الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الانتقال من علّة إلى علّة أخری»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الانتقال من علة إلى علّة أخرى:''' الانتقال: مأخوذ من النقل، وهو تحويل الشيء من موضع إلى آخر<ref>...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٧:٢٥، ١٩ مايو ٢٠٢١
الانتقال من علة إلى علّة أخرى: الانتقال: مأخوذ من النقل، وهو تحويل الشيء من موضع إلى آخر[١]. وهو ما يوجب إكمال ما أراد المعلل تعليله[٢]. والانتقال من علة إلى علّة أخرى، ومن دليل إلى آخر بعد الاعتراض على استدلاله بـ : القياس الفقهي لإثبات ما أراد إثباته أوّلاً وهو في مقابل الانقطاع الذي هو عبارة عن العجز عن إقامة الحجّة من الوجه الذي اُبتدئ للمقالة[٣]. أي العجز عن إثبات المدّعى الذي رام المستدلّ بـ : القياس الفقهي إثباته بعد الاعتراض على استدلاله، والتسليم باعتراض المعترض وهما من مباحث علم الجدل أدخلا في مباحث علم الأصول في ذيل مبحث «الاعتراض» حيث إنّ المستدلّ بـ : القياس الفقهي بعد الاعتراض عليه بأحد الاعتراضات المذكورة في باب الاعتراض إمّا أن ينتقل إلى علّة أخرى وحكم آخر لإثبات ما أراد إثباته أوّلاً، أو ينقطع عن ذلك ويكون بذلك في حكم المسلّم باعتراض المعترض. وهما من المباحث الخاصّة بـ أصول الفقه عند أهل السنّة لكونهما من مباحث القياس ولم يتطرّق لهما في أصول الفقه عند الشيعة الإمامية لعدم اعتدادهم بـ : القياس الفقهي المعروف.
أقسام الانتقاض
قسم الأحناف الانتقال إلى أربعة أقسام:
القسم الأوّل: الانتقال من علّة إلى علّة أخرى لإثبات العلّة الأولى
كما إذا علل المستدلّ لنفي الضمان عن الصبي المستهلك للوديعة بكونه إستهلاكا عن تسليط صحيح، ومع التسليط ينتفي الضمان.
فيعترض عليه: بأنّ الصبي غير مسلّط على الاستهلاك، فلابدّ للمستدلّ أن ينتقل إلى الاستدلال بعلّة أخرى لإثبات عدم الضمان[٤].
وهذا الانتقال يأتي في «اعتراض المنع» الذي أحد معانيه منع كون الأصل معللاً[٥]؛ لأنّ المعترض لما منع من علّية الوصف المذكور في الدليل وهو كون التسليط موجبا لنفي الضمان فلابدّ للمعلّل من إثبات وصف آخر وعلة أخرى لنفي الضمان[٦].
القسم الثاني: الانتقال من حكم إلى حكم آخر لإثباته بالعلّة الأولى
ويمثّل له بما إذا علل المستدلّ جواز عتق المكاتب بعنوان الكفّارة بكون المكاتبة عقد معاوضة يحتمل الفسخ، ومع وجود احتمال الفسخ يجوز عتق المكاتب وينتفي عقد الكتابة بالفسخ، فلايكون عقد الكتابة مانعا من جواز عتق المكاتب بعنوان الكفارة لكونه متزلزلاً بسبب جواز الفسخ.
فإذا اعترض عليه بأنّ عقد المكاتبة لايمنع من صلاحية دفع الرقبة في الكفارة، لكن الذي يمنع منه هو نقصان الرقّية في المكاتب بسبب عقد الكتابة، ومع هذا النقصان لايصحّ دفع الرقبة في الكفارة فيكون المانع هو نقصان الرقية لا في نفس عقد الكتابة.
فيمكن أن يجاب على الاعتراض المذكور بأنّ وجود احتمال الفسخ في عقد الكتابة ينفي نقصان الرقية في العبد المكاتب، فأُثبت عدم نقصان الرقية وهو حكم آخر بنفس العلّة الأولى وهي احتمال الفسخ في عقد الكتابة[٧].
ويذكر البخاري[٨] بأنّ هذا الانتقال إنّما يتصوّر في اعتراض «القول الموجَب» الذي هو القول بما أوجبه دليل المستدلّ[٩]؛ لأنّ المعترض سلّم الحكم الذي كان مفاد دليل المستدلّ، وإنّما كان النزاع في شيء آخر فينتقل المستدلّ إلى إثبات الحكم المتنازع فيه بهذه العلّة أو بعلّة أخرى.
القسم الثالث: الانتقال إلى حكم آخر وعلّة أخرى
كما إذا سلم المعترض في المثال المتقدّم بكون عقد المكاتبة في نفسه لايمنع من صرف الرقبة في الكفارة، فينتقل المستدلّ إلى حكم آخر وهو القول بكون العبد رقبة مملوكة فجاز صرفها في الكفّارة، فهذا الحكم الذي انتقل إليه غير الحكم الذي استدلّ له بالعلّة الأولى[١٠].
وذكر البخاري[١١] بأن هذا الانتقال أيضا إنّما يتصور في اعتراض «القول الموجَب» لنفس السبب الذي ذكره في القسم الثاني.
القسم الرابع: الانتقال من علّة إلى علّة لإثبات الحكم الأوّل
ويمثّل له باحتجاج إبراهيم عليهالسلام على نمرود لمّا حاجّه بقوله: «...رَبِّيَ الَّذِي يُحْيي وَيُمِيتُ...»[١٢] فلما اعترض عليه نمرود بقوله: «أَنَا أُحْيِ وَأُمِيتُ»[١٣]، انتقل ابراهيم عليهالسلام إلى علّة أخرى وهي قوله: «فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ»[١٤]، فكان ذلك منه[١٥] انتقالاً من علّة إلى علّة أخرى قبل تمامية الاستدلال بالعلّة الأولى لبيان الحكم وهو تفرده تعالى بالإلوهية.
وقد وقع الخلاف في أنّ هذا القسم من أقسام الانتقال هل هو انقطاع أم لا؟ قولان يذكر في ذلك:
القول الأوّل: إنّه انقطاع
وهو مذهب الجمهور[١٦].
باعتبار أنّ المناظرة إنّما يراد بها إثبات الحقّ وإظهار الصواب، فإذا لم يكن الدليل متناهيا وكان المستدلّ ينتقل من علّة إلى علّة قبل أن يتمّ الاستدلال بالعلّة الأولى لم تنتهِ المناظرة ولم يحصل المقصود والغرض منها[١٧].
القول الثاني: إنّه ليس بانقطاع
وهو ما يُنسب إلى بعض أهل النظر[١٨].
ويمكن أن يستدلّ له بدليلين:
الأوّل: أنّ إبراهيم عليهالسلام استعمل هذه الطريقة في الاحتجاج وكان في موضع المدح منه تعالى[١٩].
الثاني: أنّ المدّعي إذا أقام شاهدين على دعواه وعورضت هذه الشهادة بجرح الشاهدين، فإنّه من الممكن له إقامة شهادة أخرى لإثبات ما رام إثباته بالشهادة الأولى، ويكون ذلك بمنزلة الانتقال من علّة إلى علّة أخرى قبل تمام الاستدلال بالأولى[٢٠].
ونوقش في الدليل الأوّل: بأنّ ما استدلّ به من قصّة إبراهيم(ع) وانتقاله من علّة إلى علّة أخرى إنّما هو لأجل خوف التباس الأمر على الحضور، وإلاّ فإنّ ما اعترض به نمرود من أ نّه يحيي ويميت لايصلح للاعتراض به؛ لأنّ الإماتة والإحياء اللذين ينسبان إليه تعالى غير الإماتة والإحياء اللذين ينسبان إلى نمرود[٢١].
ونوقش في الدليل الثاني: بأنّ جواز إقامة شهادة أخرى إنّما هو لأجل صيانة حقوق الناس لا جواز الانتقال مطلقا[٢٢].
حكم الانتقال من علّة إلی علّة اخری
وقع البحث في أنّ الانتقال من قبل المستدلّ من علّة أو حكم إلى علّة أخرى وحكم آخر هل يجوز في مقام الاستدلال أم لايجوز؟
أطلق غير الأحناف[٢٣] القول بعدم جواز الانتقال، ومرادهم منه هو القسم الرابع منه الذي سبق ذكره من قبل الأحناف وهو الذي يكون الانتقال فيه من علّة إلى علّة لإثبات ما رام المستدلّ الاستدلال به بالعلّة الأولى قبل تمام الاستدلال بها، وهو مقابل الأقسام الأخرى التي يذكرها الأحناف له وهي ما كان الغرض فيها تعضيد الاستدلال وتقويته، ولذلك قسموه إلى انتقال صحيح وانتقال فاسد أو مذموم[٢٤].
أمّا الأحناف[٢٥] فإنّهم قاموا بتقسيم الانتقال إلى أربعة أقسام، الثلاثة الأولى منها تندرج في الانتقال الصحيح، والرابع منها يندرج في الانتقال المذموم الذي أطلق غيرهم القول بعدم صحّته.
هذا كلّه إذا كان الانتقال من المستدلّ.
أمّا إذا كان الانتقال من المعترض قبل تمامية اعتراضه، فهل يجوز له الانتقال من اعتراض إلى اعتراض آخر؟
ذكر بأن الأصحّ قبول اعتراضه إذا كان انحدارا من الأعلى إلى الأدنى بأن ينتقل من الاعتراض بالمنع إلى الاعتراض بالمعارضة، وأمّا إذا أراد الترقّي بأن ينتقل من الأدنى إلى الأعلى لم يقبل منه ذلك للزوم التناقض[٢٦].
المصادر
- ↑ . لسان العرب 4: 4008 مادة «نقل».
- ↑ . فتح الغفار بشرح المنار 3: 57.
- ↑ . الواضح في أصول الفقه 2: 127.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 286، كشف الأسرار النسفي 2: 387، كشف الأسرار (البخاري) 4: 222، فتح الغفّار بشرح المنار 3: 57 ـ 58، نور الأنوار 2: 385.
- ↑ . إرشاد الفحول 2: 233.
- ↑ . كشف الأسرار البخاري 4: 223، فتح الغفّار بشرح المنار 3: 57.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 287، كشف الأسرار النسفي 2: 387، كشف الأسرار (البخاري) 4: 223، فتح الغفّار بشرح المنار 3: 58، نور الأنوار 2: 385، فواتح الرحموت 2: 336.
- ↑ . كشف الأسرار 4: 222.
- ↑ . إرشاد الفحول 2: 211.
- ↑ . أنظر: كشف الأسرار البخاري 4: 223 ـ 224، فتح الغفّار بشرح المنار 3: 58.
- ↑ . كشف الأسرار 4: 222.
- ↑ . البقرة: 258.
- ↑ . البقرة: 258.
- ↑ . البقرة: 258.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 287 ـ 288، كشف الأسرار النسفي 2: 387 ـ 388، كشف الأسرار (البخاري) 4: 224 ـ 225.
- ↑ . أنظر: الكافية في الجدل: 552، أصول السرخسي 2: 288، كشف الأسرار النسفي 2: 388، كشف الأسرار (البخاري) 4: 225، التوضيح شرح التنقيح 2: 222، البحر المحيط 5: 354، إرشاد الفحول 2: 249.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 288، كشف الأسرار البخاري 4: 225، البحر المحيط 5: 354.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 287، كشف الأسرار البخاري 4: 225، التوضيح شرح التنقيح 2: 222.
- ↑ . أنظر : أصول السرخسي 2 : 287 ـ 288، كشف الأسرار البخاري 4 : 225.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 288، كشف الأسرار البخاري 4: 225.
- ↑ . أنظر: الكافية في الجدل: 552، أصول السرخسي 2: 288، كشف الأسرار البخاري 4: 226، البحر المحيط 5: 354 ـ 355.
- ↑ . أنظر: كشف الأسرار البخاري 4: 226.
- ↑ . أنظر: الكافية في الجدل: 552، الواضح في أصول الفقه 2: 135، البحر المحيط 5: 354، إرشاد الفحول 2: 249.
- ↑ . الكافية في الجدل: 551.
- ↑ . أنظر: أصول السرخسي 2: 286، كشف الأسرار النسفي 2: 385، كشف الأسرار (البخاري) 4: 221، فواتح الرحموت 2: 336.
- ↑ . أنظر: البحر المحيط 5: 354، إرشاد الفحول 2: 249.