، وإن كان بفعل آدمي، كان له أن يأخذ العرصة بحصتها من الثمن، بدلالة ما رواه جابر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال: الشفعة في كل مشترك ربع أو حائط، ولا يحل له أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه، فإن باعه فشريكه أحق بالثمن فثبت أنه يأخذه بذلك الثمن وهو مذهب أبي حنيفة، وللشافعي فيه قولان، وأصحابه على خمس طرق: أحدها: ما قلناه، وهو أضعفها وثانيها إذا انتقض البناء وانفصل، فالشفيع يأخذ العرصة بالشفعة، وما اتصل بها من البناء دون المنفصل عنها على قولين: أحدهما: يأخذ المتصل بكل الثمن أو يتركه، والقول الآخر: يأخذ بحصة من الثمن أو يدع وهو أصح القولين عندهم. [٤٢]
وإذا عقد المشتري البيع على شرط البراء من العيوب، أو علم بالعيب ورضي به، لم يلزم الشفيع ذلك، بل متى علم بالعيب رده على المشتري إن شاء. وحق الشفعة موروث عند بعض أصحابنا لعموم آيات الميراث[٤٣]، وفي الخلاف: المنصوص لأصحابنا أن الشفعة لا تورث وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والأول اختيار المرتضى ( رحمهم الله ) وبه قال الشافعي ومالك. [٤٤]
إذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا - كالحمام، والأرحية والدور الضيقة - فلا شفعة فيها وبه قال أهل الحجاز.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: تجب فيه الشفعة، وبه قال بعض أصحابنا كما ذكرناه قبل.
قال الشيخ: ويدل على ما ذهبنا إليه ما رواه أبو هريرة وجابر أن النبي ( عليه السلام ) قال: الشفعة في كل ما لم يقسم وإذا وقعت الحدود فلا شفعة، ووجه الدلالة أنه ذكر الشفعة بالألف واللام وهما للجنس، فكأنه قال: جنس الشفعة فيما لم يقسم، يعني ما يصح قسمته وما لا يجوز قسمته لا يدخل تحته، ولأن قوله: ( ما لم يقسم ) يفيد ما يقسم، إلا أنه لا يفعل فيه القسمة، لأنه لا يقال فيما لا يقسم ما لم يقسم، وإنما يقال لا يقسم، فلما قال: ( لم يقسم ) دل على ما قلناه. [٤٥]
وإذا اختلف المتبايعان والشفيع في مبلغ الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه. [٤٦]
وإذا اختلف المشتري والشفيع في الثمن، ومع كل واحد منهما بينة قبلت بينة المشتري، لأنه هو المدعي للثمن والشفيع ينكره وبه قال الشافعي وأبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد: البينة بينة الشفيع لأنه الجارح. [٤٧]
إذا وهب شقصا لغيره سواء كان فوقه أو دونه أو نظيره، فإنه لا يستحق به الشفعة. وقال الشافعي: إن كانت الهبة لمن هو مثله أو دونه فإنه لا يستحق الشفعة لأن الهبة للنظير تودد، ولمن دونه استعطاف، فلا يستحق بهما العوض، وإن كان لمن فوقه فهل يثاب عليه ؟ قال في الجديد: لا ثواب، وبه قال أبو حنيفة: وقال في القديم: يثاب عليه، ففي الأول لا شفعة وفي الثاني فيها الشفعة. [٤٨]
وإذا وجبت الشفعة فسار إلى المطالبة فلم يأت المشتري فيطالبه، ولا إلى الحاكم، بل مضي إلى الشهود فأشهد على نفسه بأنه مطالب للشفعة، لم تبطل شفعته لأنه لا دلالة عليه وفاقا لأبي حنيفة، وخلافا للشافعي فإنه قال: تبطل. [٤٩]
الهوامش
- ↑ الغنية 232.
- ↑ الخلاف: 3 / 433 مسألة 8.
- ↑ الهداية في شرح البداية: 4 / 318 - 319.
- ↑ الغنية 233.
- ↑ الهداية في شرح البداية: 4 / 319.
- ↑ الغنية 233.
- ↑ الخلاف: 3 / 427 مسألة 3.
- ↑ أي بقربه.
- ↑ بن سويد التابعي، الثقفي، أبو الوليد الطائفي روى عن: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عباس، وأبي رافع مولى النبي ( صلى الله عليه وآله ). روى عنه: إبراهيم بن مسيرة الطائفي، وبكير بن عبد الله بن الأشج. تهذيب الكمال: 22 / 63 رقم 4384.
- ↑ اسمه ميمون بن قيس بن جندل، أبو بصير من شعراء الجاهلية وفحولهم أنظر ترجمته. الأغاني: 9 / 75 رقم 108.
- ↑ الغنية ص 234.
- ↑ الغنية 233 - 234.
- ↑ الخلاف: 3 / 435 مسألة 11.
- ↑ الغنية 234.
- ↑ النساء: 141.
- ↑ الغنية 234.
- ↑ الخلاف: 3 / 430 مسألة 4.
- ↑ الهداية في شرح البداية: 4 / 310 - 311.
- ↑ الغنية ص 235.
- ↑ الغنية 235 - 236.
- ↑ الخلاف: 3 / 433 مسألة 9.
- ↑ الغنية 236.
- ↑ الخلاف: 3 / 433 مسألة 9.
- ↑ الغنية ص 236.
- ↑ الخلاف: 3 / 448 مسألة 28.
- ↑ الغنية 236.
- ↑ الخلاف: 3 / 425 مسألة 1.
- ↑ الغنية 236 - 237.
- ↑ الخلاف: 3 / 447 مسألة 23.
- ↑ الخلاف: 3 / 447 مسألة 24.
- ↑ الغنية 237.
- ↑ الخلاف: 3 / 443 مسألة 18.
- ↑ الغنية 237.
- ↑ الخلاف: 3 / 444 مسألة 19.
- ↑ بن الهذيل بن قيس الحنفي، أبو الهذيل، كان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأي، مولده سنة ( 110 ) وتوفي سنة ( 158 ). وفيات الأعيان: 2 / 317 رقم 243.
- ↑ الخلاف: 3 / 444 مسألة 20.
- ↑ الغنية 237.
- ↑ الخلاف: 3 / 439 مسألة 14.
- ↑ الهداية في شرح البداية: 4 / 316.
- ↑ الغنية 237 - 238.
- ↑ البداية في شرح البداية: 4 / 317.
- ↑ الخلاف: 3 / 437 مسألة 13.
- ↑ الغنية 238.
- ↑ الخلاف: 3 / 436 مسألة 12.
- ↑ الخلاف: 3 / 441 مسألة 16، مع تصرف وتلخيص ومغايرة.
- ↑ الغنية 238.
- ↑ الخلاف: 3 / 431 مسألة 6.
- ↑ الخلاف: 3 / 451 مسألة 33.
- ↑ الخلاف: 3 / 456 مسألة 42.