٢٬٧٩٦
تعديل
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٦٣: | سطر ٦٣: | ||
وكان إصلاح الأزهر على رأس أولويات الشيخ المراغي، وظل يعمل على تغيير بنية الأزهر بإعادة دار العلوم ومدرسة القضاء الشرعي إلى أحضانه، وتحسين مستوى تعليم وتدريب العلماء والانفتاح على العلوم، وتبني طرق التفكير الحديثة، وإدخال اللغات الأجنبية في مناهج تعليم الأزهريين وابتعاثهم إلى العالم الخارجي. | وكان إصلاح الأزهر على رأس أولويات الشيخ المراغي، وظل يعمل على تغيير بنية الأزهر بإعادة دار العلوم ومدرسة القضاء الشرعي إلى أحضانه، وتحسين مستوى تعليم وتدريب العلماء والانفتاح على العلوم، وتبني طرق التفكير الحديثة، وإدخال اللغات الأجنبية في مناهج تعليم الأزهريين وابتعاثهم إلى العالم الخارجي. | ||
وشكّل فور توليه مشيخة الأزهر لجاناً لإعادة النظر في قوانين الأزهر، ومناهج الدراسة فيه. كما قدم قانوناً لإصلاح وضع الأزهر للملك فؤاد الذي كان مشرفاً على شؤون الأزهر آنذاك، إلا أن بعض حاشية الملك فؤاد أوعزوا له بأن الشيخ المراغي يريد استقلال الأزهر عن القصر، فرفض الملك فؤاد القانون، وأعاده إلى الشيخ المراغي، فما كان من الشيخ المراغي إلا أن وضع القانون الخاص بإصلاح الأزهر في ظرف، واستقالته من مشيخة الأزهر في ظرف آخر، وطلب من الملك فؤاد حرية الاختيار، فقبل الملك فؤاد الاستقالة، ولكن الإضرابات عن الدراسة والتظاهرات التي قام بها علماء وطلاب الأزهر، والتي استمرت أكثر من 14 شهراً أجبرت الملك فؤاد على إعادة المراغي شيخًا للأزهر مرة أخرى. | وشكّل فور توليه مشيخة الأزهر لجاناً لإعادة النظر في قوانين الأزهر، ومناهج الدراسة فيه. كما قدم قانوناً لإصلاح وضع الأزهر للملك فؤاد الذي كان مشرفاً على شؤون الأزهر آنذاك، إلا أن بعض حاشية الملك فؤاد أوعزوا له بأن الشيخ المراغي يريد استقلال الأزهر عن القصر، فرفض الملك فؤاد القانون، وأعاده إلى الشيخ المراغي، فما كان من الشيخ المراغي إلا أن وضع القانون الخاص بإصلاح الأزهر في ظرف، واستقالته من مشيخة الأزهر في ظرف آخر، وطلب من الملك فؤاد حرية الاختيار، فقبل الملك فؤاد الاستقالة، ولكن الإضرابات عن الدراسة والتظاهرات التي قام بها علماء وطلاب الأزهر، والتي استمرت أكثر من 14 شهراً أجبرت الملك فؤاد على إعادة المراغي شيخًا للأزهر مرة أخرى. | ||
معالم المشروع الإصلاحي للشيخ مصطفى المراغي | |||
يتركز المشروع الإصلاحي للشيخ المراغي حول عدد من المحاور التي يمكن إجمالها في النقاط التالية: | |||
– إصلاح الأزهر: وهي أهم حلقات المشروع الإصلاحي للشيخ مصطفى المراغي ، وجسدتها مذكرته الإصلاحية لتطوير الأزهر التي أعدها فور توليه المشيخة، واستهلها بقوله: “صار من المحتم، لحماية الدين لا لحماية الأزهر، أن يغير التعليم في المعاهد، وأن تكون الخطوة إلى ذلك جريئة، ويقصد بها وجه الله تعالى فلا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ وقد قرنت كل الإصلاحات في العالم بمثل هذه الضجة”. | |||
بسطت المذكرة واقع المؤسسة العريقة المتردي من كافة الجوانب وبينت مظاهر الخلل بدقة، حتى قال رشيد رضا “لقد أوتي الأستاذ الأكبر في هذه المذكرة الحكمة وفصل الخطاب”، وهو لم يقف عند حد التوصيف وإنما وضع آليات للإصلاح حددها في: دراسة القرآن الكريم والسنة النبوية دراسة جيدة وفقا قواعد اللغة العربية وقواعد العلم الصحيح، وفتح الدعوة إلى الاجتهاد المطلق في الأحكام الشرعية، وتهذيب العقائد والعبادات الإسلامية مما جد فيها وابتدع، وأن يدرس الفقه الإسلامي دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب بعينه، وأن تدرس الأديان والعقائد المختلفة بالأزهر، وأن يتم إدخال العلوم الحديثة واللغات الأجنبية إليه[2]. | |||
وقوبلت المذكرة بالرفض من جانب فريق من الأزهريين عبر عن موقفه من خلال بيان مطبوع وزع مجانا وضعه الشيخ عبد الرحمن عليش عضو هيئة كبار العلماء، ويكشف البيان عن تهافت المنهج النقدي وعن التردي العلمي الذي كان عليه حال هذا الفريق الذي لم يخجل من التصريح بأن انعزال العلماء وجهلهم بمجريات الحياة المعاصرة “مدح لا ذم فيه وهل يراد بالعالم أن يكون مبتذلا بين العامة”، وأن الاجتهاد المطلق يعد خطرا إذ لو تمت الدعوة إليه لادعاه كل غبي جهول لا يدري من أمر الدين شيئا ولنفتح بذلك باب شر لا يمكن سده، وأن الانفتاح على العلوم الحديثة أمر مستهجن بحجة أن العلماء “غير مخصصون للبحث عما يجد في الحياة من معارف وآراء” وأن الأزهر ليس مدرسة للصنائع أو مدرسة حربية[3]. | |||
– مشروع تقنين الأحوال الشحصية: ومن المواقف الإصلاحية للشيخ مصطفى المراغي مشاركته في صياغة مشروع تقنين الأحوال الشخصية المصرية في عشرينيات القرن الفائت وكان يسعى للحد من حرية الرجل المطلقة في الطلاق، واللافت للنظر أنه رغم كونه حنفي المذهب وأن مذهب الدولة الرسمي كان كذلك إلا أنه كان مؤمنا بإمكانية الاقتباس من المذاهب غير السنية ما يناسب العصر والمصلحة، ونقل عنه قوله لأعضاء لجنة الأحوال الشخصية ضعوا من المواد ما يبدو لكم أنه يوافق الزمان والمصلحة والمكان ولا يعوزني أن آتيكم بنص من المذاهب الإسلامية يطابق ما وضعتم، ولا غرابة في ذلك فقد كان من دعاة التقريب بين المذاهب، وكان من كتاب مجلة (رسالة الإسلام) لسان حال جماعة التقريب. | |||
– علاقة الدين بالعلم: وهي قضية أثيرت بقوة في عصره وكان له موقف رشيد منها فلم ينكر إمكانية توظيف العلم لخدمة الدين كأن يؤخذ بعلم الفلك لتوحيد بدايات الأهلة القمرية، وهي الفتوى التي جرت عليه انتقادات الفقهاء الحرفيين، لكنه في المقابل كان يعتقد بثبات أنه لا ينبغي أن يقحم العلم في الدين دون مسوغ بحيث كلما جد مخترع أو مكتشف علمي هرول فريق من المسلمين ليبحثوا عما يوافقه من النصوص الإسلامية، واستند في ذلك إلى عدم يقينية نتائج هذه العلوم وأنه ليس من الحكمة أن نربط هذه المعارف غير القارة بكتاب الله الثابت الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وبالطبع ليس الشيخ ممن ينكر أن بعض آيات الكتاب الكريم لا تفهم حق الفهم إلا بمعارف فلكية وطبيعية، ولكنه ذهب إلى أن تلك لم تسق لتقرر تلك المعارف وإنما نزلت للهداية والعبرة فليس القرآن كتاب حساب أو فلك أو طبيعة، وإنما هو كتاب هداية وتنظيم لعلاقة الإنسان بربه وعلاقة أفراد الناس بعضهم ببعض. | |||
– الزمالة بين أهل الأديان: ومن المعالم الإصلاحية الهامة لدى الشيخ المراغي رؤيته بشأن الزمالة الإنسانية بين أهل الأديان، والتي صاغها في بحثه المقدم إلى مؤتمر الأديان العالمي الذي انعقد في لندن عام (1936م)، وقد شدد فيه على أن الخطر الذي يداهم الإنسانية لا يأتي من أديان المخالفين وإنما يجيء من الإلحاد ومن المذاهب الفكرية التي تزدري بالأديان، ووجه دعوته إلى المؤمنين جميعا لأن يعملوا على إزاحة العلل التي حالت دون تأثير الشعور الديني في التقريب بين الناس على اختلاف ديانتهم، ومن أجل تحقيق هذه الغاية اقترح إنشاء هيئة عالمية تعمل على تنقية الشعور الديني من الأحقاد تكون مهمتها الأساسية العمل على توجيه الوعظ الديني في جميع الأديان نحو تنقية الضمائر من الضغائن تجاه معتنقي الديانات الأخرى، والبحث عن المشتركات بين الديانات، وجعل الدعوة أو التبشير إلى الأديان قوامها العقل وأن يعتمد في ذلك على وسائل شريفة بعيدة عن الاحتيال والإغراء وتشكيك الناس في عقائدهم. | |||
وبالجملة كان الشيخ المراغي رائدا من رواد الإصلاح الإسلامي، تجاوزت دعوته الإصلاحية الحدود القطرية والأطر المذهبية وشملت الدعوة للزمالة بين أهل الأديان جميعا. | |||
تعديل