الحرف

من ویکي‌وحدت

الحرف: وهو مقابل الإسم والفعل، ويتميز عنهما بما دلّ على معنى في غيره، فمفهوم الحرف لا استقلال له بل معناه يتجلی في الإسم والفعل، ولذا قالوا بـ آلية المعنى الحرفي يعنی وضع الحروف لا ليراد بها معناها بما هي هي، بل بما هي آلة وحالة لغيره. وفي هذا المجال مباحث بالنسبة إلی الحروف نقدمها للقارئ الکريم.

تعريف الحرف لغةً

طرف الشيء وجانبه، يقال: فلان على حرف من أمره، أي ناحية منه.
والحرف: من حروف الهجاء، وكلّ كلمةٍ بُنيت أداة عارية في الكلام لتفرقة المعاني تسمّى حرفا، وإن كان بناؤها بحرفين أو أكثر، مثل: حتّى وهل وبل ولعلّ.
وكلّ كلمة تقرأ على وجوه من القرآن تسمّى حرفا، يقال: يقرأ هذا الحرف في حرف ابن مسعود، أي في قراءته.
والحرف أيضا الناقة الصلبة تُشبه بحرف الجبل [١].

تعريف الحرف اصطلاحاً

هو ما دلّ على معنى في غيره [٢].

الألفاظ ذات الصلة

1 ـ اسم

الاسم: هو كلّ مادّة وضعت بترتيب خاصّ لتكون دالّة على معنى مستقل يمكن فهمه منها دون الحاجة إلى أن تكون في إطار جملة تامّة أو ناقصة كـ أسماء الأجناس، و الأعلام الشخصية، وموادّ الأفعال.
فـ اسم الجنس، مثل: أسد والخبز، وموادّ الأفعال، مثل: الضرب، وضعت لمعانٍ استقلالية تفهم ابتداء بواسطة موادها ولايفتقر فهمها إلى وقوعها في سياق هيئة جملة تامّة أو ناقصة [٣].

2 ـ فعل

الفعل: كلام مستعمل مستقل بالمفهومية يدلّ على زمانٍ معين [٤].

أقسام الحروف

هناك عدّة أقسام ذُكرت للحروف نشير إلى بعضها فيما يلي:

1 ـ الحروف الإيجادية

وهي الحروف التي تفيد إيجاد النسبة الخارجية والربط بين الأطراف التي تربط بينها، من قبيل: حروف النداء، فإنّ نسبة النداء لايحكيها الحرف باعتبارها غير حاصلة في الخارج، بل يوجدها [٥]، هذا وقد ذهب بعضهم إلى أنّ جميع معاني الحروف إيجادية [٦].

2 ـ حروف المباني

وهي حروف الهجاء، وتسمّى حروف التهجي أيضا [٧].

3 ـ حروف المعاني

وهي الحروف التي تربط بين مفردات الجملة، وتضفي معاني خاصّة عليها في أغلب الأحيان ومثالها: هل، وإلى، وعلى، وإذن، فإذا دخلت «هل» على الجملة الخبرية أفادت السؤال، ولذلك تدعى حروف الإضافة [٨].

4 ـ حروف التعليل

وهي الحروف التي تفيد التعليل في الجملة كاللام، والباء، وكي [٩].

5 ـ حروف الاستثناء

وهي الحروف المستعملة في الاستثناء، من قبيل: إلاّ وحاشا، وسوى [١٠].

أحکام الحروف

حقيقة المعنى الحرفي

المعنى الحرفي عند الأصوليين يطلق على كلّ المعاني الربطية النسبية بما يشمل هيئات الجمل التامّة والناقصة، وكذا المعنى الربطي لنفس الحرف [١١]. وقد وقع الخلاف بينهم في بيان ذلك.
وهناك عدّة اتجاهات تبيّن حقيقة المعنى الحرفي:

الاتجاه الأوّل: أنّ الحروف مما لا معنی لها أصلاً

وهو ما ينسب إلى الشيخ الرضي في شرح الكافية وجماعة [١٢]، بأنّ الحروف ممّا لا معنى لها أصلاً، إنّما هي علامات لتعرف معنى الغير كالرفع الذي هو علامة للفاعلية.
فالرفع في زيد في مثل: جاءني زيد، لا معنى له في نفسه، بل مجرّد علامة لتعرف حال زيد، وأنّه فاعل في تركيب الحروف.
فلفظ «في» مثلاً في مثل «زيد في الدار» لايكون له معنى أصلاً، وإّنما هي علامة لتعرف معنى الدار، وأنّها مكان زيد، وهكذا لفظ مِنْ، وعلى، ونحوهما من الحروف.
وأورد عليه:
بالضعف [١٣]؛ لأنّ للحروف معانٍ في نفسها، كما يكشف عنه تعريف المحقّقين [١٤]: بأنّها ما دلّ على معنى غير مستقل بالمفهومية [١٥]، قبالاً للاسم الذي دلّ على معنى مستقل بالمفهومية.
وهكذا تعريفهم الآخر للحرف: بأنّه ما دلّ على معنى في غيره [١٦] قبال الاسم الذي دلّ على معنى في نفسه، فإنّ من المعلوم أنّ الغرض من هذا التعريف هو بيان أنّ للحرف معنى، إلاّ أنّ معناه قائم بالغير، لا أنّ معناه كان تحت لفظ الغير، وأنّ الحرف علامة لذلك.
كيف وأنّ مثل الدار كما في المثال هي من أسامي الأجناس، وهي حسب وضعها لاتدلّ إلاّ على الماهية المهملة، ولذا يحتاج في مقام إثبات أنّ مراد المتكلّم هو المعنى الإطلاقي إلى مقدمات الحكمة كي يحكم بأنّ مراد المتكلّم من اللفظ هو المعنى الإطلاقي.
وحينئذٍ يقال: بأنّه على فرض أن تكون تلك الخصوصية تحت لفظ الغير ومراده منه، فيلزم استعمال لفظ «الدار» في زيد في الدار في معنى الخاصّ، فيلزم المصير إلى المجاز؛ لأنّه من باب استعمال اللفظ الموضوع للكلّي في الفرد والخصوصية، وهو كما ترى [١٧].
فلا محيص إلاّ من الالتزام بعدم استعمال لفظ الدار إلاّ في معناها الكلّي ـ أي الطبيعة المهملة ـ وكونه مِن باب إطلاق الكلّي على الفرد وإرادة الخصوصية بدالّ آخر.
وعليه فإنّه بعد خروج الخصوصية ـ القيد ـ عن تحت لفظ الدار، فلابدّ وأن يكون تحت دالّ آخر، وهو لايكون إلاّ لفظ «في» في زيد في الدار [١٨].
على أنّ ما اُفيد في طرف المشبه به ـ وهو الرفع والنصب والجر بأنّها ممّا لا معنى لها وأنّها مجرّد علامات لخصوصية وقوع زيد في «جاءني زيد»، فاعلاً في التركيب ـ غير وجيه أيضا؛ لأنّ الرفع والنصب والجر مِن مقومات الهيئة الكلامية، وحينئذٍ فبعد أن كان للهيئة وضع للدلالة على النسب الكلامية، فلا شكّ كان للإعراب أيضا معنى، حيث كان لها الدلالة على خصوصية النسبة الكلامية من حيث الفاعلية والمفعولية والحالية، ونحو ذلك من أنحاء النسب، من غير أن تكون تلك الخصوصيات تحت لفظ الغير ومستفادة من لفظ الاسم وهو زيد؛ لأنّ لفظ زيد لايدلّ بوضعه إلاّ على ذات زيد بما هي عارية عن خصوصية وقوعه فاعلاً أو مفعولاً أو حالاً في الكلام، فحينئذٍ يحتاج في إفادة خصوصية وقوعه إلى دالّ آخر، وهذا الدالّ لايكون إلاّ الرفع والهيئة في قولنا: جاء زيد [١٩].

الاتجاه الثاني: معاني الحروف معاني آلية

إنّ الفرق بينها وبين الاسم إنّما هو باعتبار اللحاظ الآلي والاستقلالي وإلاّ فلا فرق بينهما.
فإذا لوحظ المعنى في مقام الاستعمال باللحاظ الآلي يصير معنى حرفيا، وإذا لوحظ باللحاظ الاستقلالي يصير معنى اسميا، فيكون المعنى والملحوظ في الحالتين معنى واحدالاتعدّد فيه ولاتكثر، وإنّما الفرق بينهما من جهة كيفية اللحاظ من حيث الاستقلالية والآلية لمعنى آخر [٢٠].
ومثاله: مفهوم «الابتداء» فهو معنى واحد وضع له لفظان أحدهما: لفظ «الابتداء» والثاني: كلمة «مِنْ»، لكن الأوّل وضع له لأجل أن يستعمل فيه عندما يلاحظه المستعمل مستقلاً في نفسه، كما إذا قيل: ابتداء السير كان سريعا.
والثاني وضع له لأجل أن يستعمل فيه عندما يلاحظه المستعمل غير مستقل في نفسه، كما إذا قيل: سرت من النجف [٢١].
وأورد عليه:
إنّه لايبقى فرق بين الحرف والاسم ويلزم صيرورة «من» و«الابتداء» مِن المترادفين، مع أنّه بديهي البطلان؛ إذ لايصحّ أن يقال: بدل «الابتداء خير من الانتهاء»، «من خير من إلى» وبدل «سرت من البصرة إلى الكوفة»، «سرت ابتداء البصرة انتهاء الكوفة» [٢٢].
وأجاب عنه المحقّق الخراساني [٢٣]: بأنّ الفرق بينهما هو في اختصاص كلّ منهما بوضع، حيث وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو وفي نفسه، والحرف ليراد منه معناه لا كذلك، بل بما هو حالة لغيره.
فالاختلاف بينهما بالوضع الذي يكون موجبا لعدم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر.

الاتجاه الثالث: نسبية المعنى الحرفي

وهذا الاتجاه قائل بالتغاير والتمايز الذاتي بين معاني الحروف والأسماء، مع قطع النظر عن الخصوصيات التي تنشأ من طرو اللحاظ الآلي أو الاستقلالي عليها في مرحلة الاستعمال. [٢٤]
وتذكر في إطار هذا الاتجاه وتفسيره عدّة وجوه:

الوجه الأوّل: إيجادية المعنى الحرفي

أي أنّ مدلول الحرف هو الربط الكلامي وبهذا كان إيجاديا، بخلاف المعاني الاسمية فإنّها استقلالية بحدّ ذاتها، وبهذا كان المعنى إخطاريا، وهذا الوجه شيَّده المحقّق النائيني [٢٥].
واُورد عليه:
بأنّ ربط الحروف بين المفاهيم الاسمية في التراكيب الكلامية غير المربوطة بعضها ببعض إنّما هو من جهة دلالتها على معانيها التي وضعت بإزائها لا من جهة إيجادها المعاني الربطية في مرحلة الاستعمال والتركيب الكلامي.
وأنّ عدم استقلالية المعاني الحرفية في حدّ ذاتها ونفسها وتقومها بالمفاهيم الاسمية المستعملة لايستلزم كونها إيجادية؛ لإمكان أن يكون المعنى غير مستقل في نفسه ومع ذلك لايكون إيجاديا [٢٦].
إلاّ أنّ السيّد الصدر قدس‏سره ذكر أنّ الإيجادية إذا لم يرد بها الإيجادية في نفس مرحلة الكلام في مقابل تقرّر المعنى الحرفي بقطع النظر عن المرحلة الكلامية، بل اُريد بها الإيجادية في مرحلة الصورة الذهنية لمدلول الكلام في مقابل أن يكون للمعنى تقرّر في مرتبة ذاته وبقطع النظر عن مرحلة الوجود الذهني، فلايرد عليها الاعتراضانالمتقدّمان [٢٧].

الوجه الثاني: وضع الحروف للتحصيص

وهو ما أفاده السيد الخوئي قدس‏سره من أنّ الحرف موضوع لتحصيص المفهوم الاسمي وتضييقه، بمعنى أنّ المفهوم الاسمي قابل في نفسه للتحصيص إلى حصص كثيرة والانطباق عليها. فإن اُريد تفهيم ذات المعنى أمكن الاكتفاء بالاسم، وأمّا إذا اُريد تفهيم حصة خاصّة منه، فحيث إنّ الاسم لايفي بذلك، فلا بدّ من تفهيمها بنحو تعدّد الدالّ والمدلول، بأن يكون الاسم دالاًّ على ذات المعنى والحرف دالاًّ على تحصصه وضيق دائرة قابلية الانطباق عليه [٢٨].
واُورد عليه:
إنّ تحصيص مفهوم اسمي بلحاظ مفهوم اسمي آخر لايعقل أن يكون إلاّ بلحاظ افتراض نسبة بين المفهومين بحيث يقع أحد المفهومين طرفا لنسبة مع المفهوم الآخر ـ من قبيل نسبة الظرفية بين النار والموقد ـ ويصبح بذلك حصة خاصّة من النار وينشأ ضيق في دائرة انطباقه يوجب امتناع انطباقه على الفاقد للنسبة، وما لم تفرض في المرتبة السابقة نسبة بين مفهومين لايعقل أن يتضيق أحدهما بلحاظ الآخر، فإن اُريد كون الحرف موضوعا لنفس التحصيص فيرد عليه:
أوّلاً: إنّ التحصيص والضيق لما كان في طول أخذ نسبة بين المفهومين لا محالة، فلا بدّ من دالّ على تلك النسبة، فإن لم يكن هناك دالّ عليها بقي المدلول ناقصا.
وحيث لايتصوّر دالّ غير الحرف، فيتعيّن كون الحرف دالاًّ عليها، ومعه يكتمل مدلول الكلام ولا معنى لأخذ الضيق والتحصيص في مدلول الحرف حينئذٍ.
ثانيا: إنّ التحصيص والضيق في طول النسبة وممّا يستتبعه المعنى الحرفي لا أنّه بنفسه المعنى الحرفي وفي طول المعنى الحرفي، بل إنّ بعض المعاني الحرفية لايشتمل على التحصيص، وهو شاهد على عدم وإمكان دعوى كون الحروف موضوعة للتحصيص ابتداءً [٢٩].

الوجه الثالث: وضع الحروف للوجود الرابط

وهو المنسوب للمحقّق الإصفهاني إذْ ادّعي أنّه يرى وضع الحرف للوجود الرابط الخارجي [٣٠].
واعترض عليه بعدّة اعتراضات:
منها: إنّ الوجود الخارجي أو الذهني ليس مأخوذا في المعنى الموضوع له للكلمة، بل اللفظ يوضع بإزاء ذات المعنى؛ لأنّ الوضع إنّما هو لأجل الانتقال الذهني مدلوله، وما يعقل انتقال الذهن إليه ذات المعنى لا الوجود.
ومنها: إنّ الوجود الرابط كثيرا ما لايكون موجودا في موارد الاستعمال، كما في موارد استعمال اللام في قولنا: «الوجود للّه‏ واجب» اِذْ لايعقل الوجود الرابط بين اللّه‏ ووجوده [٣١].

الوجه الرابع: وضع الحروف للأعراض النسبية

وهو المنسوب للمحقّق العراقي [٣٢] وحاصله: إنّ الموجودات في العين على أنحاء، منها: وجود الجوهر، ومنها: وجود العرض بأقسامه التسعة المعبّر عنه بالوجود الرابطي، ومنها: ربط الإعراض بموضوعاتها، أي الوجود الرابط،والعرض قد يتقوّم بموضوعٍ واحد ـ كمقولة الكيف ـ وقد يحتاج في تحقّقه إلى موضوعين ـ كالأين والإضافة ـ والسيرة العقلائية على جعل دوال على كلّ هذه الاُمور.
فقد جعلت الأسماء دالّة على الجواهر وجملة من الأعراض، والهيئات دالّة على الربط بأنحائه، فبقي أن يدلّ الحرف على الأعراض النسبية التي تحتاج إلى موضوعين، والهيئة في الجملة المشتملة على الحرف تدلّ على ربط هذا العرض بكلّ من موضوعيه.
وبعبارة اُخرى: إنّنا نستفيد من الجملة المذكورة العرض النسبي والربط المخصوص معا، فلا بدّ أمّا من افتراض دلالة الحرف على الأوّل والهيئة على الثاني أو العكس، والثاني باطل؛ لوجدانية أنّ الهيئة لاتدلّ على العرض، فيتعيّن الأوّل، وهو المطلوب.
واُورد عليه بعدّة إيرادات، منها الإيراد التالي:
إنّ الألفاظ ليس من الضروري أن تتطابق مع المقولات الحقيقية والوجودات الخارجية العينية بمراتبها، وأن نجد مدلول كلّ واحد منها ضمن هذه القائمة؛ لأنّ معنى اللفظ قد يكون أمرا اعتباريا أو انتزاعيا أو عدما صرفا، وليس من المقولات بوجه سواءً في الأسماء أو الحروف؛ إذ كثيرا ما لايكون المعنى الحرفي معبّرا عن وجود خارجي لا ربطي ولا رابطي [٣٣].

وضع الحروف

المشهور في وضع الحروف على كونها من قبيل: الوضع العام والموضوع له الخاصّ، حتى أنّه يظهر من بعضهم جعل ذلك من عيوب المعنى الحرفي، ولعلّه من جهة ما يرى من كون المنسبق منها في موارد الاستعمال هي المصاديق الخاصّة من الروابط التي سبب اختلافها أنّها لايجمعها جامع؛ لأنّ شخص الربط الحاصل من إضافته إلى الكوفة في قولنا: «سرت إلى الكوفة» غير شخص الربط الحاصل من إضافته إلى مكان آخر، وهكذا.
فيقال: إنّه يعدّ عدم جامع في البين بين تلك الروابط الخاصّة إلاّ مفهوم الربط الذي هو معنى اسمي لا حرفي، لا مناص إلاّ من القول بخصوص الموضوع له فيها [٣٤].
إلاّ أنّ بعضهم ذهب إلى أنّ الحقّ هو كلّية المعنی الحرفي، وكون الموضوع له في الحروف عامّا كالوضع [٣٥]. لكنّهم اختلفوا في توجيه ذلك:
فذهب بعضهم [٣٦] إلى إمكان ذلك بدعوى أنّ الموضوع له فيها في كلّ صنف منها من الروابط ـ الابتدائية والانتهائية والظرفية وهكذا ـ عبارة عن الجامع بين أشخاص تلك الروابط.
فإنّ مثل هذا الجامع وإن لم يكن له وجود مستقل في الذهن بنحوٍ يمكن لحاظه وتصوّره، حيث كان وجوده دائما ضمن الفرد والخصوصية، لكنّه في مقام الوضع أمكن وضع اللفظ بإزائه لتكون الخصوصيات خارجة عن دائرة الموضوع له؛ لأنّه يكفي في الوضع لحاظ المعنى الموضوع له ولو بوجهٍ إجمالي بما هو المحفوظ ضمن الروابط الخاصّة، وعليه فيكون الموضوع له في الحروف كالوضع عاما لا خاصّا، واستفادة الخصوصيات حينئذٍ من قبيل: تعدّد الدالّ والمدلول.
وذهب آخر [٣٧] إلى ذلك قائلاً: «إنّ منشأ توهم الجزئية وكون الموضوع له خاصّا هو أحد أمرين:
الأوّل: اعتبار كون المعنى الحرفي قائما بالغير، فيتوهم أنّ الخصوصية اللاحقة للمعنى بتوسّط ذلك الغير ممّا يتقوم بها هوية المعنى الحرفي.
الثاني: اعتبار كونه إيجاديا، ومن المعلوم أنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد، والتشخّص مساوي للجزئية.
ولكن يرد على هذين الوجهين بأنّهما لايصلحان أن يكونا مانعا عن كلّية المعنى الحرفي.
أمّا الأوّل: فلوضوح أنّ وجود المعنى الحرفي خارجا يتقوّم بالغير لا هويته وحقيقته، وفرق بين ما كان من لوازم الوجود وبين ما كان من لوازم الهوية، والحاصل: إنّ المعنى الحرفي لما كان إيجاد معنى في الغير، فتوهم أنّ الخصوصية اللاحقة للمعنى بتوسّط الغير مقوّمة لهوية المعنى الحرفي، وكأنّه غفل من أنّ خصوصية الغير ليست مقومة لهوية المعنى، بل هي من لوازم وجود ذلك المعنى.
وأمّا الثاني: فلوضوح أنّ كونه إيجاديا لاينافي كلّية المعنى إلاّ بناءً على القول بعدم وجود الكلّي «الطبيعي، وإلاّ فمع البناء على وجوده لايبقى مجال لتوهّم أنّ كون المعنى إيجاديا ينافي كلّيته، والحقّ وجوده...» [٣٨].

الهوامش

  1. . اُنظر: العين 3: 210 ـ 211، المعجم الوسيط 1: 167.
  2. . اُصول الفقه الزحيلي 1: 375، كفاية الاُصول: 11.
  3. . اُنظر: معارج الاُصول: 49، مبادئ الاُصول: 60، اُنظر: مجمع البحرين 1: 229.
  4. . اُنظر: معارج الاُصول: 49، مبادئ الوصول: 60، اللمع في اُصول الفقه الشيرازي: 37.
  5. . فوائد الاُصول 1 ـ 2: 42 ـ 50، تحريرات في الاُصول 1: 106، معجم مفردات اُصول الفقه المقارن: 129.
  6. . فوائد الاُصول 1: 42.
  7. . الإحكام لابن حزم 1 ـ 4: 33، اُنظر: العين 1: 29.
  8. . اللمع في اُصول الفقه الشيرازي: 138 ـ 142، المنخول (الغزالي): 152، اُنظر: لسان العرب 3: 2796 مادّة «عنا»، تاج العروس 18: 393.
  9. . اُنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 64، الاُصول العامّة للفقه المقارن: 302.
  10. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 64.
  11. . دروس في علم الاُصول 2: 84.
  12. . نسبه إليهم في نهاية الأفكار 1 ـ 2: 38، اُنظر: مباحث الدليل اللفظي للشهيد الصدر الهاشمي 1: 232.
  13. . نهاية الأفكار 1 ـ 2: 39.
  14. . شرح العضد ابن الحاجب 1: 659، بيان المختصر (الإصفهاني) 1: 263، اُنظر: القوانين المحكمة 1: 49 ـ 50، تعليقه على معالم الاُصول (القزويني) 1: 247، هداية المسترشدين 1: 190.
  15. . شرح العضد ابن الحاجب 1: 659، بيان المختصر (الإصفهاني) 1: 263، اُنظر: القوانين المحكمة 1: 49 ـ 50، هداية المسترشدين 1: 190.
  16. . كفاية الاُصول: 11، مقالات الاُصول 1: 91، اللمع في اُصول الفقه الشيرازي: 37 ـ 38.
  17. . نهاية الأفكار 1: 39.
  18. . المصدر السابق.
  19. . المصدر السابق: 39 ـ 40.
  20. . كفاية الاُصول: 11.
  21. . اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 58.
  22. . فوائد الاُصول 1: 41.
  23. . كفاية الاُصول: 12.
  24. . مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 237.
  25. . فوائد الاُصول 1: 37، 42، 44.
  26. . محاضرات في اُصول الفقه 1: 64 ـ 69.
  27. . مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 244.
  28. . اُنظر: محاضرات في اُصول الفقه 1: 80 ـ 85.
  29. . مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 249 ـ 250.
  30. . نسبه إليه في مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 246.
  31. . محاضرات في اُصول الفقه 1: 72 ـ 77.
  32. . بدائع الأفكار 1: 42، اُنظر: مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 251.
  33. . مباحث الدليل اللفظي الهاشمي 1: 251 ـ 252.
  34. . نقله عنهم في نهاية الأفكار 1 ـ 2: 53.
  35. . فوائد الاُصول 1: 58.
  36. . نهاية الأفكار 1 ـ 2: 53 ـ 54.
  37. . فوائد الاُصول 1: 58.
  38. . المصدر السابق.