الفرق بين المراجعتين لصفحة: «إشارة النص»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣: سطر ٣:
=تعريف الإشارة لغةً=
=تعريف الإشارة لغةً=
الإشارة ـ لغةً ـ الإيماء باليد أو الرأس أو غيرهما، يقال: أشار الرجل يُشير إشارة إذا أومأ بيديه... ويقال: شوّرت إليه بيدي، وأشرتُ إليه، أي لوّحت إليه وألحْتُ أيضا وأشار إليه باليد: أومأ، وأشار عليه بالرأي، وأشار يُشير إذا ما وجَّه الرأي. <ref> لسان العرب 2: 2116، مادة «شور».</ref>
الإشارة ـ لغةً ـ الإيماء باليد أو الرأس أو غيرهما، يقال: أشار الرجل يُشير إشارة إذا أومأ بيديه... ويقال: شوّرت إليه بيدي، وأشرتُ إليه، أي لوّحت إليه وألحْتُ أيضا وأشار إليه باليد: أومأ، وأشار عليه بالرأي، وأشار يُشير إذا ما وجَّه الرأي. <ref> لسان العرب 2: 2116، مادة «شور».</ref>
أشار إليه بيده إشارة وشوّر تشويرا: لوَّح بشيء يفهم من النطق، فالإشارة ترادف النطق في فهم المعنى، كما لو استأذنه في شيء فأشار بيده أو رأسه أن يفعل أو لايفعل، فيقوم مقام النطق. <ref> المصباح المنير: 326 ـ 327، مادة «شور».</ref>
أشار إليه بيده إشارة وشوّر تشويرا: لوَّح بشيء يفهم من النطق، فالإشارة ترادف النطق في فهم المعنى، كما لو استأذنه في شيء فأشار بيده أو رأسه أن يفعل أو لايفعل، فيقوم مقام النطق. <ref> المصباح المنير: 326 ـ 327، مادة «شور».</ref>


سطر ٨: سطر ٩:
ولهذه الدلالة أكثر من تسمية فقد تسمَّى مضافا إلى الإشارة، [[إشارة النصّ]] و [[دلالة الإشارة]].
ولهذه الدلالة أكثر من تسمية فقد تسمَّى مضافا إلى الإشارة، [[إشارة النصّ]] و [[دلالة الإشارة]].
وعرِّفت بتعاريف مختلفة في الألفاظ متَّحدة في المعنى، ومن تلك التعاريف ما يلي:
وعرِّفت بتعاريف مختلفة في الألفاظ متَّحدة في المعنى، ومن تلك التعاريف ما يلي:
1 ـ ما عرف بنفس الكلام بنوع تأمُّل من غير أن يزاد عليه شيء أو ينقص عنه، لكن لم يكن الكلام سيق له ولا هو المراد بالإنزال. <ref> ميزان الأصول 1: 567.</ref>
1 ـ ما عرف بنفس الكلام بنوع تأمُّل من غير أن يزاد عليه شيء أو ينقص عنه، لكن لم يكن الكلام سيق له ولا هو المراد بالإنزال. <ref> ميزان الأصول 1: 567.</ref>
2 ـ ما ثبت بنظم النصّ لغة، لكنَّه غير مقصود ولا سيق له النصّ، وليس بظاهر من كلِّ وجه. <ref> كشف الأسرار النسفي 1: 375.</ref>
2 ـ ما ثبت بنظم النصّ لغة، لكنَّه غير مقصود ولا سيق له النصّ، وليس بظاهر من كلِّ وجه. <ref> كشف الأسرار النسفي 1: 375.</ref>
3 ـ ما يدلُّ عليه اللفظ بغير عبارته، ولكنَّه يجيء نتيجة لهذه العبارة. <ref> أصول الفقه أبو زهرة: 130.</ref>
3 ـ ما يدلُّ عليه اللفظ بغير عبارته، ولكنَّه يجيء نتيجة لهذه العبارة. <ref> أصول الفقه أبو زهرة: 130.</ref>
4 ـ المعنى الذي لايتبادر فهمه من [[ألفاظ النصّ]]، ولايقصد من سياقه، ولكنَّه معنى لازم للمعنى المتبادر من ألفاظه. <ref> علم أصول الفقه الإسلامي: 225.</ref>
4 ـ المعنى الذي لايتبادر فهمه من [[ألفاظ النصّ]]، ولايقصد من سياقه، ولكنَّه معنى لازم للمعنى المتبادر من ألفاظه. <ref> علم أصول الفقه الإسلامي: 225.</ref>
ومثَّلوا لهذه الدلالة بالموارد التالية:
ومثَّلوا لهذه الدلالة بالموارد التالية:
1 ـ قوله تعالى: «وحملهُ وفِصالهُ ثلاثُونَ شَهْرا».<ref> الأحقاف: 15.</ref> وقوله تعالى: «وفِصالُهُ فِي عَامَيْنِ».<ref> لقمان: 14.</ref> فإنَّه يستفاد من مجموعهما كون أقلّ مدّة الحمل ستَّة أشهر وإن لم يكن ذلك مقصودا من اللفظ. <ref> الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 62.</ref>
1 ـ قوله تعالى: «وحملهُ وفِصالهُ ثلاثُونَ شَهْرا».<ref> الأحقاف: 15.</ref> وقوله تعالى: «وفِصالُهُ فِي عَامَيْنِ».<ref> لقمان: 14.</ref> فإنَّه يستفاد من مجموعهما كون أقلّ مدّة الحمل ستَّة أشهر وإن لم يكن ذلك مقصودا من اللفظ. <ref> الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 62.</ref>
2 ـ في سياق إباحة تعدّد الزوجات قال تعالى: «فَإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَة».<ref> النساء: 3.</ref> حيث يُفهم من هذه الآية أنَّه لايحلُّ للرجل ـ دينيا لا قضائيا ـ أن يتزوَّج أكثر من واحدة إذا تأكَّد أنَّه لايعدل بين أزواجه. ويفهم بالإشارة أنَّ العدل مع الزوجة واجب دائما، سواء كان متزوّجا بواحدة أو أكثر، وأنَّ ظلمها حرام. <ref> أصول الفقه أبو زهرة: 130.</ref>
2 ـ في سياق إباحة تعدّد الزوجات قال تعالى: «فَإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَة».<ref> النساء: 3.</ref> حيث يُفهم من هذه الآية أنَّه لايحلُّ للرجل ـ دينيا لا قضائيا ـ أن يتزوَّج أكثر من واحدة إذا تأكَّد أنَّه لايعدل بين أزواجه. ويفهم بالإشارة أنَّ العدل مع الزوجة واجب دائما، سواء كان متزوّجا بواحدة أو أكثر، وأنَّ ظلمها حرام. <ref> أصول الفقه أبو زهرة: 130.</ref>
3 ـ دلالة وجوب الشيء على وجوب مقدّمته بناءً على أن دلالة الإشارة من باب [[الملازمات العقلية]] كما سيأتي بحثه لاحقا. <ref> هداية المسترشدين 2: 418، أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188، وهذا المثال مبنيّ على أنَّ دلالة الإشارة من باب الملازمات العقلية، كما سيأتي بحثه لاحقا.</ref>
3 ـ دلالة وجوب الشيء على وجوب مقدّمته بناءً على أن دلالة الإشارة من باب [[الملازمات العقلية]] كما سيأتي بحثه لاحقا. <ref> هداية المسترشدين 2: 418، أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188، وهذا المثال مبنيّ على أنَّ دلالة الإشارة من باب الملازمات العقلية، كما سيأتي بحثه لاحقا.</ref>


=الاختلاف في نوعية الدلالة=
=الاختلاف في نوعية الدلالة=
اختلف الأصوليون في نوعية هذه الدلالة، فيرى البعض أنّها من [[الدلالات اللفظية]] الثابتة بنفس اللفظ وإن لم يكن مسوقا لها<ref> أصول السرخسي 1: 236، أصول الفقه البرديسي: 343.</ref>، لكنَّ البعض الآخر يدرجها ضمن الملازمات العقلية ويدرج ضمنها جميع لوازم الكلام غير المقصودة للمتكلِّم<ref> هداية المسترشدين 2: 416.</ref>، والتي تتفاوت العقول في إدراكها.
اختلف الأصوليون في نوعية هذه الدلالة، فيرى البعض أنّها من [[الدلالات اللفظية]] الثابتة بنفس اللفظ وإن لم يكن مسوقا لها<ref> أصول السرخسي 1: 236، أصول الفقه البرديسي: 343.</ref>، لكنَّ البعض الآخر يدرجها ضمن الملازمات العقلية ويدرج ضمنها جميع لوازم الكلام غير المقصودة للمتكلِّم<ref> هداية المسترشدين 2: 416.</ref>، والتي تتفاوت العقول في إدراكها.
وإشارات النصوص الدينية لايفهمها إلاَّ الفقيه في الشريعة والقانون واللغة<ref> أصول الفقه أبو زهرة: 131.</ref>، ويرى في دلالتها من باب الظواهر ترديدا؛ لأنَّ تسميتها بالدلالة من باب المسامحة، وحقّها أن تسمّى إشارة وإشعارا فقط؛ لأنَّها غير مقصودة للمتكلِّم، وهي من قبيل الأخذ بلوازم إقرار المقرّ وإن لم يكن قاصدا لها أو كان منكرا للملازمة<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188.</ref>، ورغم أنَّها غير مقصودة بـ [[القصد الاستعمالي]] بحسب العرف إلاَّ أنَّ مدلولها لازم لمدلول الكلام لزوما غير بيِّن أو لزوما بيّنا بالمعنى الأعمّ. <ref> المصدر السابق: 187.</ref>
وإشارات النصوص الدينية لايفهمها إلاَّ الفقيه في الشريعة والقانون واللغة<ref> أصول الفقه أبو زهرة: 131.</ref>، ويرى في دلالتها من باب الظواهر ترديدا؛ لأنَّ تسميتها بالدلالة من باب المسامحة، وحقّها أن تسمّى إشارة وإشعارا فقط؛ لأنَّها غير مقصودة للمتكلِّم، وهي من قبيل الأخذ بلوازم إقرار المقرّ وإن لم يكن قاصدا لها أو كان منكرا للملازمة<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188.</ref>، ورغم أنَّها غير مقصودة بـ [[القصد الاستعمالي]] بحسب العرف إلاَّ أنَّ مدلولها لازم لمدلول الكلام لزوما غير بيِّن أو لزوما بيّنا بالمعنى الأعمّ. <ref> المصدر السابق: 187.</ref>


سطر ٢٦: سطر ٣٤:
=حجية دلالة الإشارة=
=حجية دلالة الإشارة=
إذا اُدرجت هذه الدلالة ضمن الظواهر فلا شكَّ أنَّ حجيَّتها تابعة لحجيَّة الظاهر، لكنَّ ـ  وكما تقدَّم  ـ تردَّد البعض في دلالتها من باب الظواهر، وعندئذٍ حجيَّتها من هذا الباب يكون محلّ نظر وشكّ<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188.</ref>، وتكون حينها حجَّة من باب [[اللوازم العقلية]]، وحجّيّتها واضحة إذا كانت الملازمة بينها وبين الكلام الدال عليها قطعية. <ref> الوافية: 229.</ref>
إذا اُدرجت هذه الدلالة ضمن الظواهر فلا شكَّ أنَّ حجيَّتها تابعة لحجيَّة الظاهر، لكنَّ ـ  وكما تقدَّم  ـ تردَّد البعض في دلالتها من باب الظواهر، وعندئذٍ حجيَّتها من هذا الباب يكون محلّ نظر وشكّ<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2: 188.</ref>، وتكون حينها حجَّة من باب [[اللوازم العقلية]]، وحجّيّتها واضحة إذا كانت الملازمة بينها وبين الكلام الدال عليها قطعية. <ref> الوافية: 229.</ref>
ثمّ أنّه لا فرق بين دلالة النصّ ودلالة الإشارة من حيث اللوازم سواء في إيجاب الحكم أو لزومه، وعلِّل ذلك بأنَّ كلاً منهما ثابت بالنظم اللغوي، ويثبت للإشارة ما يثبت للنصّ<ref> كشف الأسرار النسفي 1: 381.</ref>، إلاّ أنّ البعض ناقش في قابلية ما يثبت بالإشارة على التخصيص؛ لأنّه لا قابلية له على العموم، والتخصيص من شأن ما يحتمل العموم. <ref> أصول السرخسي 1: 254، كشف الأسرار النسفي 1: 281.</ref>
ثمّ أنّه لا فرق بين دلالة النصّ ودلالة الإشارة من حيث اللوازم سواء في إيجاب الحكم أو لزومه، وعلِّل ذلك بأنَّ كلاً منهما ثابت بالنظم اللغوي، ويثبت للإشارة ما يثبت للنصّ<ref> كشف الأسرار النسفي 1: 381.</ref>، إلاّ أنّ البعض ناقش في قابلية ما يثبت بالإشارة على التخصيص؛ لأنّه لا قابلية له على العموم، والتخصيص من شأن ما يحتمل العموم. <ref> أصول السرخسي 1: 254، كشف الأسرار النسفي 1: 281.</ref>


confirmed
١٬٦٣٠

تعديل