تأثير الزمان في الاستصحاب

من ویکي‌وحدت

تأثير الزمان في الاستصحاب: الزمان بمعنى وقت الشيء ومدّته وأجله، وماهيته أنّه مقدار له اتّصال وليس له قرار. والغرض في هذا المقال أنّ للزمان دخالةً في الاستصحاب وفي بعض مسائل أصول الفقه نشير إليها فيما يلي:

تأثير الزمان في الاستصحاب

للزمان تأثير في بعض الاُمور المعتبرة في أصل جريان الاستصحاب نحاول الكلام عنها وعن استصحاب الزمان.

أ ـ تأثيره في بعض الاُمور المعتبرة في أصل جريان الاستصحاب

للزمان تأثير في بعض الاُمور المعتبرة في أصل جريان الاستصحاب أو في حجّيته بعد جريانه، كاجتماع اليقين والشكّ في زمانٍ واحد، بمعنى أن يتّصل زمان الشكّ بزمان اليقين ولا يتخلّل بينهما يقين آخر، كما هو في الاستصحابات المتعارفة[١].
والوجه في اعتبار اجتماع اليقين والشكّ في الزمان واضح؛ لأنّ ذلك هو المقوّم لـ حقيقة الاستصحاب الذي هو إبقاء ما كان[٢].
وكذلك في سبق زمان المتيقن على زمان المشكوك، أي أنّه يجب أن يتعلّق الشكّ في بقاء ما هو متيقن الوجود سابقا، وهذا هو الظاهر من معنى الاستصحاب، فلو انعكس الأمر بأن كان زمان المتيقن متأخّرا عن زمان المشكوك بأنيشكّ في مبدأ حدوث ما هو متيقن الوجود في الزمان الحاضر، فإنّ هذا يرجع إلى الاستصحاب القهقرائي الذي لا دليل عليه[٣].

ب ـ استصحاب الزمان واستصحاب الاُمور المقيدة بالزمان

1 ـ استصحاب الزمان

إنّ استصحاب الزمان قد يكون بنحو مفاد «كان» التامّة كاستصحاب بقاء النهار أو بقاء الشهر، وقد يكون بنحو مفاد «كان» الناقصة، أي استصحاب كون هذا الآن نهارا أو هذا اليوم من شهر رمضان المبارك.
أمّا النحو الأوّل من استصحاب الزمان فقد يستشكل فيه بأنّ الزمان يحدث شيئا فشيئا، وكلما حدث جزء منه تصرم وانتهى، بل ليس إلاّ التجدد والحدوث بعد الحدوث، فلا يكون قابلاً للاستصحاب؛ لأنّ الجزء المشكوك منه غير الجزء المتيقن، فلم تتحدّد القضية المتيقنة والمشكوكة.
لكنّه ـ الاستشكال ـ غير تامّ لا عقلاً ولا عرفا، أمّا عقلاً فلاستحالة أن يكون الزمان مجموعة تجددات وحدوث بعد حدوث؛ لأنّه يلزم منه، أمّا القول بالجزء الذي لا يتجزأ أو القول بانحصار ما لا نهاية له بين حاصرين، وكلاهما محال.
وأمّا عرفا فباعتبار أنّ العرف يرى أنّ الزمان أمرا واحدا له حدوث وبقاء، فالنهار مثلاً الذي هو اسم لقطعة معينة من الزمان يفهمه العرب بما أنّه أمر يتحقّق عند تحقّق أوّل آن من آناته ويبقى إلى انصرام وانتهاء آخر أجزائه، وهو يرى الاتّصال بين هذه الآنات بحيث يعتبرها شيئا واحدا يوجد بهذا النحو من الوجود، فلا يكون كلّ آنٍ فردا مستقلاً للنهار ليكون من القسم الثالث الكلّي؛ ولا كلّ آن جزء في مجموعة تسمّى بالنهار لكيلا يصدق النهار إلاّ بعد تحقّقها كلّها، بل نسبة الزمان إلى الآنات نسبة الشيء إلى أجزائه ولكن بنحو يختلف عن الكلّ والجزء في الاُمور القارّة، وبهذا الاعتبار يكون استصحاب الزمان جاريا لانحفاظ الوحدة المعتبرة في صدق نقض اليقين بالشكّ[٤].
وأما استصحاب الزمان بالنحو الثاني ـ أي بنحو مفاد «كان» الناقصة لإثبات أنّ هذا الآن نهار أو ليل ونحو ذلك، فالمعروف عدم جريانه إلاّ من المحقّق العراقي في تقريراته؛ لأن الزمان المشكوك لم يكن قد وجد نهارا فيما سبق لتستصحب هذه الصفة له، وإثبات نهاريته باستصحاب بقاء النهار يكون من الأصل المثبت، نظير إثبات كرية هذا الماء باستصحاب بقاء الكر[٥].
إلاّ أنّ التحقيق جريان استصحاب الزمان بنحو مفاد «كان» الناقصة أيضا بنفس النكتة التي التزموا بها في جريانه في مناد «كان» التامة[٦].

2 ـ استصحاب الاُمور المقيدة بالزمان

الاُمور المقيدة بالزمان هي من قبيل: وجوب الإمساك المقيّد بالنهار والشكّ في وجوبه ما بعد النهار أو الجلوس المقيّد بالزوال والشكّ في وجوبه إلى ما بعد الزوال. وقد فصلوا في الشكّ المتصوّر هنا وما إذا كان ناشئا من الشكّ في بقاء القيد كالشكّ في بقاء اللّيل أو النهار أو ناشئا من اُمور اُخرى كالشكّ في بقاء الوجوب؛ لاحتمال كون القيد من علل حدوثه وهناك علّة اُخرى تقتضي بقاؤه، أو لاحتمال كون الواجب بنحو تعدّد المطلوب، كما فصّل الشكّ في بقاء القيد إلى ثلاث حالات، ما إذا كا منشؤه الشبهة المصداقية أو ما إذا كان منشؤه الشبهة المفهومية مع القطع ببقاء القيد بمعنى وزواله بمعنى آخر كالشكّ في أنّ النهار ينتهي بغياب القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية. والحالة الثالثة ما إذا كان منشؤه الشكّ في أخذ أي واحد من القيدين المبيين مفهوما.
وفي كلّ من هذه الحالات أمّا أن يؤخذ الزمان في ظاهر الدليل ظرفا أو قيدا مقوما لنفس الحكم، أو يؤخذ في الموضوع ظرفا أو قيدا مقوما له. وقد اختلف في جريان الاستصحاب في هذه الشقوق والحالات[٧].

المصادر

  1. . اُنظر: كفاية الاُصول: 409، فوائد الاُصول 4: 316، اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 279 ـ 280، الاُصول العامة للفقه المقارن: 440.
  2. . اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 281.
  3. . اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 281.
  4. . بحوث في علم الاُصول 6: 268 ـ 269، واُنظر: نهاية الأفكار 4: 435 ـ 436.
  5. . بحوث في علم الاُصول 6: 271 ـ 272. واُنظر: نهاية الأفكار 4ق1: 148 ـ 150.
  6. . بحوث في علم الاُصول 6: 272.
  7. . اُنظر: نهاية الافكار 3: 153 ـ 161. دراسات في علم الاُصول الخوئي 4: 129 ـ 133. بحوث في علم الاُصول (الهاشمي) 6: 273.