الإباضية

    من ویکي‌وحدت
    (بالتحويل من مسودة:الإباضية)

    الإباضية أو الأباضية ينتشر هذه الفرقة في عدة دول عربية وأفريقية، ولا يختلف عن بقية المذاهب الإسلامية الأخرى إلا في بعض قضايا عقدية والفقهية، يختلفون عن "الأشعرية" و"الماتريدية" في نقطة أساسية تتعلق بالأصول العقدية، إذ يرون أن" الصفات الإلهية هي عين الذات" بخلاف "الأشعرية" و"الماتريدية" الذين يقولون إن "الصفات هي غير الذات" ويتفقون مع الشيعة في هذه المسئلة وكذلك يختلفون المعتزلة اذ يرون بان الصفات تنوب الذات، وهي فرقة تنسب إلى عبد الله بن إباض التميمي وهي من أقدم الفرق التي تشكلت بين المسلمين، ورغم أن هذه الفرقة تعتبر فرقة صغيرة مقارنة بأغلبية المسلمين (سنة وشيعة)، ويعيش أتباع هذه الفرقة في عُمان وزنجبار وشمال أفريقيا، وتم تأسيسها في منطقة عمان على يد جابر بن زيد (أبو شعثاء) أو عبد الله إباض التميمي، اذاً الإباضيون يعتبرون خوارجاً، وهم في بعض النواحي معهم، إلا أن الإباضيين المتأخرين يرفضون اعتبارهم خوارجاً، حيث أنهم اتخذوا طريقاً أكثر اعتدالاً من الخوارج في مواجهتهم مع المسلمين الآخرين، عاشت المجتمعات الإباضيه حتى الآن في عزلة نسبية ولم تكن معروفة كما ينبغي. ويبدو أن الإباضيين هم المجموعة الوحيدة المتبقية من الخوارج،

    تأسيسها ونشأتها

    ما هو ثابت تاريخياً أن الإباضية ظهرت بشكل واضح بعد الفتن التي تعرضت لها الأمة الإسلامية (فتنة اموية) في زمن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام، وكانت أبرز شخصياته أبي بلال مرداس بن حدير التميمي ومؤسس المذهب جابر بن زيد الأزدي العماني الذي بلور الفكر الذي نادى به بلال مرداس في ظل وهذه الفرقة اتخذت طريقاً مستقلاً من حركة الخوارج وبطبيعة الحال فإن أرضية الانشقاق هيأها أبو بلال مرداس بن عدي وأفكاره، وانفصلت هذه الجماعة متأثرة بطريقه وأساليبه عن الجماعات الخوارجية المتطرفة مثل الأزارقة.. وتنحوا عنهم جانباً، كان أبو بلال وسيطاً بين التيار الرئيسي للخوارج والجماعات المعتدلة، وبعد استشهاد أمير المؤمنين علي (ع) ثار الخوارج عدة مرات، منها انتفاضة أبي بلال مرداس في ذلك الوقت ضد يزيد بن معاوية لهذه القصة أهمية خاصة وفي سنة 58هـ، وبعد خروجه من السجن عبيد الله بن زياد خرج من البصرة ومعه ثلاثون نفر من أصحابه، ونزلوا في آستك (بين رامهرمز وأرجان). وكان عدد أصحابه هناك أربعين رجلاً فأعلن منذ البداية أنهم لن يقاتلوا أحداً إلا إذا اعتدوا عليهم وفي سنة 60هـ أرسل عبيد الله جيشاً قوامه ألفي رجل لقتال ابو بلال ولقمعه في بداية طالب أبو بلال بوقف الحرب، لكن الحرب اندلعت على أية حال، وانتصر أبو بلال وفي العام التالي، أرسل عبيد الله جيشًا قوامه 4000 رجل لمواجهتهم، وهاجموا بينما الخوارج كانوا يصلون وقتلوا كل من فيهم، ومنهم مرداس[١]. ويقول أستاذ الحضارة الإسلامية بالجامعة التونسية الدكتور فرحات الجعبيري في بيان نشأة هذه الفرقة وإفتراقها من خليفة المسلمين وامم المتقين أن المجموعة الإباضية كانت قد ناصرت الإمام علي بن أبي طالب، لكن عندما وقع ما عرف بالفتنة الكبرى ورأى الإباضيون أن الإمام علي قبل التحكيم، في حين يرون هم أن التحكيم خدعة، قرروا الانفصال عنه وكوّنوا لأنفسهم تيارا سموه "المحكّمة"، ويعني تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وترأسهم في تلك الفترة الإمام عبد الله بن وهب الراسبي، ثم جاء الإمام جابر بن زيد والإمام عبد الله بن إباض وآخرون، وكونت هذه المجموعة في مدينة البصرة نظاما وترتيبا خاصا بهم، كما كونت إمامات في سلطنة عمان وفي خراسان وفي شمال أفريقيا،[٢].

    تكفير المسلمين عند الأباضية

    أن الإباضية ترى أن الكفر يكون "كفر شرك"، ويجمع المسلمون على أن صاحبه يخرج من الملة، واما "كافر النعمة"، فوهو العاصي الذي لا يعتبر عند الإباضية خارجا عن الملة وتطبق عليه أحكام العاصي و يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويورّث.

    علاقة الإباضية مع الخوارج

    يقول الدكتور مصطفى بن صالح باجو بالإباضية في قوله: "أما عن علاقة الإباضية بالخوارج، فإنها قضية أسالت من مداد القدامى والمحدثين الشيء الكثير، ولئن اتفقت كتب المقالات على حشر الإباضية في زمرة الخوارج، فإن المصادر الإباضية تنفي هذه الصلة، وتتبرأ من المنكرات التي أحدثها الخوارج في الإسلام". وأضاف: ".. يعتبر الإباضية الخروج الذي ورد في الأحاديث النبوية خروجًا دينيًا بمعنى المروق من الدين بتغيير أحكامه والتعدي على حرماته وهو ما فعله الأزارقة والنجدات وغيرهم من المتطرفين، أما الخروج بالمفهوم السياسي وهو الخروج عن طاعة السلطان، فإن الإباضية قد آثروا الانعزال عن الإمام علي كرم الله وجهه بعد أن ساوم معاوية في حق شرعي ثابت، وبيعة صحيحة،[٣].

    إلصاق تهم الخوارج بالإباضية سياسة بني امية

    بعض الأباضين يبغضون بالشدة من إلصاقهم بالخوارج حيث يقول، الدكتور عامر النجار: تعد الإباضية من أقرب الفرق إلى الجماعة الإسلامية لاعتدال مذهبهم وبتسامحهم إلى مخالفيهم، ولكنهم يغضبون ممن يعتبرهم فرقة من الخوارج وسبب إلصاق تهمة الإباضية بالخوارج سياسية الدولة الأموية في التشنيع على الإباضية حتى ينفروا الناس من أصحاب المذهب الإباضي الذين وجدوا منهم الصلابة في مواقفهم ضد الدولة الأموية وتقبل كثير من المتعصبين والعامة أيضا هذا الإلصاق فأثبتوه في كتبهم –بدون تمحيص أو بحث-عن الحقيقة". ولعل أبرز سبب لاتهام الإباضية بأنهم خوارج إنكارهم التحكيم والحقيقة أن بعض كتاب المقالات والفرق الإسلامية كانوا في حكمهم على الإباضية قساة غير موضوعيين، ويبدوا أن أصحاب المقالات، نظروا إلى جميع ما ينسب إلى الخوارج –بحق أو باطل-فنسبوه إلى الإباضية، ومن الأمثلة على ذلك هو نكران الإجماع ونكران الرجم ونكران عذاب القبر. والإباضية لا ينكرون الإجماع، بل يرونه الأصول الثالثة من أصول التشريع ولا ينكرون الرجم، وإنما يقولون إنه ثبت بالسنة القولية والعملية وليس بقرآن منسوخ، ويثبتون عذاب القبر وسؤال الملَكين استنادًا إلى أحاديث كثيرة تثبت في الموضوع[٤].

    شخصيات الأباضية

    ظهرت شخصيات مهمة للاباضية منهم:

    عبد الله بن اباض

    لم تتوفر معلومات عن تاريخ ميلاد ووفاة ابن إباض. وكان من التابعين الأوائل، وادرك الصحابة، وكان له مكاتبات مع عبد الملك بن مروان (ت 86هـ) ويبدو أن ابن إباض توفي سنة 80هـ البعض يرى بان عبد الله بن إباض هو مؤسس المذهب الإباضي[٥].، وقد تحدث عنه الإباضيون بكل احترام، فهو من الأئمة البارزين وإمام أهل الطريق، وأحد الذين نظموا أصول العقيدة، وهو المرجع والمؤتمن على العقائد، وقد أطلقوا عليه اسم منير طريق الاستدلال وطريق الاعتدال كما قالوا عنه إنه كان واضع "العقيدة"و نصح أصحابه بإقامة العدل وهدم قواعد الظلم والجور، إلا أن ابن حجر يقول: وقد قيل: إن ابن إباض أعرض عن بدعته وأصحابه" برأوه، لكن علاقتهم به استمرت[٦].شارك في دفاع الخوارج عن مكة مع ابن الزبير، وتقول المصادر الإباضية بأن ابن إباض اعتمد يعتمد في جميع اموره على جابر بن زيد، ويشاوره في الأمور، ويتبع رأيه [٧].

    ابو بلال مرداس

    تمثل معتقدات أبي بلال المراحل الأولى لتكوين آراء اباضية فقد اعتبر التقية جائزة واعتبر كل من يصلي فهو مسلم يحرم الاعتداء على حقوقه، ونهى عن استلال السيوف على المسلمين، الا من الظلم ولم يستعن إلا بالله، وكان ينوي القتال دفاعاً عن نفسه، ويسعى إلى تبرئة نفسه من أفعال الخوارج، وكان يرى أن خروج النساء محرم. كما أنه لم ينكر القعود تماماً، على عكس الخوارج المتطرفون[٨].

    جابر بن زيد

    أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي اليهمادي (اليهمادي) فقيه، عالم، محدث، تابعي. ويبدو أنه كان في الأصل من الحراقة في عمان، ونسبت وفاته إلى سنة 93 هـ (712 م) اعتبر الإباضيون جابر بن زيد إمامهم الأول. بينما يذكر جابر أبا بلال مرداس وعبد الله بن إباض وبعض الخوارج الآخرين كشيوخ إباضيين في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، فهو يعتبر الشيخ الأول من الطبقة الثانية من مشايخ الإباضية ومن الأدلة الأخرى على قبوله من قبل الإباضية أنه من بين جميع الكتب الموجودة في مكتبة الخليفة العباسي لم يطلب نافذ بن نصر إلا ديوان لجابر بن زيد، ومن ذلك الكتاب الذي لم يكن عند الإباضيين، أخذ نسخة منه، وبالإضافة إلى أن رواية الأحاديث عن جابر بن زيد كانت شائعة بين علماء الإباضيين.[٩].إن نسبة الإباضيين إلى جابر واتباعهم له ليست خاصة بالفترات التي تلته، بل كانت لها سوابق في عصره ايضا ويقال إنه أنكر هذه النسبة اي نسبة الباضية إليه، وقد أثنى عليه علماء الرجال والحديث من أهل السنة على تشددهم، وهذا يتنافى مع نسبته إلى الإباضية، وإن كان الإباضية يعتبرون انكار اسناد هذه الفرقة إليه من باب التقية[١٠].

    أهم مراكز الأباضية

    للاباضية مراكز مهمة منذ القرون الاولى منها:

    عُمان

    لا شك أن ميل الشعب العماني نحو الديانة الإباضيه بدأ منذ الأيام الأولى لتكوين الطائفة وتوسعها. فقد هاجر فرع مهم من عشيرة آزاد من شبه الجزيرة العربية إلى عمان في القرن السادس الميلادي، واستولى على المنطقة بإذن من حكامها. كان من ملوك الساسانيين. ومنذ بداية حركة الخوارج وحروبهم في العصر الأموي، جاء بعض زعماء الطائفة الإباضيه إلى عمان وبدأوا في نشر معتقداتهم وجمعوا الكثير من الأتباع. وكان أول إمام إباضي هو الجلندي بن مسعود الأزدي. وكانت السلطة الحاكمة كان من الأزديين، وكان الأئمة أيضًا معظمهم من الأزديين. والعائلة المالكة الحالية أيضًا من هذه القبيلة. وقد استمرت المعتقدات الإباضيه، التي كانت شائعة في عمان منذ البداية، عبر التاريخ ولا تزال كذلك. وكان أغلب أهل عُمان تقريباً من الإباضيين، وظلت عُمان البلد الإباضي الوحيد إلى يومنا هذا. وعلى النقيض مما ذكره ابن الأثير، كان أهل عُمان يتصرفون بعنف وعدوانية مع الخوارج الآخرين، باستثناء الإباضيين[١١].

    شمال افريقيا

    دخل الإسلام إلى أفريقيا أولًا من خلال الإسلام السني، ومنذ أوائل القرن الثاني الهجري، تزايد عدد الإباضيين في شمال أفريقيا وحلوا محل أهل السنة وفي النصف الأول من هذا القرن، شكلوا حكومة لأنفسهم وكانت جبل نفوسة (تقع في ليبيا، جنوب طرابلس) عاصمة من الهجرة الإباضيه. ويقال إن عبد الله بن إباض توفي هناك وازدهرت الطائفتان الاباضية والصفوية في هذه المنطقة. كما اعتنقت قبيلة زناتة، وهي قبيلة بربرية كبيرة تعيش في الصحراء الغربية، بالإباضية، كما اعتنقها أيضًا سكان غدامس. ومن خلال خلافة مروان بن محمد، انتشرت الطائفة الإباضيه في طرابلس وعبد الله بن مسعود التجيبي هو أول زعيم إباضي معروف في المغرب. ومع ذلك، انفصل الإباضيون فيما بعد عن الحارث بن تليد، وبايعوا الإمامة، وتعاون هو وعبد الجبار بن قيس على تحرير طرابلس من سيطرة الأمويين، وحكموا معًا وافشلت الهجمات الأموية المتكررة لاستعادة طرابلس. وبفضل عدل الحارث التميمي وحسن خلقه أصبحت ليبيا كلها تحت نفوذه، وبعد فترة من الزمن تم قتلهم في دار الحكومة بمؤامرة أموية [١٢].

    الإباضية عند بن باز

    في جواب سوال يقول بن باز: فرقة الإباضية هي فرقة من الخوارج، تركوا الدعوة إلى ما عليه الخوارج، لكنهم عندهم ضلال، وعندهم أخطاء، وأغلاط. هكذا الأشاعرة عندهم أخطاء، وأغلاط، وهكذا الظاهرية، والظاهرية أحسنهم، الظاهرية فرقة طيبة، وهم دعاة للإسلام، ودعاة للأخذ بظاهر القرآن والسنة، لكن عندهم أخطاء، الظاهرية عندهم أغلاط بسبب عدم عنايتهم بالمعاني، والقياس الشرعي، فلهذا وقع لهم أخطاء، وعلى رأسهم داود الظاهري -رحمه الله- وابن حزم، فهم ليسوا من جنس الإباضية، وليسوا من جنس الخوارج، وليسوا من جنس الأشعرية في العقيدة، خصوصًا داود الظاهري، أما ابن حزم فعنده انحراف في العقيدة -نسأل الله أن يعفو عنا وعن كل مسلم-[١٣].



    الهوامش

    1. مبرد، الکامل، ج ۲، ص۱۸۶-۱۸۷؛ طبری، تاریخ، ج ۵، ص۴۷۱؛
    2. مقتبس من موقع الجزيرة نت
    3. علماء الفرق الإسلامية المعاصرين وآرائهم في الفكر الإباضي، مقتبس من موقع الجزيرة نت
    4. علماء الفرق الإسلامية المعاصرين وآرائهم في الفكر الإباضي، مقتبس من موقع الجزيرة نت
    5. اسمو گورزوسکی، ۲۶۳
    6. ابن حجر، لسان المیزان، ج ۳، ص۲۴۸
    7. معمر، الاباضیه فی موکب التاریخ، ج ۱، ص۱۵۱.
    8. درجینی، کتاب طبقات المشایخ بالمغرب، ج ۲، ص۲۱۵.
    9. درجینی، طبقات المشایخ بالمغرب، ج ۱، ص۸۰-۸۲؛ بارونی، مختصر تاریخ الاباضیه، ۴۳.
    10. یاقوت، بلدان، ج ۲، ص۲۴۳
    11. نک: والیری، ۲۵۳.
    12. بارونی، مختصر تاریخ الاباضیه، ۳۲-۳۳؛
    13. حقيقة الأشاعرة والإباضية والظاهرية، مقتبس من موقع بن باز