انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحكم الشرعي»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
تعريف الحكم الشرعي الحُكم في اللغة يُقصد به المنع، ومن ذلك سمّي القضاء حُكماً؛ لمنعه من حدوث ووقوع النزاعات والخصومات بين الأفراد، أمّا الحكم الشرعي أو ما يسمى بالأحكام الفقهية عند علماء الأصول؛ فهو: الخطاب الصادر من الله -سبحانهالموجّه للعباد لفعل أمرٍ ما وجوباً، أو استحباباً، أو لتركه تحريماً، أو كراهةً، أو للتخيير بين الفعل والترك، وقد يكون الخطاب لبيان تصرّف الإنسان، إن كان سبباً، أو شرطاً لشيءٍ ما، أو مانعاً منه، ويُوجّه الخطاب بنصوص القرآن الكريم، وما يتبعه من السنة النبوية، وإجماع العلماء، وغيرها من الأدلة الشرعية المعتبرة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكم الشرعي، أو خطاب الله لا يتعلق إلّا بأفعال المكلفين؛ أي الأشخاص البالغين، العاقلين، العالِمين بما كُلّفوا به، القادرين على أدائه، أمّا الحكم الشرعي عند الفقهاء؛ فهو: الحكم الثابت بخطاب وكلام الله -سبحانه- للمكلّفين، إمّا تخييراً بالفعل والترك، أو أمراً واجباً أو مندوباً، أو تركاً محرّماً أو مكروهاً، أو بجعل التصرفات أسباب أو شروطاً للأمور، ويفرّق بين الحكم الشرعي عند علماء الأصول والفقهاء؛ بأنّه عند الأصوليين يتعلّق ببيان صفة الشرع ومَن شرعه، أمّا عند الفقهاء فيتعلّق بتصرفات المكلّف. الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي يتفرّع الحكم الشرعي إلى حكمٍ تكليفيٍ وحكمٍ وضعيٍ؛ فالحكم التكليفي يُقصد به طلب الأداء، أو عدم الأداء، أو التخيير بين الأمرين، وسمّي بذلك؛ لأنّ فيه كُلفةً على الإنسان بالفعل أو الترك، واعتُبر التخيير من الحكم التكليفي؛ لأنّه مختصٌّ بالمكلّف، وفيه المسامحة بين الفعل والترك، أمّا الحكم الوضعي فلا يفيد الأداء، أو الترك، أو التخيير؛ وإنّما يكون سبباً لما وضعه الله لفعلٍ معيّنٍ، أو شرطاً، أو مانعاً، وسمّي الحكم الوضعي بذلك؛ لأنّه ربط بين أمرين بعلاقةٍ ما، بوضعٍ من الله -سبحانه-؛ أي أنّ الله ربط بين الأمرين بعلاقة السببية، أو الشرطية، أو المنع، كما يفرّق بين الحكم التكليفي والوضعي من حيث قدرة المكلّف؛ فالتكليفي يكون بقدرة المكلف على الفعل أو الترك؛ أي أنّ الأمر ضمن حدود قدرته واستطاعته، أمّا الوضعي فلا تُشترط فيه قدرة المكلف، فقد يكون ضمن أو خارج قدرته.[٣] أقسام الأحكام الشرعية الحكم التكليفي وأقسامه يتفرّع الحكم التكليفي إلى خمسة أنواعٍ، وهي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح، ومن الجدير بالذكر أنّ التكليف تشترط فيه عدة أمورٍ، بيانها فيما يأتي: العقل: ويعرّف بأنّه ما يحصل به التمييز بين الأشياء، أو الأداة التي تحقّق التمييز والإدراك، وما ميّز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات، وبه يمكن تلقّي العلم والفكر. البلوغ: وصول الشخص إلى سنٍّ يُحكم عليه فيه باتّباع الأحكام التكليفية، ويُعرف بالاحتلام، أو الحيض لدى الأنثى، وأقلّ سن البلوغ اثنتا عشرة سنةً، أو تسع سنواتٍ للأنثى، وأكثره خمس عشرة سنةً. حرية التصرّف: وخلافها الإكراه والإجبار؛ فالمكلّف لا بدّ أن يكون حرّاً في تصرّفه، مختاراً له. الإسلام. الواجب وأقسامه الواجب ما ترتّب على القيام به الثواب، وعلى تركه العقاب، ويتفرّع الواجب إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي: الواجب العيني: وهو الذي يتعيّن على العبد فعله بنفسه؛ ومن أمثلته: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحجّ. الواجب الكفائي: وهو الواجب الذي يكفي به فعله من بعض العباد، ليسقط إثمه عن جميع العباد، وإن لم يفعله أحدٌ ترتّب الإثم على جميع العباد؛ كالجهاد، والأذان، وصلاة الجنازة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقضاء، والإفتاء، ويتفرّع فرض الكفاية إلى نوعين؛ هما: فرضٌ كفائيٌ يحصل المقصود منه بفعله دون الزيادة فيه؛ كغسل الميّت، وتكفينه. فرضٌ كفائيٌ تتجدّد مصلحته بتجدّد الفعل؛ كطلب العلم، وصلاة الجنازة، وحفظ القرآن. المندوب المندوب مفعول الفعل نَدَبَ، ويُقصد به لغةً الدعاء لفعلٍ ما، وفي الاصطلاح الشرعي ما لا يترتب على تركه أي عقابٍ أو إثمٍ، ولكن ينال العبد الأجر والثواب على أدائه، ويطلق عليه أيضاً: السنة، والنافلة، والتطوّع، والمستحبّ، والمرّغب به، وتتفرّع السنة إلى: سنة عينٍ، وسنّة كفايةٍ، فسنّة العين؛ كالوتر، وصلاة العيدين، وسنة الكفاية؛ كالأذان، والإقامة، ولو وقعت سنّة الكفاية من البعض حصل ما يستحبّ من الجماعة، أمّا سنة العين فإنّ التعيين فيها للمكلّف وليس للجماعة، ولا تسقط سنّيتها عن الآخرين بفعل المكلّف الواحد. المحرّم المحرّم، أو الحرام، أو المحظور؛ هو الأمر الذي رتّب الله -تعالى- على فعله عقاباً، وعلى تركه ثواباً، ذلك بشرط الامتثال لنهي الله عنه، وفرّع الفقهاء الحرام إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي: الحرام لذاته: وهو ما كان في أصله محظوراً؛ لما يترتب عليه من المفاسد والأضرار؛ كالزنا، والسرقة. الحرام لغيره: وهو ما كان في أصله مباحاً، ثمّ حُرّم؛ لارتباطه بما أدّى إلى التحريم؛ كالبيع وقت النداء إلى الجمعة، فالبيع مباحٌ ولكنّ الله حرّمه؛ لأنّ فيه مفسدةً وضرراً إن كان وقت النداء إلى صلاة الجمعة. المكروه وهو ما رتّب الله -تعالى- ثواباً على تركه طاعةً له، ولم يرتّب عقاباً على فعله، ومن الجدير بالذكر أنّ الحنفية فرّعوا المكروه إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي: المكروه كراهةً تنزيهيةً: وهو الثابت بدليلٍ ظنيٍ*. المكروه كراهةً تحريميةً: وهو الثابت بدليلٍ قطعيٍ*، ويدلّ على التحريم. المباح وهو ما جعل الله فعله وعدمه سواءً؛ أي أنّه لا ثواب أو عقاب على فعله أو عدم فعله، ويُطلق عليه أيضاً الحلال، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد حكمها، ومثال المباح: ممارسة الرياضة، والأكل، واللباس. الحكم الشرعي عند الحنفية قسّم الحنفية الحكم الشرعي إلى سبعة أنواعٍ، بيانها فيما يأتي: الفرض: وهو ما طلب الله فعله من العبد طلباً مُلزِماً، وثبت ذلك بدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة*؛ كالصلاة المفروضة، والزكاة. الواجب: وهو ما طلب الله فعله من العبد حتماً وإلزاماً، وكان الطلب قد ثبت بدليلٍ ظني الثبوت أو الدلالة*؛ كصدقة الفطر. المندوب: ما طلب الله من العبد فعله دون إلزامٍ أو جزمٍ، وهو ذاته المندوب سابق الذكر. المباح: ما وقع فيه التخيير بين الفعل والترك. الكراهة التنزيهية: ما ورد الأمر بتركه دون جزمٍ وإلزامٍ؛ كصيام يوم الجمعة فقط، ولا يختلف عن المكروه المبيّن سابقاً. الكراهة التحريمية: ما طلب الله من العبد تركه على وجه الإلزام، وثبت بدليلٍ ظني الثبوت*، أو ظني الدلالة*، ويترتّب الإثم على فعله، وإن قيل مكروهاً عند الحنفية فيُراد به المكروه تحريماً. الحرام: ما طلب الله من العبد تركه على وجه الإلزام، وثبت بدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة*، مثل: القتل، والزنا. الحكم الوضعي وأقسامه ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسامٍ، وهي: السبب، والشرط، والمانع، والصحة والبطلان، وسيأتي شرح لكلٍّ منها فيما يأتي: السبب يرتبط السبب بمسببه؛ فإن وُجد السبب وُجد المسبب، وإن لم يوجد انعدم المسبب، ومثال ذلك: جَعْل وقت الصلاة سبباً لوجوب أدائها، ويتفرّع السبب إلى ما كان بمقدور المكلّف وبفعله؛ كالسفر لإباحة الفطر في رمضان، وإلى ما ليس بمقدور المكلّف وفعله، كدخول شهر رمضان لوجوب الصيام. الشرط هو الأمر الخارج عن حقيقة الشيء إلّا أنّه لا بدّ من وجوده لوجود الشيء، ووجوده لا يعني وجود الشيء بالمقابل؛ كالوضوء، إذ لا يعدّ أمراً داخلاً في حقيقة الصلاة، إلّا أنّه لا بدّ منه لأداء الصلاة، ولا يعني وجوده أداء الصلاة، فقد يتوضأ المسلم دون إرادة الصلاة، ويختلف الشرط عن الركن؛ بأنّ الركن داخلٌ في حقيقة الشيء، أمّا الشرط فلا، وينقسم الشرط إلى عدّة أقسامٍ، وهي: الشرط المتعلّق بالسبب أو المسبّب، وينقسم إلى: الشرط المكمّل للسبب؛ كالشهادة على عقد النكاح التي تعدّ شرطاً لجَعْل العقد سبباً في ترتّب الآثار الشرعية عليه. الشرط المكمّل للمسبب؛ ومثاله: اشتراط حياة الوارث وموت الموّرث للإرث. الشرط بالنظر إلى مقصده، يتفرّع إلى: شرطٌ شرعيٌ: وهو ما صدر عن الشرع بغاية تحقيق أمرٍ ما. شرطٌ جَعْليٌ: وهو ما صدر عن المكلّف، مثل: الشروط التي يشترطها المكلفون على بعضهم البعض في عقودهم وتصرفاتهم، ويتفرّع إلى: شرطٌ جعليٌ يتوقف عليه وجود العقد؛ أي أنّ المكلّف لا يحقّق العقد إلّا بتحقّق الشرط، ويسمّى بالشرط المعلّق. شرطٌ جعليٌ مقترنٌ بالعقد؛ كاشتراط عدم خروج الزوجة من بلدها في عقد النكاح. المانع يعرّف المانع بأنّه الأمر الذي إن وُجد يمنع من الحكم ويُبطل السبب؛ أي أنّ السبب قد يتوفّر، وتتحقّق جميع شروط أمرٍ ما، إلّا أنّ وجود مانعٍ ما يحول دون ترتّب أي حكمٍ على ذلك الأمر، ومثال ذلك: تحقّق جميع شروط القرابة أو الزوجية للإرث، ومنع ترتّبه بسبب قتل الوارث لمورثّه، أو بسبب اختلافهم في الدِّين، فالمانع أمرٌ يمنع من ترتّب المسبب على السبب إن تحقّق السبب وتوفرت الشروط المتعلّقة بالأمر. الصحيح يطلق الصحيح في اللغة على الأمر السليم الذي لا سقم فيه، وفي الاصطلاح الشرعي يُطلق على الأمر الذي تحققت فيه الأمور المطلوبة شرعاً، سواءً كان عبادةً أو عقداً. الباطل الفاسد أو الباطل عند الجمهور من العلماء يقصد بهما ما يُقابل ويخالف الصحيح، سواءً في العبادات أو المعاملات، أمّا الحنفية فخالفوا الجمهور بالتفريق بين الفساد والبطلان في المعاملات؛ فقالوا إنّ الباطل ما لم يُشرع بأصله ووصفه، أمّا الفاسد فهو ما شُرع بأصله دون وصفه، أي أنّ العقد الباطل كالمعدوم؛ أي لا وجود له حقيقةً بل صورةً فقط، ولا يترتّب عليه أي أثرٍ، ويُنقض من أساسه، فالبيع الباطل على سبيل المثال لا ينقل المكليّة إلى المشتري. العزيمة والرخصة عد بعض العلماء العزيمة والرخصة من الحكم الشرعي الوضعي، وبعضهم عدَّها من أقسام فعل المكلف وهما: العزيمة لغة: القطع والتأكيد، وهي شرعاً: حكم شرعي موافق للدليل دون مخالفة غيره، كما في جميع الأحكام الشرعية وتطبيقاتها، فالصلاة حكمها الوجوب في الحضر. الرخصة لغة: التيسير، وشرعاً: أن يثبت الحكم الشرعي بخلاف الدليل الأصلي الثابت بدليل آخر، ومثاله أن الحكم الشرعي المتعلق بأكل الميتة هو التحريم، ولكن عند اضطرار الإنسان لأكل الميتة كأن يكون عرضة للهلاك ولا يجد ما ينجيه غيرها فحينها يُجعل الحكم الشرعي لأكل الميتة في حقه الوجوب، والدليل على ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اضطر في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وللترخيص عدة أسباب منها: السفر، والمرض، والنسيان، والجهل، والإكراه، والمشقة، وغيرها. بعض الفروق بين الأحكام الشرعية الفرق بين الواجب والفرض لا يفرّق الجمهور من العلماء بين الفرض والواجب من الأحكام إلّا في الحجّ، واللفظان يتعلقان بالثبوت والتقدير بشكلٍ مطلقٍ، إلّا أنّ الحنفية والإمام أحمد في روايةٍ عنه فرّقوا بين الفرض والواجب، فقالوا بأنّ الفرض القطع لغةً، واصطلاحاً هو الثابت بدليلٍ قطعيٍ من الكتاب أو السنة النبوية المتواترة أو الإجماع، أمّا الواجب عندهم فهو الدالّ على السقوط واللزوم لغةً، أمّا في الاصطلاح فهو الثابت بدليلٍ ظنيٍ موجبٍ للعلم، ويترتب على الخلاف عدّة مسائل، فمنكر الفرض عند الحنفية يعد كافراً، حيث إنّه أنكر ما يجب الاعتقاد بفرضه، بينما لا يعد كافراً من أنكر الواجب، لأنّ الدليل المثبت للواجب دليلٌ ظنيٌ لا يوجب الاعتقاد وإنّما العمل، إلّا أنّ تاركه يُحكم بفسقه. الفرق بين الركن والواجب قال بعض الفقهاء بأنّ الواجب لا يختلف عن الركن، وقال بعضهم الآخر بالاختلاف بينهما في بعض الأمور دون البعض الآخر، وقال آخرون بأنّ الركن هو الأمر الذي لا يُسقط بأي حالٍ، أمّا الواجب فيُمكن سقوطه بالنسيان على سبيل المثال، فالركن هو الجزء من الشيء، ومثال على ذلك في الصلاة، حيث يرى بعض الفقهاء أن من ترك ركناً من أركان الصلاة ناسياً فلا يسقط عنه، بل يبقى في ذمّته إلى أن يأتي به مع ما بعده وإلا بطلت صلاته؛ كتكبيرة الإحرام، والركوع، والسجود، وغيرها من الأركان، أما الواجب فإن تركه المصلّي ناسياً فيكفي إتيانه بسجود السهو بدلاً منه، كقول: "سبحان ربي العظيم" مرة واحدة في الركوع، وقراءة التشهد الأول، وقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد. الفرق بين الركن والشرط يعتبر كلاً من الشرط والركن من الأحكام الوضعية في الفقه، ويعرّف الشرط في اللغة بأنّه العلامة، فيُقال: أشراط الساعة؛ أي علاماتها، أمّا في الاصطلاح الشرعي فيُعرّف الشرط بأنّه الأمر الذي يلزم من عدمه العدم ومن وجود الوجود لا العدم، ومثالٌ عليه: دخول وقت الصلاة يعد من شروط أدائها، وبعدم دخوله لا تلزم الصلاة، فبعدم تحقق الشرط لا تتحقق الصلاة، ويتفرّع الشرط إلى شرط صحةٍ وشرط وجوبٍ، أمّا الركن في اللغة فيعرّف بأنّه العمود، وفي الاصطلاح الفقهي فهو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، فالركوع في الصلاة ركنٌ من أركانها؛ تبطل الصلاة بعدمه وإن تحقّقت جميع الأركان الباقية، فوجود الأركان جميعها يحقّق الصحة، وبانعدامها تنعدم الصحة.
=تعريف الحكم الشرعي لغةً واصطلاحاً=
 
الحُكم في اللغة يُقصد به: المنع، ومن ذلك سمّي القضاء: حُكماً؛ لمنعه من حدوث ووقوع النزاعات والخصومات بين الأفراد.
 
أمّا الحكم الشرعي أو ما يسمّى: بالأحكام الفقهية عند علماء الأصول فهو: الخطاب الصادر من الله سبحانه الموجّه للعباد لفعل أمرٍ ما وجوباً، أو استحباباً، أو لتركه تحريماً، أو كراهةً، أو للتخيير بين الفعل والترك، وقد يكون الخطاب لبيان تصرّف الإنسان، إن كان سبباً، أو شرطاً لشيءٍ ما، أو مانعاً منه، ويُوجّه الخطاب بنصوص القرآن الكريم، وما يتبعه من السنّة النبوية، وإجماع العلماء، وغيرها من الأدلّة الشرعية المعتبرة.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ الحكم الشرعي أو خطاب الله لا يتعلّق إلّا بأفعال المكلّفين، أي: الأشخاص البالغين، العاقلين، العالِمين بما كُلّفوا به، القادرين على أدائه.
 
أمّا الحكم الشرعي عند الفقهاء فهو: الحكم الثابت بخطاب وكلام الله سبحانه للمكلّفين، إمّا تخييراً بالفعل والترك، أو أمراً واجباً أو مندوباً، أو تركاً محرّماً أو مكروهاً، أو بجعل التصرّفات أسباباً أو شروطاً للأمور.
 
ويفرّق بين الحكم الشرعي عند علماء الأصول والفقهاء: بأنّه عند الأصوليّين يتعلّق ببيان صفة الشرع ومَن شرعه، أمّا عند الفقهاء فيتعلّق بتصرّفات المكلّف.  
 
=الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي=
 
يتفرّع الحكم الشرعي إلى حكمٍ تكليفيٍ وحكمٍ وضعيٍ.. فالحكم التكليفي يُقصد: به طلب الأداء، أو عدم الأداء، أو التخيير بين الأمرين. وسمّي بذلك؛ لأنّ فيه كُلفةً على الإنسان بالفعل أو الترك، واعتُبر التخيير من الحكم التكليفي؛ لأنّه مختصٌّ بالمكلّف، وفيه المسامحة بين الفعل والترك. أمّا الحكم الوضعي فلا يفيد الأداء، أو الترك، أو التخيير، وإنّما يكون سبباً لما وضعه الله لفعلٍ معيّنٍ، أو شرطاً، أو مانعاً. وسمّي الحكم الوضعي بذلك؛ لأنّه ربط بين أمرين بعلاقةٍ ما بوضعٍ من الله سبحانه، أي: أنّ الله ربط بين الأمرين بعلاقة السببية، أو الشرطية، أو المنع.
 
كما يفرّق بين الحكم التكليفي والوضعي من حيث قدرة المكلّف.. فالتكليفي يكون بقدرة المكلّف على الفعل أو الترك، أي: أنّ الأمر ضمن حدود قدرته واستطاعته، أمّا الوضعي فلا تُشترط فيه قدرة المكلّف، فقد يكون ضمن أو خارج قدرته.
 
=شرائط التكليف=
 
من الجدير بالذكر أنّ التكليف تشترط فيه عدّة أمورٍ، بيانها فيما يأتي:  
 
1.العقل.
 
ويعرّف بأنّه: ما يحصل به التمييز بين الأشياء، أو الأداة التي تحقّق التمييز والإدراك، وما ميّز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات، وبه يمكن تلقّي العلم والفكر.
 
2.البلوغ.
 
ويعرّف بأنّه: وصول الشخص إلى سنٍّ يُحكم عليه فيه باتّباع الأحكام التكليفية. ويُعرف بالاحتلام، أو الحيض لدى الأنثى، وأقلّ سنّ البلوغ اثنتا عشرة سنةً، أو تسع سنواتٍ للأنثى، وأكثره خمس عشرة سنةً عند بعض فقهاء المذاهب.
 
3.حرّية التصرّف.
 
وخلافها الإكراه والإجبار.. فالمكلّف لا بدّ أن يكون حرّاً في تصرّفه مختاراً له.
 
4.الإسلام.  
 
=أقسام الأحكام الشرعية=
 
==الحكم التكليفي وأقسامه==
 
يتفرّع الحكم التكليفي إلى خمسة أنواعٍ، وهي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح.
 
 
===الواجب وأقسامه===
 
الواجب: ما ترتّب على القيام به الثواب، وعلى تركه العقاب.
 
ويتفرّع الواجب إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي:  
 
1.الواجب العيني: وهو الذي يتعيّن على العبد فعله بنفسه. ومن أمثلته: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحجّ.
 
2.الواجب الكفائي: وهو الواجب الذي يكفي به فعله من بعض العباد ليسقط إثمه عن جميع العباد، وإن لم يفعله أحدٌ ترتّب الإثم على جميع العباد. وذلك كالجهاد، والأذان، وصلاة الجنازة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقضاء، والإفتاء.
 
ويتفرّع فرض الكفاية إلى نوعين، هما: فرضٌ كفائيٌ يحصل المقصود منه بفعله دون الزيادة فيه، كغسل الميّت، وتكفينه. وفرضٌ كفائيٌ تتجدّد مصلحته بتجدّد الفعل، كطلب العلم، وصلاة الجنازة، وحفظ القرآن.
 
===المندوب وأقسامه===
 
المندوب مفعول الفعل نَدَبَ، ويُقصد به لغةً: الدعاء لفعلٍ ما. وفي الاصطلاح الشرعي ما لا يترتّب على تركه أيّ عقابٍ أو إثمٍ، ولكن ينال العبد الأجر والثواب على أدائه.
 
ويطلق عليه أيضاً: السنّة، والنافلة، والتطوّع، والمستحبّ، والمرغّب به.
 
وتتفرّع السنّة إلى: سنّة عينٍ، وسنّة كفايةٍ.. فسنّة العين، كالوتر، وصلاة العيدين. وسنّة الكفاية، كالأذان، والإقامة.
 
ولو وقعت سنّة الكفاية من البعض حصل ما يستحبّ من الجماعة، أمّا سنة العين فإنّ التعيين فيها للمكلّف وليس للجماعة، ولا تسقط سنّيتها عن الآخرين بفعل المكلّف الواحد.  
 
===المحرّم وأقسامه===
 
المحرّم، أو الحرام، أو المحظور: هو الأمر الذي رتّب الله تعالى على فعله عقاباً، وعلى تركه ثواباً، ذلك بشرط الامتثال لنهي الله عنه.
 
وفرّع الفقهاء الحرام إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي:  
 
1.الحرام لذاته: وهو ما كان في أصله محظوراً؛ لما يترّب عليه من المفاسد والأضرار؛ كالزنى، والسرقة.
 
2.الحرام لغيره: وهو ما كان في أصله مباحاً، ثمّ حُرّم؛ لارتباطه بما أدّى إلى التحريم، كالبيع وقت النداء إلى الجمعة، فالبيع مباحٌ ولكنّ الله حرّمه؛ لأنّ فيه مفسدةً وضرراً إن كان وقت النداء إلى صلاة الجمعة.  
 
===المكروه وأقسامه===
 
المكروه: ما رتّب الله تعالى ثواباً على تركه طاعةً له، ولم يرتّب عقاباً على فعله.
 
ومن الجدير بالذكر أنّ الحنفية فرّعوا المكروه إلى نوعين، بيانهما فيما يأتي:  
 
1.المكروه كراهةً تنزيهيةً: وهو الثابت بدليلٍ ظنيٍ.
 
2.المكروه كراهةً تحريميةً: وهو الثابت بدليلٍ قطعيٍ، ويدلّ على التحريم.  
 
===المباح===
 
وهو ما جعل الله فعله وعدمه سواءً، أي: أنّه لا ثواب أو عقاب على فعله أو عدم فعله. ويُطلق عليه أيضاً الحلال. والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد حكمها.
 
ومثال المباح: ممارسة الرياضة، والأكل، واللباس.  
 
=الحكم الشرعي عند الحنفية=
 
قسّم الحنفية الحكم الشرعي إلى سبعة أنواعٍ، بيانها فيما يأتي: الفرض: وهو ما طلب الله فعله من العبد طلباً مُلزِماً، وثبت ذلك بدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة*؛ كالصلاة المفروضة، والزكاة. الواجب: وهو ما طلب الله فعله من العبد حتماً وإلزاماً، وكان الطلب قد ثبت بدليلٍ ظني الثبوت أو الدلالة*؛ كصدقة الفطر. المندوب: ما طلب الله من العبد فعله دون إلزامٍ أو جزمٍ، وهو ذاته المندوب سابق الذكر. المباح: ما وقع فيه التخيير بين الفعل والترك. الكراهة التنزيهية: ما ورد الأمر بتركه دون جزمٍ وإلزامٍ؛ كصيام يوم الجمعة فقط، ولا يختلف عن المكروه المبيّن سابقاً. الكراهة التحريمية: ما طلب الله من العبد تركه على وجه الإلزام، وثبت بدليلٍ ظني الثبوت*، أو ظني الدلالة*، ويترتّب الإثم على فعله، وإن قيل مكروهاً عند الحنفية فيُراد به المكروه تحريماً. الحرام: ما طلب الله من العبد تركه على وجه الإلزام، وثبت بدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة*، مثل: القتل، والزنا. الحكم الوضعي وأقسامه ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسامٍ، وهي: السبب، والشرط، والمانع، والصحة والبطلان، وسيأتي شرح لكلٍّ منها فيما يأتي: السبب يرتبط السبب بمسببه؛ فإن وُجد السبب وُجد المسبب، وإن لم يوجد انعدم المسبب، ومثال ذلك: جَعْل وقت الصلاة سبباً لوجوب أدائها، ويتفرّع السبب إلى ما كان بمقدور المكلّف وبفعله؛ كالسفر لإباحة الفطر في رمضان، وإلى ما ليس بمقدور المكلّف وفعله، كدخول شهر رمضان لوجوب الصيام. الشرط هو الأمر الخارج عن حقيقة الشيء إلّا أنّه لا بدّ من وجوده لوجود الشيء، ووجوده لا يعني وجود الشيء بالمقابل؛ كالوضوء، إذ لا يعدّ أمراً داخلاً في حقيقة الصلاة، إلّا أنّه لا بدّ منه لأداء الصلاة، ولا يعني وجوده أداء الصلاة، فقد يتوضأ المسلم دون إرادة الصلاة، ويختلف الشرط عن الركن؛ بأنّ الركن داخلٌ في حقيقة الشيء، أمّا الشرط فلا، وينقسم الشرط إلى عدّة أقسامٍ، وهي: الشرط المتعلّق بالسبب أو المسبّب، وينقسم إلى: الشرط المكمّل للسبب؛ كالشهادة على عقد النكاح التي تعدّ شرطاً لجَعْل العقد سبباً في ترتّب الآثار الشرعية عليه. الشرط المكمّل للمسبب؛ ومثاله: اشتراط حياة الوارث وموت الموّرث للإرث. الشرط بالنظر إلى مقصده، يتفرّع إلى: شرطٌ شرعيٌ: وهو ما صدر عن الشرع بغاية تحقيق أمرٍ ما. شرطٌ جَعْليٌ: وهو ما صدر عن المكلّف، مثل: الشروط التي يشترطها المكلفون على بعضهم البعض في عقودهم وتصرفاتهم، ويتفرّع إلى: شرطٌ جعليٌ يتوقف عليه وجود العقد؛ أي أنّ المكلّف لا يحقّق العقد إلّا بتحقّق الشرط، ويسمّى بالشرط المعلّق. شرطٌ جعليٌ مقترنٌ بالعقد؛ كاشتراط عدم خروج الزوجة من بلدها في عقد النكاح. المانع يعرّف المانع بأنّه الأمر الذي إن وُجد يمنع من الحكم ويُبطل السبب؛ أي أنّ السبب قد يتوفّر، وتتحقّق جميع شروط أمرٍ ما، إلّا أنّ وجود مانعٍ ما يحول دون ترتّب أي حكمٍ على ذلك الأمر، ومثال ذلك: تحقّق جميع شروط القرابة أو الزوجية للإرث، ومنع ترتّبه بسبب قتل الوارث لمورثّه، أو بسبب اختلافهم في الدِّين، فالمانع أمرٌ يمنع من ترتّب المسبب على السبب إن تحقّق السبب وتوفرت الشروط المتعلّقة بالأمر. الصحيح يطلق الصحيح في اللغة على الأمر السليم الذي لا سقم فيه، وفي الاصطلاح الشرعي يُطلق على الأمر الذي تحققت فيه الأمور المطلوبة شرعاً، سواءً كان عبادةً أو عقداً. الباطل الفاسد أو الباطل عند الجمهور من العلماء يقصد بهما ما يُقابل ويخالف الصحيح، سواءً في العبادات أو المعاملات، أمّا الحنفية فخالفوا الجمهور بالتفريق بين الفساد والبطلان في المعاملات؛ فقالوا إنّ الباطل ما لم يُشرع بأصله ووصفه، أمّا الفاسد فهو ما شُرع بأصله دون وصفه، أي أنّ العقد الباطل كالمعدوم؛ أي لا وجود له حقيقةً بل صورةً فقط، ولا يترتّب عليه أي أثرٍ، ويُنقض من أساسه، فالبيع الباطل على سبيل المثال لا ينقل المكليّة إلى المشتري. العزيمة والرخصة عد بعض العلماء العزيمة والرخصة من الحكم الشرعي الوضعي، وبعضهم عدَّها من أقسام فعل المكلف وهما: العزيمة لغة: القطع والتأكيد، وهي شرعاً: حكم شرعي موافق للدليل دون مخالفة غيره، كما في جميع الأحكام الشرعية وتطبيقاتها، فالصلاة حكمها الوجوب في الحضر. الرخصة لغة: التيسير، وشرعاً: أن يثبت الحكم الشرعي بخلاف الدليل الأصلي الثابت بدليل آخر، ومثاله أن الحكم الشرعي المتعلق بأكل الميتة هو التحريم، ولكن عند اضطرار الإنسان لأكل الميتة كأن يكون عرضة للهلاك ولا يجد ما ينجيه غيرها فحينها يُجعل الحكم الشرعي لأكل الميتة في حقه الوجوب، والدليل على ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اضطر في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وللترخيص عدة أسباب منها: السفر، والمرض، والنسيان، والجهل، والإكراه، والمشقة، وغيرها. بعض الفروق بين الأحكام الشرعية الفرق بين الواجب والفرض لا يفرّق الجمهور من العلماء بين الفرض والواجب من الأحكام إلّا في الحجّ، واللفظان يتعلقان بالثبوت والتقدير بشكلٍ مطلقٍ، إلّا أنّ الحنفية والإمام أحمد في روايةٍ عنه فرّقوا بين الفرض والواجب، فقالوا بأنّ الفرض القطع لغةً، واصطلاحاً هو الثابت بدليلٍ قطعيٍ من الكتاب أو السنة النبوية المتواترة أو الإجماع، أمّا الواجب عندهم فهو الدالّ على السقوط واللزوم لغةً، أمّا في الاصطلاح فهو الثابت بدليلٍ ظنيٍ موجبٍ للعلم، ويترتب على الخلاف عدّة مسائل، فمنكر الفرض عند الحنفية يعد كافراً، حيث إنّه أنكر ما يجب الاعتقاد بفرضه، بينما لا يعد كافراً من أنكر الواجب، لأنّ الدليل المثبت للواجب دليلٌ ظنيٌ لا يوجب الاعتقاد وإنّما العمل، إلّا أنّ تاركه يُحكم بفسقه. الفرق بين الركن والواجب قال بعض الفقهاء بأنّ الواجب لا يختلف عن الركن، وقال بعضهم الآخر بالاختلاف بينهما في بعض الأمور دون البعض الآخر، وقال آخرون بأنّ الركن هو الأمر الذي لا يُسقط بأي حالٍ، أمّا الواجب فيُمكن سقوطه بالنسيان على سبيل المثال، فالركن هو الجزء من الشيء، ومثال على ذلك في الصلاة، حيث يرى بعض الفقهاء أن من ترك ركناً من أركان الصلاة ناسياً فلا يسقط عنه، بل يبقى في ذمّته إلى أن يأتي به مع ما بعده وإلا بطلت صلاته؛ كتكبيرة الإحرام، والركوع، والسجود، وغيرها من الأركان، أما الواجب فإن تركه المصلّي ناسياً فيكفي إتيانه بسجود السهو بدلاً منه، كقول: "سبحان ربي العظيم" مرة واحدة في الركوع، وقراءة التشهد الأول، وقول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد. الفرق بين الركن والشرط يعتبر كلاً من الشرط والركن من الأحكام الوضعية في الفقه، ويعرّف الشرط في اللغة بأنّه العلامة، فيُقال: أشراط الساعة؛ أي علاماتها، أمّا في الاصطلاح الشرعي فيُعرّف الشرط بأنّه الأمر الذي يلزم من عدمه العدم ومن وجود الوجود لا العدم، ومثالٌ عليه: دخول وقت الصلاة يعد من شروط أدائها، وبعدم دخوله لا تلزم الصلاة، فبعدم تحقق الشرط لا تتحقق الصلاة، ويتفرّع الشرط إلى شرط صحةٍ وشرط وجوبٍ، أمّا الركن في اللغة فيعرّف بأنّه العمود، وفي الاصطلاح الفقهي فهو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، فالركوع في الصلاة ركنٌ من أركانها؛ تبطل الصلاة بعدمه وإن تحقّقت جميع الأركان الباقية، فوجود الأركان جميعها يحقّق الصحة، وبانعدامها تنعدم الصحة.


أقسام الحكم الشرعي
أقسام الحكم الشرعي
٢٬٧٩٦

تعديل