انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حوزة قم العلمية»

من ویکي‌وحدت
Halimi (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضتين)
سطر ١٩٦: سطر ١٩٦:
كان آية الله گلپايگاني رائدًا في هذا المجان عام 1341 ش (1962 م)، حيث نظم هيئة تضم 150 طالبًا يدرسون وفق منهج خاص ويشاركون في امتحانات منتظمة. تضمنت الخطة في البداية منهجًا دراسيًا لمدة 11 عامًا حتى انتهاء مرحلة "السطح"، وقد نُفذت السنوات الست الأولى من 1341 إلى 1346 ش (1962-1967 م). ولكن في عام 1346 ش (1967 م)، تم تعديل الخطة لتشمل أربع مراحل تُغطى في أربع سنوات، وبعد انتهاء هذه المرحلة التمهيدية، يلتحق الطلاب بالدروس العامة للحوزة لمواصلة دراستهم.
كان آية الله گلپايگاني رائدًا في هذا المجان عام 1341 ش (1962 م)، حيث نظم هيئة تضم 150 طالبًا يدرسون وفق منهج خاص ويشاركون في امتحانات منتظمة. تضمنت الخطة في البداية منهجًا دراسيًا لمدة 11 عامًا حتى انتهاء مرحلة "السطح"، وقد نُفذت السنوات الست الأولى من 1341 إلى 1346 ش (1962-1967 م). ولكن في عام 1346 ش (1967 م)، تم تعديل الخطة لتشمل أربع مراحل تُغطى في أربع سنوات، وبعد انتهاء هذه المرحلة التمهيدية، يلتحق الطلاب بالدروس العامة للحوزة لمواصلة دراستهم.
أما المدرسة المؤثرة "الحقاني" (المعروفة أيضًا بمنتظرية، نسبة إلى مؤسسها علي الحقاني)، فقد تأسست في ستينيات القرن العشرين. تميزت هذه المدرسة ببرامجها المنظمة والانضباط والإدارة القوية، واشتهرت بأنها أفضل مدرسة في الحوزة العلمية بقم من حيث التخطيط الدراسي خلال الستينيات والسبعينيات. وقد تعاونت في إدارتها وتوجيهها شخصيات مثل الطباطبائي والمشكيني، وتم اختيار طلابها بعناية وفق شروط خاصة، وكانوا يتلقون منحة شهرية قدرها 200 ريال بالإضافة إلى كميات من الأرز والزيت، كما في العام الدراسي 1347-1348 ش (1968-1969 م) <ref>شعبان‌زاده، بهمن، تاریخ شفاهی لمدرسه حقانی، ص۱۲۰ـ۱۲۲</ref>.
أما المدرسة المؤثرة "الحقاني" (المعروفة أيضًا بمنتظرية، نسبة إلى مؤسسها علي الحقاني)، فقد تأسست في ستينيات القرن العشرين. تميزت هذه المدرسة ببرامجها المنظمة والانضباط والإدارة القوية، واشتهرت بأنها أفضل مدرسة في الحوزة العلمية بقم من حيث التخطيط الدراسي خلال الستينيات والسبعينيات. وقد تعاونت في إدارتها وتوجيهها شخصيات مثل الطباطبائي والمشكيني، وتم اختيار طلابها بعناية وفق شروط خاصة، وكانوا يتلقون منحة شهرية قدرها 200 ريال بالإضافة إلى كميات من الأرز والزيت، كما في العام الدراسي 1347-1348 ش (1968-1969 م) <ref>شعبان‌زاده، بهمن، تاریخ شفاهی لمدرسه حقانی، ص۱۲۰ـ۱۲۲</ref>.
== مواضيع ذات صلة ==
* [[قم]] 
* [[السيدة المعصومة]]


== الهوامش ==
== الهوامش ==

المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٣٥، ١٠ مايو ٢٠٢٥

الخطوة الثانية للثورة

الحوزة قم العلمية هي أكبر وأكثر مراكز تربية وتأهيل طلاب العلوم الدينية الشيعية ازدهارًا في العالم الإسلامي في العصر الحاضر، يعود تاريخ هذه الحوزة إلى العقود الأولى من القرن الثاني الهجري، مع هجرة الأشعريين من الكوفة إلى قم وانتشار التشيع وتشكيل الحوزة العلمية الشيعية في هذه المدينة، ومن خلال هجرة عائلات علمية مثل آل برقي، وحميري، وابن بابويه، وغيرها، وحضور العلويين والسادات من القرن الثالث الهجري فصاعدًا، اكتسبت حوزة قم مكانة مرموقة، مما أدى إلى ازدهارها وتوسعها السريع. كما أن التواصل الوثيق مع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) زاد من مكانة الحوزة وجعلها مرجعًا ومعيارًا في العلوم الإسلامية، ووفقًا لمصادر مختلفة، كانت تُدرَّس في حوزة قم تقريبًا جميع فروع العلوم الدينية، بما في ذلك: الكلام، والعلوم القرآنية، والرجال، والحديث، إضافة إلى المقدمات الأساسية لها. وبلغت حوزة قم ذروة ازدهارها في القرنين الثالث والرابع الهجريين، لكنها شهدت تراجعًا في القرن الخامس، وبحسب روايات المؤرخين، عادت في القرن السادس لتقترب من أيام مجدها السابق. إلا أن الغزو المغولي لقم عام 621 هـ أدى إلى انحدار الحوزة، وعلى الرغم من تراجعها بين القرنين السابع والتاسع الهجريين، فإن الأهمية الدينية لقم وأصالة حوزتها العلمية ووجود علماء الشيعة الراسخين في هذه المدينة منعا انهيارها وزوالها الكامل، كما أن الدعم شبه المستمر من الصفويين للعلماء والمذهب الشيعي كان من عوامل نمو وازدهار الحوزات الشيعية، وحتى أواخر القرن الحادي عشر والقرن الثالث عشر الهجريين، ظل عدد من العلماء يمارسون النشاط العلمي في قم، مما ساهم في مزيد من الازدهار العلمي للمدينة. وفي أواخر العصر القاجاري، وقبل مجيء آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري إلى قم وجهوده لرفع مستوى الحوزة العلمية فيها، بذل علماء قم محاولات في هذا الاتجاه لم تثمر عن النتيجة المرجوة. وبإصرار الشيخ محمد تقي البافقي وتوسط ميرزا محمد الأرباب والشيخ محمدرضا شريعتمدار الساوجي، دُعي الشيخ عبد الكريم الحائري للانتقال من أراك إلى قم لتأسيس حوزة علمية منظمة فيها. وهكذا استقر الحائري في قم عام 1340 هـ (1921 م) وأسس نواة الحوزة العلمية الجديدة في قم. وخلال إقامته التي استمرت حوالي 15 عامًا، وهي فترة ذروة عطائه العلمي، استطاع بفضل إدارته القوية أن يُنشئ حوزة علمية قوية. وتوسعت الحوزة العلمية في قم، سواء بسبب الدور الذي لعبته في الثورة الإسلامية أو بسبب المهام والإجراءات المتوقعة منها بعد الثورة في مختلف المجالات، خاصةً وأن العديد من المسؤوليات المحددة في الدستور والمناصب السياسية والثقافية في المجتمع لا يمكن أن يتولاها إلا خريجو الحوزة. علاوة على ذلك، اكتسبت حوزة قم في هذه السنوات مكانة قوية وأهمية كبيرة، حيث يقصدها الأفراد ليس فقط من داخل إيران، بل من العديد من الدول الأخرى لدراسة العلوم الدينية، حتى أنه حتى عام 2021 م، انضم أكثر من 50 ألف طالب من 122 دولة إلى "جامعة المصطفى العالمية"، وتخرج أكثر من 25 ألفًا منهم وعادوا إلى بلدانهم ومدنهم ليكونوا مُربين ودعاة ومديرين ثقافيين مؤثرين

تاريخ وحضور الأسر العلمية في حوزة قم العلمية

التأسيس المبكر للحوزة

يعود تاريخ حوزة قم الدينية إلى القدم البعيد للمذهب الشيعي في هذه المدينة، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بهجرة قبيلة الأشعريين ذات الأصول اليمنية من الكوفة إلى قم [١].

أسرة الأشعريين

أدت هجرة الأشعريين الشيعة المتزايدة في القرن الثاني الهجري إلى تحول مدينة قم بسرعة إلى إحدى المدن ذات الغالبية الشيعية. تشير سير حياة المحدثين وعلماء الشيعة الذين عاشوا في قم خلال القرنين الأول والثاني إلى تكوّن الحوزة العلمية الشيعية في هذه المدينة منذ العقود الأولى للقرن الثاني الهجري، من بين قائمة تضم 91 عالماً ومحدثاً من أسرة الأشعريين في قم بين القرنين الأول والرابع الهجريين (حسب ما جمعه جعفر مهاجر [٢]. نجد أن 33 منهم عاشوا في القرن الثاني، مما يدل على نشاط الحوزة القمية منذ أواخر القرن الأول وطوال القرن الثاني الهجري، ومن أبرز هؤلاء أبو بكر بن عبد الله بن سعد بن مالك بن عامر الأشعري (الحي في أواخر القرن الأول)، المحدث وصاحب الإمام الصادق (عليه السلام)، الذي أنجب ذرية كثيرة من العلماء [٣].

أسرة البرقي

يعتبر أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي (ت قبل 220هـ) المؤسس لهذه الأسرة، وهو من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا (عليهما السلام). أما أشهر علمائهم فهو ابنه أحمد بن محمد البرقي.

أسرة الحميري

أشهر شخصية في هذه الأسرة هو عبد الله بن جعفر الحميري (ت حوالى 310هـ)، راوية أحاديث الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام)، وقد نقلت عنه الكتب الأربعة الشيعية أكثر من 180 حديثاً [٤].

أسرة إبراهيم بن هاشم

أسس هذه الأسرة أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم القمي (الحي سنة 247هـ)، وهو من رواد علم الحديث في قم ويعتبر أول من نشر أحاديث الكوفيين في قم [٥].

أسرة متيل القمي

برز من هذه الأسرة محدثون كبار مثل حسن بن متيل (ت بعد 300هـ) مؤلف كتاب "النوادر"، وأحمد بن متيل وابنه جعفر الذين كان لهم مكانة خاصة لدى النواب الخاصين للإمام المهدي [٦].

عائلة ابن بابويه

أما أشهر عائلة في حوزة قم ثم الري فهي عائلة ابن بابويه. حافظت هذه العائلة على مكانتها المرموقة في حوزتي قم والري حتى أواخر القرن السادس الهجري. كان منتجب الدين الرازي، آخر علماء هذه العائلة، يحمل كنية "ابن بابويه" مثل أول عالم فيها، واسمه أيضًا كان عليًا. كان أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (المتوفى ٣٢٩هـ) محدثًا كبيرًا، ووصفه النجاشي بأنه "شيخ القميين وفقيههم"، وذكر كتبه الكثيرة التي تناولت الأحكام الفقهية. ابنه أبو عبد الله الحسين بن علي كان يُكنى أيضًا بابن بابويه، وقد نقل الحديث بإجازة من أبيه. وذكر أنه كان يُدرّس قبل بلوغه العشرين من عمره، وكانت إجاباته السريعة للأسئلة الفقهية تدهش الحاضرين. أما الابن الآخر لأبي الحسن علي بن الحسين، فهو أبو جعفر محمد بن علي المعروف بالشيخ الصدوق أو ابن بابويه، وهو أشهر شخصية في هذه العائلة العلمية. من مؤلفاته كتاب "من لا يحضره الفقيه"، أحد الكتب الأربعة الأساسية في الحديث والفقه الشيعي. يُعتبر الشيخ الصدوق رمزًا بارزًا لحوزة قم، ثم الري حيث هاجر إليها بعد سنة ٣٣٩هـ. يمكن مقارنة مكانته في قم والري بمكانة الشيخ الطوسي في حوزة بغداد [٧].

العلويون والسادة

بالإضافة إلى هذه الأسر العلمية، ساهم وجود عدد كبير من العلويين والسادة في ازدهار حوزة قم. وقد أسهم العلويون في ازدهار هذه الحوزة بطريقتين:

  • ظهور العديد من العلماء منهم على مر التاريخ.
  • أصبحت مقابرهم - التي كانت موضع إجلال الناس - مركزًا للتدريس والتعليم وفقًا لتعاليم الأئمة الشيعة (عليهم السلام).

في طليعة العلويين في قم، تُذكر السيدة فاطمة المعصومة (أخت الإمام الرضا عليه السلام)، التي توفيت في قم سنة ٢٠٢هـ أثناء رحلتها إلى خراسان. أصبح ضريحها اليوم ثاني أكبر مزار في إيران وعاملًا رئيسيًا في ازدهار الحوزة العلمية في المدينة. يذكر القمي في "تاريخ قم" عدة علماء وفقهاء علويين ينتمون إلى ذرية علي بن جعفر العريضي (ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام). كما ورد في المصادر ذكر محمد بن موسى بن إسحاق (من أحفاد الإمام موسى الكاظم بعد خمسة أجيال) بعنوان "الفقيه". ومن الشخصيات البارزة أيضًا موسى المبرقع (ابن الإمام الجواد عليه السلام)، الذي هاجر إلى قم، حصل أحفاده على لقب "الرضوي"، وكان منهم أبو الحسن موسى بن أحمد (حيًّا سنة ٣٧١هـ)، الذي تولى نقابة السادة في قم والمناطق المجاورة. من أحفاد موسى المبرقع بعد ثلاثة أجيال، كان عبيد الله بن موسى عالمًا ومحدثًا ورعًا، وألف عدة كتب منها "أنساب آل الرسول" و"الأديان والملل". ومن العلماء العلويين الآخرين حمزة بن محمد بن أحمد (من ذرية زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام)، الذي روى الحديث للصدوق في قم سنة ٣٣٩هـ. يذكر مؤلف "تاريخ قم" أن عدد علماء الشيعة المشهورين في المدينة من البداية حتى القرن الرابع بلغ ٢٦٦ عالمًا، بينما كان عدد علماء السنة ١٤ عالمًا. بلغ الاهتمام بالعلوم الدينية، خاصة الحديث، درجة أن محمد تقي المجلسي نقل عن كتاب أن عدد المحدثين في قم زمن الشيخ الصدوق (القرن الرابع) تجاوز مئتي ألف محدث! وفسر ذلك بأن عامة وخاصة أهل قم كانوا يحفظون الحديث، مما يعكس الانتشار الواسع لعلوم الحديث بينهم [٨].

العلاقة بين العلماء والأئمة

هذه الميزات والخصائص المذكورة للحوزة العلمية في قم، مثل قدم الحوزة وكثرة الأسر العلمية ووجود العلويين فيها بكثرة، لا تقارن بأهم ميزة لهذه الحوزة والتي منحتها مكانة عالية، ألا وهي الصلة الوثيقة بالأئمة المعصومين. وكانت هذه الصلة تتم عبر المراسلات وكذلك من خلال سفر علماء قم إلى العراق والحجاز وخراسان. في القائمة السابقة للمهاجرين، من بين 91 عالماً ومحدثاً أشعرياً من قم، كان لـ46 منهم صلة بلقاء واحد أو أكثر من الأئمة المعصومين. ويزيد عدد القميين الذين صحبوا الأئمة إذا أخذنا بعين الاعتبار العلماء غير الأشاعرة. هذه العلاقة زادت من مكانة حوزة قم وجعلتها مرجعاً ومعياراً في علوم الإسلام. وكما ذكر الشيخ الطوسي (ونقله عنه المجلسي) أن الحسين بن روح، النائب الثالث للإمام المهدي (ع)، أرسل مرة كتاباً فقهياً (كتاب التأديب) إلى قم ليعرض على فقهائها ليبدوا رأيهم في صحة ما ورد فيه [٩].

العلوم والكتب

العلوم الدينية

بناءً على مصادر مختلفة، يمكن القول إن جميع فروع العلوم الدينية ومقدماتها كانت تدرس في حوزة قم (مع الأخذ بعين الاعتبار المراحل المبكرة لبعض هذه العلوم). كان أبو جعفر البرقي (توفي 274 أو 280) متخصصاً في علوم الأدب والبلاغة، وألف في هذا المجال كتابين هما "الشعر والشعراء" و"النحو". وكان أحد تلامذته، أبو عبد الله محمد بن عبيد الله الملقب بالماجيلويه، فقيهاً وأديباً. ومن أساتذة الأدب البارزين في حوزة قم أبو علي أحمد بن إسماعيل الملقب بالسمكة، الذي ألف عدة كتب وصفها النجاشي بأنها لا مثيل لها [١٠].

علوم القرآن

حظيت علوم القرآن باهتمام كبير في حوزة قم. فقد ألف أبو طالب عبد الله بن صلت القمي (أحد رواة الإمام الرضا) كتاباً في التفسير. كما ألف أبو عبد الله البرقي كتابين في التفسير هما "كتاب التنزيل والتعبير" و"التفسير". وكان لأخيه حسن بن خالد البرقي تفسير في 120 مجلداً أملى عليه الإمام حسن العسكري. كما ألف محمد بن حسن الصفار (توفي 290) كتاباً عن القرآن بعنوان "فضل القرآن". وكتب أبو القاسم سعد بن عبد الله الأشعري القمي كتاباً بعنوان "ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه". وفي هذه الفترة أيضاً كتب تفسير علي بن إبراهيم القمي الذي أصبح أساساً للعديد من التفاسير المأثورة اللاحقة [١١].

علم الكلام

كانت المسائل العقائدية والكلامية موضوعاً آخر للتأليف والتدريس في حوزة قم القديمة، حيث كانت قضية غيبة الإمام الثاني عشر والإمامة في صلب هذه المناقشات. ومن الكتب التي ألفت في هذا المجال:

  • "كتاب الجبر والتفويض" و"كتاب ما يفعل الناس حين يفقدون الإمام" لأبي جعفر أحمد بن أبي زاهر الأشعري القمي
  • "كتاب الغيبة" و"كتاب الإمامة" لأبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري القمي
  • "كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة" لعلي بن حسين بن بابويه [١٢].

الرد على الغلاة

شكل جزء كبير من النشاط الكلامي في حوزة قم في إطار مكافحة الأفكار المنحرفة للغلاة. حيث ألف كل من:

  • الحسين بن سعيد الأهوازي
  • محمد بن حسن الصفار القمي
  • أبو القاسم سعد بن عبد الله الأشعري
  • كتباً في الرد على الغلاة [١٣].

التاريخ والجغرافيا

كان التاريخ والجغرافيا من العلوم الأخرى التي حظيت باهتمام في حوزة قم القديمة. فقد كان أبو عبد الله البرقي (حسب النجاشي) عالماً بأخبار العرب وعلومهم، وألف عدة كتب منها "كتاب مكة والمدينة" و"كتاب حروب الأوس والخزرج". أما ابنه أبو جعفر البرقي فقد ألف العديد من الكتب التاريخية مثل "أنساب الأمم" و"الأوائل" و"بنات النبي وأزواجه" و"كتاب التاريخ" و"كتاب المغازي" و"طبقات الرجال"، بالإضافة إلى كتاب في الجغرافيا بعنوان "البلدان والمساحة" الذي كان من مصادر تاريخ قم. وكان تلميذ أبي جعفر البرقي، أحمد بن إسماعيل (الملقب بالسمكة) متخصصاً في التاريخ أيضاً، ومن مؤلفاته "كتاب العباسي" الذي وصفه النجاشي بأنه كان في عشرة آلاف ورقة، وقد استفاد منه حسن بن محمد القمي مؤلف تاريخ قم. كما كان أبو جعفر محمد بن عبد الله الحميري عالماً بالتاريخ والجغرافيا، وألف كتاب "المساحة والبلدان" بناءً على كتاب أبي جعفر البرقي. وألف أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر (ابن قولويه) عدة كتب في التاريخ منها "تاريخ الشهور والحوادث فيها" [١٤].

علم الرجال

كان لعلماء قم مؤلفاتٌ بارزة في التراجم وعلم الرجال. ويبدو أن أبا جعفر البرقي كان له كتابٌ بعنوان "كتاب الرجال". بالإضافة إليه، كان لعلماء آخرين مثل أبي علي أحمد بن إسحاق الأشعري (المعاصر لعام 260هـ)، وأبي جعفر محمد بن يحيى الأشعري (المتوفى حوالى 280هـ)، وسعد بن عبد الله الأشعري (المتوفى بين 299-300هـ)، ومحمد بن حسن بن الوليد (المتوفى 343هـ)، وابن دؤل القمي (المتوفى 350هـ)، وابن داود القمي (المتوفى 368هـ)، والشيخ الصدوق وابن أخيه حسين بن حسن بابويه القمي (من القرن الرابع) كتبٌ في علم الرجال، كما أن ابن بُطّة القمي وابن قولويه والشيخ الصدوق ألّف كلٌ منهم كتابًا في ذكر فهرس الكتب المُؤَلَّفة.

علم الحديث

لم يكن انتشار هذه العلوم المتنوعة في حوزة قم القديمة بنفس اتساع انتشار علم الحديث فيها. يُعتبر الحديث ليس فقط العلم المسيطر، بل أيضًا الحركة العلمية الأوسع للشيعة في القرنين الثاني حتى الرابع الهجري. كانت أحاديث الأئمة تُروى أولًا في المدينة والكوفة، ثم تُهذَّب وتُدوَّن في حوزة قم. ودراسة أسانيد كتب مثل "المحاسن" لأحمد بن محمد بن خالد البرقي شاهدٌ على ذلك. ومن أكبر محدثي هذه الحوزة إبراهيم بن هاشم القمي، الذي كان لا مثيل له في كثرة الرواية، حيث ورد اسمه في أسانيد أكثر من 6414 حديثًا. جزء كبير من أحاديث "أصول الكافي" نُقلت عن علي بن إبراهيم عن طريق أبيه إبراهيم بن هاشم. ودراسة أسانيد أحاديث كتاب "الكافي" تُظهر أن أكثر من 80٪ من مشايخ الكليني في الرواية كانوا من القميين، مما يدل على أن الكليني قضى فترةً طويلةً يستفيد من علماء حوزة قم [١٥].

النصّية (المذهبية النصية)

من مميزات المدرسة الحديثية في قم الاهتمام بنص الحديث وتنظيمه وفق المواضيع الدينية المختلفة. الشيخ الصدوق، الذي يُعد رمزًا لهذه المدرسة، ألّف عدة كتب فقهية-حديثية مهمة، بالإضافة إلى مؤلفات في العقائد تعتمد على الأحاديث، مثل: كتاب التوحيد (في مباحث الألوهية). كمال الدين وتمام النعمة (في إثبات إمامة محمد بن الحسن العسكري وغيبته وطول عمره). لم يكن هناك مدرسة كلامية بالمعنى الاصطلاحي بين محدثي قم، بل كان هناك مجموعة من الأحاديث العقائدية تُشرح أحيانًا. كما اختلفت النصية القمية عن منهج أهل الحديث (السائد لدى السنة)، حيث كان بعض الشيعة يتهمون المتمسكين بالنص فقط بـ"التقليد" أو "الحشوية". لكن محدثي قم كانوا يفحصون الأحاديث وفق أصول النقد الحديثي، ويتشددون في منع دخول الأحاديث الموضوعة، خاصةً من الغلاة. فمثلًا: أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى (شيخ القميين وفقيههم، المتوفى 274هـ) أخرج سهل بن زياد الآدمي من قم لأنه اعتبره غاليًا وكذابًا، ومنع الناس من رواية الحديث عنه. حتى أنه نفي أحمد بن محمد بن خالد البرقي من قم لنقله أحاديث عن ضعفاء، لكنه تراجع عن ذلك سريعًا واعتذر له، وحضر جنازته حافيًا حزينًا. كما أن أبا جعفر كان يتجنب رواية أحاديث الحسن بن محبوب (149-224هـ) لأنه كان متهمًا بنقل أحاديث أبي حمزة الثمالي بدون سند. ومع ذلك، يذكر الكشي أن ابن عيسى تراجع لاحقًا عن هذا الموقف بعد أن تأكد من صحة انتساب الأحاديث إلى أبي حمزة [١٦].

المحدثون الفقهاء

على الأرجح، إن اهتمام ودقة علماء حوزة قم في انتقاء الحديث وقبوله هو ما دفع علماء الرجال إلى تسميتهم بـ"الفقهاء". فهم -بتعبير محمد تقي المجلسي - كانوا "فقهاء المحدثين"، حيث كانوا ينتقون الأحاديث الصحيحة من بين النصوص الحديثية المتاحة لديهم، كما كانوا قادرين على التوفيق بين الأحاديث المتعارضة. ولهذا السبب، وُصف بعض كبار محدثي قم في المصادر بـ"الفقهاء"، مثل: محمد بن علي بن محبوب (توفي ٢٢٤ق) أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري (حيًّا حتى ٢٧٤ق) أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم المعروف بماجيلويه (القرن الثالث الهجري) سعد بن عبد الله الأشعري علي بن الحسين ابن بابويه (توفي ٣٢٩ق) علي بن حسن بن شاذان (القرن الرابع الهجري) هؤلاء العلماء ألَّفوا كتبًا كثيرة في الأحكام الفقهية. على سبيل المثال: كتب محمد بن علي بن محبوب عدة مؤلفات في العبادات مثل الصلاة والصيام والحج، وكذلك في الأحكام الجزائية والجنائية. كان لمحمد بن حسن الصفار أكثر من ثلاثين كتابًا فقهيًا. ألَّف سعد بن عبد الله الأشعري في معظم أبواب الفقه. بينما كتب أحمد بن محمد بن حسين (المعروف بابن دؤل القمي، توفي ٣٥٠ق) ما لا يقل عن ٣٥ كتابًا فقهيًا [١٧].

طرق التعليم

كانت أساليب التعليم في جميع الحوزات الدينية متشابهة إلى حد كبير. ومن أكثر الطرق شيوعًا، خاصة في تدريس الحديث، أن يجتمع الطلاب -سواء بشكل جماعي أو فردي- حول الأستاذ، فيقرأ عليهم الأحاديث من حفظه أو من كتاب، فيحفظونها ويكتبونها. وقد نتج عن هذه الطريقة كتب "الأمالي" و"المجالس". أحيانًا كان الطالب يقرأ كتابًا (من تأليف الأستاذ أو غيره) أمام شيخه، فيستمع إليه الأستاذ ويوافق عليه. وبعد أن يتأكد من تمكن الطالب من سماع الحديث وفهمه، ومن أمانته ووثاقته، كان يمنحه إجازة رواية، والتي كانت تُكتب إما على ورقة منفصلة أو في نهاية الكتاب. مثال على ذلك: وفقًا للشيخ الطوسي حصل ابن أبي جيد القمي على إجازة رواية من أحمد بن محمد العطار القمي سنة ٣٥٦ق [١٨] وذكر ابن النديم أنه رأى في آخر كتاب بخط الشيخ الصدوق (محمد بن علي ابن بابويه) إجازةً جاء فيها: "أجزت لفلان بن فلان رواية كتب أبي المئتين، وكتبي الثمانية عشر [١٩].

النظام المالي والإداري للحوزة القديمة

لا تقدم المصادر القديمة معلومات كثيرة عن النظام المالي والإداري لحوزة قم القديمة. لكن يُفهم منها أن معيشة العلماء كانت تعتمد بشكل أساسي على العمل والتجارة، حيث كان الأساتذة والطلاب يعملون إلى جانب الدراسة. أمثلة على ذلك: كان الحسن بن علي الحجال (محدث وصاحب الكتاب الكبير "الجامع في أبواب الشريعة") يتاجر بالشراكة مع محمد بن حسن بن الوليد القمي (توفي ٣٤٣ق). ونظرًا لأن وهب بن محمد القمي (صاحب كتاب "النوادر") كان يعمل بائع أقمشة (بزاز)، لُقب بـ"البزاز" [٢٠]. بينما كان محمد بن حسن الصفار (توفي ٢٩٠ق) -صاحب كتاب "بصائر الدرجات- يعمل رَّوِيجرًا (صانع أواني فخارية). والحسين بن شاذويه (القرن الرابع الهجري) -أحد محدثي قم- كان صحافًا (مجليد كتب)، وكان من أساتذة أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه. ويذكر "تاريخ قم" أن الأشعريين في قم كانوا يوقفون المنازل والقرى والأراضي الزراعية الكثيرة لأئمة أهل البيت، كما كانوا يرسلون خمس أموالهم عبر وكلاء الأئمة (العديد منهم كانوا من قم). ويمكن افتراض أن جزءًا من هذه الأوقاف كان يُستخدم لتمويل طلاب العلم والمراكز التعليمية.

المجال السياسي

لا يمكن دراسة حوزة قم القديمة دون النظر إلى صلاتها بالسياسة والمجتمع. وقد تجلى هذا الارتباط بطريقتين:

  • تدخل علماء الحوزة في الشؤون السياسية وتولي المناصب الإدارية في المدينة.
  • الاهتمام بالتأليف والبحث النظري في القضايا العملية من منظور ديني.

تولي المناصب الإدارية

السبب الرئيسي لارتباط حوزة قم بالشؤون الاجتماعية والسياسية هو التركيبة السكانية للمدينة، حيث كانت مدينة شيعية بالكامل. لذا، كان يتم اختيار الولاة والقضاة من بين الشيعة الذين يشكلون الأغلبية. أمثلة: عين هارون الرشيد (حكم: ١٧٩-١٩٣ق) حمزة بن يسع القمي (أحد رواة الإمام الرضا) واليًا على قم، وأذن له بإقامة صلاة الجمعة فيها. وفي سنة ١٩٢ق، عين نفس الخليفة عامر بن عمران الأشعري واليًا على قم [٢١]. حتى إذا لم يكن الحاكم من علماء الحوزة، كان عليه كسب تأييدهم لإدارة المدينة بنجاح، مثلما كان والي قم يلتقي بأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري لهذا الغرض. أما القضاة، فكانوا أيضًا من علماء الشيعة في المدينة. وفقًا لـ"تاريخ قم" ، كان السكان يختارون قضاتهم حتى أواخر القرن الثالث، إلى أن جعل المقتفي (حكم: ٢٨٩-٢٩٥ق) تعيين القضاة من قبل الخلافة. ومع ذلك، ظل القضاة يُختارون من علماء الشيعة المحليين. من بين العائلات العلمية التي تولت القضاء:

  • آل دعويدار القمي: الذين وصفهم عبد الجليل القزويني بأنهم "زهاد وعلماء وأهل فتوى وتقوى"، ومنهم:
  • أبو المناقب ظهير الدين علي بن هبة الله
  • علاء الدين محمد بن علي بن هبة الله
  • ركن الدين محمد بن سعد بن هبة الله
  • كما وُصِف آخرون بأنهم قضاة، مثل:
  • سديد الدين أبو محمد بن حسن القمي
  • القاضي أبو إبراهيم بابويي، الذي تولى القضاء في النصف الأول من القرن السادس.
  • ولهذا قال عبد الجليل القزويني : "في قم، كل الفتاوى والحكومة على مذهب الصادق والباقر، وقاضيها إما علوي أو شيعي [٢٢].

النقاشات النظرية حول الحكم

إلى جانب تولي المناصب، اهتم علماء حوزة قم بالنظريات السياسية مثل: الخراج، والزكاة، والجهاد، وعلاقات المسلمين بغيرهم. ومن المؤلفات في هذا المجال: كتاب "القضاء وآداب الحكام" لأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (ح. ٢٩٠-٣٦٨ق) [٢٣]. رسالة "عمل السلطان" لأبي الحسن محمد بن أحمد بن داود (توفي ٣٦٨ق)، وهو فقيه وشيخ القميين في عصره

جهود العلماء لتأسيس حوزة علمية في قم

قبل ثماني سنوات على الأقل من تأسيس الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي للحوزة العلمية في قم عام ١٣٠٠ ش (١٩٢١ م)، كانت فكرة نقل المرجعية الشيعية من العراق إلى إيران وإنشاء حوزة علمية منظمة في قم أو مشهد قد طرحها علماء مثل الشيخ أسد الله الممقاني في إيران.

ميرزا محمد فيض قمي

في أواخر العصر القاجاري وقبل وصول الحائري إلى قم وقيامه بإصلاح الحوزة العلمية هناك، بذل علماء قم - وبعضهم كان يتمتع بمكانة علمية رفيعة - جهودًا في هذا الاتجاه لم تثمر عن النتيجة المرجوة. ومن هؤلاء ميرزا محمد فيض القمي، الذي عاد من سامراء إلى قم عام ١٣٣٣ هـ (١٩١٥ م) وأعاد عام ١٣٣٦ هـ (١٩١٧ م) تأهيل مدرستي دار الشفاء وفيضية اللتين كانتا قد توقفتا عن العمل العلمي، وأسكن الطلاب فيهما. كما قام بترتيب الطلاب حسب مستوياتهم وحدد لهم رواتب. اعتُبر هذا الإجراء مهمًا لدرجة أن متولي حرم السيدة المعصومة أقام احتفالًا كبيرًا بإضاءة الصحن العتيق في عيد الغدير عام ١٣٣٦ هـ (١٩١٨ م) بمناسبة هذه الخطوة. على الرغم من هذا الإجراء المهم، ورغم وجود علماء كبار في قم آنذاك مثل الشيخ أبو القاسم القمي وميرزا جواد آقا الملكي التبريزي، [٢٤]. لم تُؤسس حوزة علمية منظمة وقوية في المدينة حتى استقرار الحائري فيها بشكل دائم.

الشيخ محمد تقي البافقي

كما يجب ذكر جهود الشيخ محمد تقي البافقي في تشكيل الحوزة المعاصرة في قم. وفقًا لشريف الرازي، [١٩٤] [١٩٥] بعد هجرة البافقي إلى قم عام ١٣٣٧ هـ (١٩١٩ م) واستقراره فيها، حث علماء المدينة مثل الشيخ أبو القاسم الكبير القمي والشيخ مهدي الفيلسوف وميرزا محمد الأرباب على تأسيس حوزة علمية منظمة، لكنهم اعتقدوا أن إنشاء الحوزة يتطلب وجود عالم ذي نفوذ من خارج قم نظرًا لوضع المدينة وطبيعة أهلها.

الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي

في النهاية، وبإصرار البافقي وتوسط ميرزا محمد الأرباب والشيخ محمد رضا الشريعتمدار الساوجي - من أبرز علماء ذلك الوقت المقيمين في قم - دُعي الشيخ عبد الكريم الحائري للقدوم من أراك إلى قم لتأسيس حوزة علمية منظمة. وهكذا استقر الحائري في قم عام ١٣٤٠ هـ (١٩٢١ م) وبدأ في تأسيس الحوزة العلمية الجديدة.

كان الحائري عالمًا بارزًا ومعروفًا، درس في سامراء والنجف عند أساتذة مشهورين مثل السيد محمد الفشاركي الأصفهاني والميرزا محمد حسن الشيرازي وآخوند ملا محمد كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ثم درّس سنوات في كربلاء قبل أن يستقر في أراك عام ١٣٣٢ هـ (١٩١٤ م) أو أوائل ١٣٣٣ هـ (١٩١٥ م)، حيث درّس وأدار شؤون الحوزة هناك بشكل مستقل. هذه الخبرة العلمية والإدارية هي التي دعت إلى استقدامه إلى قم وساعدته في تأسيس الحوزة الجديدة. بعد استقرار الحائري في قم، انتقل العديد من تلاميذه من أراك إلى المدينة، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل السيد محمد تقي الخونساري والسيد أحمد الخونساري والسيد روح الله الخميني (الإمام الخميني) والسيد محمد رضا الكلبايكاني والشيخ محمد علي الأراكي. خلال إقامته التي استمرت حوالي ١٥ عامًا في قم - والتي كانت في ذروة عطائه العلمي - استطاع الحائري بإدارته القوية إنشاء حوزة علمية قوية، حيث وصل عدد طلابها قبل تشديدات حكومة بهلوي الأولى عام ١٣١٣ ش (١٩٣٤ م) إلى ٧٠٠ طالب، وبحسب رواية أخرى إلى ٩٠٠ طالب، بينما ذكرت مصادر أخرى أن العدد وصل إلى ألف [٢٥].

مكانة الحوزة العلمية بعد الثورة الإسلامية

من الجدير بالذكر أن الحوزة العلمية توسعت، سواء من حيث الدور الذي لعبته في الثورة الإسلامية أو بسبب الأعمال والجهود التي كان يُنتظر منها القيام بها بعد الثورة في مختلف المجالات، خاصةً لأن عددًا من المسؤوليات المحددة في الدستور والمناصب السياسية والثقافية في المجتمع لا يمكن أن يُضطلع بها إلا من قبل خريجي الحوزة. بالإضافة إلى ذلك، في هذه السنوات، اكتسبت مكانة الحوزة العلمية في قم قوة وأهمية كبيرة، لدرجة أن الأفراد لا يأتون لدراسة العلوم الدينية في قم من داخل إيران فحسب، بل من العديد من البلدان الأخرى أيضًا؛ بحيث إنه حتى الآن (عام ١٤٠٠ هـ.ش) انضم أكثر من خمسين ألف طالب من ١٢٢ دولة إلى عائلة المصطفى الكبيرة، وقد تخرج أكثر من خمسة وعشرين ألفًا منهم وعادوا إلى بلدانهم ومدنهم ليكونوا معلمين ودعاة ومديرين ثقافيين مؤثرين [٢٦].

المنح الدراسية والمصادر المالية للطلاب

في زمن الحائري والبروجردي، كان أحد المصادر الرئيسية لتمويل الحوزة العلمية في قم هو الأموال الشرعية. حاول الشاه رضا بهلوي الأول تقييد نفوذ رجال الدين بوضع أوقاف المدارس، التي كانت أحد مصادر تمويل الحوزات، تحت سيطرة الحكومة، وبذلك استولى على العديد من المدارس أيضًا. كان لهذا الأمر أهمية كبيرة لدرجة أن السيد أبو القاسم الكاشاني أشار إليه في أول بيان له بعد شهريور ١٣٢٠. السيد محسن الأمين [٣٠٩]، الذي زار قم عام ١٣١٣ هـ.ش / ١٩٣٤ م، ذكر في تقريره عن أوضاع الحوزة في قم أن عدد طلابها كان تسعمائة طالب، وأشار إلى أن الزعامة العلمية والدينية في جميع أنحاء إيران كانت بيد الحائري، وكانت الأموال تُرسل إليه من أقصى نقاط البلاد، فكان يضعها تحت تصرف وكلائه الماليين الموثوق بهم لتوزيعها على الطلاب. ووفقًا لكتابات السيد ريحان الله اليزدي ، كانت نفقات معيشة الطلاب تُغطى من عدة مصادر: الدخل الشخصي، مساهمات التجار والأعيان في المدن، المساعدات المالية من الحائري، وكانت هناك مجموعة من الطلاب الذين كانت جميع نفقاتهم يغطيها الحائري.[٢٧].وبلغت مصاريف الحوزة العلمية في قم خلال فترة رئاسة الحائري عشرة آلاف تومان، لكنها انخفضت بعد وفاته إلى ألفين وسبعين تومانًا. كان الحائري يمنح كل طالب أعزب ثلاثين ريالًا شهريًا، وكل طالب متزوج ما يصل إلى مائة وخمسين ريالًا شهريًا. كما كان يعطي كل طالب مجرد سبعة مناصير ونصف من الخبز، ولكل فرد من عائلة الطلاب المتزوجين خمسة مناصير من الخبز. بالإضافة إلى ذلك، كان يقدم مساعدات إضافية للطلاب في فصل الشتاء لتغطية نفقات التدفئة، وأحيانًا في حالات المرض أو السفر أو الزواج. في عهد الحجت والخوانساري، كانت المنحة الدراسية خمسة عشر ريالًا مع خمسة مناصير من الخبز، مع زيادة كمية الخبز للمتزوجين. واستمر صرف هذه المنحة للطلاب لمدة ثمانية عشر عامًا بعد وفاة الحائري. اشترط الحائري أن يحصل الطلاب الجدد على غرفة في المدرسة والمنحة الدراسية فقط بعد مضي ستة أشهر على دخولهم الحوزة والتحقق من أحوالهم. [٢٨].في عهد البروجردي، كان يتم صرف المنحة الدراسية للطلاب بعد أن يبدأوا دراسة كتاب "شرح اللمعة"، لكنه كان يمنحها للطلاب المتفوقين في وقت مبكر. وما زال التمييز بين الطلاب العزاب والمتزوجين والتفاوت حسب المرحلة الدراسية معمولًا به حتى الآن في الحوزات العلمية، بما فيها الحوزة العلمية في قم.

مدارس حوزة قم العلمية

في قم، إلى جانب المدارس القديمة مثل مدرسة الفيضية التي كانت تُستخدم تقليديًا من قبل الطلاب، منذ تأسيس هذه الحوزة حتى الآن، تم بناء مدارس وتخصيصها للطلاب وفقًا للضرورات المختلفة. ووفقًا لتقرير عام 1313 ش (1934 م)، كانت مدارس قم وعدد طلابها على النحو التالي:

  • الفيضية: 91 غرفة و200 طالب.
  • دار الشفاء: 28 غرفة و42 طالبًا.
  • الرضوية: 24 غرفة و43 طالبًا.
  • الحاج ملا صادق: 25 غرفة و45 طالبًا.
  • الناصرية: 23 غرفة و22 طالبًا.
  • مهدي قلي خان: 14 غرفة و20 طالبًا.
  • الحاج سيد صادق: 10 غرف و18 طالبًا.

اشترى السيد محمد حجت كوه كمرئي خلال فترة رئاسته عمارة نائب السلطنة وأقام مكانها مدرسة، تم في البداية تجهيز 26 غرفة فيها، والتي عُرفت فيما بعد بـ"المدرسة الحجتية". وفي عهد آية الله البروجردي وبعد نهضة الإمام الخميني، زاد عدد مدارس الحوزة العلمية في قم، وخاصة المدارس ذات النماذج الخاصة، نتيجة للحاجة إلى إصلاحات في الحوزة، حيث بلغ عدد مدارس قم في أوائل السبعينيات حوالي 15 مدرسة. ومن بين هذه المدارس، لعبت مدارس تحت إشراف آية الله گلپايگاني ومدرسة الحقاني دورًا أساسيًا في إصلاح مناهج الحوزة. كان آية الله گلپايگاني رائدًا في هذا المجان عام 1341 ش (1962 م)، حيث نظم هيئة تضم 150 طالبًا يدرسون وفق منهج خاص ويشاركون في امتحانات منتظمة. تضمنت الخطة في البداية منهجًا دراسيًا لمدة 11 عامًا حتى انتهاء مرحلة "السطح"، وقد نُفذت السنوات الست الأولى من 1341 إلى 1346 ش (1962-1967 م). ولكن في عام 1346 ش (1967 م)، تم تعديل الخطة لتشمل أربع مراحل تُغطى في أربع سنوات، وبعد انتهاء هذه المرحلة التمهيدية، يلتحق الطلاب بالدروس العامة للحوزة لمواصلة دراستهم. أما المدرسة المؤثرة "الحقاني" (المعروفة أيضًا بمنتظرية، نسبة إلى مؤسسها علي الحقاني)، فقد تأسست في ستينيات القرن العشرين. تميزت هذه المدرسة ببرامجها المنظمة والانضباط والإدارة القوية، واشتهرت بأنها أفضل مدرسة في الحوزة العلمية بقم من حيث التخطيط الدراسي خلال الستينيات والسبعينيات. وقد تعاونت في إدارتها وتوجيهها شخصيات مثل الطباطبائي والمشكيني، وتم اختيار طلابها بعناية وفق شروط خاصة، وكانوا يتلقون منحة شهرية قدرها 200 ريال بالإضافة إلى كميات من الأرز والزيت، كما في العام الدراسي 1347-1348 ش (1968-1969 م) [٢٩].

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. القمی، حسن بن محمد، تاریخ قم، ج۱، ص۲۴۰
  2. المهاجر، جعفر، رجال الاشعریین من المحدثین و اصحاب الائمة، ج۱، ص۱۹۲- ۱۹۵
  3. البرقی، احمد بن محمد، کتاب الرجال، ج۱، ص۴۳
  4. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۲۱۹-۲۲۰
  5. الطوسی، محمد بن حسن، فهرست کتب الشیعة و اصولهم و اسماء المصنفین و اصحاب‌الاصول، ج۱، ص۳۵-۳۶
  6. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۴۹
  7. الصدوق، محمد بن علی، معانی‌ الاخبار، ص۱۸۱۹
  8. المجلسی، محمدباقر بن محمدتقی، بحارالانوار، ج۵۷، ص۲۱۷
  9. المجلسی، محمدباقر بن محمدتقی، بحارالانوار، ج۵۱، ص۳۵۹
  10. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۳۵۳
  11. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۱۷۷-۱۷۸
  12. السبحانی، جعفر، موسوعة طبقات الفقهاء، ج۴، ص۲۸۴
  13. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۱۷۷-۱۷۸
  14. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۱۲۳-۱۲۴
  15. آقابزرگ طهرانی، محمدمحسن، الذریعة الی تصانیف الشیعة، ج۱۶، ص۳۷۴۳۷۵
  16. المعارف، مجید، بحث في تاریخ حدیث شیعه، ج۱، ص۳۸۵
  17. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۸۹-۹۰
  18. ابن ندیم، محمد بن اسحاق، الفهرست، ص۲۴۲.
  19. ابن ندیم، محمد بن اسحاق، الفهرست، ص۲۴۲
  20. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۴۳۰
  21. القمی، حسن بن محمد، کتاب تاریخ قم، ج۱، ص۱۰۲
  22. القزوینی، عبدالجلیل، نقض، ج۱، ص۴۵۹
  23. النجاشی، احمد بن علی، رجال النجاشی، ص۱۲۳-۱۲۴
  24. شریف رازی، محمد، آثار الحجة، ج۱، ص۳۹،
  25. جعفریان، رسول، برگ‌هایی از تاریخ حوزه علمیه قم، ج۱، ص۱۶،
  26. صالح، محسن، جامعه مدرسین حوزه علمیه قم، ج۱، ص۴۶۴ـ۴۹۸
  27. ریحان یزدی، علیرضا، مرات المفكرين، ج۱، ص۴۹،
  28. الغروی تبریزی، عبدالحسین، «مصاحبه با آیت‌اللّه عبدالحسین غروی تبریزی»، ج۱، ص۳۹
  29. شعبان‌زاده، بهمن، تاریخ شفاهی لمدرسه حقانی، ص۱۲۰ـ۱۲۲