٢٬٧٩٦
تعديل
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٥: | سطر ٥: | ||
=مدخل= | =مدخل= | ||
لقد أصبحت فكرة التسامح والسلمية دعوة فكرية تحمل في طيّاتها مضامين فكرية وثقافية وحضارية واجتماعية، وقد تُبنى هذه الفكرة وينظر لها من الطرف الإسلامي بأنّها احترام الآخرين وحرّياتهم والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والقَبول بها، وهو تقديرُ التنوّع الثقافي، وهو الانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى في الأديان. | لقد أصبحت فكرة [[التسامح]] والسلمية دعوة فكرية تحمل في طيّاتها مضامين فكرية وثقافية وحضارية واجتماعية، وقد تُبنى هذه الفكرة وينظر لها من الطرف الإسلامي بأنّها احترام الآخرين وحرّياتهم والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والقَبول بها، وهو تقديرُ التنوّع الثقافي، وهو الانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى في الأديان. | ||
إنّ السلمية ليست هي فقط موضوعاً وهاجساً ومشروعاً يهمّ دولةً ومُجتمعاً، بل هي أيضاً هاجس إنساني. | إنّ السلمية ليست هي فقط موضوعاً وهاجساً ومشروعاً يهمّ دولةً ومُجتمعاً، بل هي أيضاً هاجس إنساني. | ||
وتحمل السلمية قيمة كبيرة في العالم المتحضّر، وقد أصبحت مبدأً أساسياً من مبادئ | وتحمل السلمية قيمة كبيرة في العالم المتحضّر، وقد أصبحت مبدأً أساسياً من مبادئ التسامح داخل الأمم وفيما بينها، والذي يتحقّق في ظلّها الازدهار والتقدّم. | ||
تدعو السلمية بين البشر جميعاً إلى جوّ من [[الإخاء]] والتسامح بين كلّ الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. السلمية الإنسانية في داخل المجتمع الواحد مطلوبة موضوعياً واجتماعياً، مهما اختلفت الأفكار والمفاهيم والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ. | تدعو السلمية بين البشر جميعاً إلى جوّ من [[الإخاء]] والتسامح بين كلّ الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. السلمية الإنسانية في داخل المجتمع الواحد مطلوبة موضوعياً واجتماعياً، مهما اختلفت الأفكار والمفاهيم والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ. | ||
سطر ١٩: | سطر ١٩: | ||
ومن الواضح أنّ التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف، ويؤسّس العلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصومات العقائدية والحضارية والثقافية قد لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصومات أن تمنع التعارف بين الأمم والشعوب و[[التعاون]] فيما بينها. | ومن الواضح أنّ التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف، ويؤسّس العلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصومات العقائدية والحضارية والثقافية قد لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصومات أن تمنع التعارف بين الأمم والشعوب و[[التعاون]] فيما بينها. | ||
ومفهوم التعارف ذو سعة، يمكن أن يشمل كلّ المعاني التي تدلّ على التعاون والتساكن | ومفهوم [[التعارف]] ذو سعة، يمكن أن يشمل كلّ المعاني التي تدلّ على التعاون والتساكن و[[التعايش]]، ويمكن أن يستوعب التعارف قيم [[الحوار]] و[[الجدل بالتي هي أحسن]] والاحترام المُتبادل. | ||
إنّ ضرورة [[التقارب]] بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات تزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتّصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب. | إنّ ضرورة [[التقارب]] بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات تزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتّصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب. | ||
سطر ٢٩: | سطر ٢٩: | ||
=معنى السلمية= | =معنى السلمية= | ||
تأتي مفردة (السلمية) من السلم الذي هو لغوياً بمعنى الصلح والانقياد والإبراء. | تأتي مفردة (السلمية) من السلم الذي هو لغوياً بمعنى: الصلح والانقياد والإبراء. | ||
=الإسلام والسلمية= | =الإسلام والسلمية= | ||
الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة، ولا غرابة في أنّ كلمة ( | الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة، ولا غرابة في أنّ كلمة (الإسلام) تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع. وقد جعل الله السلام تحية المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلّم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «السلام قبل الكلام»، وسبب ذلك أنّ السلام أمان، ولا كلام إلّا بعد الأمان، وهو اسم من أسماء الله الحسنى. | ||
وممّا لا شك فيه أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات الى النور حتّى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كلّ تعاملاتهم في الحياة. | وممّا لا شك فيه أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات الى النور حتّى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كلّ تعاملاتهم في الحياة. | ||
سطر ٤٥: | سطر ٤٥: | ||
وفي القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة عدّة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام والسلمية، ممّا يشكّل للمسلمين قانوناً دولياً يسيرون عليه، وهذه القوانين والشروط الواجب توفّرها حتّى يتحقّق السلام تظهر في المساواة بين الشعوب بعضها البعض، فالإسلام يُقرِّر أنَّ الناسَ، بغضّ النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم، ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، ومنه قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلّا بالتقوى». | وفي القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة عدّة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام والسلمية، ممّا يشكّل للمسلمين قانوناً دولياً يسيرون عليه، وهذه القوانين والشروط الواجب توفّرها حتّى يتحقّق السلام تظهر في المساواة بين الشعوب بعضها البعض، فالإسلام يُقرِّر أنَّ الناسَ، بغضّ النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم، ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، ومنه قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلّا بالتقوى». | ||
كما أنّ الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب إلّا للضرورة، وإقامة العدل | كما أنّ الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب إلّا للضرورة، وإقامة العدل والإنصاف، ودفع الظلم، من القواعد الأساسية لتحقيق السلام بين الشعوب والمجتمعات، فلا يعتدي أحدٌ على حقّ أحدٍ، ولا يظلم أحدٌ أحداً، فالإسلام يسعى دائماً الى استقرار [[الأمّة الإسلامية]]، كما يسعى إلى استقرار علاقات المسلمين بالأمم الأخرى. | ||
إنّ أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلّى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف | إنّ أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلّى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ [[العنف]] و[[التطرّف]] بكلّ صوره ومظاهره، وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكوّنات المجتمعات الإنسانية وتعزيز جهود المؤسّسات الدينية والثقافية في ذلك. | ||
إنّ للسلام العالمي شأناً عظيماً في الإسلام، فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً أو وطنياً، بل كان عالمياً وشمولياً، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، والمولى عزّ وجلّ عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممّن يعيشون على هذه الأرض، ويكشف لنا التاريخ أنّ جميع الحضارات كانت توّاقة من أجل تحقيق السلام العالمي. | إنّ للسلام العالمي شأناً عظيماً في الإسلام، فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً أو وطنياً، بل كان عالمياً وشمولياً، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، والمولى عزّ وجلّ عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممّن يعيشون على هذه الأرض، ويكشف لنا التاريخ أنّ جميع الحضارات كانت توّاقة من أجل تحقيق السلام العالمي. |
تعديل