الشيعة في سلطنة عمان
الشيعة في سلطنة عُمان يعود الوجود الشيعي في عُمان إلى قرون مضت، حيث هاجر الشيعة من مناطق مختلفة مثل الهند وإيران والبحرين إلى عُمان، ويقدر عدد السكان الشيعة 10/، وهم يتوزعون في عُمان بشكل رئيسي في المناطق الساحلية، وخاصة في مسقط ومنطقة الباطنة، والشيعة في عُمان هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، على الرغم من كونهم أقلية، إلا أنهم يتمتعون بنفوذ كبير ويشاركون بشكل فعال في بناء المجتمع العُماني، يعكس وجودهم تاريخًا طويلًا من الهجرة والاندماج، كما يعكس تسامح المجتمع العُماني وقدرته على التعايش مع التنوع المذهبي، ويتميز المجتمع العُماني بتسامح ديني كبير، حيث يعيش الشيعة بسلام مع الإباضيين والسنة، يتمتع الشيعة بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، ولديهم مساجدهم الخاصة ومؤسساتهم الخيرية، ومع ذلك، هناك بعض التحديات المتعلقة بالهوية المذهبية، حيث يفضل بعض الشيعة عدم إثارة الجدل حول قضايا دينية حساسة للحفاظ على العلاقات الطيبة مع المذاهب الأخرى.
مقدمة
تعد سلطنة عُمان نموذجًا فريدًا للتسامح الديني والتعايش المذهبي في العالم العربي. على الرغم من أن المذهب الإباضي هو المذهب الرسمي للدولة، إلا أن المجتمع العُماني يتسم بتنوع مذهبي كبير، حيث يعيش السنة والشيعة إلى جانب الإباضيين في وئام. يمثل الشيعة في عُمان أقلية دينية ذات تاريخ طويل وحضور قوي في المجالات الاقتصادية والسياسية،[١].
تاريخ الشيعة في عُمان
يعود الوجود الشيعي في عُمان إلى قرون مضت، حيث هاجر الشيعة من مناطق مختلفة مثل الهند وإيران والبحرين إلى عُمان. تشير المصادر إلى أن الشيعة اللواتية، الذين يعود أصلهم إلى حيدر آباد في الهند، هم أكبر المجموعات الشيعية في البلاد. وقد استقروا في منطقة مطرح وأنشأوا مجتمعًا متماسكًا يتمتع بحرية ممارسة شعائره الدينية. أما الشيعة البحارنة، فهم مجموعة أخرى تعود أصولها إلى البحرين والإحساء والقطيف، وقد هاجروا إلى عُمان هربًا من الاضطهاد الذي تعرضوا له في مناطقهم الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، هناك الشيعة العجم، الذين قدموا من إيران واستقروا في مناطق ساحلية مثل مسقط والباطنة[٢].
تقسيم العرقي للشيعة في عُمان
يتوزع الشيعة في عُمان بشكل رئيسي في المناطق الساحلية، وخاصة في مسقط ومنطقة الباطنة. يعيش الشيعة اللواتية في منطقة مطرح، حيث يمتلكون مساجدهم الخاصة ومؤسساتهم الخيرية. كما يتواجد الشيعة البحارنة في مناطق ساحلية أخرى، بينما يتركز الشيعة العجم في مسقط وضواحيها، وتنقسم الى:
الشيعة اللواتية
ترجع جذور هذه الجماعة إلى الشيعة الذين جاءوا من منطقة "حيدر آباد" بالهند، حيث عاشوا منذ عدة أجيال في منطقة "مطرح". ويعيش معظم أفراد هذه الجماعة في مدن منعزلة وفي مناطق خاصة بهم داخل هذه المحافظة "مطرح". وتتميز الجماعة الشيعية اللواتية بتعدادها الكبير، وهم من أغنى طبقات المجتمع العُماني، ويتولَّون كثيرًا من المناصب الحكومية، فضلاً عن أن عددًا منهم لا بأس به يُعد مِن كبار التجار في عُمان. وهناك روايات عديدة حول أصل الشيعة اللواتية، فالبعض يعتقد أنهم عُمانيون نزحوا إلى الهند نتيجة لصدامهم مع المذاهب الأخرى، ثم بعد أن أقاموا فترة طويلة بالهند عادوا مرة أخرى إلى عُمان. بينما يعتقد البعض الآخر أن أجداد هذه الجماعة قد جاءوا إلى مسقط منذ ما يقرب من خمسين سنة باعتبارهم تجارًا قادمين من الهند، ثم استقر بهم المقام في مسقط. ويعتقد فريق ثالث بأن أصل ونسب الشيعة اللواتية في عُمان يعود إلى هجرة الشيعة من "حيدر آباد" بالهند -مع سائر الهنود الآخرين في أثناء الاستعمار البريطاني للهند- حيث رحل بعضُهم إلى "مسقط" بجوازات سفر بريطانية. لقد نجح هؤلاء الشيعة في تكوين مجتمع خاص بهم منفصلاً عن الآخرين، وأنشئوا قلعة في منطقة "مطرح"، وقد نجحوا في السيطرة على جزء مهم من أسواق مسقط وعُمان، نظرًا لأنهم كانوا مُلمين وعارفين باللغة الإنجليزية ومبادئ التجارة الحديثة. الأمر الذي خلق لهم وضعًا ماليًّا كان من نتيجته تمكُّن بعضهم من شق طريقه نحو تولي أعمال إدارية في بلاط السلطان قابوس. كما أن ترددهم على أهلهم وذويهم في الهند وأوروبا، وزيارتهم للعتبات المقدسة في العراق وإيران شكل لهم خلفية ثقافية مبكرة بشأن قضايا العالم، وساهم في تكوين طبقة مثقفة وفاعلة منهم[٣].
الشيعة البحرينيون
نتيجة للخلافات والصراعات السياسية التي شهدتها منطقة الخليج منذ الدولة الأموية وما تلاها من عصور؛ فقد هاجر الشيعة الخليجيون من المناطق الشمالية (البحرين) إلى المناطق الجنوبية حيث عُمان. لقد شملت هذه الهجرة مناطق: البحرين، والأحساء، والقطيف، وخوزستان، والبصرة، ليندفع الشيعة من تلك المناطق باتجاه المناطق الساحلية على الخليج العربي؛ وذلك لعدة أسباب منها: ابتعاد هذه المناطق عن عواصم الحكومات الإسلامية، وتمكُن الشيعة المهاجرين من إدارة وتدبير شئون حياتهم عن طريق التجارة والصيد والزراعة. وعلى الرغم من أن "الشيعة البحرينيين" يمثلون أقل الجماعات الشيعية في عُمان عددًا، فإنهم -وبسبب شهرتهم في التجارة- يتمتعون بمكانة طيبة في عُمان، شأنهم في ذلك شأن "الشيعة اللواتيين". ويذكر في هذا الصدد أن أول سفير عُماني في الولايات المتحدة كان من الشيعة البحرينيين[٤].
الشيعة العجم
ويتمتع شيعة العجم -الذين يعيشون في منطقة عُمان وسواحل الخليج الجنوبية- بأنهم أهل حضارة وثقافات متعددة؛ إذ ينحدر معظمهم من مناطق "اللور"، و"بندر عباس"، و"أوندرود"، و"بلوتشستان". وهم يتمركزون في مناطق: "مسقط" العاصمة، و"مطرح" وضواحيها، و"الباطنة"، و"مَسندم"، ومدينة "صور" الساحلية. وجدير بالذكر هنا أن منطقة "مطرح" تُعَدّ أهم المواني العُمانية على الإطلاق، حيث يقع هذا الميناء على بعد 4 كم فقط شمال غرب "مسقط"، ويكتسب أهميته من موقعه الذي يمثل محطة رسو واستراحة للسفن المارة أو التي تقطع المحيط الهندي.[٥].ومن الأسباب التي دفعت "شيعة العجم" الهجرة إلى عُمان عدمُ اهتمام النظام البهلوي بالمناطق الجنوبية الإيرانية، وهي التي ظلت محرومة لوقت طويل من الخدمات، وكذلك رغبة الشباب الإيراني -آنذاك- في الهروب من أداء الخدمة العسكرية الإجبارية، فقد كانت قائمة على سياسات تعتمد على التفرقة المجتمعية بالدرجة الأولى. يحظى الشيعة في عُمان بالعديد من المساجد الخاصة بهم، وكذلك المؤسسات الخيرية مثل: صناديق القرض الحسن، ومساعدة الأيتام، وأبناء السبيل، وإدارة الأوقاف الجعفرية، وفي هذا الأمر تحديدًا بات الشيعة العجم الآن من أهم الجماعات الشيعية -بل العرقية المذهبية- التي نفذت إلى الجهاز الإداري بالدولة العمانية، حيث صاروا الآن يتولَّون العديد من[٦].
الدور الاقتصادي والاجتماعي للشيعة
على الرغم من أن الشيعة يمثلون أقلية صغيرة في عُمان، إلا أنهم يلعبون دورًا اقتصاديًا وسياسيًا بارزًا. يشغل العديد من الشيعة مناصب حكومية مهمة، كما أنهم يسيطرون على جزء كبير من النشاط التجاري والصناعي في البلاد. يتمتع الشيعة بنفوذ اقتصادي واسع، حيث يمتلكون مشاريع تجارية وصناعية كبرى تساهم في تنمية الاقتصاد العُماني[٧].
العلاقة مع المذاهب الأخرى
يتميز المجتمع العُماني بتسامح ديني كبير، حيث يعيش الشيعة بسلام مع الإباضيين والسنة، يتمتع الشيعة بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، ولديهم مساجدهم الخاصة ومؤسساتهم الخيرية. ومع ذلك، هناك بعض التحديات المتعلقة بالهوية المذهبية، حيث يفضل بعض الشيعة عدم إثارة الجدل حول قضايا دينية حساسة للحفاظ على العلاقات الطيبة مع المذاهب الأخرى [٨].
الخاتمة
الشيعة في عُمان هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. على الرغم من كونهم أقلية، إلا أنهم يتمتعون بنفوذ كبير ويشاركون بشكل فعال في بناء المجتمع العُماني. يعكس وجودهم تاريخًا طويلًا من الهجرة والاندماج، كما يعكس تسامح المجتمع العُماني وقدرته على التعايش مع التنوع المذهبي [٩].
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ نبذة عن الشيعة في عمان، مقتبس من موقع سبلة عمان
- ↑ الشيعة في سلطنة عمان، مقتبس من موقع المعارف الحكمية
- ↑ قبائل الشيعة في سلطنة عمان، مقتبس من موقع قبيلة
- ↑ محمد سعد، شيعة عمان تستحق أن يقتدى بها، منشورة في مجلة صدى المهدي، العدد 6/ ذي القعدة/1430 ه، الموافق 3 ديسمبر، 2012، النجف
- ↑ قبائل الشيعة في سلطنة عمان، مقتبس من موقع قبيلة
- ↑ نبذة عن الشيعة في عمان، مقتبس من موقع سبلة عمان
- ↑ سير روبرت هاي، دول الخليج الفارسي، تصدير إى. إم. إلر، ترجمة: يوسف الشاروني، القاهرة، منشورات المجلس الأعلى للثقافة، 2004 م،
- ↑ نبذة عن الشيعة في عمان، مقتبس من موقع سبلة عمان
- ↑ نبذة عن الشيعة في عمان، مقتبس من موقع سبلة عمان
المصادر
- [Cambridge University Press، "HIGH VISIBILITY, LOW PROFILE: THE SHIʿA IN OMAN UNDER SULTAN QABOOS"]، تاريخ النشر: 01 سبتمبر 2010 م تاريخ المشاهدة: 2025 يناير 22 م.
- قبائل الشيعة في سلطنة عمان، مقتبس من موقع قبيلة،01 ديسامبر 2024 م تاريخ المشاهدة: 2025 يناير 22 م.
- الشيعة في سلطنة عمان، مقتبس من موقع المعارف الحكمية، تاريخ النشر: 2024 يناير 02 م تاريخ المشاهدة: 2025 يناير 22 م.
- نبذة عن الشيعة في عمان، مقتبس من موقع سبلة عمان، تاريخ النشر: 2025 يناير 02 م تاريخ المشاهدة: 2025 يناير 22 م.