انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمود شلتوت»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٨٢: سطر ٨٢:
<br>والاجتهاد الذي يعتقده أشبه بسلسلة متّصلة حلقاتها، تسلّم أوّلها إلى أُخراها، وتؤخذ أُخراها من أُولاها، فهو اجتهاد مبني على أساس الماضي.
<br>والاجتهاد الذي يعتقده أشبه بسلسلة متّصلة حلقاتها، تسلّم أوّلها إلى أُخراها، وتؤخذ أُخراها من أُولاها، فهو اجتهاد مبني على أساس الماضي.
<br>وقد التزم الشيخ شلتوت بهذا الاجتهاد وعدم الجمود في البحث، فهو يؤمن بأنّ كلّ تفكير لا يقوم على أساس من الاجتهاد مقضي عليه بالجمود بما ينتهي إليه من موت لا مفرّ منه.
<br>وقد التزم الشيخ شلتوت بهذا الاجتهاد وعدم الجمود في البحث، فهو يؤمن بأنّ كلّ تفكير لا يقوم على أساس من الاجتهاد مقضي عليه بالجمود بما ينتهي إليه من موت لا مفرّ منه.
<br>ولذلك نجد الشيخ شلتوت يصرّح في مواضع كثيرة بأنّ الاجتهاد مصدر من أهمّ مصادر التشريع الإسلامي، وهو نعمة من اللَّه أعزّ بها المسلمين عن أن يخضعوا لغيرهم في تشريع أحكامهم فيما يجدّ لهم من أُمور لم يرد في الشرع عنها حكم، فيقول عن الاجتهاد: «وقد رفع الإسلام بهذا الوضع جماعة المسلمين عن أن يخضعوا في أحكامهم وتصرّفاتهم لغير اللَّه، ومنحهم حقّ التفكير والنظر والترجيح واختيار الأصلح في دائرة ما رسمه من الأُصول التشريعية، فلم يترك العقل وراء الأهواء والرغبات، ولم يقيّده في كلّ شي‏ء بمنصوص قد لا يتّفق مع ما يجدّ من شؤون الحياة، كما لم يلزم أهل أيّ‏عصر باجتهاد أهل عصر سابق دفعتهم اعتبارات خاصّة إلى اختيار ما اختاروا».
<br>ولذلك نجد الشيخ شلتوت يصرّح في مواضع كثيرة بأنّ الاجتهاد مصدر من أهمّ مصادر [[التشريع الإسلامي]]، وهو نعمة من اللَّه أعزّ بها المسلمين عن أن يخضعوا لغيرهم في تشريع أحكامهم فيما يجدّ لهم من أُمور لم يرد في الشرع عنها حكم، فيقول عن الاجتهاد: «وقد رفع الإسلام بهذا الوضع جماعة المسلمين عن أن يخضعوا في أحكامهم وتصرّفاتهم لغير اللَّه، ومنحهم حقّ التفكير والنظر والترجيح واختيار الأصلح في دائرة ما رسمه من الأُصول التشريعية، فلم يترك العقل وراء الأهواء والرغبات، ولم يقيّده في كلّ شي‏ء بمنصوص قد لا يتّفق مع ما يجدّ من شؤون الحياة، كما لم يلزم أهل أيّ‏عصر باجتهاد أهل عصر سابق دفعتهم اعتبارات خاصّة إلى اختيار ما اختاروا».
<br>وكان دائماً ينادي باتّباع أحكام اللَّه تعالى دون الخضوع فيها لرأي معيّن أو مذهب خاصّ، فيقول: «واجب علينا ألّاندين بالولاء والانقياد لغير أحكام اللَّه ورسوله، ولا نتابع قولًا لمتقدّم أو متأخّر لا يستند إلى دليل من الكتاب والسنّة، وبذلك تكون فتاوانا وآراؤنا مستمدّة من ينابيع الإسلام ومصادره الأصلية، ولا نبالي فيها خلاف من يخالفنا».
<br>وكان دائماً ينادي باتّباع أحكام اللَّه تعالى دون الخضوع فيها لرأي معيّن أو مذهب خاصّ، فيقول: «واجب علينا ألّا ندين بالولاء والانقياد لغير أحكام اللَّه ورسوله، ولا نتابع قولًا لمتقدّم أو متأخّر لا يستند إلى دليل من الكتاب والسنّة، وبذلك تكون فتاوانا وآراؤنا مستمدّة من ينابيع الإسلام ومصادره الأصلية، ولا نبالي فيها خلاف من يخالفنا».
<br>فكان الشيخ شلتوت بحقّ ينهج في منهجه الاجتهادي منهجاً عظيماً يعتبر امتداداً حقيقياً للحركة التي أبداها أُستاذاه جمال الدين الأفغاني و محمّد عبده في الثورة على التقليد والجمود والمناداة بالاجتهاد والتجديد.
<br>فكان الشيخ شلتوت بحقّ ينهج في منهجه الاجتهادي منهجاً عظيماً يعتبر امتداداً حقيقياً للحركة التي أبداها أُستاذاه [[جمال الدين الأفغاني]] و [[محمّد عبده]] في الثورة على التقليد والجمود والمناداة بالاجتهاد و[[التجديد]].
<br>ولإيمانه بضرورة الاجتهاد والإصلاح والتجديد وقف موقفاً صلباً في وجه الذين ينادون بغلق باب الاجتهاد بقوله: «يجب أن نجتهد، وأن نؤمن بأنّ حاجة اليوم من الفقه واللغة وعقائد الدين غيرها بالأمس، وأن نؤمن بأنّ فضل اللَّه في كلّ ذلك لم يكن وقفاً على الأوّلين. وغير صحيح ما يقال: إنّ السابقين حلّلوا المصادر وقعّدوا القواعد وطبّقوها على كلّ ما يمكن أن يجي‏ء به الزمن ويحدث للناس من أقضية وحاجات».
<br>ولإيمانه بضرورة الاجتهاد والإصلاح والتجديد وقف موقفاً صلباً في وجه الذين ينادون بغلق باب الاجتهاد بقوله: «يجب أن نجتهد، وأن نؤمن بأنّ حاجة اليوم من الفقه واللغة وعقائد الدين غيرها بالأمس، وأن نؤمن بأنّ فضل اللَّه في كلّ ذلك لم يكن وقفاً على الأوّلين. وغير صحيح ما يقال: إنّ السابقين حلّلوا المصادر وقعّدوا القواعد وطبّقوها على كلّ ما يمكن أن يجي‏ء به الزمن ويحدث للناس من أقضية وحاجات».
<br>ومن هنا يقول الشيخ نصر فريد واصل: «ولكلّ ما سبق حظي الشيخ شلتوت بمكانة علمية فريدة في عصره، فكان إماماً ممتازاً في شخصيته، ممتازاً في خلقه، ممتازاً في فطرته الطبيعية، فاحتلّ مكانة سامية في فقه الشريعة الإسلامية أتاحت له أن يكون المرجع الأكبر في عصره لطلّاب المعرفة في كلّ ما يتعلّق بمشكلات العصر الحديث وموقف الإسلام منها».
<br>ومن هنا يقول الشيخ نصر فريد واصل: «ولكلّ ما سبق حظي الشيخ شلتوت بمكانة علمية فريدة في عصره، فكان إماماً ممتازاً في شخصيته، ممتازاً في خلقه، ممتازاً في فطرته الطبيعية، فاحتلّ مكانة سامية في فقه الشريعة الإسلامية أتاحت له أن يكون المرجع الأكبر في عصره لطلّاب المعرفة في كلّ ما يتعلّق بمشكلات العصر الحديث وموقف الإسلام منها».
<br>وكان الشيخ محمود شتلوت رائداً من روّاد النهضة الإسلامية، وواعياً بأنّنا إذا لم نقدّم الإسلام نموذجاً حضارياً لنهضة الأُمّة الإسلامية فإنّ النموذج التغريبي اللاديني الذي يبشّر به الاستعمار والمتغرّبون من أبناء الشرق جاهز لمل‏ء الفراغ الذي يصنعه الجمود والتقليد.. لذلك كان جهاده- وعلى امتداد ما يقرب من نصف قرن- كبيراً من أجل تجديد دين الإسلام لتجدّد به دنيا المسلمين.. وكثيراً ما تحدّث عن الإسلام باعتباره «دين الفكر، ودين العقل، ودين العلم»... وعن رسول الإسلام (صلّى الله عليه وآله) الذي لم يقدّم حجّة على رسالته إلّاما كان طريقها العقل والنظر والتفكير، والذي لم يشأ له ربّه أن يحقّق للقوم ما كانوا يطلبون من خوارق حسّية تخضع لها أعناقهم، وتحدّث عن القرآن الكريم «الذي ارتفع بالعقل، وسجّل أنّ إهماله في الدنيا سيكون سبباً في عذاب الآخرة، فقال حكاية لما يجري على ألسنة الذين ضلّوا ولم يستعملوا عقولهم في معرفة الحقّ والعمل به: «لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ» (سورة الملك: 10)، وكان من مقتضيات أنّ الإسلام دين العقل ودين العلم أنّه حذّر من اتّباع الظنّ، وجعل البرهان والحجّة أساس الإيمان‏ «قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ» (سورة الأنعام: 148).
<br>وكان الشيخ محمود شتلوت رائداً من روّاد [[النهضة الإسلامية]]، وواعياً بأنّنا إذا لم نقدّم الإسلام نموذجاً حضارياً لنهضة الأُمّة الإسلامية فإنّ النموذج التغريبي اللاديني الذي يبشّر به الاستعمار والمتغرّبون من أبناء الشرق جاهز لمل‏ء الفراغ الذي يصنعه الجمود والتقليد.. لذلك كان جهاده- وعلى امتداد ما يقرب من نصف قرن- كبيراً من أجل تجديد دين الإسلام لتجدّد به دنيا المسلمين.. وكثيراً ما تحدّث عن الإسلام باعتباره «دين الفكر، ودين العقل، ودين العلم»... وعن رسول الإسلام (صلّى الله عليه وآله) الذي لم يقدّم حجّة على رسالته إلّا ما كان طريقها العقل والنظر والتفكير، والذي لم يشأ له ربّه أن يحقّق للقوم ما كانوا يطلبون من خوارق حسّية تخضع لها أعناقهم، وتحدّث عن القرآن الكريم «الذي ارتفع بالعقل، وسجّل أنّ إهماله في الدنيا سيكون سبباً في عذاب الآخرة، فقال حكاية لما يجري على ألسنة الذين ضلّوا ولم يستعملوا عقولهم في معرفة الحقّ والعمل به: «لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ» (سورة الملك: 10)، وكان من مقتضيات أنّ الإسلام دين العقل ودين العلم أنّه حذّر من اتّباع الظنّ، وجعل البرهان والحجّة أساس الإيمان‏: «قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ» (سورة الأنعام: 148).
<br>ومن هنا كثرت آيات القرآن الواردة في ذمّ التقليد والجمود على ما كان عليه سلفهم، وجرى الخلف وراء السلف دون نظر واستدلال، وكأنّهم يرون أنّ السبق الزمني يخلع على خطّة السابقين وآرائهم في المعتقدات وأفهامهم في النصوص قداسة الحقّ وسلطان البرهان، فالتزموها وتقيّدوا بها وسلبوا أنفسهم خاصّة الإنسان، خاصّة البحث والنظر: «وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» (سورة لقمان: 21).
<br>ومن هنا كثرت آيات القرآن الواردة في ذمّ التقليد والجمود على ما كان عليه سلفهم، وجرى الخلف وراء السلف دون نظر واستدلال، وكأنّهم يرون أنّ السبق الزمني يخلع على خطّة السابقين وآرائهم في المعتقدات وأفهامهم في النصوص قداسة الحقّ وسلطان البرهان، فالتزموها وتقيّدوا بها وسلبوا أنفسهم خاصّة الإنسان، خاصّة البحث والنظر: «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» (سورة لقمان: 21).
<br>«فالجمود عند الموروث والاكتفاء به مصادم لما تقضي به طبيعة الكون وطبيعة كلّ حي من النمو والتوليد... والتناسل الفكري كالتناسل النباتي والحيواني والإنساني، كلاهما شأن لا بدّ منه في الحياة، ولو وقف التناسل الفكري لارتطم الإنسان في حياته بكثرة ما تلد الطبيعيات التي هو منها، وعندئذٍ يعجز عن تدبير الحياة النامية، فيتحقّق فشله في القيام بمهمّة الخلافة الأرضية التي اختير لها ووكّلت إليه منذ القدم... وكذلك فالجمود على آراء المتقدّمين لمجرّد أنّهم متقدّمون فيه سلب لمزية الإنسان في التمييز بين الحقّ والباطل والملائم وغير الملائم... فيقاد بالزمام، وزمامه صور الآباء والأجداد، فهي دائماً تجذبه القهقرى، ولا تجد من نفسه عوناً على التقدّم، فيقع في ضيق من الحياة المتجدّدة حوله: «وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا» (سورة الأعراف: 28)... ويظلّ كذلك حتّى تنزل به غاشية من صولة الطبيعة النامية، فتذهب به إلى حيث ذهب الغافلون... فالجمود جناية على الفطرة البشرية، وسلب لمزية العقل التي امتاز بها الإنسان، وإهدار لحجّة اللَّه على عباده، وتمسّك بما لا وزن له عند اللَّه».
<br>«فالجمود عند الموروث والاكتفاء به مصادم لما تقضي به طبيعة الكون وطبيعة كلّ حيّ من النمو والتوليد... والتناسل الفكري كالتناسل النباتي والحيواني والإنساني، كلاهما شأن لا بدّ منه في الحياة، ولو وقف التناسل الفكري لارتطم الإنسان في حياته بكثرة ما تلد الطبيعيات التي هو منها، وعندئذٍ يعجز عن تدبير الحياة النامية، فيتحقّق فشله في القيام بمهمّة الخلافة الأرضية التي اختير لها ووكّلت إليه منذ القدم... وكذلك فالجمود على آراء المتقدّمين لمجرّد أنّهم متقدّمون فيه سلب لمزية الإنسان في التمييز بين الحقّ والباطل والملائم وغير الملائم... فيقاد بالزمام، وزمامه صور الآباء والأجداد، فهي دائماً تجذبه القهقرى، ولا تجد من نفسه عوناً على التقدّم، فيقع في ضيق من الحياة المتجدّدة حوله: «وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا» (سورة الأعراف: 28)... ويظلّ كذلك حتّى تنزل به غاشية من صولة الطبيعة النامية، فتذهب به إلى حيث ذهب الغافلون... فالجمود جناية على الفطرة البشرية، وسلب لمزية العقل التي امتاز بها الإنسان، وإهدار لحجّة اللَّه على عباده، وتمسّك بما لا وزن له عند اللَّه».
<br>ولهذا دعا الشيخ شلتوت إلى ما أسماه «التجديد الانقلابي»- أي: الجذري والعميق- في العقلية الأزهرية خاصّة، والعقلية الإسلامية عامّة، وذلك حتّى تكون عصور الازدهار الحضاري هي المرجعية الفكرية لهذه العقلية، وليس عصور التراجع الحضاري، وحتّى تتزامل هذه الفكرة التجديدية مع فقه الواقع المعيش في التأسيس لفكر إسلامي أصيل وجديد في ذات الوقت.
<br>ولهذا دعا الشيخ شلتوت إلى ما أسماه «التجديد الانقلابي»- أي: الجذري والعميق- في العقلية الأزهرية خاصّة، والعقلية الإسلامية عامّة، وذلك حتّى تكون عصور الازدهار الحضاري هي المرجعية الفكرية لهذه العقلية، وليس عصور التراجع الحضاري، وحتّى تتزامل هذه الفكرة التجديدية مع فقه الواقع المعيش في التأسيس لفكر إسلامي أصيل وجديد في ذات الوقت.
<br>وممّا قاله عن هذا «التجديد الانقلابي» لمؤتمر الملحقين الثقافيّين- وهو وكيل للأزهر- في 8 صفر 1378 ه/ 24 أغسطس 1958 م: «إنّ هذا الذي نريده للأزهر هو في واقعه انقلاب، ولكنّه انقلاب محبّب للنفوس الغيورة على ماضيها المتطلّعة إلى مستقبلها... انقلاب يصل بالعقلية الأزهرية إلى الفكر الأصيل يوم كان خالصاً في موقفه من القرآن، وفي تعبيره عن تعاليم القرآن، وهو في الوقت نفسه يربط العقلية الأزهرية أو الفكرة الإسلامية السليمة بالحياة الواقعية التي يعيش فيه العالم اليوم، والتي تتجاذبها تيّارات فكرية متعارضة، يجب أن يقف العقل الأزهري أمامها؛ ليقي الجماعة الإسلامية غزوها، وليحفظها من الانحلال والذوبان في غيره». الانقلابي باعتباره «سبيل أُمّتنا إلى الزعامة» والإمامة في هذه الحياة... ولقد كتب عن هذا المقصد فقال: «إنّ سبيل أُمّتنا إلى الزعامة هو مقاومة الفكر الوافد إلينا عن طريق الاستشراق والإلحاد، هذا الفكر الذي من شأنه أن يزعزع القيم الإسلامية في النفوس، وأن يمزّق وحدة المسلمين والعرب عن طريق الغزو العقلي الذي يملك على الناس قلوبهم، ويصرفهم عن أنفسهم إلى ما يريد.
<br>وممّا قاله عن هذا «التجديد الانقلابي» لمؤتمر الملحقين الثقافيّين- وهو وكيل للأزهر- في 8 صفر 1378 ه/ 24 أغسطس 1958 م: «إنّ هذا الذي نريده للأزهر هو في واقعه انقلاب، ولكنّه انقلاب محبّب للنفوس الغيورة على ماضيها المتطلّعة إلى مستقبلها... انقلاب يصل بالعقلية الأزهرية إلى الفكر الأصيل يوم كان خالصاً في موقفه من القرآن، وفي تعبيره عن تعاليم القرآن، وهو في الوقت نفسه يربط العقلية الأزهرية أو الفكرة الإسلامية السليمة بالحياة الواقعية التي يعيش فيه العالم اليوم، والتي تتجاذبها تيّارات فكرية متعارضة، يجب أن يقف العقل الأزهري أمامها؛ ليقي الجماعة الإسلامية غزوها، وليحفظها من الانحلال والذوبان في غيره». الانقلابي باعتباره «سبيل أُمّتنا إلى الزعامة» والإمامة في هذه الحياة... ولقد كتب عن هذا المقصد فقال: «إنّ سبيل أُمّتنا إلى الزعامة هو مقاومة الفكر الوافد إلينا عن طريق الاستشراق والإلحاد، هذا الفكر الذي من شأنه أن يزعزع القيم الإسلامية في النفوس، وأن يمزّق وحدة المسلمين والعرب عن طريق الغزو العقلي الذي يملك على الناس قلوبهم، ويصرفهم عن أنفسهم إلى ما يريد.
سطر ٩٥: سطر ٩٥:
<br>إنّ محمّد بن عبداللَّه (صلّى الله عليه وآله) لم يتّجه إلى مكافحة الغزو السياسي والاقتصادي في بيئته إلّا بعد أن تمّت له مكافحة الغزو العقلي‏فيها عن طريق محو الشرك والوثنية وعن طريق الإيمان باللَّه وحده.
<br>إنّ محمّد بن عبداللَّه (صلّى الله عليه وآله) لم يتّجه إلى مكافحة الغزو السياسي والاقتصادي في بيئته إلّا بعد أن تمّت له مكافحة الغزو العقلي‏فيها عن طريق محو الشرك والوثنية وعن طريق الإيمان باللَّه وحده.
<br>وحينما تمّت له مكافحة هذا الغزو القلبي اتّجه بالإيمان نفسه إلى مكافحة الغزو السياسي؛ حفظاً لشخصية الجماعة، وحفظاً لمبادئها في النفوس، واتّجه كذلك إلى مكافحة الغزو الاقتصادي عن طريق منع الاستغلال والاحتكار والطغيان المالي، وبذلك كملت لشخصيته عناصر الاستقلال المطلق الكامل، واستقلال السياسة، واستقلال الاقتصاد، وما كان ذلك كله إلّابفهم القرآن، والاتّصال بالحياة الواقعية... وهذه هي قمّة المجد وطريق السؤدد».
<br>وحينما تمّت له مكافحة هذا الغزو القلبي اتّجه بالإيمان نفسه إلى مكافحة الغزو السياسي؛ حفظاً لشخصية الجماعة، وحفظاً لمبادئها في النفوس، واتّجه كذلك إلى مكافحة الغزو الاقتصادي عن طريق منع الاستغلال والاحتكار والطغيان المالي، وبذلك كملت لشخصيته عناصر الاستقلال المطلق الكامل، واستقلال السياسة، واستقلال الاقتصاد، وما كان ذلك كله إلّابفهم القرآن، والاتّصال بالحياة الواقعية... وهذه هي قمّة المجد وطريق السؤدد».
<br>ولقد جاء المشروع الفكري للشيخ شلتوت تجسيداً للاجتهاد على جبهة هذا التجديد... هذه الجبهة التي امتدّت لتشمل مختلف قضايا الدين والدنيا... الأمر الذي يجعل الإحاطة بمعالم مواقع هذه الجبهة رهناً بإشارات إلى معالم إبداعه التجديدي في هذه القضايا التي شملت على حدّ تعبير الدكتور محمّد عمارة ضمن ما شملت: 1- العقائد الإسلامية. 2- عالم الغيب. 3- السنّة النبوية. 4- البدعة والإبداع. 5- الدين والدولة. 6- الشورى والاستبداد. 7- الأموال والثروات. 8- المعاملات المالية المستحدثة.
<br>ولقد جاء المشروع الفكري للشيخ شلتوت تجسيداً للاجتهاد على جبهة هذا التجديد... هذه الجبهة التي امتدّت لتشمل مختلف قضايا الدين والدنيا... الأمر الذي يجعل الإحاطة بمعالم مواقع هذه الجبهة رهناً بإشارات إلى معالم إبداعه التجديدي في هذه القضايا التي شملت على حدّ تعبير الدكتور [[محمّد عمارة]] ضمن ما شملت: 1- العقائد الإسلامية. 2- عالم الغيب. 3- السنّة النبوية. 4- البدعة والإبداع. 5- الدين والدولة. 6- الشورى والاستبداد. 7- الأموال والثروات. 8- المعاملات المالية المستحدثة. 9- الموقف من الشيوعية والفلسفة المادّية. 10- نظرية التطوّر والنشوء والارتقاء. 11- تكفير من لم يحكم بما أنزل اللَّه. 12- الإنصاف الإسلامي للمرأة. 13- الزواج السرّي. 14- زواج المتعة. 15- النسل بين التجديد والتنظيم. 16- الموقف الإسلامي من الفنون‏ الجميلة. 17- التقريب بين المذاهب الإسلامية.
9- الموقف من الشيوعية والفلسفة المادّية. 10- نظرية التطوّر والنشوء والارتقاء. 11- تكفير من لم يحكم بما أنزل اللَّه. 12- الإنصاف الإسلامي للمرأة. 13- الزواج السرّي. 14- زواج المتعة. 15- النسل بين التجديد والتنظيم. 16- الموقف الإسلامي من الفنون‏ الجميلة. 17- التقريب بين المذاهب الإسلامية.
<br>وأمّا منهجه في التفسير فالشيخ شلتوت إمام عالم فسّر القرآن الكريم، فجلى هدايات القرآن في جوانب الحياة المختلفة، وأظهر كثيراً من نواحي الإعجاز البياني والتشريعي والعقدي والأخلاقي، وذلك في تبصّر ووعي وإدراك لثقافة العصر وقضاياه المتجدّدة. وهو في تفسيره يؤكّد حقيقة هذا الدين، وهو أنّه الدين الذي رضيه اللَّه للبشرية ديناً خاتماً أرسل به خاتم أنبيائه ورسله محمّداً، وأنّه الدين العامّ الخالد إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، إذا استقامت البشرية على منهجه يحقّق لها التقدّم والرقي والسعادة والأمن والاستقرار، فهو الدين الذي يصلح به كلّ زمان ومكان؛ لأنّه يلبّي حاجة العقل والقلب والجسد والروح.
<br>وأمّا منهجه في التفسير فالشيخ شلتوت إمام عالم فسّر القرآن الكريم، فجلى هدايات القرآن في جوانب الحياة المختلفة، وأظهر كثيراً من نواحي الإعجاز البياني والتشريعي والعقدي والأخلاقي، وذلك في تبصّر ووعي وإدراك لثقافة العصر وقضاياه المتجدّدة. وهو في تفسيره يؤكّد حقيقة هذا الدين، وهو أنّه الدين الذي رضيه اللَّه للبشرية ديناً خاتماً أرسل به خاتم أنبيائه ورسله محمّداً، وأنّه الدين العامّ الخالد إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، إذا استقامت البشرية على منهجه يحقّق لها التقدّم والرقي والسعادة والأمن والاستقرار، فهو الدين الذي يصلح به كلّ زمان ومكان؛ لأنّه يلبّي حاجة العقل والقلب والجسد والروح.
<br>وقد أدرك الشيخ شلتوت بوعيه الثاقب أنّ المسلم لا يمكن أن يعيش بعيداً عن حقائق العصر ومتغيّرات الحياة ومتطلّباتها، فربط التفسير بالواقع، وحارب الجمود والتقليد، وقضى على ركود العقل واستغلال الدين لمصلحة فئة من الناس، ودعا إلى الائتلاف والوحدة، على حدّ تعبير الأُستاذ عبّاس محمود العقّاد.
<br>وقد أدرك الشيخ شلتوت بوعيه الثاقب أنّ المسلم لا يمكن أن يعيش بعيداً عن حقائق العصر ومتغيّرات الحياة ومتطلّباتها، فربط التفسير بالواقع، وحارب الجمود والتقليد، وقضى على ركود العقل واستغلال الدين لمصلحة فئة من الناس، ودعا إلى [[الائتلاف]] والوحدة، على حدّ تعبير الأُستاذ [[عبّاس محمود العقّاد]].
<br>وقد أصبح الناس في القرن العشرين في حاجة إلى تفسير يلائم حال الناس وثقافتهم، وقام الشيخ شلتوت بواجبه نحو كتاب اللَّه وخدمته، وكتب بحوثه وألقى محاضرات في تفسير القرآن بطريقة فريدة ونموذج رائع وأُسلوب جديد يلائم ذوق العصر وثقافته، عمد فيه إلى بيان وجوه الهداية والإعجاز في القرآن الكريم عقيدةً وتشريعاً وأخلاقاً.
<br>وقد أصبح الناس في القرن العشرين في حاجة إلى تفسير يلائم حال الناس وثقافتهم، وقام الشيخ شلتوت بواجبه نحو كتاب اللَّه وخدمته، وكتب بحوثه وألقى محاضرات في تفسير القرآن بطريقة فريدة ونموذج رائع وأُسلوب جديد يلائم ذوق العصر وثقافته، عمد فيه إلى بيان وجوه الهداية والإعجاز في القرآن الكريم عقيدةً وتشريعاً وأخلاقاً.
<br>ووضّح الشيخ شلتوت منهجه، فقال أثناء تفسيره لسورة البقرة: «وقد سلكنا بهذا الصنيع سبيلاً غير التي ألّفها الناس في التفسير لنضع بين يدي القارئ الموضوعات التي عرضت لها السورة فيما قبل هذه الآية والموضوعات التي عرضت لها فيما بعدها في سلك واحد يجمع بين حبّات كلّ جانب، ويعطي للناظر إليه صورة كاملة لجميع ما احتوت عليه تلك السورة الكريمة، وتعينه على الرجوع بكلّ مسألة فيها إلى نوعها وغرضها التي ترتبط فيها مع زميلاتها، ولعلّ القرّاء يلمسون من هذا الصنيع ذلك المعنى الذي يوحي به اهتمام السورة في الجانب الأوّل من جانبيها بتتبّع أنباء بني إسرائيل وتقصّيها على النحو العجيب، والمؤذن بأنّ القرآن الكريم صادر من العليم الحكيم، كما يوحي باهتمام السورة في جانبها الآخر بعظمة هذا الدين وكونه منهجاً واضحاً وصراطاً مستقيماً يهدي للتي هي أقوم، ويرسم للناس طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويهيّئ للأُمّة حياة هانئة مستقرّة ونظاماً قوياً يعيشون في ظلّه آمنين مطمئنين».
<br>ووضّح الشيخ شلتوت منهجه، فقال أثناء تفسيره لسورة البقرة: «وقد سلكنا بهذا الصنيع سبيلاً غير التي ألّفها الناس في التفسير لنضع بين يدي القارئ الموضوعات التي عرضت لها السورة فيما قبل هذه الآية والموضوعات التي عرضت لها فيما بعدها في سلك واحد يجمع بين حبّات كلّ جانب، ويعطي للناظر إليه صورة كاملة لجميع ما احتوت عليه تلك السورة الكريمة، وتعينه على الرجوع بكلّ مسألة فيها إلى نوعها وغرضها التي ترتبط فيها مع زميلاتها، ولعلّ القرّاء يلمسون من هذا الصنيع ذلك المعنى الذي يوحي به اهتمام السورة في الجانب الأوّل من جانبيها بتتبّع أنباء بني إسرائيل وتقصّيها على النحو العجيب، والمؤذن بأنّ القرآن الكريم صادر من العليم الحكيم، كما يوحي باهتمام السورة في جانبها الآخر بعظمة هذا الدين وكونه منهجاً واضحاً وصراطاً مستقيماً يهدي للتي هي أقوم، ويرسم للناس طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويهيّئ للأُمّة حياة هانئة مستقرّة ونظاماً قوياً يعيشون في ظلّه آمنين مطمئنين».
<br>ولقد انتهج الشيخ شلتوت منهج التفسير الموضوعي، وهو تفسير القرآن الكريم بجميع الآيات من السور المختلفة التي تحدّثت عن موضوع واحد ودراستها دراسة موضوعية مرتبطاً بعضها ببعض مستخرجاً منها العبر والأحكام والعظات.
<br>ولقد انتهج الشيخ شلتوت منهج التفسير الموضوعي، وهو تفسير القرآن الكريم بجميع الآيات من السور المختلفة التي تحدّثت عن موضوع واحد ودراستها دراسة موضوعية مرتبطاً بعضها ببعض مستخرجاً منها العبر والأحكام والعظات.
<br>وقد تميّز تفسيره للعشرة أجزاء الأُولى من القرآن الكريم:
<br>وقد تميّز تفسيره للعشرة أجزاء الأُولى من القرآن الكريم:
<br>أوّلًا: بتنظيم وترتيب المعلومات والتبويب والفهرسة للموضوعات، فكان يذكر إجمالًا في مستهلّ كلّ سورة: الموضوعات الرئيسية والمحاور التي تدور عليها، ثمّ يبيّن مقاصد السورة، ثمّ يبيّن طريقته في بيان الموضوعات وأُسلوبه في البحث.
<br>أوّلًا: بتنظيم وترتيب المعلومات والتبويب والفهرسة للموضوعات، فكان يذكر إجمالاً في مستهلّ كلّ سورة: الموضوعات الرئيسية والمحاور التي تدور عليها، ثمّ يبيّن مقاصد السورة، ثمّ يبيّن طريقته في بيان الموضوعات وأُسلوبه في البحث.
<br>ثانياً: بخلوّه من الإسرائيليات والموضوعات والمرويات الضعيفة.
<br>ثانياً: بخلوّه من الإسرائيليات والموضوعات والمرويات الضعيفة.
<br>ثالثاً: تجنّب في تفسيره أمرين يجب- وذلك على حدّ تعبير الشيخ نصر فريد واصل- تنزيه التفسير عنهما: التفسير على وفق آراء المذاهب والفرق، التفسير على مقتضى النظريات العلمية.
<br>ثالثاً: تجنّب في تفسيره أمرين يجب- وذلك على حدّ تعبير الشيخ نصر فريد واصل- تنزيه التفسير عنهما: التفسير على وفق آراء المذاهب والفرق، التفسير على مقتضى النظريات العلمية.
٢٬٧٩٦

تعديل