العالم الإسلامي
العالم الإسلامي مفهوم سياسي موحّد يعبّر عن مجموعة البلدان الإسلامية. وهذا العالم لا يتمتّع بالمواصفات الاستراتيجية بما يتناسب مع شأنه واقتداره الحقيقي،
أي: أنّ العالم الإسلامي يكون في مستوىٰ الطرف المنعزل وغير المؤثّر، في حين أنّ مؤشّرات السلطة في هذا العالم لها وزنها الملحوظ، ومنها :
1 - عديد نفوس المسلمين، حيث يعتبر تعداد النفوس أحد المؤشّرات الرئيسية للسلطة في التقسيمات العالمية. ويحتلّ العالم الإسلامي المرتبة الثالثة من المراتب السبعة العالمية.
2 - إنّ حقل الانتشار الجغرافي للمسلمين في العالم واسع، حيث يتواجد المسلمون في 99 بلداً من بلدان العالم، وتبلغ نسبة تواجدهم 51 % من هذه البلدان. ويعني ذلك أنّ 41 % من بلدان العالم تبلغ درجة حضور المسلمين فيها الصفر. كما يبلغ تأثير ونشاط المسلمين في أوّل العالم أكثر بكثير من معتنقي الديانات الأُخرى في هذه البلدان، ويحتلّ المسلمون المرتبة الثالثة من الرتب العالمية الثماني، وهو موقع جيّد.
3 - الكثافة السكّانية للمسلمين تكون في وضع أفضل من باقي أصحاب الديانات، حيث إنّ 52/8 % منهم يعيشون في بلدان يشكّلون الأقلّية فيها، في حين يعيش بقيّة المسلمين (47/82%) في بلدان يشكّل عددهم الأكثرية فيها. فعليه أكثريتهم في هذه البلدان تزيد من حجم نفوذ قوّتهم في العالم.
4 - إنّ التنمية السكّانية لأصحاب مختلف الأديان يمكن تخمينها، حيث سيحتلّ المسلمون حتّىٰ عام 2035 م أكبر نسبة في زيادة النفوس، ويشكّلون بذلك ثاني أكبر النفوس بين أصحاب الديانات بعد عديد المسيحيّين في الجدول المؤلّف من ثماني رتب. ومعنى ذلك أنّ القوّة المنبعثة عن الجماهير المسلمة يمكنها أن تساوي قوّة المسحيّيين، وسيمتلك المسلمون آنذاك قوّة كبيرة.
5 - من الناحية الاقتصادية يحتلّ المسلمون مرتبة تحظىٰ بالاهتمام في إنتاج النفط لا يمكن غضّ النظر عنها ؛ إذ تنتج البلدان الإسلامية حوالي 40 % من نفط العالم. ونظراً لأهمّية هذه المادّة وموقعها في الاقتصاد العالمي يمكن بذلك اكتشاف الدور البنّاء والفعلي للعالم الإسلامي في إدارة هذه السلعة.
6 - إضافة إلى النفط تنتج البلدان الإسلامية بعض البضائع الاستراتيجية نظراً للمزايا النسبية الموجودة في كلّ بلد من البلدان الإسلامية، وفي حالة تجميع هذه المنتجات في الاقتصاد الموحّد يمكنها أن تترك أثراً كبيراً على حركة رؤوس الأموال العالمية. ومن شأن ذلك أن يتيح المجال للتعاون الاقتصادي الفاعل في داخل البلدان الإسلامية.
7 - من الناحية البرمجية يشكّل وجود الأيديولوجية الإسلامية كمصدر للقوّة الاعتقادية مصدراً منقطع النظير في هذا الحقل، وإذا ما قورنت الأيديولجيات الأُخرى بهذه الأيديولوجية تكون ضعيفة جدّاً. إضافة إلى ذلك أنّ التوجّه الخارجي للأيديولوجية الإسلامية التي تعتبر مخاطبيها كافّة شعوب العالم وفي كافّة الأزمنة والأماكن وشموليتها في طوال التاريخ يشكّل أمراً غير مسبوق، وقد أثبت المسلمون بأنّ تأثيرهم كان ملحوظاً في أيّ مكان من العالم.
إنّ مزايا من هذا القبيل من شأنها أن تعمل على تفعيل مراكز الإنتاج للبرمجة في العالم الإسلامي بالرغم من عدم وجود الارتباط السليم بين الشعوب والحكومات في بعض الأنظمة السياسية منها ممّا يسهم في إضعاف هذه المراكز.
وعليه يستطيع العالم الإسلامي بطاقاته أن يحوّل نفسه من مواصفاته الاستراتيجية الوطنية إلى طرف يحمل مواصفات استراتيجية إقليمية. إنّ بلورة اتّحاد البلدان الإسلامية تشكّل في الواقع أُنموذجاً لتحقيق هذه الفكرة.
كما يجب علينا أن لا ننسىٰ بأنّ الطاقات الحقيقية للبلدان الإسلامية تفوق المواصفات الإقليمية، وينبغي على العالم الإسلامي أن يبلغ مرحلة المواصفات الاستراتيجية العالمية في الفترة القادمة.
ولذلك فإنّ بلورة اتّحاد البلدان الإسلامية خطوة أُولى نحو تفعيل استراتيجية التقريب وكمالها في رقي العالم الإسلامي إلى قوّة فاعلة في التحكّم باتّجاهات النظام الدولي.
النتيجة من ذلك هي أنّ العالم الإسلامي نظراً إلى :
1 - تمتّعه بالمراكز المعتبرة لإيجاد القوّة وكثرة ثرواته (حيث يختزن ثلثي الاحتياطي العالمي للنفط وربع الاحتياطي العالمي للغاز وعشر الاحتياطي العالمي للحديد).
2 - تمتّعه بالأيديولوجية ذات التوجّه الخارجي التي لها قابلية لطرحها على الصعيد العالمي، وأنّها تحظىٰ على أقلّ تقدير بالقبول الجماعي على صعيد العالم الإسلامي.
3 - تمكّنه من القيام بدور يحظىٰ بالاهتمام من التأثير في شبكة الاتّصالات العالمية نظراً لامتلاكه قوّة إنتاج المعنويات.
4- إمكانية ارتقاء منظومته العسكرية وتبديلها إلى قوّة فاعلة على الصعيد الإقليمي.
5 - تمتّعه بمساحة جغرافية واسعة (23 ميلون كم2)، وكثرة في النفوس (ربع سكّان العالم).
6 - انطوائه على جغرافيا سياسة حسّاسة ومؤثّرة في النظام العالمي.
نظراً إلى جميع ما تقدّم يمكن للعالم الإسلامي في المرحلة الأُولى أن يلعب دوراً إقليمياً بدل كونه قوّة معزولة منهمكة بالتعارضات الداخلية، وإتاحة المجال لضمان مصالح كافّة البلدان الإسلامية الأعضاء في اتّحاد البلدان الإسلامية، وبما أنّ اتّحاد البلدان الإسلامية يشكّل اتّحاداً جديداً يشمل كافّة البلدان الإسلامية على الصعيد الإقليمي يضمن بشكل طبيعي المزيد من المصالح لكافّة أعضاء هذا الاتّحاد، لذلك سينطوي على أبعاد إيجابية لاستراتيجية التقريب وسوف تهتمّ استراتيجية التقريب بالتهديدات الناجمة عن العدوّ المشترك.